أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - محمد علي الشبيبي - الحكم الثاني على حسين محمد الشبيبي (صارم)















المزيد.....


الحكم الثاني على حسين محمد الشبيبي (صارم)


محمد علي الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 03:00
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


سجن الكوت عام 1948 فهد مكبلا
بالحديد وعلى يساره حسين الشبيبي
مرة أخرى أتقدم بالشكر الجزيل للمؤرشف الاستاذ كفاح الأمين لتزويدي بوثيقة مهمة تكشف لنا أن الشهيد حسين محمد الشبيبي (صارم) قد صدر عليه حكما ثانيا بالحبس الشديد لمدة سنتين، وهذا قبل إصدار أول قرار حكم بالإعدام على فهد ورفاقه في 23 حزيران 1947. وهذه الوثيقة هي صورة لصحيفة "الحوادث" العدد 1414 ليوم الخميس 12 حزيران 1947.

صورة لصحيفة (الحوادث) العدد 1414 الصادرة يوم الخميس 12 حزيران 1947 ونشر فيها قرار (التجريم والحكم)
* * *
سبق وذكرت في كتاباتي أن حسين الشبيبي أعتقل يوم 10-12-1946 أي قبل اعتقال فهد وزكي بسيم، حيث اعتقلا يوم 18-01-1947. وذكرت أنه حكم لسنتين قبل أن يصدر أي حكم على فهد وزكي بسيم. معتمدا على مخطوطة والدي -شقيق حسين- رغم أنها مختصرة جدا ولا يذكر فيها أي تفاصيل، حيث كتب (أما حسين فقد كان معتقلا ومحكوما قبلهم بأشهر) -صورة 1-. وهذه الحقيقة ذكرها ايضا الراحل مكرم الطالباني في مقاله في صحيفة "طريق الشعب" ( الرفيق فهد كتب عني مرتين في جريدة "القاعدة" ). حيث كتب في مقاله: [أما الرفاق حسين الشبيبي ومحمد حسين ابو العيس وسالم عبيد النعمان كانت محكمة جزاء بغداد سبق ان حكمت عليهم بالحبس لمدة سنتين...]. وكان هذا الحكم كما هو واضح بقرار التجريم بسبب الخطاب الذي كان من المفترض أن يلقيه حسين الشبيبي في قاعة الفارابي.

صورة 1. الأسطر التي خطها علي الشبيبي شقيق الشهيد حسين في إحدى مخطوطاته
يذكر فيها أن الشهيد كان معتقلا ومحكوما قبل اعتقال فهد ورفاقه
نشرت جريدة (الحوادث) بعددها 1414 ليوم الخميس 12 حزيران 1947 (قرار التجريم والحكم في قضية ابي العيس)، والمقصود بها محاكمة بعض اعضاء الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني والناشطين منهم لمسؤوليتهم عن طبع وتوزيع خطاب قاعة الفارابي المعنون (موقفنا من الوزارة الحاضرة والانتخابات). وقرار الحكم هذا أكد لي حقيقة أن حسين الشبيبي ورفاقه المشمولين بهذه الحكم قد اعتقلوا بأسابيع قبل اعتقال فهد ورفاقه.
لكن الراحل سالم عبيد النعمان، عضو الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني، خلاف لكل الحقائق التي ذكرتها اعلاه (ما ذكره كل من مكرم وشقيق حسين، وقرار التجريم والحكم عليه بسنتين) يتناسى اعتقاله ومحاكمته مع حسين الشبيبي ولم يذكر شيئا عن هذا الاعتقال والحكم. ولا أعتقد ان التحقيقات الجنائية -الاجهزة الأمنية- تركته حرا لغاية يوم المحاكمة، فاعتقاله بالتأكيد كان مع حسين او بعده بأيام معدودة. ولكن يظهر أن الراحل سالم عبيد النعمان في كتابه "الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد" فضل أن يتناسى نهائيا أحداث يوم 10-12-1946 ومسألة طبع الخطاب بكراس!؟ ليقفز على هذا الحدث (حدث يوم 10-12-46) ويذكر في كتابه أنه اعتقل صباح يوم 18-01-1947 أي في نفس يوم اعتقال فهد وهذا غير صحيح. وهنا تذكرت المناضل زكي خيري ورأيه بالراحل النعمان عندما أستلم مسؤولية سجن الكوت بعد إعدام فهد ورفاقه وكيف كان يحاول تقليد شخصية فهد، فكتب : [... فيؤهل نفسه -يقصد النعمان/الكاتب- لملء الفراغ الذي تركه فهد مؤسس الحزب ومفكره ومنظمه الامر الذي يقتضي حسب ظنه أن يقوم هو نفسه أمام الانظار بكل المهمات التي كان فهد يضطلع بها. وكان هذا طموحا مشروعا بالنسبة له لولا أنه لم يملك شيئا من مؤهلات فهد أو جهاديته ولاسيما تواضعه.... وحاول أن يقلد فهد في حركاته وسكناته وحتى في وضع يده عندما يمشي وكانت احدى يدي فهد مصابة فيميلها قليلا. ولكنه تحاشى كليا أن يقلد فهد في تعامله مع الرفاق أو في خدمته لنفسه بنفسه أو تواضعه في إبداء المعرفة أو في معيشته البسيطة][1]. إعجابه بفهد دفعه الى تناسي اعتقاله يوم 10-12-46 ليحشر نفسه في يوم اعتقال فهد فربما كان يرى في ذلك امتيازا.
