|  | 
                        
                        
                        
                            
                            
                                
                             
                                
                                    الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
                                
                            
                               
                                    
                               
                                
                                
                                   
                                     
 
                                        حمودة المعناوي
 
       الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 17:14
 المحور:
                                            الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
 
 
 
 
 
                                   
                                        
                                            
                                              _ الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: مَفْهُومِهَا وَأَهَمِّيَّتِهَا وَمُتَطَلَّبَاتِهَا
 الْأَخْلَاق البِيئِيَّة "Environmental ethics" هِيَ جُزْءُ مَنْ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة، وَتَهْتَمّ بِتَوْسِيع الْحُدُود التَّقْلِيدِيَّة لِلْإِخْلَاقَيَّات الَّتِي تُرَكِّزْ عَلَى الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ الْبَشَرِ فَقَطْ إلَى تَشْمَل الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الْبِيئَة الطَّبِيعِيَّة الْمُحِيطَة بِه. تُؤَثِّر الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة عَلَى مَجْمُوعَة وَاسِعَةٍ مِنْ التَّخَصُّصَات، بِمَا فِي ذَلِكَ عِلْم الْبِيئَة وَ الْفَلْسَفَة وَالِإقْتِصَاد وَ الِإجْتِمَاع وَ اللَّاهُوتِ الْبِيئِيِّ. فَهِي تَبْحَثُ فِي الْقَرَارَات الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْإِنْسَانِ وَالَّتِي تَتَعَلَّق بِالبِيئَة، مِثْل، هَلْ يَجِبُ الِإسْتِمْرَارُ فِي إزَالَةِ الْغَابَات لِلِإسْتِهْلَاك الْبَشَرِيّ؟ هَلْ لِلْبَشَر الْحَقِّ فِي التَّسَبُّبِ فِي إنْقِرَاضِ أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ أَجْلِ رَاحَة الْإِنْسَانِيَّة؟ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْبَشَر الْبِيئَة الْفَضَائِيَّة وَيُحَافِظُون عَلَيْهَا لِتَأْمِين الْحَيَاة وَ تَوْسِيع نِطَاقِهَا؟ لَقَدْ نَشَأ الْمَجَال الأَكَادِيمِيّ لِلْإِخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة إسْتِجَابَة لِلَأزمَة بِيئِيَّة عَالَمِيَّة مُتَنَامِيَة، وَاَلَّتِي بَدَأَت الْوَعْي بِهَا فِي أَوَاخِرِ السِّتِّينَات وَأَوَائِلُ السَّبْعِينِيَّاتِ مِنَ الْقَرْنِ الْمَاضِي. كَان لِبَحْثَيّْن مَنْشَورِين فِي مَجَلَّةِ "Science" تَأْثِير حَاسِم فِي تَأْسِيسِ هَذَا الْمَجَالِ: لينْ وَايت Lynne White, "الْجُذُور التَّارِيخِيَّة لأزمَتْنًا البِيئِيَّة" (1967) وَ غَاريت هَاردين Garrett Hardin, "مَأْسَاةَ الْمُشَاعات" (1968).  