أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبية الريح - سفر النفس إلى شوقها الأول (2)














المزيد.....

سفر النفس إلى شوقها الأول (2)


أبية الريح

الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


كرامة القلب المستنير

للقلب المستنير ذبذبة تُلتقط. يعبُر ولا يتكلم، يُحَسّ. لا يعلو صوته، يشفّ وجوده. لا يطلب شيئا، لأنه مُكتفٍ بذاته. هذا القلب لا يركض في سباق العيون، لا يطلب التصفيق و لا يقيس قيمته بما يقول الناس ولا ينهار حين يُنسى على أرصفة العلاقات. لا ينتحب حين لا يُدعى إلى الطاولات فقط يزداد قربا من ذاته، كما لو أن النسيان عنده جسر (يا الله)!
هو قلبٌ لا يحقد ولا يكره لا يحمل دفتر ديون ولا يضبط ساعات انتقامه. حين يُساء إليه لا يرى العدو إلا أنه جهلاً يتعثر بنفسه. وحين يتهمه أحد بالبرود يردّ دون صوت وكأنما يريد ان يرد بمقدمة لحن (لا تسلني) لعثمان حسين.
وما بين هذا التجاوز وذلك الصمت لا يسكنه الفراغ .. يسكنه لحن. نعم لحن لا يتبدل. عثمان حسين. حين يبدأ "اللقاء الأول " يغلق سليم - وهو اسم القلب هنا - عينيه وتبدأ الإجابات بالتكشّف. لا يحتاج إلى نصوص فلسفية، ولا إلى انتصار منطقي، فقط إلى مقدمة أغنية، إلى دفء وتر، إلى نايٍ يعرف مسارات دمه أكثر من الوريد.
القلب المستنير - حين ننسى ما يُقال في الكتب - لا يحتاج لأن ينتصر. لأنه يعرف أن النور لا يُهزم. النور لا ينافس. النور يشعّ، بصمت وثقة، حتى حين لا يراه أحد.
في المقاهي، حين يسقط عليه الحزن مثل نيزك، لا يستنجد، لا يتجمّل. يسقط معه كوب القهوة، ويلطّخ ثوبه الأبيض، فيعتذر للنادل عن قلبه الثقيل. فيضحك النادل، ويقول "أول مرة زول يعتذر لأن قلبه ثقيل!
إنه لا يخجل من البكاء. يبكي .. ويردد في هامش تساؤلات روحه "البكاء سلوك الكائن حين يتطهّر بلا فتوى." لا يدّعي القوة. لا يرفع صوتا في وجه الوجع ولا ينكسر .. انما ينحني .. ويلين قوة.
الذين يلاحقون الاعتذار لا يعرفون ما يعرفه سليم. لا يعرفون أن البصيرة ترى في عمق الظلمة، أن النور لا يحتاج جمهورا ليصبح ضوءا، أن الكرامة هي شيئا آخر غير العناد، وأنها عذوبة لا تموت وأن الإنسان الحقيقي لا يتخلى عن عذوبته تحت القصف ويحتفظ بها كما يحتفظ المجنون النبيل بأغنيته حين يعبر بين سكاكين العالم.
وفي لحظة الحسم حين احتدام النقاش حين يُستدعى لاتخاذ موقف لا يصرخ.. لا يُنظر. لا يقاتل. ولكنه يسمع في داخله شيئًا. شيئًا يشبه جملة من مقام "وبرضو يحصل ... ". يميل برأسه قليلاً. يهز كتفه كما لو أن اللحن قال له كل ما يحتاجه. ثم يختار الباب الذي لا يضيء من الخارج.
العزلة بالنسبة له عودة و حنين إلى خلوته القديمة .. إلى صدقه الصامت. إلى بكائه الخفيف. إلى اللحن الذي لا يشترط وجود جمهور كي يصدح.
هو لا يحتاج أن يُفهم. لا يُفسر نفسه ولا يشرحها. الشرح فعل دفاع وسليم لا يدافع.. سليم يعبر .. سليم لحن يحتاج لدفاع ...
وإن سألوك كيف يعيش مثل هذا القلب؟ فقل لهم إنه يعيش كما تعيش الأغنية في ذاكرة عاشق… لا تموت. ولا تنتظر ولا تُعلن.
فإن أردت أن تعيش عزيزا كن ماء وقلب لا يطلب شيئًا… فيصير كل شيء.

ختاماً بأبيات للراحل حسين بازرعة:

أنت في عمري ربيعا دافئا يملأ نفسي.



#أبية_الريح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفر النفس إلى شوقها الأول (1)
- السودان والمشروع المعاكس


المزيد.....




- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبية الريح - سفر النفس إلى شوقها الأول (2)