أدناه نص قرار المحكمة المتعلق بالقضية والحكم الصادر فيها نقلا عن جريدة "الحوادث" عدد 1414 الصفحة الثانية (أخبار وحوادث البلد) الخميس 12 حزيران 1947. توجد أخطاء نحوية وغيرها تركتها كما هي (مرفق صور لجريدة الحوادث وقرار المحكمة المنشور فيها).
* * *
نص قراري التجريم والحكم في قضية ابي العيس وجماعته
لفظت محكمة الجزاء يوم أول أمس الحكم على السيد محمد حسين أبو العيس وجماعته وفيما يلي نص قراري التجريم والحكم.
قرار التجريم: صورة لقرار التجريم والحكم المنشور في جريدة (الحوادث)
تشكلت محكمة جزاء بغداد في يوم 10 حزيران 1947 من حاكمها السيد عبد العزيز الخياط[2] الحاكم من الدرجة الأولى المأذون بالقضاء باسم صاحب الجلالة ملك العراق وأصدرت قرارها الآتي:
سبق للمتهمون سميع جاني الموقوف منذ 19-12-1946 وحسين محمد الشبيبي ومحمد حسين أبو العيس وسالم عبيد النعمان الموقوفون عن قضية أخرى محالة أمام محكمة الجزاء الكبرى بغداد تتعلق بانتسابهم للحزب الشيوعي العراقي السري والمتهم شاكر محمود المكفل بتهمة توزيعهم ونشرهم كراسا حاويا على عنوان (موقفنا من الوزارة الحاضرة والانتخابات) وهو الخطاب الذي أعدته الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني (غير المجاز) ليلقيه أحدهم حسين محمد الشبيبي في الاجتماع العام الذي كانت الهيئة المذكورة قد أزمعت إقامته في يوم 10-12-1946 وقد منعته الحكومة ورغم منع الحكومة من إقامة الاجتماع فان الهيئة المذكورة قد طبعت الخطاب بشكل كراس جرى توزيعه على الناس قاصدين بذلك إضعاف قوة الحكومة وتقوية النفوذ الأجنبي ولدى إجراء محاكمة المتهمين المذكورين في هذه المحكمة وجهت التهمة ضدهم وفق المادة السادسة من الباب الثاني عشر من ق ع ب وأفادوا انهم غير مجرمين ولكن قد ثبت للمحكمة من مضمون الكراسات الموزعة المطبوعة التي عثرت عليها الشرطة ومن إفادات المتهمين وأقوال المدعي العام ومندرجات الدعوى الشيوعية التي جرت محكمتها بحق فهد ورفقائه والتي أحيلت للمحكمة الكبرى ومن وجود محكوميات سابقة لأكثر المتهمين من جرائم مخلة بالأمن مماثلة لهذه الجريمة.
