أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيحة الرفاعي - الخسارة التي لا تراها تل أبيب














المزيد.....

الخسارة التي لا تراها تل أبيب


ربيحة الرفاعي
كاتبة وباحثة

(Rabiha Al-refaee)


الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تُقاس الخسارة دائمًا بعدد الجثث أو الصواريخ أو المباني المنهارة، فثمّة خسارات تنمو مثل الصدأ على حواف المجد، بطيئة، خفية، لكنها قاتلة.
تل أبيب، التي تحتفي بانفجاراتها الدقيقة في قلب طهران، لا ترى الخسارة تزحف على كتفيها كغبار معتم... لقد اوقعت في إيران إصابات موجعة تخلق لها وهم انتصار في المعركة ـ أو هكذا تدّعي ـ لكنها خسرت صمت الخوف الذي كان يحيط بها كدرع من وهم.
منذ اقتحمت مستوطناتها، وأُسر من مواقعهم وملاهيهم أبناؤها، منذ انطلقت أول مسيّرة تعبر السماء لتصل تخومها، منذ أول صاروخ دكّ ما حسبته قلعة، منذ رسمت إيران على أرضها مشهدا يشبه تلك اللوحات الدامية التي لطخت بها وجه غزة ووجه الإنسانية؛ خسرت إسرائيل سرّ تفوقها النفسي، خسرت وهم أنها بعيدة، مصونة، لا تُمسّ.
في الشوارع، تحت الأرض، بين الملاجئ، ينشأ جيل إسرائيلي جديد لا يعرف إلا الخوف، جيل لا يحلم بالسيطرة، ولا يتكئ على أساطيره الدينية ليقف جنديا أرجوزيا في مستعمرة وظيفية تشغّله لحساب من وضعوها لخدمة مصالحهم، بل يتعلّم العدّ من واحد إلى عشرة قبل سقوط الصاروخ، ويتعلم سؤال نفسه ما لي أنا ولكل هذا؟.
هذه الخسارة لا تُذاع في المؤتمرات الصحفية، ولا تُعلّق على أكتاف الجنرالات، لكنها تحفر في وعي وروح الجيل الذي يعيش مشاهد الشهب المحلّقة في السماء باتجاه انقضاض يحمل كل ادوات الرعب، مشاهد انتشال العالقين تحت الركام، مشاهد الردم والحرائق.
الضربة الكبرى لم تأتِ من صاروخ، بل من صورة باتت محفوظة في رؤوس شعب؛ لم تنجح بعد ولن تنجح ابدا في خلق عوامل حقيقية تربطه بأرض سلبها من أصحابها... صورة طفل غزّي يودّع والده الشهيد وعيناه تنظران للكاميرا بكل وعيد الكون، او طفل إيراني يقف أمام ركام منزله بعينين غاضبتين وطيف ابتسامة مكابرة، وفي مقابلهما صورة طفل إسرائيلي يرتجف في حضن والدته المرتجفة، وعيناها تكشفان تساؤلا مشروعا يصيح في ذعرهما : "لماذا نحن هنا، في أرض غريبة لا تشبهنا ولا تعترف بنا؟" ..
في هذه المقارنة وحدها، خسرت إسرائيل ما لا تُقوّمه أقمارها الاصطناعية.
ثمّة شرخ في قلب الرواية الإسرائيلية القديمة، تلك التي تقول: "نحن هنا منذ الأزل وإلى الأبد، ونحن الأقوى"
ذلك الأزل تكشّف عواره، وذلك "الأبد" صار مؤقتًا جدا، وهذه "القوة" صارت مجال نقاش.
وهنا، في هذا الشك، تبدأ نهاية لا تعترف بها تل أبيب، لكنها تتغلغل فيها كالماء في جذور الجدران.
إنها لم تخسر الحرب بعد لكنها بدأت تخسر الحكاية.



#ربيحة_الرفاعي (هاشتاغ)       Rabiha_Al-refaee#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوال السعداوي شعلة لا تنطفئ
- حمأة الإقصاء
- منى البرنس ضحية اخرى في المعركة ضد الظلام
- كفي عذلا
- هل جن الناس
- مسلسل -فاتن أملا حربي- ومحاكم التفتيش
- هو الشعر
- القدس-ميقات الحبّ
- ومع ذلك فهي تدور
- إسقاط الحق الشخصي في قضايا العنف الأسري
- متضامنون مع رانيا يوسف
- جائحة كورونا شهادة جديدة بتفوق المرأة
- تهافت
- العنف ضد المرأة لا دين له
- صفقة القرن حلقة أخرى في سلسلة مقطوعة
- تفنيد أحاديث انتقصت من المرأة (3) لأمرت المرلأأة أن تسجد لزو ...
- خالد منتصر في قفص محاكم التفتيش
- القصة الشاعرة وفعل التجريب
- تفنيد أحاديث انتقصت من المرأة - 2 ( ما أفلح قوم ولوا أمرهم ا ...
- تفنيد أحاديث انتقصت من المرأة - ناقصات عقل ودين - (1)


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: ننتظر قرار ترامب بشأن إيران
- ماكرون يحذر من -تداعيات- تغيير النظام الإيراني -عسكريا-: -سي ...
- غزة - عشرات القتلى من منتظري المساعدات وإسرائيل تحقق في الوا ...
- -نيويورك تايمز-: القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قواعد ...
- أردوغان: نتنياهو أكبر تهديد لأمن المنطقة
- صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة من إسرائيل بعد رصد إطلاق ...
- زيلينسكي يطلب من الدول الغربية دعما بـ 40 مليار دولار سنويا ...
- وزير مصري سابق يفجر مفاجأة بشأن الصراع بين إسرائيل وإيران
- إعلام: مستشارو ترامب منقسمون بشأن توجيه ضربة أمريكية لإيران ...
- -سي إن إن-: ترامب رفض إرسال مسؤولين للتفاوض مع إيران وتخلى ع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيحة الرفاعي - الخسارة التي لا تراها تل أبيب