وَإقْتَرَحَ الدَّو لِيُوَبولَد Aldo Leopold أَيْضًا مَقَالًا فِي كِتَابِهِ "تَقْوِيم مُقَاطَعَة الرَّمَل" بِعِنْوَان "أَخْلَاقِيَّات الْأَرْضِ"، حَيْثُ إدَّعَى أَنَّ جُذُور الْأَزْمَة البِيئِيَّة كَانَتْ فَلْسَفِيَّة. مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ، ظَهَرَتْ أَوْلَى الدَّوْرِيَّات الأَكَادِيمِيَّة الدَّوْلِيَّة فِي هَذَا الْمَجَالِ فِي أَوَاخِرِ سَبْعِينِيَّاتِ الْقَرْنِ الْمَاضِي وَأَوَائِلِ الثَّمَانِينِيَّات، مِثْل مَجَلَّة "Environmental Ethics" و "Environmental Values" كَمَا تَطَوَّرَتْ مَجْمُوعَةٌ مِنَ النَّظَرِيَّاتِ وَالْمَقَارَبَات الْأَخْلَاقِيَّة البِيئِيَّة الْمُخْتَلِفَةِ، مِثْلُ الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة "Deep ecology" وَ الْإِيكَولُوجْيَا الضَّحْلَة shallow ecology وَ الْحُقُوقُ البِيئِيَّة Environmental rights وَ الْأَخْلَاق البِيئِيَّة النَّسَوِية Feminist Environmental Ethics وَ غَيْرِهَا. تَنْطَلِق الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة مِنْ مَرْكَزِيَّة الْبِيئَة، وَاَلَّتِي تُؤَكِّدُ عَلَى الْقِيمَةِ الْجَوْهَرِيَّة لِلطَّبِيعَة وَالْأَنْظِمَة البِيئِيَّة بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مَنْفَعَتِهَا لِلْبَشَر. فَهِي تَرْفُض الْمَرْكَزِيَّة الْبَشَرِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ سَائِدَةً فِي الْفَلْسَفَةِ الْحَدِيثَة وَاَلَّتِي تَعْتَبِر الْإِنْسَانَ هُوَ الْمَرْكَز وَ الْقِيمَة الْعُلْيَا، وَالطَّبِيعَة مُجَرَّدُ وَسِيلَةٍ لِتَحْقِيقِ مَصَالِحِ الْبَشَر. بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ، تَرَى الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة أَنْ لِلطَّبِيعَة قِيمَة ذَاتِيَّة تَتَجَاوَز فَائِدَتُهَا لِلْبَشَر، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ جُزْءٍ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الطَّبِيعَةِ وَلَيْسَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا. وَعَلَى هَذَا الْأَسَاسِ، تُنَادِي الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة بِضَرُورَة إعَادَةِ النَّظَرِ فِي عَلَاقَةِ الْإِنْسَانِ بِالطَّبِيعَةِ وَ تَأْسِيس أَخْلَاق جَدِيدَة تَقُومُ عَلَى الِإنْسِجَام وَالتَّوَازُن بَيْن الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ وَالْبِيئَة. وَتُطَالِب بِضَرُورَة الِإلْتِزَام الْأَخْلَاقِيّ تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَالنَّظْم الَّإيْكُولُوجِيَّة وَالْأَنْوَاعُ الْأُخْرَى غَيْرُ الْبَشَرِيَّة، بِمَا فِي ذَلِكَ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ وَالْمَوَارِد غَيْر الْحَيَّة. وَيَرَى أَنْصَار هَذَا الِإتِّجَاهَ أَنَّ هُنَاكَ وَاجِبَات أَخْلَاقِيَّة عَلَى الْبَشَرِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَالْحُفَّاظ عَلَيْهَا لِصَالِح الأَجْيَال الْحَالِيَّة وَالْمُسْتَقْبَلِيَّة. كَمَا يُؤَكِّدُون عَلَى ضَرُورَةِ التَّخَلِّي عَنْ النَّظْرَةِ الْأَنَانِيَة وَالِإسْتِغْلَالية لِلطَّبِيعَة وَإعْتِبَارُهَا مُجَرَّد مَصْدَر لِلْمَوَارِد وَ الْخَدَمَات. وَتَتَطَلَّب الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة