أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - رفع العقوبات و-الممانعة- الجديدة في سوريا














المزيد.....

رفع العقوبات و-الممانعة- الجديدة في سوريا


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 12:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشكل قرار رفع العقوبات عن سورية بداية جيدة للسوريين بلا شك، لا يغير من جودتها أن مسار رفع العقوبات طويل ومعقد كما هي أروقة المؤسسات الأمريكية التي تتحكم بالعالم، فلا خيار لبلد منهك كبلدنا اليوم سوى خدمة مصالحه عبر الاندماج بالعالم وليس عبر الانكفاء أو "الممانعة". كما لا يغير من جودة هذه البداية أننا سندفع ثمناً لقاء ذلك، فلا أحد يمن على أحد في السياسة، ولا يوجد تسول أو مكاسب مجانية في السياسة. ما ينبغي الحرص عليه أن لا يكون الثمن عميقاً أو استراتيجياً إلى حد يطال حقوقاً وطنية ليس التخلي عنها أصلاً من صلاحيات السلطات حتى لو كانت منتخبة، وهذا مما يدركه صناع القرار في العالم ويأخذونه في الحسبان.
فيما يخص العقوبات الاقتصادية العامة، كان موقفنا مضاداً على نحو دائم لفرضها على بلدان تحكمها سلطات أمر واقع تفرض ذاتها على شعوبها بقوة السيطرة على أجهزة الدولة، كما هو الحال في بلداننا المنكوبة. كانت قناعتنا دائماً أن العقوبات تعاقب الشعوب مرات قبل أن تعاقب الأنظمة مرة واحدة. وأكثر من ذلك، كثيراً ما استخدمت الأنظمة "التقدمية" العقوبات الأمريكية على أنها دليل على مواقفها الوطنية مستغلة الشعور الشعبي العام المعادي للولايات المتحدة الأمريكية بسبب موقفها الداعم لإسرائيل بصفة خاصة. وكثيراً ما بررت هذه الأنظمة كل أشكال سوء الاقتصاد وفساد الإدارة فيها، بردها إلى العقوبات، واستجرت من ذلك حجة إضافية لقمع أي صوت مخالف، أي توسلت العقوبات نفسها في خدمة إدامة سيطرتها.
لم نشهد أن نظاماً سياسياً سقط بفعل العقوبات الاقتصادية. ما شهدناه هو أن شعوباً جاعت، وبلدانا تهشمت بسبب العقوبات. شهدنا هذا مثلاً في العراق وليبيا وسورية، وفي كل هذه البلدان لم يسقط النظام، بعد كل شيء، إلا بفعل تدخل عسكري خارجي مباشر أو شبه مباشر، بعد سنوات طويلة من عقوبات جعلت حياة ومعنويات عامة الناس في الحضيض، كما خلقت سوقاً إضافية للفساد.
فرحة السوريين الكبيرة بقرار رفع العقوبات، لا تنبع فقط من سوء الحال الاقتصادي الذي انتهوا إليه في ظل نظام الأسد، وأملهم في تحسن حالهم المعيشي، أي لا تنبع من الجانب الاقتصادي فقط، فربما كان الجانب السياسي في فرحة السوريين أكثر أهمية، ذلك أن القرار الأمريكي الذي تلاه قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات، مؤشر على القبول العالمي بالسلطة الجديدة التي لا يزال قطاع واسع من السوريين (السنة بوجه خاص)، يخشى أن تفشل أو تتعثر بشكل يمهد إلى عودة نظام ما قبل "ردع العدوان". هذه الخشية، رغم ضعف أساسها الواقعي، تكمن في صلب الحساسية الشديدة التي يظهرها المتخوفون، تجاه أي نقد يوجه إلى السلطة الجديدة في دمشق. ويمكن الإشارة مروراً هنا إلى أن الطبيعة "الجهادية" للقوى التي سيطرت عقب انهيار نظام الأسد، وشكل إدراكها للعالم ونظرتها للمجتمع، يجعل النقد الدائم والصريح والاحتجاج الفاعل والمثابر ضدها من قبل الأفراد والقوى ذات الوعي الوطني، هو، على عكس ما يتصور المتخوفون، التعبير الأمثل عن الحرص على عدم تعثر المرحلة الانتقالية وتحولها إلى مستنقع دائم من الصراعات العقيمة.
