أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - اتفاق 26 نيسان: من توحيد الصف الكردي ، إلى اختبار الوطنية السورية














المزيد.....

اتفاق 26 نيسان: من توحيد الصف الكردي ، إلى اختبار الوطنية السورية


اكرم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أن دخلت سوريا نفق أزمتها الطويلة، اتضحت هشاشة العقد الوطني الذي بُنيت عليه الدولة الحديثة، وانكشفت التصدعات العميقة في العلاقة بين المكونات القومية والطائفية والاجتماعية ، وقد دفعت القضية الكردية، بوصفها واحدة من أبرز القضايا المؤجلة والمهمّشة، ثمناً باهظاً لهذا التصدّع البنيوي، بين سلطة قوموية أنكرت الوجود الكردي، ومعارضة لم تحسم موقفها من الحقوق الكردية ، وبين مجتمع دولي اكتفى بالتعامل مع الكُرد من زاوية وظيفية وأمنية. في هذا السياق المعقد، جاء الاتفاق الموقع في 26 نيسان 2025 بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، كاستجابة لحاجة تاريخية أكثر منها صفقة سياسية آنية، إذ حمل في جوهره محاولة لتجاوز الانقسام الداخلي وتقديم الذات الكردية بصورة أكثر نضجاً واتزاناً، لخوض معركة الشراكة الوطنية، لا معركة الغلبة أو العزلة.
الاتفاق، وإن حمل في ظاهره ملامح تفاهم سياسي بين قوتين رئيسيتين، إلا أنه في العمق، عكس تحوّلاً في الوعي السياسي الكردي، من حالة "التمثيل المتنازع عليه" إلى حالة "البحث عن وحدة القرار والمصير". هذا التحول لا يمكن فصله عن السياق الأوسع لمأزق الحركة الوطنية السورية التي فشلت، حتى الآن، في بناء عقد سياسي جامع يعترف بالتعدد القومي والثقافي كمكوّن تأسيسي، لا كحالة طارئة أو استثناء. فالاتفاق الكردي لا يهدف إلى تنظيم العلاقة بين طرفين سياسيين فقط ، بل يسعى – من حيث يدري أو لا يدري – إلى إعادة طرح سؤال "الوطنية السورية" من جديد: هل نحن بصدد وطن يضم الجميع على أساس المواطنة المتساوية والاعتراف المتبادل، أم ما زلنا نعيش تحت وطأة سردية قوموية أحادية تسعى إلى تذويب التعدد تحت يافطة الوحدة الزائفة؟
الثقافة السياسية السائدة في سوريا، سواء لدى "النظام" الجديد أو من هم في الخارج ، ما تزال أسيرة نموذج الدولة القومية المركزية، الذي يربط بين الهوية والسيادة، وبين اللغة والانتماء، وبين المركز والهامش، ضمن معادلة صفرية لا تعترف بوجود الآخر إلا بوصفه تابعاً أو مهدِّداً. من هنا، فإن أي اتفاق كردي – إذا لم يُفهم ضمن سياق وطني أشمل – سيُواجه بسيل من التخوين والشيطنة، كما حدث مراراً في السابق، لأن الذهنية المركزية لا ترى في التوافق الكردي إلا مشروعاً موازياً للدولة، لا مكوّناً منها. والحال أن هذه الذهنية هي التي أوصلت سوريا إلى ما هي عليه، حين رفضت الاعتراف بالواقع التعددي، وفضلت قمعه بدل احتضانه.
يُمثّل الاتفاق الكردي الأخير فرصة لمراجعة المفاهيم المؤسسة للدولة السورية: ما معنى الوحدة الوطنية؟ ما حدود المركزية؟ من هو المواطن؟ وما موقع القومية الكردية في خارطة الانتماء السوري؟ إن أي محاولة لبناء سوريا المستقبل دون وضع هذه الأسئلة وغيرها في صلب النقاش السياسي والدستوري، لن تكون سوى إعادة إنتاج لفشل الدولة، مهما تزيّنت بشعارات الثورة والديمقراطية. من هذا المنطلق، فإن الأثر الحقيقي لهذا الاتفاق لا يقاس بقدرته على إنهاء الخلاف الكردي – الكردي، بل بقدر ما يفرض من أسئلة ومراجعات على النخبة السورية بأكملها، عربية وكردية وسريانية، حول ماهية الوطن الذي نريد.
لا يخفى على أحد أن طريق تنفيذ الاتفاق لا يزال طويلاً وشائكاً، وأن عوامل الفشل كامنة في التراكمات السابقة من عدم الثقة، وفي الهيمنة الأحادية لبعض القوى، وفي التجاذبات الإقليمية. لكن، في الوقت ذاته، فإن اللحظة التاريخية التي تمر بها سوريا تفرض على الجميع الانخراط في مشروع إنقاذ وطني، يبدأ من إعادة بناء العلاقة بين مكوناتها على أسس جديدة، تبدأ من الاعتراف وتنتهي بالشراكة ، والكُرد، من خلال هذا الاتفاق، يًعلنون أنهم جزء من الحل لا من الإشكالية ، وأنهم يسعون إلى التأسيس لسوريا بحيث تتسع للجميع، لا سوريا يُعاد فيها إنتاج المركز القامع.
خلاصة القول، إن الاتفاق الكردي في 26 نيسان لا ينبغي أن يُختزل في شكله السياسي التنظيمي، بل يجب أن يُقرأ كمقدمة لتحوّل ثقافي في الفكر السياسي السوري، يفتح المجال أمام وطنية تعددية جديدة، تتجاوز ثنائية "الانفصال والوحدة" إلى فضاء أوسع ، حيث لا تُقصى الهويات، ولا تُكفّر الحقوق، ولا يُصادر الطموح القومي بحجة الخوف من التمزق والانقسام ، ويبقى الاتفاق بداية جديدة لمسار وطني طويل، أساسه الاعتراف، وروحه التعدد، وغايته العدالة والكرامة والمساواة للجميع.



