علي سالم عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 22:09
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
يُعد غسل الأموال جريمة اقتصادية خطيرة تُهدد سلامة النظام المالي والاقتصادي للبلاد، وتُسهم في دعم أنشطة إجرامية أخرى، كالمخدرات والفساد والاتجار بالبشر. وتتضمن هذه الجريمة محاولة إضفاء مظهر مشروع على أموال مُتحصل عليها من مصادر غير مشروعة، من خلال سلسلة من المعاملات المالية المُعقدة، بهدف إخفاء مصدرها الحقيقي.
أولى المُشرّعون العراقيون اهتمامًا بالغًا بجريمة غسل الأموال، لا سيما بعد انضمام العراق إلى الاتفاقيات الدولية المُتعلقة بمكافحة الجريمة المُنظمة وتمويل الإرهاب. وقد صدر قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015، الذي يُشكل الإطار التشريعي الأساسي في هذا المجال.
يُعرّف القانون غسل الأموال بأنه: "تحويل أو نقل أو مُبادلة الأموال المُتحصلة من جريمة، بقصد إخفاء أو تمويه طبيعتها غير المشروعة". كما يُجرّم القانون مُساعدة مُرتكبي الجريمة أو التواطؤ معهم أو إخفائهم. ويُعاقب المُرتكبون بالسجن والغرامات، بالإضافة إلى مصادرة الأموال غير المشروعة. فيما يتعلق بآليات الكشف، يُكلّف القانون البنك المركزي العراقي بإنشاء نظام وطني لمكافحة غسل الأموال، يشمل مراقبة التحويلات المالية والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة التي تقوم بها المؤسسات المالية والمصرفية. كما أُنشئ مكتب لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يتولى استلام التقارير وتحليلها والتنسيق مع الجهات القضائية.
ومن أهم أدوات الكشف نظام "اعرف عميلك" (KYC)، الذي يُلزم البنوك والمؤسسات المالية بالتحقق من هوية العملاء ومصادر أموالهم، لا سيما في المعاملات الكبيرة أو المعقدة. كما يُلزم المؤسسات المالية بتقديم تقارير دورية عند الاشتباه في أي نشاط غير اعتيادي.
وفيما يتعلق بالمساءلة القانونية، يمنح القانون السلطة القضائية صلاحيات واسعة لتجميد الأموال وحجزها ومصادرتها. كما يُجيز مقاضاة الجناة، سواءً كانوا أفرادًا أو مؤسسات، ويُجيز تحميل المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتباريين (مثل الشركات والبنوك) المتورطين في عمليات غسل الأموال أو الذين يُسهّلونها.
في الختام، تتطلب جريمة غسل الأموال استجابة قانونية متقدمة، تبدأ بالوقاية عبر الرقابة والإبلاغ، وصولًا إلى العقوبات الرادعة. كما تتطلب تعاونًا محليًا ودوليًا لملاحقة الأموال المشبوهة العابرة للحدود، وحماية الاقتصاد العراقي، وتعزيز النزاهة والشفافية.
#علي_سالم_عزيز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