تَغْيِيرًا جِذْرِيًّا فِي نَظْرَة الْإِنْسَان لِلطَّبِيعَة وَالْبِيئَة، بِحَيْثُ يُنْظَرُ إلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا كِيَان لَهُ قِيمَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَيْسَتْ مُجَرَّدَ مَوَارِد لِخِدْمَةِ الْبَشَرِ. كَمَا تَدْعُو إلَى إعْتِمَادِ أَنْمَاط حَيَاة وَمُمَارَسَات تَتَّسِم بِالِإسْتِدَامَة وَ الِإحْتِرَام لِلْبِيئَة، مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ وَمَنَع التَّدَهْوُر وَالتَّلَوُّث. وَفِي هَذَا السِّيَاقِ، ظَهَرَتْ إتِّجَاهَات أَخْلَاقِيَّة بِيئِيَّة مُخْتَلِفَة تَسْعَى لِتَأْسِيس هَذَا الْمَنْظُورِ الْجَدِيد. فَهُنَاك الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَةِ الَّتِي تَدْعُو إلَى إحْدَاثِ تَحَوَّل جِذْرِيٍّ فِي الْوَعْيِ الْبَشَرِيِّ نَحْو الِإعْتِرَاف بِتَرَابُطَنَا مَعَ جَمِيعِ أَشْكَالِ الْحَيَاةِ، وَ الَّإيْكُولُوجِيَا الضَّحْلَة الَّتِي تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى صِحَّةِ النَّظْم البِيئِيَّة لِخِدْمَة مَصَالِح الْبَشَرِ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ، بِالْإِضَافَةِ إلَى نَظَرِيَّات حُقُوق الْبِيئَة وَالْأَخْلَاق البِيئِيَّة النَّسَوِية وَغَيْرِهَا. وَ فِي الْمُقَابِلِ، فَإِنْ الْأَخْلَاق البِيئِيَّة تَوَاجَه تَحَدِّيَات نَظَرِيَّةٍ وَعَمَلِيَّةٍ كَبِيرَة. فَعَلَى الْمُسْتَوِى النَّظَرِيّ، هُنَاك جَدَلٌ حَوْلَ مَا إذَا كَانَ لِلطَّبِيعَة وَالْكَائِنَات غَيْر الْبَشَرِيَّة قِيمَة ذَاتِيَّة تَسْتَحِقّ الِإعْتِرَافِ بِهَا أَخْلَاقِيًّا، أَمْ أَنَّ الْأَخْلَاقَ يَجِبُ أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى الْكَائِنَاتِ ذَات الْوَعْي وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّفْكِيرِ مِثْل الْبَشَرِ. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ جَدَلًا حَوْل نِطَاق الِإلْتِزَامَات الْأَخْلَاقِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَحُدُود هَذِه الِإلْتِزَامَات. أَمَّا عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَمَلِيِّ، فَإِنْ تَطْبِيق مَبَادِئ الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة يُوَاجِه تَحَدِّيَات كَبِيرَةً فِي ظِلِّ هَيْمَنَة الْمَصَالِح الِإقْتِصَادِيَّة الْقَصِيرَة الْمَدَى وَضُغُوط التَّنْمِيَة وَالِإسْتِهْلَاك. وَ يَتَطَلَّب ذَلِكَ إحْدَاثُ تَغْيِيرَات جِذْرِيَّة فِي أَنْمَاط الْإِنْتَاج وَالِإسْتِهْلَاك وَسِيَاسَات الْحُكُومَات وَالشَّرِكَات. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة تُشْكِل إِطَارًا فِكْرِيّاً هَامًا لِإِعَادَةِ النَّظَرِ فِي عَلَاقَةِ الْإِنْسَانِ بِالطَّبِيعَةِ وَتَأْسِيس أُسِّس أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَة لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْبِيئَة. إنَّهَا تَحَدٍّ كَبِير لِلنَّظْرَة التَّقْلِيدِيَّة لِلْأَخْلَاق الَّتِي رَكَّزَتْ عَلَى عَلَاقَاتِ الْبَشَر بِبَعْضِهِمُ الْبَعْضِ فَقَطْ. وَقَدْ أَصْبَحْتُ ضَرُورَةً مُلِحَّةً فِي عَصْرِنَا الْحَالِيّ لِمُوَاجَهَة الْأَزْمَة البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة المُتَفَاقِمَة.
 