#اكرم_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البارزانية تيار جامع ...فلماذا هذا التشتت؟
- وطن واحد ، هوية متعددة ..!
- التكويع -... ابتعاد عن المبادئ نحو المصلحة وتآكل الثقة ..…!
- الأنظمة التي تضطهدوالكرد...تتحمل مسؤولية خياراتهم ؟
- من قامشلو: وحدة الموقف الكردي طريقُنا إلى سوريا جديدة بلا ته ...
- المازوت... ومعادلة السلطة والمجتمع في مناطق -الإدارة الذاتية
- الفدرالية بين الحقيقة والتشويه
- في مواجهة التشظي والفوضى:من يستعيد الدولة السورية؟
- لا مجتمع حي بلا احزاب حية :دفاع عن العمل السياسي الكردي في س ...
- حتى تتعافى سوريا وتنهض من جديد؟
- نعم، ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب... ولكن!
- مراجعة الخطاب السياسي الكردي في سوريا ، ضرورة استراتيجية في ...
- الإقصاء المتعمد للكرد : تهديد لوحدة البلاد وانتهاك لمبادئ ال ...
- أحمد الشرع وتحديات المرحلة المقبلة ؟
- وحدة تيار المستقبل ، وفاء لدماء الشهداء واستجابة للتحديات ال ...
- مستقبل الديمقراطية والمواطنة المتساوية في سوريا بعد إسقاط ال ...
- لمصلحة من اغتيال إسماعيل فتاح عضو المجلس الوطني الكردي ؟
- الفيدرالية نموذج للحكم العادل في سوريا
- الطريق إلى سوريا الجديدة: تحديات المرحلة الانتقالية
- اي سوريا نريد؟


المزيد.....




- ارتفاع أسعار الفواكه الصيفية في مصر.. وتجار يكشفون الأسباب
- ما المفاجآت التي يحضرها الحوثي لإسرائيل؟
- مصر.. تحرك واسع للسلطات يمنع كارثة طبية بالبلاد
- مؤشر الديمقراطية 2025: تراجع شعبية أمريكا عالميًا وإسرائيل ف ...
- أوكسفام: غزة على شفا مجاعة وأطفال ينهكهم الجوع حتى البكاء
- اجتماع سوري-تركي-أردني: دعم للاستقرار الإقليمي وقلق مشترك بش ...
- ترامب يحتاج إلى زنزانات إضافية... فهل أوروبا على استعداد للم ...
- طائرة قطرية لترامب بـ400 مليون دولار.. كيف ردت الإدارة الأمر ...
- ماكرون و-المنديل الأبيض-.. ما حقيقة فيديو -الكوكايين- في اجت ...
- ساويرس يطالب بإزاحة الجيش عن مزاحمة القطاع الخاص في مصر


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - اتفاق 26 نيسان: من توحيد الصف الكردي ، إلى اختبار الوطنية السورية