ان المتهمين مدانين بالتهمة الموجهة إليهم وذلك للأسباب الآتية:- اعترف المتهم حسين محمد الشبيبي بأنه كان قد أعد هذا الخطاب لأجل إلقائه من قبله في الاجتماع العام يوم 10-12-1946 وحيث أن الحكومة قد منعت هذا الاجتماع فانه قد اعطى الخطاب الى شركة دار الحكمة فطبعته وجرى نشره بين الناس وقد اعترف المتهم سميع جاني بأنه كان يوزع بين الناس من الكراسات المذكورة حيث أخذه من شخص قرب دار الحكمة. أما المتهمان محمد حسين أبو العيس وسالم عبيد النعمان فقد اعترفا بأنهما من مؤسسي حزب التحرر الوطني غير المجاز وحيث أن الكراسات المنشورة قد كتب عليها أنه (قد أعدته الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني) ليلقيه أحدهم حسين محمد الشبيبي مضاف الى ذلك ان الكراسات المذكورة قد جرى طبعها في مطبعة دار الحكمة التي (صورة تكملة لقرار التجريم والحكم المنشور في جريدة (الحوادث)
هي تحت ادارة المتهم سالم عبيد النعمان الذي هو أحد اعضاء الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني غير المجاز وانه قد اعترف بذلك، اما المتهم شاكر محمود فانه صاحب مكتبة دار الحكمة التي وزعت من الكراسات المذكورة على الناس فيكون المتهمون جميعا قد اشتركوا في اعداد وطبع ونشر هذه الكراسات. ان هذا المنشور قد احتوى على الطعن والسب لرجالات الدولة العراقية المخلصين وتصويرهم لأفراد الشعب بأنهم خونة وأذناب الاستعمار ولتحريض الشعب لأهانتهم وعدم احترامهم ووصفوا فيه الجهاز الحكومي بأنه جهاز فاسد وغيرها من التهجمات والاتهامات والافتراءات والطعن ضد الحكومة وقد تضمن هذا المنشور اخبارا كاذبة يقصد منها الاخلال بالراحة العامة وإضعاف قوة الحكومة وتقوية النفوذ الاجنبي تحت ستار الوطنية والديمقراطية وحرية انتخاب النواب حفظة الدستور وغيرها من الالفاظ الخلابة الظاهرية يقصد منها اثارة الرأي العام ضد الحكومة آنذاك وإضعافها وتقوية النفوذ الأجنبي الذي يقصده المتهمون حسب مبادئهم المعلومة الهدامة.
وقد ثبت لدى المحكمة بان الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني غير المجاز قد قامت بمظاهرات واجتماعات غير قانونية وبدون اذن الحكومة كانت نتيجة تلك المظاهرات حوادث مؤسفة وإراقة الدماء وقد سيق مؤسسو الحزب المذكور الى المحاكم الجزائية فصدر الحكم عليهم[3] من أجل تلك المظاهرات وقد ظهر للمحكمة بان حزب التحرر المذكور له اتصال وثيق في حزب عصبة مكافحة الصهيونية المعطلة (العصبة لم تكن حزبا وإنما منظمة سياسية، هذا ما نص عليه نظامها الداخلي وأجيزت بموجبه ثم الغيت إجازتها / الكاتب) وكلا الحزبين المذكورين من الفروع الهامة للحزب الشيوعي العراقي السري بقيادة "فهد" كما ظهر ذلك من سير المحاكمة في الدعوى الجزائية المرقمة 204- ج 47 المقامة ضد (فهد) ورفقائه والتي أحيلت الى المحكمة الكبرى عن تهمة الشيوعية. وبالنظر لما تقدم بأنه ثبت لدى المحكمة بان المتهمين جميعا قد اشتركوا في نشر الكراسات الحاوية على الاخبار الكاذبة والملفقة ضد الحكومة والتي يقصد منها اضعاف قوة الحكومة وتقوية النفوذ الاجنبي وذلك لغايات خسيسة دنيئة ولمنافع شخصية مادية ليس لها علاقة بالوطن بل إنما هي بتحريض من يد خفية خائنة دساسة تريد لا سمح الله الفتك بهذا الوطن الذي هو بحول الله باق مدى العصور رغم دسائس المشعوذين وقد ثبت أيضا بان ما زعمه المتهمون لاسيما مشرفهم حسين الشبيبي بأن نشره للكراسات المذكورة كان لغايات شريفة وطنية قد تبين كذبه وكذب رفقائه نظرا للأسباب المار ذكرها اعلاه سيما ظهور اسمه واسم اعوانه حزب التحرر في سجل[4] الحزب الشيوعي العراقي السري بقيادة فهد وقد ظهر هذا السجل بين المستمسكات بدعوى فهد المذكورة والأغرب من أن المتهم حسين الشبيبي يتجاهل ويظلل بأنه لا يقصد تقوية نفوذ الاجنبي ولا يعرف غير أجنبي واحد وبأنه يريد اضعاف ذلك الاجنبي الذي ذكره في الكراس مع أنه يعلم من هو الاجنبي الذي