أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء 116)














المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء 116)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 00:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الثورة الفرنسية من منظور "فينومينولوجيا الروح"
قبل أن نواصل تراوحنا بين الآراء بين الحقائق التاريخية والتحليلات الهيجلية، وبين تاريخ العالم وتاريخ الوعي، يجدر بنا أن نسأل: لماذا يظل هيجل دائما يشير إلى المؤلفين والأحداث التاريخية التي تشكل مع ذلك خلفية تحليلاته والتي غالبا ما تثبت أنها لا غنى عنها لفهم ما يتحدث عنه؟
استخدم كلمة الثورة مرة واحدة فقط في مقدمة القسم (6-ب) (571/266). في قسم "الحرية المطلقة والإرهاب" استخدم في البداية المصطلح الأقل دلالة Umwälzung (670/316)، والذي يعني "الاضطراب"، "الثورة"، وفي النهاية تحدث عن "الحكومة الثورية" [die revolutionäre Regierung] (682/322). كلمة "der Schrecken" التي تظهر في العنوان والقسم، هي إحدى التعبيرات الألمانية المستخدمة لتسمية فترة الإرهاب (التي امتدت من مارس 1793 إلى يوليوز 1794).
لا يمكن لأي قارئ مثقف في زمن هيجل أن يخطئ في ذلك. ولكن العبارة المعتادة المرتبطة بالثورة الفرنسية ( die französische Revolution بالألمانية) غائبة. والسبب وراء هذا الصمت يكمن في وضع كتاب "الفينومينولوجيا"، التي ليست تفسيراً فلسفياً للأحداث التاريخية مثل كتاب "فلسفة التاريخ"، ولا حتى تاريخاً مفاهيمياً للحداثة، بل هو تاريخ للوعي يهدف إلى تحديد تتابع "أشكال" الوعي وفقاً لنظام جدلي ينتقل من "اليقين الحسي" إلى "المعرفة المطلقة"، من المعرفة الأكثر تجريدية إلى المعرفة الأكثر ملموسية. وبالتالي فإن كل شكل من أشكال الوعي هو أمثلة - نمودج مثالي، إن جاز التعبير -، تجريد يهدف إلى إعادة بناء نمط محدد من المعرفة، واستخراج طريقة تفكير في الوعي بالحقائق الواقعية.
هذا هو السبب الذي جعل هيجل يرفض ربط كل شخصية بمؤلف معين، مثلما قال كانط إن نقد العقل الخالص ليس "نقدا للكتب والأنساق"، بل "لسلطة العقل" وتطلعاته إلى المعرفة. وهكذا ففي كتاب "الفينومينولوجيا"، لا يتعلق الأمر بالتعليق على روسو، بل باستخراج صورة الوعي باعتباره إرادة كونية من فكره.
لا يتعلق الأمر برسم صورة لروبسبيير، بل بدراسة الأفكار التي دافع عنها والأعمال التي قام بها. ما يمكننا أن نشير إليه هنا نعثر عليه في مجموع مؤلف 1807.
ولكن هذا لا يعني أنه يمكن فصل القسم الخاص بـ"الحرية المطلقة والإرهاب" عن سياقه التاريخي وجعله مصفوفة مفاهيمية تهدف إلى إدانة كل الأنظمة الشمولية، الفاشية والشيوعية على حد سواء. وهكذا، يرى بيرمين ستيكلر-ويتهوفر أن هذا النص ليس تحليلاً سياسياً للثورة الفرنسية، بل هو تحليل مفاهيمي للعلاقة بين السلطة والحرية بشكل عام، وهو ما يمكن تطبيقه بشكل جيد على ستالين وهتلر.
بإمكاننا بطبيعة الحال أن نستلهم تحليلات هيجل من خلال تحديثها، من أجل جعلها أدوات مفاهيمية للتفكير في بعض الأنظمة السياسية في القرن العشرين. لم يتوقف "عنف التدمير" عند عام 1794. ومع ذلك، فإن خطر هذه القراءة المجردة من التاريخ يكمن، من ناحية، في خلط فترات تاريخية وأنظمة سياسية مختلفة للغاية، ومن ناحية أخرى، في الإيحاء بأن هيجل كان لديه رؤية سلبية بحتة عن الثورة الفرنسية، في حين أنه اعتبر أن هذا الحدث التاريخي أجلى بحق، في أعقاب عصر الأنوار، مبدأ حرية الفكر، لكن في شكل مجرد حول البحث عن الحرية إلى هيمنة.
ليس القسم الخاص بالإرهاب في "الفينومينولوجيا" تاريخا فلسفيا للثورة الفرنسية على مستوى الحقائق ولا هو تأمل شامل غير تاريخي؛ إنه تحليل لحدث تاريخي محدد، يقع في تاريخ العالم - يسمى "الإرهاب" - لأجل أن يستخرج منه شكل وعي يعتبره هيجل أساسيا في تطور الحداثة الغربية.
