أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علاء الدين حميدي - الثورة السورية: جذورها، مسارها، وتحديات المستقبل بعد سقوط الأسد















المزيد.....

الثورة السورية: جذورها، مسارها، وتحديات المستقبل بعد سقوط الأسد


علاء الدين حميدي
كاتب .

(Hmidi Alaeddine)


الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 08:12
المحور: سيرة ذاتية
    


مرت سوريا بتجربة مريرة من الصراع الدموي والتدمير على مدار أكثر من عقد، منذ أن انطلقت الثورة في عام 2011. كانت البداية مظاهرات سلمية تطالب بالإصلاح، لكنها تحولت بسرعة إلى صراع مفتوح دام بين النظام والمعارضة، ليؤدي إلى تدخلات دولية معقدة وظهور جماعات متطرفة على الساحة. في ديسمبر 2024، سقط نظام بشار الأسد بعد سنوات من الصراع الدموي، ما فتح باب الأمل في إمكانية بناء سوريا جديدة. لكن هذا الانتصار لم يكن نهاية للمعاناة، بل بداية لمرحلة معقدة من التحديات السياسية والاجتماعية، قد تشبه التجربة الليبية في جوانب عديدة.

الجذور التاريخية للثورة السورية

· الاستبداد السياسي وانعدام الحرية: منذ استلام حزب البعث للسلطة في 1963، تحول النظام إلى نظام استبدادي يحتكر السلطة، ويقمع أي معارضة. كانت سوريا دولة بوليسية تعتمد بشكل رئيسي على الأجهزة الأمنية في قمع أي محاولة للاعتراض. طوال عقود من حكم عائلة الأسد، فشل النظام في تلبية تطلعات الشعب، خاصة من فئة الشباب، الذين عانوا من قمع الحريات السياسية والاجتماعية.

· الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية: عانت سوريا في السنوات التي سبقت الثورة من تدهور الوضع الاقتصادي، حيث ارتفعت معدلات الفقر والبطالة بشكل كبير، خاصة في المناطق الريفية. عملت السياسات النيوليبرالية المتبعة على تركيز الثروة في يد طبقة محدودة من النخب السياسية والاقتصادية، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. هذه الأوضاع الاقتصادية السيئة زادت من الإحباط الشعبي ودفعت إلى المطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.

· الربيع العربي كإلهام: شهدت المنطقة العربية في 2011 سلسلة من الثورات الشعبية التي نجحت في إسقاط أنظمة استبدادية في تونس ومصر. كانت هذه الثورات بمثابة شرارة ألهبت حماس الشباب السوريين الذين خرجوا في بداية الأمر للمطالبة بالإصلاح، لكن سرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى صراع شامل بعد القمع الوحشي من قبل النظام.

مسار الثورة السورية: من الاحتجاجات السلمية إلى الصراع المفتوح

· المرحلة الأولى: الاحتجاجات السلمية (2011): انطلقت الاحتجاجات في مارس 2011 في مدينة درعا جنوب سوريا بعد اعتقال أطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام. سرعان ما امتدت الاحتجاجات إلى مختلف أنحاء البلاد، مطالبين بإصلاحات سياسية وتحرير المعتقلين ورفع حالة الطوارئ. إلا أن النظام رد بعنف غير مسبوق، مما أدى إلى مقتل العديد من المتظاهرين. هذا القمع الوحشي دفع الاحتجاجات إلى التحول نحو العمل المسلح.

· التحول إلى العسكرة (2012-2013): في عام 2012، بدأ الجيش السوري الحر بتشكيل قوات مسلحة لمواجهة قوات النظام، بينما دخلت جماعات متطرفة مثل جبهة النصرة وداعش إلى الساحة، مما زاد من تعقيد الوضع. تحولت الثورة إلى صراع طويل ومعقد بين العديد من الأطراف، مع دخول قوى إقليمية ودولية على الخط، مثل إيران وروسيا من جهة، ودول غربية وعربية من جهة أخرى.

· تصاعد الصراع الدولي (2014-2019): في هذه المرحلة، أصبحت سوريا ساحة صراع دولي. روسيا وإيران دعمتا النظام بشكل مستمر، بينما دعمت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية المعارضة، وكان ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عاملاً إضافياً في تفاقم الأوضاع. شهدت هذه المرحلة تدخلات عسكرية واسعة وفرض مناطق نفوذ متعددة، مما عمّق من تعقيد الصراع.