 _ الْمَبَادِئُ الْأَسَاسِيَّة لِلْأَخْلَاق البِيئِيَّة
 
 الْأَخْلَاق البِيئِيَّة هِيَ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة الَّتِي تُعْنَى بِدِرَاسَة الْعَلَاقَة الْأَخْلَاقِيَّة بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا. وَتَهْدِفُ إِلَى تَحْدِيد الْوَاجِبَاتِ وَالْمَسْؤُولِيَّاتِ الْأَخْلَاقِيَّة لِلْإِنْسَان تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَالْكَائِنَات الْحَيَّة فِيهَا. وَقَدْ تَبَلْوَرَتْ هَذِه الْأَخْلَاقَيَّات فِي أَعْقَابِ الْأَزَمَات البِيئِيَّة الْخَطِيرَةِ الَّتِي شَهِدَهَا الْعَالَمُ فِي الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ وَمَا تَلَاهَا مِنْ تَدَاعَيَات سَلْبِيَّةٍ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ. هُنَاكَ عِدَّة مَبَادِئ أَسَاسِيَّة تَقُومُ عَلَيْهَا الْأَخْلَاق البِيئِيَّة، وَمَنْ أَهَمِّهَا :
 . الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة: وَهِي الْمَبْدَأ الأَسَاسِيّ الَّذِي يَرْفُضُ النَّظْرَة الْبَشَرِيَّة الْمَرْكَزِيَّة الَّتِي تَعْتَبِرُ الْإِنْسَان مَرْكَز الْكَوْن وَصَاحِبُ الْحَقِّ فِي إسْتِغْلَالِ الطَّبِيعَة لِخِدْمَة مَصَالِحِهِ فَقَطْ. بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ، تَعْتَبِرُ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة أَنْ لِلطَّبِيعَة وَالْكَائِنَات الْحَيَّة قِيمَة جَوْهَرِيَّة تَتَجَاوَز مُجَرَّد نَفْعُهَا لِلْإِنْسَانِ، وَأَنَّ لِلْإِنْسَانِ وَاجِبَات أَخْلَاقِيَّة تُجَاهَهَا. وَيَرَى أَنْصَار هَذَا الِإتِّجَاهَ أَنَّ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَنْسَجِمُ مَعَ الطَّبِيعَةِ وَيُحَافِظ عَلَيْهَا بِإعْتِبَارِهَا جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ وُجُودِه.
 . الإيكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة وَالْإِيكَولُوجْيَا الضَّحْلَة: الإيكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة وَهِي نَظَرِيَّة فَلْسَفِيَّة تُنَادِي بِتَغْيِير جِذْرِيٍّ فِي وَعْيِ الْإِنْسَانِ وَتَصَوُّرَاتِه عَنْ مَوْقِعِهِ فِي الطَّبِيعَةِ. فَالْإيكولُوجْيَا الْعَمِيقَة تَرْفُض النَّظْرَة الْبَشَرِيَّة الْمَرْكَزِيَّة وَتُؤَكِّد عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ جُزْءٍ مِنْ الطَّبِيعَةِ وَلَيْس مُسَيْطِّراً عَلَيْهَا، وَإِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ تَحْدِيد هُوِيَّتُه وَعَلَاقَتُه بِالبِيئَة. وَتُعْتَبَر الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة أَنَّ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ وَالنَّظْم الإيْكُولُوجِيَّة لَهَا قِيمَةٌ جَوْهَرِيَّة تَتَسَاوَى مَعَ قِيمَةِ الْإِنْسَانُ، وَإِنْ عَلَى الْإِنْسَانِ إحْتِرَام هَذِهِ الْقِيمَةِ وَعَدَم الْمِسَاس بِهَا. تَدْعُو الإيْكُولُوجِيَّة الْعَمِيقَة إلَى إحْدَاثِ تَحَوَّل جِذْرِيٍّ فِي الْوَعْيِ الْبَشَرِيِّ نَحْو الِإعْتِرَاف بِتَرَابُطَنَّا مَعَ جَمِيعِ أَشْكَالِ الْحَيَاةِ. أَمَّا الإيكُولُوجِيَا الضَّحْلَة فتَتَبَنَّى مَنْظُورًا إِنْسَانِيًّا مَرْكَّزِياً، حَيْثُ يُنْظَرُ إلَى الْبِيئَة وَ الطَّبِيعَة مِنْ وَجْهَة نَظَرِ الْإِنْسَانِ وَخِدْمَة مَصَالِحِه. فَالْإِنْسَانُ فِي هَذِهِ النَّظْرَةِ هُوَ الْمَصْدَرُ الأَسَاسِيّ لِلْقَيِّم، وَالطَّبِيعَةُ هِيَ مُجَرَّدُ مَوْرِد لِخِدْمَةِ الْبَشَرِ وَإسْتِهْلَاكِهِمْ. وَتُرَكِّزُ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ عَلَى الْقَضَايَا البِيئِيَّة السَّطْحِيَّة كَالتَّلَوُّث وَنُضُوبُ الْمَوَارِد دُونَ النَّظَرِ إلَى الْعَلَاقَةِ الْعَمِيقَة بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ. فَتُؤَكَّدُ عَلَى ضَرُورَةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى صِحَّةِ النَّظْم البِيئِيَّة لِخِدْمَة مَصَالِح الْبَشَرِ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ.