ما هو وضعه الدقيق في سياق "الفينومينولوجيا"؟ الإرهاب هو الشكل التاريخي الذي يتخذه "شكل جديد للوعي، الحرية المطلقة " (670/316). وكما أوضح هيجل في مقدمة كتابه، فإن كل شكل فينومينولوجي للوعي ليس مجرد شكل من أشكال المعرفة، بل هو "معرفة غير حقيقية" (160/56)، غير مرضية، متناقضة، تتجاوز نفسها. ولا ينبغي لنا أن ننسى أن مصطلح "الفينومينولوجيا" صاغه في الأصل لامبرت لتسمية "عقيدة المظاهر"، أي الأوهام والأخطاء. وقد تبنت الفينومينولوجيا الهيجلية هذه الفكرة وقامت بتكييفها. أشكال الوعي هي بمثابة المعرفة الزائفة، المعرفة غير المستقرة التي تقع في التناقض بين اليقين (ما يعتقد الوعي أنه يعرفه) والحقيقة (ما يعرفه بالفعل)، وهو التناقض الذي يشكل اكتشافه "تجربة الوعي". بدلاً من معارضة حقيقة معطاة مفترضة، يكون كل شكل من أشكال الوعي خطوة ضرورية على الطريق نحو المعرفة المطلقة، طريق يفضي إلى "التمييز الواعي للاحقيقة عن المعرفة الظاهرة" (161/56).
تفسر هذه المقاربة المنهجية لماذا هيجل، في كتابه "الفينومينولوجيا"، تناول الثورة الفرنسية من خلال الإرهاب، وهو وهم جديد للوعي: الوعي الكوني يعتبر نفسه حاملاً للإرادة العامة وليس عضوا في طبقة اجتماعية محددة، وهو يعتقد خطأً أن الحرية الكونية، التي اعتبرت مطلقة، يمكن تحقيقها بشكل فعال من خلال مسح السجل النظيف للماضي، من خلال التخلي عن جميع الوساطات والاختلافات في المجتمع، من خلال تدمير جميع المؤسسات القائمة. ولكن عندما تضع هذه الأفكار موضع التنفيذ، فإنها تكتشف لاحقيقتها. ومن وجهة النظر هذه، يكون الإرهاب خطأ، وتيهانا للحرية (المطلقة)، وبهذه الصفة يظهر في مؤلف 1807.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينظم مائدة مستديرة حول القانون ر ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء1 ...
- الشبح الذي يظهر ويختفي
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تمارة: الأرض والمسألة العقارية.. من خدمة الريع إلى السيادة ا ...
- الاشتراكي الموحد ينتقد إقصاء مؤتمريه ومؤتمراته من اللجنة الإ ...
- حميد المهداوي يتناول الإشكاليات بنظرة سطحية؟ ازدراء الأديان ...
- انتهاء أشغال المؤتمر 14 للجمعية المغربية المغربية لحقوق الإن ...
- قراءة في -الكتاب الأسود لغزة-: حكاية إبادة جماعية
- حزمة صغيرة من عيدان شجرة أنسابي (2/1)
- الرباط: تنسيقية الوديان الثلاثة تنظم ندوة صحافية للتنديد بمص ...
- الحكومة المغربية تحث رؤساء المقاولات على الاستثمار من أجل إن ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- صفحات سوداء من سيرة هنري كسينجر
- فاس: يونس سعد العلمي يفوز بجائزة في مهرجان أغورا الدولي للسي ...
- أگادير: الجمعية المغربية للتنوير تنظم ندوة حول التحولات الاج ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تمارة: السلطات المحلية تمنع الحزب الاشتراكي الموحد من استعما ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة يعود بنسخة جديدة من 16 ...


المزيد.....




- المشاهير يتجهون نحو انتعال الأحذية المسطحة على السجادة الحمر ...
- عُرِفت سابقا بـ-بلدة ستالين-..بلدة ألمانية تقدم إقامة مجانية ...
- -عبر مخابئ سرية داخل مركبات-.. فيديو ضبط 3 سعوديين حاولوا إد ...
- بسبب عدم حصولهم على تصاريح.. منع ما يقرب من 270 ألف حاج من د ...
- واشنطن تضغط على كانبيرا لرفع الإنفاق العسكري إلى 3.5% من الن ...
- الدفاع الروسية تعرض أول لقطات لعمل الليزر القتالي المضاد للد ...
- رئيس الاستخبارات التركية يعتزم حضور المفاوضات الروسية الأوكر ...
- رئيس المرصد الأورومتوسطي: فيديو إسرائيل بشأن -مجزرة ويتكوف- ...
- الصحة الروسية: 64 من المصابين بحادثة مقاطعة بريانسك لا يزالو ...
- علماء: GPT يتعرض لتنافر معرفي يشبه ما يحدث للإنسان


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء 116)