يقصد تقويته بعد ان وجد اسمه واسم اعوانه مسجل في سجل الحزب الشيوعي السري وبعد عمله هذا هل يمكن ان يعتبر كما زعم انه من الوطنيين الذي طبل وزمر تحت ستار هذه الكلمة بمقاصده المعلومة الفتاكة وهل بعد ذلك يستمر بتحرشه على المخلصين ويصفهم بأذناب الاستعمار وهل ان عنوان اذناب الاستعمار لا ينطبق عليه وعلى اعوانه حرفيا. وأما المتهمين محمد حسين ابو العيس وسالم عبيد النعمان ايضا قد اشتركوا في اعداد المنشور المذكور وكتابته وتوزيعه بالنظر لما ورد على المنشور نفسه من انه قد اعدته الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني غير المجاز وقد جرى طبعه في مطبعة دار الحكمة التي يديرها المتهم سالم عبيد النعمان وقد جرى توزيعه ونشره من قبل المتهمين سميع جاني وشاكر محمود الذين هما من اعضاء حزب التحرر الوطني مما ينطبق فعلهم جميعا على نص المادة السادسة من الباب الثاني عشر من ق ع ب بدلالة المواد 54 و 55 و78 من ق ع ب وقرر تجريمهم وقتها وتحديد عقوبتهم بمقتضاها وافهم علنا.
حاكم جزاء بغداد الأول
قرار الحكم
تشكلت محكمة جزاء بغداد في يوم 10-6-1947 من حاكمها السيد عبد العزيز الخياط الحاكم من الدرجة الأولى المأذون بالقضاء باسم صاحب الجلالة ملك العراق وأصدرت حكمها الاتي:
حكمت المحكمة على المجرمين سميع جاني وحسين محمد الشبيبي ومحمد حسين ابو العيس وسالم عبيد النعمان بالحبس الشديد لمدة سنتين اعتبارا من تاريخ الحكم على أن تحسب للمجرم الأول سميع جاني مدة موقوفيته من 19-12-1946 حتى الان وفق المادة السادسة من الباب الثاني عشر من ق ع ب بدلالة المواد 54 و 55 78 ق ع ب وقرر وضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين بعد انتهاء مدة الحكم المذكورة وذلك وفق المادة 28 م ق ع ب ومصادرة النشرات المحجوزة في هذه القضية وتسليمها للتحقيقات الجنائية لإتلافها وفق الاصول وافهم علنا.
حاكم جزاء بغداد الاول
* * *
حتى يكون القارئ بالصورة لإصدار قرار الحكم لابد من الاطلاع على خطاب حسين الشبيبي المعنون (موقفنا من الوزارة الحاضرة والانتخابات) الذي كان مزمعا إلقاءه يوم 10-12-1946 في قاعة الفارابي وتم منعه وأغلقت القاعة بوجه المدعوين وتحول الاجتماع الى تظاهرة احتجاج، وكان هذه الخطاب أحد المبرزات الرئيسية التي اعتمدتها المحكمة لإصدار الحكم. وقد نشرت هذا الخطاب يوم 16 شباط 2025 مع مقدمة، ويمكنكم الاطلاع عليه للإحاطة بالوضع السياسي وظروف الخطاب وأسبابه، وإليكم رابط المقال: موقفنا من الوزارة الحاضرة. هذا الخطاب كان من ضمن وثائق الحزب الشيوعي العراق التي نشرت بعنوان (كتابات الرفيق حسين محمد الشبيبي) في عام 1973 و 1974. ولكن المشرفين على جمع الكتابات ونشرها وإخراجها أبدلوا عنوان الخطاب من العنوان الأصلي (موقفنا من الوزارة الحاضرة والانتخابات) الى عنوان آخر (موقف حزب التحرر الوطني ودعوته للجبهة الوطنية في ظل وزارة أرشد العمري والانتخابات). ومن وجهة نظري أن هذا التغيير في عنوان الخطاب غير موفق ولا يعكس هدف الخطيب حسين من خطابه، وكان الأجدر ترك العنوان كما هو، وإذا كانت هناك ضرورة للشرح والتوضيح كان بالإمكان تدوينها في هامش أو في تعليق على الخطاب. فالخطاب كان في ظل وزارة نوري السعيد التاسعة وليس في زمن أرشد العمري! وجاء الخطاب كرد على سياسة نوري السعيد ومحاولته لشق الصف الوطني، وذلك بجر الحزب الوطني الديمقراطي والأحرار للانضمام لوزارته، فاستطاع نوري السعيد ان يخدع كامل الجادرجي بمعسول الكلام الى الحد الذي صار هذا يتحدث فيه عن «الاشكال في الموقف السياسي» وعن النوايا الحسنة لهذا الثعلب الماكر... «والواقع أن هناك اشكالا في الموقف السياسي الراهن. ففي الوقت الذي يحاول فيه فخامة رئيس الوزراء إظهار نواياه الحسنة يبدو أنه في الوقت نفسه مضغوط عليه من قبل حزب أو فئة أو جماعة أو طائفة أو كتلة» والكتلة في رأي الجادرجي هي صالح جبر وصادق البصام [5].