 . الْحُقُوقُ البِيئِيَّة: يَذْهَبْ هَذَا الْمَبْدَأِ إلَى أَنْ لِلْكَائِنَات الْحَيَّة وَ النَّظْم البِيئِيَّة حُقُوقًا أَخْلَاقِيَّة أَسَاسِيَّةٌ يَجِبُ إحْتِرَامُهَا وَ الْحُفَّاظ عَلَيْهَا. وَمِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ الْحَقِّ فِي الْبَقَاءِ وَالنُّمُوّ وَ التَّطَوُّر، وَالْحَقُّ فِي الْحَيَاةِ الطَّبِيعِيَّة، وَالْحَقُّ فِي الْحِفَاظِ عَلَى التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. وَيَنْطَوِي هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى ضَرُورَةِ تَعْدِيل سُلُوكَ الْإِنْسَانِ وَمُمَارَسَاته بِمَا يَضْمَنُ عَدَمَ الْمِسَاس بِهَذِه الْحُقُوق.
 . الْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة: يَرْتَكِز هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى فِكْرَةٍ أَنَّ لِلْإِنْسَانِ مَسْؤُولِيَّة أَخْلَاقِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَالْكَائِنَات الْحَيَّة فِيهَا. وَهَذِهِ الْمَسْؤُولِيَّة تَنْبُعُ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ قَادِرًا عَلَى التَّأْثِيرِ فِي الْبِيئَةِ وَالْإِضْرَار بِهَا، وَأَنَّهُ بِالتَّالِي مُلْزَّم أَخْلَاقِيًّا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَ الْحِفَاظِ عَلَى تَوَازُنِهَا. وَتَشْمَلُ هَذِهِ الْمَسْؤُولِيَّةِ الْحُفَّاظُ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَالتَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَحِمَايَة النَّظْم الَّإيْكُولُوجِيَّة مِنْ التَّلَوُّثِ وَالتَّدَهُّوُر.
 . الْعَدَالَةُ البِيئِيَّة: يَنُصُّ هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى ضَرُورَةِ تَحْقِيقُ الْعَدَالَةِ فِي تَوْزِيعِ الأَعْبَاء وَالْمَخَاطِر البِيئِيَّة بَيْنَ مُخْتَلِفِ شَرَائِح الْمُجْتَمَعِ، بِمَا فِي ذَلِكَ الأَجْيَال الْقَادِمَة. فَالْعَدَالَة البِيئِيَّة تَفْتَرِض أَنَّ الْأضْرَارَ البِيئِيَّة لَا يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ بِشَكْلٍ غَيْرِ مُتَنَاسِب عَلَى الْفِئَات الْأَكْثَر ضَعْفًا إقْتِصَادِيًّا وَإجْتِمَاعِيًّا. كَمَا تَشْمَلُ الْعَدَالَة البِيئِيَّة ضَرُورَة ضَمَانَ الْحَقِّ فِي بِيئَة نَظِيفَة وَ صَحَّيَّة لِلْجَمِيعِ.
 . الِاسْتِدَامَةُ وَالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاه الأَجْيَال الْقَادِمَة: تَلْزَم الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة الْأَفْرَاد وَالشَّرِكَات وَالْحُكُومَات بِإعْتِمَاد أَنْمَاط حَيَاة وَمُمَارَسَات تَتَّسِم بِالِإسْتِدَامَة وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة لِصَالِح الأَجْيَال الْقَادِمَة.
 هَذِهِ هِيَ أَبْرَز الْمَبَادِئ الْأَسَاسِيَّةَ الَّتِي تَقُومُ عَلَيْهَا الْأَخْلَاق البِيئِيَّة وَاَلَّتِي تُحَدِّد الأَطْر الْأَخْلَاقِيَّة لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الْبِيئَة. وَتُعَدُّ هَذِهِ الْمَبَادِئِ ضَرُورِيَّة لِتَطْوِير مَنْظُور أَخْلَاقِيّ شَامِل يُوَجَّه سُلُوكَ الْإِنْسَانِ نَحْوَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ وَالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة.
 
