أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - أفضية الذات / عندما يصبح النقد موازياً















المزيد.....

أفضية الذات / عندما يصبح النقد موازياً


هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية

(Howaida Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 1808 - 2007 / 1 / 27 - 11:58
المحور: الادب والفن
    



كثير من المبدعين لايقبلون على قراءة الكتب النقدية ، فالنقد يبدو فى كثير من الاحيان سلطة لاتتفهم حالات الإبداع بقدر ما تسعى إلى محاكمتها ، ولا يعدم النقاد أدواتهم ولغتهم التى نبتت فى حقول علمية أبعد ما تكون عن حقول الإبداع ، لقد انتبه بعض النقاد إلى سموق النظرية الأدبية ، وتناميها الذاتى الذى انتهى إلى عزلة النقد عن الإبداع ، حتى أصبحت النظرية الأدبية تمارس تطورها من داخلها ، غير مبالية للمساحات الجديدة التى راح الإبداع يتحرك إليها ، ويفتح نفسه على فضاءات متجاورة جديرة بالوصف الثقافى ، بمعنى أن النص الإبداعى لم يعد معزولاً داخل سياق وعناصر أدبيته على نحو ماذهب الشكلانيون والبنيويون من بعدهم .
ومن ثم فإن النقد الثقافى ، فى الوقت الذى يعمل فيه على تحرير نفسه من الحيازات النظرية ، يفتح ذراعيه على اتجاهات معرفية مختلفة ، تتميز بأنها أكثر تفهما لواقع التجربة الإبداعية من حيث هى تجربة إنسانية بالدرجة الأولى ، تشتبك فيها الخبرة الحية بالتفكير الجمالى ، حتى لايمكن تصور خلوص العنصر الأدبى مستقلاً عن الكثير من العناصر الأخرى / الإنسانية ، كحالات الشعور والاستبطان والتركيب النفسى والممارسات الحسيةاللصيقة بالجسد ، والخبرات الذهنية المنتجةعبرالتجارب المعاشة .
.
( سيد الوكيل )