· المرحلة النهائية وسقوط النظام (2020-2024): بداية من 2020، بدأ نظام الأسد يعاني من هزائم عسكرية متتالية، حيث تراجعت مناطق سيطرته لصالح المعارضة في الشمال والشرق، إضافة إلى تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية. في ديسمبر 2024، وبعد سنوات من القتال، سقط بشار الأسد، مما فتح الباب لمرحلة جديدة من التحديات في سوريا.

التحديات المستقبلية لسوريا: مقارنة مع ليبيا

بعد سقوط النظام السوري، تفتح البلاد أبواب مرحلة جديدة، ولكن هذه المرحلة تحمل تحديات قد تشبه إلى حد كبير التجربة الليبية بعد الإطاحة بالقذافي في 2011.

· فراغ السلطة: في ليبيا، بعد سقوط القذافي، عاشت البلاد في حالة من الفوضى بسبب غياب السلطة المركزية الموحدة، حيث تنافست الميليشيات المحلية على النفوذ. يواجه السوريون الآن نفس التحدي بعد سقوط الأسد، حيث

يسيطر على بعض المناطق مجموعات مسلحة متناحرة، مما يعقد عملية الانتقال السياسي وإعادة بناء الدولة. إذا لم يتم ملء فراغ السلطة بسرعة، فقد تواجه سوريا نفس المأساة الليبية.

· تعدد القوى الفاعلة: كما في ليبيا، لا يوجد في سوريا معارضة موحدة، بل مجموعة من الفصائل المسلحة ذات أجندات متباينة. هذا التعدد يجعل من الصعب توحيد الصفوف السياسية والعسكرية، مما يزيد من فرص التصادم بين هذه الفصائل. في ليبيا، كانت الانقسامات العميقة بين القوى السياسية والعسكرية أحد العوامل الرئيسية التي فاقمت الوضع الأمني، ما يعزز من المخاوف من أن سوريا قد تنزلق إلى نفس المصير.

· التدخلات الخارجية: كما كان الحال في ليبيا، فإن التدخلات الخارجية في سوريا قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل البلاد. في ليبيا، تنافست قوى إقليمية ودولية على دعم أطراف مختلفة في النزاع، مما أضاف تعقيدًا جديدًا للمشهد. الوضع في سوريا ليس بأفضل حال، حيث تتنافس قوى إقليمية مثل إيران وتركيا على النفوذ، مما يزيد من تعقيد عملية السلام. دعم المجتمع الدولي المستمر والمشروط سيكون أساسيًا لتجنب حدوث سيناريو مشابه لما حدث في ليبيا.

· الأزمة الإنسانية وإعادة الإعمار: كما في ليبيا، فإن سوريا تحتاج إلى جهود ضخمة لإعادة إعمار ما دمره الصراع. البنية التحتية المدمرة، بالإضافة إلى نزوح الملايين من السوريين داخليًا وخارجيًا، تشكل تحديات هائلة أمام أي عملية إعادة بناء. بينما شهدت ليبيا حالة من الانهيار الاقتصادي والإنساني بعد القذافي، فإن نفس السيناريو قد يتكرر في سوريا إذا لم تتم إدارة عملية الإعمار بشفافية وكفاءة.

السيناريوهات المستقبلية لسوريا بعد الأسد

· الانتقال الديمقراطي الناجح: أفضل السيناريوهات لسوريا هو انتقال سياسي نحو الديمقراطية، شبيه بما حدث في تونس بعد ثورتها. يتطلب ذلك توافقًا سياسيًا بين مختلف الفصائل السورية، بالإضافة إلى دعم قوي من المجتمع الدولي. في هذا السيناريو، يمكن لسوريا أن تبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والاقتصادي.

· الفوضى أو التقسيم: إذا فشلت المعارضة في توحيد صفوفها، وإذا استمرت التدخلات الخارجية في تأجيج الصراع، قد تجد سوريا نفسها غارقة في حالة من الفوضى، مع احتمالات عالية للتقسيم إلى مناطق نفوذ متناحرة. قد يصبح هذا السيناريو هو الأكثر شيوعًا إذا استمر غياب الرؤية السياسية الجامعة.