 _  إِرْسَاء الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ
 
 أَنْ تَعْزِيز الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ هُوَ أَمْرٌ بَالِغَ الْأَهَمِّيَّةِ فِي عَالَمِنَا الْمُعَاصِرِ. حَيْث تُوَاجِهُ كَوْكَبِ الْأَرْضِ تَحَدِّيَات بِيئِيَّة خَطِيرَة مِثْل التَّلَوُّث، وَفِقْدَان التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ، وَالتَّغَيُّر الْمُنَاخِيّ. لِذَا، هُنَاكَ حَاجَةٌ مُلِحَّة لِغَرْس الْقَيِّم وَالْمَمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة فِي مُخْتَلَفٍ شَرَائِح الْمُجْتَمَع.
 1. التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ البِيئِيّ : إنْ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ البِيئِيّ هُوَ أَسَاسُ لِتَنْمِيَة الْوَعْي وَالْقَيِّم البِيئِيَّة لَدَى الْأَفْرَادِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ مِنْ مَرْحَلَةٍ الطُّفُولَة الْمُبَكِّرُة وَإِنْ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَدَى مَرَاحِلِ التَّعْلِيمِ الْمُخْتَلِفَة. وَيُمْكِنُ تَحْقِيقُ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ إدْرَاج مَنَاهِج دَرَاسِيَّة حَوْلَ الْبِيئَة وَالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة فِي الْمَدَارِسِ وَ الْجَامِعَاتِ. كَمَا يُمْكِنُ تَنْظِيم رَحَلَات مَيْدَانِيَّة وَمَشَارِيع بِيئِيَّة لِتَطْبِيق الْمَفَاهِيم النَّظَرِيَّة. عِلَاوَةٌ عَلَى ذَلِكَ، يَنْبَغِي تَشْجِيع الْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّةُ عَلَى تَبَنِي مُمَارَسَات صَدِيقَة لِلْبِيئَة، مِثْل إِعَادَةِ التَّدْوِيرِ وَالْحَدُّ مِنْ إسْتِهْلَاكِ الْمَوَارِد. فَهَذَا سيَعْمَل عَلَى تَرْسِيخِ هَذِه السُّلُوكِيات لَدَى الطُّلَّاب.
 2. التَّوْعِيَة الْمُجْتَمَعِيَّة : لَيْس التَّعْلِيم الْمُؤَسَّسَي وَحْدَهُ كَافِيًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْعِيَة عَلَى الْمُسْتَوَى الْمُجْتَمَعي أَيْضًا. وَيُمْكِنُ ذَلِكَ مِنْ خِلَال تَنْظِيم حَمَلَات تَوَعَّوية عَبَّرَ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ وَ الْمَنْصُات الرَّقْمِيَّةُ لِنَشْر الْمَعْلُومَات البِيئِيَّة وَأَهَمِّيَّة الْمُمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة. وَإشْرَاكُ الْمُجْتَمَع الْمَحَلِّيُّ فِي الْمُبَادَرات البِيئِيَّة وَ التَّطَوُّعيَّة، كَحَمْلات التَّشْجِير أَوْ تَنْظِيفٍ الْبِيئَة. ثُمّ تَعْزِيز دُور الْمُنَظَّمَات غَيْر الحُكُومِيَّة وَالْحَرَكَات البِيئِيَّة فِي تَحْفَيز الْمُوَاطِنِين عَلَى الْمُسَاهَمَةِ فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة.
 3. التَّشْرِيعَات وَالسِّيَاسَات البِيئِيَّة : أَنَّ سنَّ التَّشْرِيعَات وَ السِّيَاسَات البِيئِيَّة الصَّارِمَة أَمَر حَيَوِيّ لِفَرْض الْمُمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة عَلَى الْمُسْتَوَى الْمُؤَسَّسَي وَالفَرْدِيّ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَشْمَلَ هَذِه التَّدَابِير فَرَضَ غَرَامَات عَلَى الشَّرِكَات وَالْإِفْرَاد الْمُخَالِفِين لِلْقَوَانِين البِيئِيَّة. وَ تَقْدِيمِ حَوَافِزَ وَدَعْم مَالِي لِلْمُبَادَرات وَالْمَشَارِيعِ الصِّدِّيقَة لِلْبِيئَة. وَإلْزَام الْمُؤَسَّسَات بِتَطْبِيق مَعَايِير الْبَصْمَة البِيئِيَّة وَنَشْر تَقَارِير إسْتِدَامَة.
 4. الْحِوَار وَالتَّعَاوُن البِيئِيّ : لَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُ أَهْدَاف الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة مِنْ دُونِ تَضَافَر جُهُود جَمِيعِ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ. لِذَا، يَنْبَغِي تَعْزِيز الْحِوَار وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الْجِهَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ. الحُكُومَاتُ وَالمُؤَسَّسَات التَّشْرِيعِيَّة، الْقِطَاعِ الْخَاصِّ وَ الشَّرِكَات، الْمُنَظَّمَات غَيْر الحُكُومِيَّة، وَالْحَرَكَات البِيئِيَّة، الْمُجْتَمَع الْمَحَلِّيّ وَالْإِفْرَادُ مِنْ خِلَالِ هَذَا التَّعَاوُنِ، يُمْكِنُ وَضْعُ إسْتِرَاتِيجِيَّات وَخَطَط عَمِلَ مُشْتَرَكَة لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ البِيئِيَّة بِفَعَّالِيَّةً أَكْبَرُ.
 أَنْ تَعْزِيز الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعَاتِ لَيْسَ أَمْرًا سَهْلًا، وَلَكِنَّه ضَرُورِيّ لِضَمَان مُسْتَقْبِل مُسْتَدَام لِكَوْكَبْنَا. وَذَلِكَ يَتَطَلَّب جُهُودًا مُتَكَامِلَةٌ فِي مَجَالَاتِ التَّرْبِيَة وَالتَّوْعِيَة وَالتَّشْرِيعَات وَ التَّعَاوُن. فَقَطْ مِنْ خِلَالِ هَذَا النَّهْجِ الشَّامِل، يُمْكِنُنَا حِمَايَة الْبِيئَة وَضَمَان رَفَاهِيَة الأَجْيَال الْقَادِمَة.
 
