لحسن لمزاوك
الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 14:06
المحور:
المجتمع المدني
*أسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية و المصير البئيس و القدر الغير منصف ..*
بقلم: لحسن لمزاوك (ابن مفقود/ شهيد: عضو مؤسس للجمعية الوطنية لأسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية)
حل العيد..
فبأي حال عدت ياعيد؟
و حلت قبله أعياد..
و ما بين العيد و الأعياد ، تمر أيام و أشهر و سنوات.. لتبقى
حقوق أسر شهداءنا و مفقودينا و أسرانا في طي الكتمان و النسيان!
أحاول تنظيم أحداث الزمن الماضي ، على أمل العثور على بصيص ضوء يبشر بتاريخ إنصاف قريب ، أو لفتة تكريم وشيكة ... لكن، يصفعني اللاشيئ!
على مدى سنين، إن لم أقل عقود، ينتهي بي الحال إلى وضع كل الكلمات والعبارات جانباً لأمتنع عن نشر غسيلنا حتى لا أبدو عدميا أو مسيئا للوطن يستغلني الصاحب قبل العدو..
فأعيد فتح باب الأمل وأستحظر الشخصيات المسؤولة عن بلدي، فلم أصادف إلا الرجل الأول لأمن هذا البلد و الموجود دائمًا في الموعد.
أرفع قبعتي للسيد المدير العام ، و هنيئا للداخلية بهذا الرجل، و هنيئا لأسر شهداء الواجب الوطني المنتمون إلى إدارة الأمن الوطني.
أما الآخرون ، وكما هو الحال في كل مناسبة ، يكتفون بإظهار فخرهم بإنجازات جنودنا ، واستحضار إنجازاتهم البطولية خلال حرب الصحراء و غيرها و خصالهم الحميدة ، ثم الترحم على الشهداء و الدعاء لهم..
أما ملفات الحقوق المشروعة لأسر شهداءنا و مفقودينا و أسرانا المفرج عنهم، فقد كستها غبار السنون في غرفة انتظار بئيسة مظلمة!
*أرامل الشهداء* : التحق العديد منهن بالرفيق الأعلى و أغلب من هن على قيد الحياة يعانين من أمراض مزمنة، و هن في طريقهن نحو الانقراض.
*مفقودو الحرب* : بالرغم من إعلان الدولة باستشهادهم عبر دفوعات انطلاقا من سنة 2001، فمصيرهم الحقيقي لايزال دائمًا مجهولا.
*الأسرى المفرج عنهم* : في تناقص مستمر، و أجساد الأحياء منهم تنخرها الأمراض العضال الناتجة عن تعذيب سنوات الأسر في معتقلات انفصاليي البوليساريو بتندوف و الجزائر.
*أيتام الحرب* : مهمشون و محرومون من حقوقهم، شاخوا و معظمهم لا يحمل الصفة القانونية لمكفول الأمة! ...
لقد انتقلنا لألفية جديدة ، وبالطبع أجيال جديدة قادمة. لكن ، عن أية وطنية و عن أية مواطنة سنحدث أجيالنا القادمة؟
فحناجر ضحايا الحرب جفت و بحت من شدة الصياح و الصراخ أمام البرلمان و المؤسسات العامة للبلاد في تظاهرات احتجاجية سلمية مطالبة بحقوقها؟
و عزة و كرامة هؤلاء الشرفاء تم تمريغها أرضا من خلال تهميشهم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة و هم يرون بأم أعينهم الكرم السخي و المنقطع النظير مع قتلة و سجاني ذويهم و مع خونة الوطن "التائبون"؟
و في مشهد تراجيدي لا أحد يتقبله، شهيد الوحدة الترابية للبلاد ينزف دماء تروي رمال الصحراء المغربية فداء للوطن ، ليترك بعد ذلك أرملة أو يتيمة في ظروف قاهرة تستجدي شغلا للعمل في حقول الفراولة في الجارة الشمالية،.. أو يتيما، لا أحد يأخذ بيده، يعيش مهمشا يقضي أيامه متسكعا في أزقة الحي؟
أي جحود هذا؟! و أية قساوة قلب هاته؟! و عن أية إنسانية و عن أية مسؤولية يتحدث مسؤولونا؟!