لا أريد مناقشة قرار التجريم فهذا من شأن المختصين إن وجدوا دافعا لذلك. ولكن لفت نظري ما ورد في قرار التجريم من عبارات وكلمات كانت اساسا في الاتهام مثل:[ان هذا المنشور قد احتوى على الطعن والسب لرجالات الدولة العراقية المخلصين وتصويرهم لأفراد الشعب بأنهم خونة وأذناب الاستعمار ولتحريض الشعب لأهانتهم وعدم احترامهم ووصفوا فيه الجهاز الحكومي بأنه جهاز فاسد وغيرها من التهجمات والاتهامات والافتراءات والطعن ضد الحكومة وقد تضمن هذا المنشور اخبارا كاذبة يقصد منها الاخلال بالراحة العامة وإضعاف قوة الحكومة وتقوية النفوذ الاجنبي تحت ستار الوطنية والديمقراطية وحرية انتخاب النواب حفظة الدستور وغيرها من الالفاظ الخلابة الظاهرية يقصد منها اثارة الرأي العام ضد الحكومة آنذاك وإضعافها وتقوية النفوذ الأجنبي الذي يقصده المتهمون حسب مبادئهم المعلومة الهدامة.]
ومن يقرأ الخطاب سيجد ان الخطيب حسين الشبيبي لم يوجه اي سب وشتائم لرجالات الدولة بل هو وجه اتهامات مستندة على الواقع العراقي. وقد أشار بوضوح الى ذلك الواقع في خطابه بامثلة، متناولا حقيقة ما يجري في العراق مع بدايات الحرب العالمية الثانية وما بعدها. كما أنه أستند الى دوافع حكومة توفيق السويدي في إجراء بعض الاصلاحات، فلماذا عندما تصدر هذه الملاحظات والاتهامات من مواطن ليس من الفئة الحاكمة تصبح جريمة سياسية! واقتطع بعض الفقرات من خطاب حسين الشبيبي التي وجه فيها اتهامه للفئة الحاكمة، وهي كما قلت انها اتهامات مستندة على الواقع: [حشد الاستعمار الانكليزي جيوشا جرارة في العراق، وبنى له تحصينات ومعسكرات جديدة واستغل ظروف الحرب لزيادة تغلغله في شؤون الدولة ولزيادة سيطرته الاقتصادية واحتكاراته لأهم مواردنا وحبسه تجارتنا الخارجية ضمن منطقة الاسترليني. وباسم الدعاية للحرب نشر شبكة واسعة من الجاسوسية تحت ستار ضباط ارتباط، ومكتبات ارشاد، ومعاهد تثقيف وعلاقات عامة وإخوان وأخوات الحرية]. وأشار الخطيب في خطابه أن كل ذلك تم بفضل [مساعدات الفئات الحاكمة المحلية التي تعاونت وإياه على وضع الشعب في جحيم الاحكام العرفية والقوانين الاستثنائية وسيطرة التموين الاجنبية حتى وصل جهاز الحكم الى أوطأ درك من التفسخ، وحرم الشعب حرية التنظيم والاجتماع والتعبير عن الرأي وحتى أصبح الفرد العراقي لا يأمن على حريته الشخصية وعلى حرمة مسكنه من الاعتداء، وفقد وسائل الصحة. وانحطت أجور الكادحين الحقيقية الى نصفها وحتى الى ربعها.]