 _ أَهَمِّيَّة الْأَخْلَاق البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعِ الْحَدِيثِ
 
 الْأَخْلَاق البِيئِيَّة تَلْعَبُ دَوْرًا حَيَوِيًّا فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعَات الْمُعَاصِرَة لِعِدَّة أَسْبَاب نَذْكُرُ مِنْهَا تَرْسِيخ عَلَاقَة مُتَوَازِنَةً بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ فِي ظِلِّ النَّمُوذَج المَعْرِفِيّ "اللَّا أَخْلَاقِيّ" الَّذِي سَيْطَرَ عَلَى الْمَنْهَجِ الْعِلْمِيِّ الْحَدِيثِ وَاَلَّذِي يَتَمَيَّز بِإسْتِبْعَاد كُلّ إعْتِبَار أَخْلَاقِيّ فِي الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ، لَقَدْ أَصْبَحَ الْإِنْسَانُ يَتَعَامَلُ مَعَ الطَّبِيعَةِ بِإسْتِغْلَال وَتَدْمِير دُون وَازِع أَخْلَاقِيّ. وَلِذَلِكَ تَأْتِي الْأَخْلَاق البِيئِيَّة لِتُرَسِخَ فِكْرَة أَنْ الْإِنْسَانِ جُزْءٌ مِنْ النِّظَامِ البِيئِيّ وَلَيْس مَرْكَزِه الْوَحِيد، وَإِنْ عَلَاقَتُه بِالطَّبِيعَة يَجِبُ أَنْ تَقُومَ عَلَى التَّوَازُنِ وَالْإحْتِرَامِ الْمُتَبَادَلِ بَدَلًا مِنْ الِإسْتِغْلَالِ وَالتَّدْمِير. كَمَا أن تَعْزِيز الْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة لِلْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات تُؤَكِّد الْأَخْلَاق البِيئِيَّة عَلَى أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ فِي الْمُجْتَمَعِ لَه مَسْؤُولِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَحِمَايَتِهَا، وَلَيْسَتْ الْمَسْؤُولِيَّة مُلْقَاة فَقَطْ عَلَى عَاتِقِ الْحُكُومَات وَالمُؤَسَّسَات. فَالْأفْرَاد مُطَالَبُون بِتَغْيِير سَلُوكِيَّاتِهِمْ وَ مُمَارَسَاتهم الْيَوْمِيَّةُ بِمَا يَتَوَافَقُ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ، مِثْل تَرْشِيد إسْتِهْلَاك الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَالْحَدُّ مِنْ التَّلَوُّثِ. كَمَا أَنَّ الْمُؤَسَّسَات مُطَالَبَة بِتَبَنِّي سِيَاسَاتِ وَمُمَارَسَاتِ صَدِيقَة لِلْبِيئَة. وَهَذَا مَا تَسْعَى الْأَخْلَاق البِيئِيَّة لِتَحْقِيقِه. أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَبْدَأ تَعْزِيز التَّضَامُن وَ التَّعَاوُنِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، فَإِنَّ الْأَخْلَاقَ البِيئِيَّة تُؤَكِّدُ عَلَى وَحْدَةِ الْمَصِير بَيْنَ جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ وَالْعَنَاصِر الطَّبِيعِيَّة، بِحَيْثُ إنَّ مَا يُؤَثِّرُ عَلَى أَحَدِهَا سَيَنْعَكِسُ عَلَى الْجَمِيعِ. وَهَذَا يُعَزِّز شُعُور التَّضَامُن وَالْمَسْؤُولِيَّة الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا. كَمَا تُشَجِّع الْأَخْلَاق البِيئِيَّة عَلَى التَّعَاوُنِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالمُؤَسَّسَات لِمُعَالَجَة الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة، بَدَلًا مِنْ النَّظْرَةِ الْفَرْدِيَّة وَالصَّرَّاعَات. أَمَّا فِيمَا يَخُصُّ مَسْأَلَة الْمُسَاهَمَةِ فِي تَحْقِيقِ التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة فَإِنْ الِإلْتِزَامَ بِالْأَخْلَاق البِيئِيَّة يُسَاعِدُ فِي تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ إحْتِيَاجَات التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة مِنْ جِهَةِ، وَ الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّةِ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى. فَالْأَخْلَاق البِيئِيَّة تَحُثُّ عَلَى الِإسْتِخْدَامِ الرَّشِيد لِلْمَوَارِد وَ تَجَنُّب الْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ، وَتُشَجَّعْ عَلَى تَبَّنِي مُمَارَسَات وَ تَقَنِّيَّات صَدِيقَة لِلْبِيئَة فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات. وَهَذَا يُسَاهِمُ فِي تَحْقِيقِ تَنْمِيَة إقْتِصَادِيَّة وَإجْتِمَاعِيَّة مُسْتَدَامَة عَلَى الْمَدَى الطَّوِيل. بِحَيْثُ يُتِمُّ تَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ وَالْحِسّ الْمُجْتَمَعي مِنْ خِلَالِ تَرْسِيخ الْأَخْلَاق البِيئِيَّة فِي الْمُجْتَمَعِ، وَيَتِمّ تَنْمِيَة الْوَعْي البِيئِيّ لَدَى الْأَفْرَادِ وَالمُؤَسَّسَات وَجَعَلَهُمْ أَكْثَر حَسَاسِيَة تُجَاه الْقَضَايَا البِيئِيَّة. كَمَا تُنَمَّي الْأَخْلَاق البِيئِيَّة الْحِسّ الْمُجْتَمَعي وَ الْمَسْؤُولِيَّةُ تُجَاهَ الْبِيئَةِ، بِحَيْثُ يَشْعُرُ الفَرْدَ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ نَسِيج الْمُجْتَمَع وَمَسْؤُولٌ عَنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ. وَهَذَا يُعَزِّز الْمُشَارَكَةِ الْمُجْتَمَعِيَّةِ فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة. إذَنْ يَتَّضِحُ  أَنَّ الْأَخْلَاقَ البِيئِيَّة لَهَا أَهَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمُعَاصِرَةِ مِنْ خِلَالِ تَرْسِيخ عَلَاقَة مُتَوَازِنَةً بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الطَّبِيعَةِ، وَتَعْزِيز الْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة، وَتَشْجِيع التَّضَامُن وَالتَّعَاوُن الْمُجْتَمَعي، وَ الْمُسَاهَمَةِ فِي تَحْقِيقِ التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة، وَبِنَاء الْوَعْي البِيئِيّ وَالْحِسّ الْمُجْتَمَعي. وَهَذَا كُلُّهُ يُسْهِمُ فِي بِنَاءِ مُجْتَمَعَات أَكْثَر اسْتِدَامَة وَتَمَاسُكًا.
 