لقد جفت أقلام الضحايا من جراء العدد الهائل من المراسلات الموجهة إليهم ، و انهاكت قواهم المادية و البدنية نتيجة سفريات لطرق أبواب إداراتهم، لكن دون جدوى.. يبدو أن هؤلاء غير مهتمون و لا مبالون حتى!
كل الوعود التي وعد بها الملك الراحل، رحمه الله ، جنوده المتواجدين حينها في جبهة القتال، تم تأجيلها طوال عقود ، أو ذهبت أدراج الرياح ربما!
جميع أوامر ملكنا الهمام الحالي من تعويض وتحسين الأوضاع الاجتماعية لأسرنا لا تزال بدون تنفيذ!
فحين دقت أسرنا،ذات يوم، باب الجهات المعنية طامعة في تعويضات التأمين على الحياة التي يجب أن تخصص لذوي الحقوق عند الاستشهاد أو الفقدان أو الأسر بموجب القوانين العسكرية في كل بقاع العالم، ووجهت بصدمة عدم وجود أية تعويضات لأن جيشنا خاض حرب الصحراء بين عامي 1975 و 1991 دون تأمين عسكري!
و حين يتم الحديث عن مسؤولية الدولة و واجب تقديم تعويضات لجبر أضرار الضحايا طبقا للقانون المعمول به دوليا، يكون الصمت مرادفا لعدم وجود ذلك ضمن اهتمامات ، لا الحكومات السابقة ولا الحالية.. ربما لأن التعويض أمر مكلف للغاية ، والبوصلة المالية للميزانيات العامة موجهة نحو ملفات أخرى "أكثر أهمية"!!!
و حينما يتم اقتراح منح مأذونية النقل و بقعة أرضية للسكن أو تفويت السكن العسكري مجانا لكل أسرة كنوع من التعويضات المخصصة للخدام الأوفياء للوطن تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، فنادراً ما يتم ترجمته على أرض الواقع ، وإن تم ذلك أحيانا، فغالبًا ما يزيغ عن الطريق الصواب و عن وجهته الصحيحة ، كما لو أن ثمة أشخاصا آخرين أكثر وطنية و أكثر وفاء للوطن من هؤلاء الذين استرخصوا أرواحهم فداء للوطن!!!
أما الحقوق المذكورة في قانون مكفولي الأمة الخاص بأيتام الحرب و نسبة 25 ٪ من مناصب الشغل المخصصة لهم، فلا وجود لها على أرض الواقع، فهي موجودة فقط على الأوراق و على لسان المسؤولين عبر أمواج الإذاعة و التلفزيون و الصحافة الوطنية!
أما عن فكرة نصب تذكاري والاحتفال باليوم الوطني للشهيد و المفقود على غرار دول المعمور، فمسؤولونا يغمرهم الخجل المفرط -ربما- لتناول هذا الموضوع، و كأن الأمر يتعلق بوصمة عار و ليس بمفخرة عظمى!..
يبدو أن هؤلاء المسؤولين ليس لديهم آباء أو أبناء أو أعزاء استشهدوا أو فقدوا أو تم أسرهم من أجل الوطن!!! لذلك فثمة عدة أحاسيس و مشاعر لا تجمعنا و لا نتقاسمها!
فجميع الوعود الوردية التي وثق بها جنودنا وعائلاتهم ذات مرة ، اتضح مع مضي الوقت أنها مجرد أوهام و سراب.
حل العيد ثانية، و حلت قبله الذكرى.. و ضمائر مسؤولينا لم تعرف إلى الصحوة سبيلا.. و كعادتهم، تراهم أمام ميكروفوهات الصحافة يشعرون بالفخر الشديد ويرموننا بالورود من خلال استحضار الإنجازات البطولية لآبائنا.. ورود رمزية متعددة الألوان في شكل كلام معسول.. و لكن ، بالنسبة لنا ، فذلك نفاق يزيد من تعميق جراحنا و يلحق بنا أذى بليغا طالما استمروا في التنكر لحقوقنا !!!
لقد مرت سنة أخرى دون جدوى .. و أسر شهداءنا و مفقودينا و أسرانا يركضون دائمًا وراء حقوقهم كمن يركض وراء دخان تتلاش خيوطه في الهواء مع مضي الوقت!
فيبدو أن الخذلان هو قدر حتمي لفئتنا، و أن نسيان أو تناسي حقوقنا هو نسيان أو تناسي أبديان !!!
أتمنى أن أكون قد أخطأت التقدير ..
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