ثم تناول في خطابه موافقة الحكومة على انزال قوات بريطانية في البصرة تهديدا للحركة الاضرابية للعمال الايرانيين في مصافي عبادان[6] حيث جاء في نص الخطاب: [انها رحبت بإنزال جيوش استعمارية جديدة في القطر وساهمت في إثارة الفتن والقلاقل في جنوب إيران. وارتضت أن توفد ممثليها الى مؤتمر لندن للتفاوض مع بريطانيا حول مشروع تقسيم فلسطين ضد رغبة شعب فلسطين والشعب العراقي والشعوب العربية].
ويلاحظ القارئ الكريم أن كل ما جاء في الخطاب هي اتهامات سياسية، مستندة على واقع الحياة العراقية، وليست مسبات وشتائم، وهي ليست أكاذيب كما يصورها الحاكم عبد العزيز الخياط المعروف بعدائه للقوى الوطنية وجهوزيته بذهن الفئة الحاكمة لإقامة محاكمهم الصورية. أما مسألة منع الخطاب فهي مهزلة ومحاولة بائسة من حكومة نوري السعيد للإيقاع بحزب التحرر الوطني لتوجيه الاتهام له. فحزب التحرر كان قد حصل على إجازة لإلقاء الخطاب يوم 10-12-46 في قاعة الفارابي، لكن السلطات تراجعت وأغلقت القاعة بوجه المجتمعين وصادرت الخطاب من المطبعة. هذا ما دونه علي الشبيبي -شقيق الشهيد- فكتب: [فقد أستأجر حزب التحرر قاعة سينما الفارابي بتاريخ 10/12/1946 ليلقي فيها رئيسه "حسين الشبيبي" خطاباً كان بعنوان "موقفنا من الوزارة الحاضرة" وقد صودر الخطاب من المطبعة. ولما حضرت جماهير الحزب وجدوا محل الاجتماع مغلقاً ومختوماً بالشمع، والشرطة واقفة على الباب تمنع الوافدين، مع إن الاجتماع مأذون من المتصرفية حسب الأصول. فأثارها المجتمعون مظاهرة رائعة، قاومتها شرطة نوري، فقاومت هي الشرطة بما استطاعت.][7]. أما الراحل زكي خيري فقد ذكر في كتابه (صدى السنين) صفحة 126: [واستأجر -المقصود حزب التحرر الوطني/ الكاتب- قاعة سينما الفارابي في المربعة من شارع الرشيد لعقد اجتماع انتخابي حسب القانون وفي الوقت المحدد للاجتماع داهمت الشرطة القاعة وفضت الاجتماع باستخدام العنف ضد المجتمعين فخرجوا بمظاهرة صاخبة وعلى رأسهم حسين الشبيبي ...]. ومن هاتين الشهادتين يكون واضحا أن حزب التحرر الوطني قد حصل على موافقة قانونية لعقد اجتماعه الخطابي، ولكن كما يظهر أن السلطات تراجعت عن هذه الموافقة في يوم الاجتماع فأرسلت شرطتها لغلق القاعة بوجه المجتمعين ومصادرة الخطاب من المطبعة!
وهكذا جاء الحكم الثاني على المناضل حسين محمد الشبيبي ورفاقه بالحبس لمدة سنتين بسبب الخطاب.

السويد في 18 أيار 2025
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- زكي خيري (صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم) موضوعة "عشرة من أحسن سنوات العمر" صفحة 153.
[2]- عبد العزيز الخياط رئيس محكمة جزاء بغداد الاولى، المعروف بعبد العزيز الأعرج. كتب عنه عزيز سباهي في مؤلفه "عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي" صفحة 318، نقلا من مذكرات الجادرجي: (لقد عرف عبد العزيز الخياط هذا عداؤه الشديد للشيوعية، وكان لا يخفي تحامله علىى المتهمين بنشاطاتهم الوطنية لاسيما اذا كانوا متهمين بالشيوعية او بعلاقاتهم بحزب التحرر الوطني وقد أصبح مضرب المثل على الفساد في جهاز القضاء الى جانب شاكر العاني وخليل أمين.)
وكتب سالم عبيد النعمان في مؤلفه"الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد" صفحة 236: (وعبد العزيز هذا معروف في الأوساط القضائية بسفاهته وانه جاهز وحاضر في ذهن الفئة الحاكمة متى احتاج الامر الى محاكمة صورية للتنكيل بخصومها ولإصدار الاحكام التي يشتهيها الحاكمون على خصومهم السياسيين. لقد كان الخياط عضوا مزمنا في المجالس العرفية، وهو الذي اصدر أحكاما بالإعدام على قيادة الجيش العراقي في حرب 1941، ويصفه الكثيرون بأنه حاكم يفتقر الى الحياء القضائي في محاكماته وفي أحكامه "وسفاهته".