الاحتفال الواسع برفع العقوبات يعرض قبولاً شعبياً بالاندماج في العالم كما هو، وقبولاً للعمل وفق الحدود والمعايير التي يرسمها سادة العالم الذين غالباً ما كانوا يعتبرون أعداء الأمة. يمكن وصف هذا التيار بأنه ميل إلى خلع "الممانعة". بالمقابل تمارس نسبة مؤثرة من الفصائل الحاكمة اليوم نزوعاً معادياً للعالم ومضاداً لقيمه ومبادئه الحديثة، لصالح إحياء ماض لا يمكن إحياؤه إلا كما تشاد المقامات على القبور. التناقض بين النزوع الشعبي الاندماجي مع العالم، والنزوع الانعزالي المغلق والمعادي للعالم من قبل تيار مهم داخل السلطة الحاكمة، سيكون أحد سمات المرحلة السورية القادمة.
حكمتنا لعقود طويلة ممانعة تمسخ المقاومة إلى وسيلة لاحتكار السلطات والسيطرة على المجتمع، ولا نعتقد أن السوريين يريدون أن تحكمنا اليوم ممانعة جديدة تمسخ الدين إلى وسيلة لتسويغ العنف ضد المجتمع وإحكام السيطرة عليه. في الحالتين يجري حقن الوعي العام ضد عدو خارجي ضعيف التحديد على أنه شديد العداء للأمة (التي يختلف تعريفها هنا وهناك)، عدو يمكن أن يخترق المجتمع عبر عملاء داخليين، هم ببساطة كل من يعارض أو يعترض على "الممانعين"، ولذلك يذهب المخالفون للسلطة ضحية عنف لا يرحم، ذلك أن العنف هو كل ما يتبقى بعد الإفلاس السياسي. أما العدو الخارق الذي يلعنه الممانعون ويقدسونه في الوقت نفسه، فإنه لا يبقى فقط في مأمن من أذى الممانعة، بل إن جل ما تطمح إليه هذه، هو أن تنسج معه علاقة تعايش فيها عداء ظاهر وإذعان فعلي. الطريف أن تاريخ الممانعين السابقين واللاحقين في سوريا، هو تاريخ تبادل الاتهام بالعمالة، وتاريخ من السحق المتبادل.
مفردة (الممانعة) جاءت لتكون مسخاً لغوياً للمقاومة، واستخدمت للتغطية على نزوع سلطوي يسعى إلى حيازة شرعية أبدية عبر الكلام عن مواجهة عالم شرير مقتدر من موقع طاهر "أبدي"، هو التمسك بالحقوق القومية. ويصلح الأمر نفسه وفق المنطق نفسه من أجل التمسك بالقيم الدينية. والحق إن التمسك بالسلطة هو الغاية التي تسبق أي حقوق وأي قيم، ولا يضير السلطة "الممانعة" فشلها في ادعائها حماية الحقوق، ذلك أن العدو متفوق وشديد العداء.
يتماشى مع حديث الممانعة الكلام عن الخصوصية "المحلية" التي يجري مدحها ورفعها فوق الشروط الواقعية، كي تكون وسيلة صالحة ضد الأخذ بالقيم العالمية الحديثة التي تفرض المشاركة السياسية وتحترم حقوق الإنسان، أي كي تكون صالحة لسند حكم "أبدي" لا يعترف بغير ذاته. وغالباً ما ينتهي الأمر، في مثل هذه الحالات، إلى دمار واسع، وإلى صغار أمام قوى العالم الحديثة، التجربة التي شهدتها شعوب منطقتنا مراراً وتكراراً.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصورات الطائفية تدمر الدولة السورية
- لماذا يتراجع الوطنيون السوريون؟
- نجاة سوريا في التضامن الأهلي
- سوريا، أوقات مسحورة ولكنها واقعية
- مسؤوليتنا في أحداث الساحل السوري
- إدمان على الاستبداد
- الحقيقة ليست مزاراً، عن جدوى النقاش
- سورية ملونة وليست ألواناً
- الخطر الجاري الذي يهدد مستقبل سوريا
- درس علوي في سورية يجدر تأمله
- مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة
- عن مظاهرات السوريين العلويين
- هل انتصرت الثورة في سوريا؟
- الموالون وتلاشي نظام الأسد
- عن سورية والتطورات الأخيرة
- نزوع الضحية إلى السيطرة
- انتصارات إسرائيل الخاسرة
- عن اللوثة الطائفية في سوريا
- التكيّف مع الاحتلال
- تحول حزب الله من المقاومة إلى الردع


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - رفع العقوبات و-الممانعة- الجديدة في سوريا