وكتاب ( أفضية الذات ) يخوض تجربة نقدية جدية تحاول الإنصات الرهيف إلى اختلاجات الذات الساردة التى تقبع بين السطور ، أى أن الوعى الذى ينهض عليه النقد ـ هنا ـ هو وعى إبداعى بالدرجة الأولى ، ولعل هذه الروح المبدعة التى تحوم بين سطور الكتاب هى التى أكسبته قدراً كبيراً من المتعة لدى قاوئه .
صحيح أن الكتاب لايخلوا من مفاهيم نقدية عميقة ويكشف عن فهم واسع لنظريات الأدب الحديثة ، إلا أنه أكثر انحيازاً لروح الإبداع ، وأكثر إنصاتاً لمساحات الصمت داخل النصوص ، تجعل القراءة النقدية ، تواجهنا بكثير من الإدهاش المثير للمتعة ، كما لو أن النص النقدى ، هو نص مواز للنص الإبداعى أو هو أحد تجلياته .
والجدير بالذكر ، أن مؤلف الكتاب هو الروائى والقاص المبدع ( سيد الوكيل ) الذى قدم لنا من قبل مجموعتين قصصيتين ورواية هما ( أيام هند ـ للروح غناها ـ فوق الحياة قليلاً ) ، ثم جاءت مجموعته الأخيرة ( مثل واحد آخر ـ 2004) فنجحت فى خطف الأضواء ولفت انتباه النقاد رغم انهماكهم فى الصخب الاحتفالى بزمن الرواية ، فسيد الوكيل قاص من العيار الثقيل ، يصنع مشروعه القصصى على مهل وفى صمت ، فى وقت يظن فيه الكثيرون أن القصة القصيرة تتراجع عن مكانتها لصالح الرواية .
والمشروع النقدى لسيد الوكيل يسير بالتوازى مع مشروعه القصصى ، وكأنما يسخر من المقولة القديمة : " الناقد مبدع فاشل " ، فسيد الوكيل يمارس ـ طوال الوقت ـ حالات من النقد والإبداع لاتنفصل عن بعضها ، حتى أن روايته ( فوق الحياة قليلاً ) تناولت فى مستويات سردها أفكاراً نقدية وقف عليها بالتحليل الجمالى أو كما يسميه هو ( التحليل السردى ) ، حيث يصبح السرد وسيلة لتفكيك بعض المعانى الكبرى التى لم يكن باستطاعة أحد تناولها إلا فى الخطاب النقدى .
ولهذا يأتى كتابه ( أفضية الذات : قراءة فى اتجاهات السرد القصصى ) ، حلقة هامة فى مشروعه النقدى والإبداعى ، ليطرح فيه همومه كمبدع ويسجل مجموعة من الجمل الاعتراضية على ممارسات نقدية تجعل من نفسها متناً فيما تضع النص الإبداعى ـ نفسه ـ فى الهامش .
يقول سيد الوكيل فى مقدمة الكتاب : " ما نسعى إليه ـ هنا ـ هو أن نندمج فى الظاهرة القصصية ، أن نكون جزءاً منها عبر ممارستها نقداً وإبداعاً ، لتمنحنا أجمل مافيها ، دونما رغبة فى هتك أسرارها، أو فرض ذكورتنا عليها ، وأملى أن تكون أكثر عطاء معنا ، فنحن لم نأت إليها من قاعات الدرس العلمى مشمرى السواعد ، ثمة صلة قربى بيننا وبينها ، ثمة مساحة من العشم والود الجميل " .
وبمثل هذه اللغة الإبداعية الصافية ، يتناول ( سيد الوكيل ) عدداً كبيراً من كتاب القصة القصيرة فى مصر ، متفاوتين فى أعمارهم ومشاربهم منهم : " سعد مكاوى وإبراهيم أصلان وبهاء طاهر محمد البساطى ومحمد المخزنجى ويوسف أبو رية وسعيد الكفراوى وهناء عطية وصفاء عبد المنعم وأحمد أبو خنيجر وعزة بدر " .
ويرى المؤلف ، أن القصة القصيرة ، وعلى مدى نصف قرن ، ظلت أسيرة الهم السياسى شأنها شأن سائر الفنون الأدبية الأخرى ، غير أن القصة القصيرة ، نجحت فى مراوغة النمطية السياسية ، بفضل طاقتها الثقافية التى جعلتها فناً لانوعياً منذ نشأتها ، وقابلا للتجاوب مع أداءات مختلفة من التعبير الجمالى التى ينتجها الإنسان فى ممارساته اليومية ، ومن ثم فإن القصة أقدر الفنون تعبيراً عن مفردات الحياة اليومية بفضل مساحات التعبير الحر التى تمنحها للذات الساردة .
يضم الكتاب فى قسمه الأول مقاربتين تاريخيتين هما : " الظاهرة القصصية و حراك الذات " ، وفى قسمه الثانى يرصد لأربع أفضية ( جمع فضاء ) اتجه إليها القص فى الربع الأخير من القرن العشرين وهى ( الزمان ـ المكان ـ الشعر ـ الجسد ) . ويسعى لتلمس الجذور الأولى لهذه الاتجاهات عند بعض الكتاب من جيل الخمسينيات مثل سعد مكاوى وأمين ريان ، حيث اتخذت القصة ـ عندهم ـ مساراً خافتاً وشاحباً بالقياس إلى النموذج الذى قدمه يوسف أدريس ، غير أن منتصف الثمانينيات والتسعينيات شهد نمواً مفاجئاً لهذه الجذور ، ثم شهدت تسريباً مثيراً لروح القص فى كثير من الفنون الأدبية والبصرية ، فقصيدة النثر ليست مجرد صدى لصوت خارجى كما ظن البعض ، بقدر ماهى تحرير لطاقة السرد الكامنة فى الشعراء الجدد ، كما أن القصة نجحت فى تسريب رهاناتها التقنية واللغوية فى الرواية ، فجاءت رواية التسعينيات إذعاناً جماليا لروح السرد القصصى ، التى جعلت من الرواية بناء متجاوراً ومتداخلاً لمجموعة من السرديات الصغرى ، كما أن السينما التسجيلية وثورة الفديو كليب شهدتا تأثيرات مختلفة بروح السرد القصصى ، وهكذا تتحول القصة من مجرد نوع أدبى إلى ظاهرة ثقافية .
يقع الكتاب فى 310 صفحة من القطع المتوسط ، وهو صادر عن سلسة كتابات نقدية التى تحررها الهيئة العامة لقصور الثقافة .



#هويدا_صالح (هاشتاغ)       Howaida_Saleh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل وحيد وشجرة عارية
- سبع مقاطع من يوميات شجرة عارية
- من يوميات شجرة عارية
- تزييف الوعي
- الواقف في مفرق التيه
- جل أسطوري
- نجيب محفوظ بين الرمز الفني والواقعي
- انعتاق
- نهاية الأضداد وبداية الإعلام غير المحايد
- الأستاذ منصور
- الموسيقي الكلاسيكية / عصر الباروك
- هو يحب الموسيقي ، لكنه ليس حالما تماما
- المرأة الحزينة
- عادل السيوي يمارس لعبة المرايا المتقابلة
- ريهام


المزيد.....




- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - أفضية الذات / عندما يصبح النقد موازياً