وأكد الراحل مكرم الطالباني هذه المواصفات لعبد العزيز الخياط فكتب: ( وحاكمها "عبد العزيز الاعرج" وهو شخص لا أخلاق له بذيء اللسان، عينه فيما بعد نوري السعيد نائبا في البرلمان ليشتم من يتحدث عنه بسوء.) من مقالة بعنوان الرفيق فهد كتب عني مرتين في جريدة "القاعدة"
[3]- يقصد الحكم بأربعة اشهر بحق حسين الشبيبي ورفاقه بسبب التظاهر في شارع الرشيد (الهامش للتوضيح وليس من نص القرار/م ش)
[4]- ما هي قصة (سجل الحزب الشيوعي العراقي السري). في الحقيقة هو سجل يخص حزب التحرر الوطني، دونت فيه أسماء أعضاء حزب التحرر الوطني، عثر على هذا السجل يوم 18-01-1947 في خزان الماء في بيت ابراهيم ناجي شميل، البيت الذي كان فيه فهد وزكي بسيم وعزيز عبد الهادي، واعتقلوا جميعا حينها . لذلك اعتبرته أجهزة التحقيقات الجنائية أنه سجل تابع للحزب الشيوعي وأن جميع المسجلين في السجل هم أعضاء للحزب الشيوعي. مع العلم ان قادة حزب التحرر الوطني، وحتى فهد، نفوا ذلك في خلال التحقيقات وفي المحكمة. لكن كانت هذه قناعة وإرادة الجهات العليا لتثبيت الاتهام.
[5]- عزيز سباهي (عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي) الطبعة الاولى 2002 الجزء الاول صفحة 313.
[6]- عزيز سباهي (عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي) الطبعة الاولى 2002 الجزء الأول صفحة 309.
[7]- (الرائد علي محمد الشبيبي ذكريات التنوير والمكابدة) تحقيق ومراجعة محمد علي الشبيبي. دار المدى الطبعة الثانية 2021 صفحة 377.



#محمد_علي_الشبيبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم الأول على حسين محمد الشبيبي (صارم)
- الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم) /4
- الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم) /3
- الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم)*/2
- الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم)*/1
- خطاب الشهيد حسين الشبيبي في قاعة الفارابي يوم 10/12/1946
- الاعتقال الأخير ومحاكمات الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صار ...
- الاعتقال الأخير ومحاكمات الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صار ...
- انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! الحلقة الثالثة
- انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! (الحلقة الثانية)
- انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! (الحلقة الأولى)
- رحيل الروائي والقاص عبد الرحمن مجيد الربيعي
- يوم المعلم
- مقدمة (كشكول سجين)
- المخبر السري!؟
- على القبر في يوم الشهيد الشيوعي
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ قلوب تحترق!
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ الحلقة الثالثة
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ الحلقة الثانية
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي


المزيد.....




- البرتغال: الحزب الحاكم يفوز بالانتخابات التشريعية واليمين ال ...
- حل حزب العمال الكردستاني ومصير التواجد التركي في العراق
- أوجلان: ثمة حاجة إلى -تحول كبير- لإصلاح علاقة تركيا بأكرادها ...
- أوجلان يدعو لميثاق جديد قائم على -حق الأخوة- بين الأكراد وال ...
- أوجلان يدعو إلى -تحول كبير- في العلاقة بين أنقرة والأكراد بع ...
- البابا ليو يدعو إلى مزيد من الوحدة العالمية ويندد بمخاطر الر ...
- اللقاء التواصلي المفتوح مع الأمين العام لحزب التقدم والاشترا ...
- م.م.ن.ص// الجبهات الميدانية ليست شعارات ترفع، بل معارك تعيد ...
- -شبح هافانا عام 1959 يلوح في الأفق-، هل يُشبه الشرع كاسترو؟ ...
- شاهد البابا لاوُن يدين استغلال الفقراء ويدعو إلى الوحدة في ا ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - محمد علي الشبيبي - الحكم الثاني على حسين محمد الشبيبي (صارم)