علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 00:09
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
ان " السدانة " لمن لايعرفها هي الحاوية التي تصنع من الطين لكي يحفظ فيها الفلاحون الغلال، ولكنها لا تنجو من المخاطر، بل تشكل كارثة عندما تحيط بها المياه في حالة السيول والامطار اوغيرها، فتصبح قاعدتها طيناً رخواً ولكن تبقى قائمة غير انها في اول هبة رياح تنهار ويذهب معها ما كانت تحتويه، من قمح ومحصولات مدخرة اخرى. مما غدا الفلاحون ياخذونها مثلاً على احوالهم الآيلة للانهيار، فيقولون: " ان حالهم حال السدانة بالماء " بالمختصر المفيد ان المظهر لايمثل الجوهر في معظم الاحوال.
ان عراق اليوم هذه حالته، حيث ساحة وجهه بغداد تعج ببناء العمارات وشوارعه تملؤها السيارات الفارهة، غير ان ذلك لم ولن يدخل في مربع عامة الشعب وبخاصة الفقراء على الاطلاق .. ومن غبار هذه البهرجة المزوّقة المنبعثة من لدن المستفيدين من النظام السياسي العكر، تصدر تصريحات يخجل منها الانسان السوي حتى من سماعها، فحواها بان العراق متطور ومتقدم ولا توجد فيه معاناة لدى الناس . ان هؤلاء لا يشعرون حقاً باحوال الاخرين من ابناء جلدتهم لكونهم مصابون بغشاوة التخمة الزائدة، منطلقين بالمقارنة مع احوالهم السابقة عندما كانوا خارج السلطة، فيرونها الان فردوساً، وحسب ظنهم الخرافي بآن ـ الرب الجليل ـ قد قصدهم بها دون غيرهم.. وخلاصة تبريرهم المخادع لهذا التفاوت الطبقي في المجتمع ـ بان الله يرزق ما يشاء ..
ومما هو مدرك ومعلوم ان اي تفاوت بين طرفين يعيشان في بيئة واحدة سينتج صراعاً يصل في ذروته الى حالة التناحر بين مدافع عن سطوته ونعيمه، وبين مهاجم رافضاً للجور وللتسلط . الامر الذي سيؤدي بالمطلق الى انتصار المهاجم الذي هو اكثر عزماً وحركة نحو التغيير.. اما المدافع ومهما تشبث سينكسر لان الدفاع غالباً ما يضنيه التراكم النوعي للغضب و مرور الزمن لكونه في حالة مراوحة، بمعنى يخلو من العزم و حراكه يقتصرعلى اطار ظله . اما المهاجم فهو عكس ذلك سيما وان معركته حياتية بمعنى من المعان النهوض من تحت قمقم الموت البطيء ، وهذا ما يطلق عليه في علم السياسة الصراع الطبقي الذي نشاهده اليوم تتراكم عوامل ومباعث نشوبه في بلادنا بفعل التفاوت الطبقي والاجتماعي ، الذي انتجه نظام المحاصصة اللصوصي، وكان التاريخ قد سجل وقائع مارستها وشهدتها الشعوب، التي كانت واقعة تحت نير التسلط والدكتاتوريات الفاشية .
ان ثمة ثلاثية فاعلة منبعثة من داخل النظام السياسي الحالي، تشكل افة موت محقق و المتمثلة بـ اولاً: التناقض الداخلي بين اغلبية الناس وبين النظام منزوع الثقة . ثانياً : الجهل الاداري وفوضى التصرف بالمال العام الذي انتج افلاساً وفشلاً وفساداً لامثيل لهم في العالم .. ثالثاً: احوال الناس المصابة بالمتردي المتراكم المنتج للغضب الحانق على من يؤذيهم ويجوع اغلبه مقابل يبذّر امواله واحواله جزافاً ارضاً وماءاً وسماءاً.. ويضاف بالضروة العلة القاتلة التي تتمثل بالذين يعيشون في عيش القبّر العمياء التي تفتح منقارها منتظرة من الرياح ان تاتيها بجرادة او اي قشة نافعة وتسقطها في جوفها لحين ان تموت جوعاً وعطشاً.. اؤلئك هم الجالسون على التل في كل الاحوال والظروف..
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