· صعود قوى متشددة: في غياب استراتيجية واضحة وفشل القوى السياسية في التوصل إلى توافق، قد تستغل الجماعات المتطرفة مثل داعش هذا الفراغ لتوسيع نفوذها في بعض المناطق، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في سوريا.

الفرص المتاحة لسوريا

على الرغم من التحديات الجسيمة التي تواجه سوريا، إلا أن هناك فرصًا حقيقية لإعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار. يمكن الاستفادة من تجارب دول أخرى مثل تونس ورواندا التي استطاعت الخروج من صراعات مريرة وإعادة بناء دولها. تمكين الشباب والمجتمع المدني سيكون له دور كبير في هذه العملية، خاصة إذا تم دعمه بالموارد والفرص التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة.


سقوط نظام بشار الأسد في 2024 يشكل لحظة فارقة في تاريخ سوريا، لكنه لا يمثل النهاية. فالمستقبل سيكون تحديًا حقيقيًا يتطلب توحيد القوى السياسية، وإعادة بناء المؤسسات، وحل الصراع الداخلي الذي قد يعيد سوريا إلى حالة من الفوضى. الدروس المستفادة من ليبيا تُظهر بوضوح أن الفراغ السياسي والصراع الداخلي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التدمير والانقسامات. لكن مع الإرادة السياسية السليمة والدعم الدولي الفعّال، يمكن لسوريا أن تتجاوز هذه المرحلة المعقدة وتبدأ مسارًا نحو استقرار طويل الأمد.



#علاء_الدين_حميدي (هاشتاغ)       Hmidi_Alaeddine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوأمة الرقمية: نموذج المستقبل للتكامل بين العالمين الرقمي ...
- القضية الفلسطينية في تونس: تاريخ طويل من الدعم والتضامن
- تونس تُحاكم الثورة.. من حلم الديمقراطية إلى كوابيس التآمر.
- الذكاء الاصطناعي: الثورة القادمة في عالم التكنولوجيا
- تأثير الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري والأمني: بين التحدي ...
- فرضت نفسها رغم المرض و الإعاقة .. قصة نجاح كفيفة تونسية.
- التدريس في معاهد المكفوفين.. تجربة جديدة
- قراءة في توظيف التكنولوجيا الإدارية والتعليمية بالمدارس والم ...
- قراءة في توظيف التكنولوجيا الإدارية والتعليمية بالمدارس والم ...
- ماذا بعد قرار البنك المركزي التونسي الرفع في نسبة الفائدة ال ...
- توريث النجاح بتونس
- الاِصلاح التربوي في تونس .. من مهب ورشات الأحزاب
- خمسون عاما علي غراسة أراضي القيروان.. الجفنة جنة الله علي ال ...
- أيام الجامعة .. ذكرى يعود إلى الفؤاد حنينها.
- بين فشل الادارة التربوية و أزمة البيداغوجيا، المنظومة التربو ...
- البحث عن الحقيقة .. بين المصادر الشفوية و المكتوبة !..
- في ذكري المسار الثوري في تونس.. هل يتحقق يوما ما علّقه التون ...
- المجتمع المدني و الديمقراطية ، تونس نموذجا.
- الذكري 170 لإلغاء العبودية في تونس.
- إشكالية التزكيات المزورة في ظل ثغرات القانون الانتخابي.


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل غاراته على مطار صنعاء ومناطق ال ...
- رنا رئيس تحتفل بزفافها وتفاعل على حضور ماجد الكدواني
- الحوثيون: هجمات إسرائيلية وأمريكية على مطار صنعاء
- ردود مصرية على تصريحات سموتريتش حول حشر سكان غزة قرب مصر
- شاهد: العائلة المالكة تشارك البريطانيين الاحتفال بثمانين عام ...
- شاهد: مؤيدون لفسلطين يعرقلون مراسم إحياء الذكرى الثمانين لتح ...
- هل تتحمل إسرائيل تبعات خطتها باحتلال غزة؟
- هل يعود شبح هتلر بعد 80 عاماً على انتحاره؟
- إعلان خطة إسرائيل لاحتلال غزة جاء في توقيت حساس - الغارديان ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مطار صنعاء ومحطات كهرباء في اليمن ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علاء الدين حميدي - الثورة السورية: جذورها، مسارها، وتحديات المستقبل بعد سقوط الأسد