 _  دُور الْأَدْيَانِ فِي دَعْمِ الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة
 
 الْأَدْيَان لَعِبَتْ وَمَا زَالَتْ تَلْعَبُ دَوْرًا مِحْوَّرِياً فِي دَعْمِ الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. جَمِيعِ الْأَدْيَانِ السَّمَاوِيَّةِ وَغَيْر السَّمَاوِيَّة تُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّبِيعَةِ وَالْبِيئَة وَعَدَمِ الْإِسَاءَةِ إلَيْهَا أَوْ إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهَا. فِي الْإِسْلَامِ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، هُنَاك الْعَدِيدِ مِنَ الْمَبَادِئِ وَالْقِيَمِ الَّتِي تَحُضُّ عَلَى إحْتِرَامِ الْبِيئَة وَحِمَايَتِهَا. فَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ يَنْهَى عَنْ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ وَيَحُثُّ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ وَعَدَمِ الْإِسْرَافِ فِي إسْتِخْدَامِ الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَرِيصًا عَلَى زِرَاعَةِ النَّبَاتَات وَحِمَايَة الْحَيَوَانَات، وَنَهَى عَنْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ بِدُونِ ضَرُورَةٍ أَوْ قَتْلَ الْحَيَوَانَات دُونَ مُبَرِّرٍ. وَ فِي الْمَسِيحِيَّة، هُنَاك مَفْهُوم "الْخَلْقِ" الَّذِي يُؤَكِّدُ عَلَى أَنَّ الطَّبِيعَةَ هِيَ هِبَةٌ مِنْ اللَّهِ وَإِنْ عَلَى الْإِنْسَانِ مَسْؤُولِيَّة الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَعَدَمِ الإِضْرَارِ بِهَا. وَهُنَاكَ أَيْضًا الدَّعْوَةُ إِلَى الْعَيْش بِتَوَاضُع وَعَدَم الِإسْتِهْلَاك الْمُفْرِط لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. وَ فِي الْيَهُودِيَّة، هُنَاك مَبَادِئ مِثْل "الشّميْطا" الَّتِي تَحُثُّ عَلَى إعْطَاءِ الأَرْضِ فَتَرَات رَاحَة وَعَدَم إسْتِغْلَالَهَا بِشَكْل مُفَرِّط، وَ كَذَلِك مَبْدَأ "تِيكُون أَوْلَام" الَّذِي يُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى سَلَامَةِ الْخَلِيقَة. وَ فِي الدِّيَانَاتِ الْهِنْدِيَّة كَالْهِنْدَوسِيِّة وَ الْبُوذِيَّة، هُنَاك مَبَادِئ مِثْل "أَهِيمسا" الَّتِي تَحُضُّ عَلَى عَدَمِ إيذَاء الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ، و"بَرَاهْمَا" الَّتِي تُؤَكِّدُ عَلَى وَحْدَةِ الْإِنْسَانِ مَعَ الطَّبِيعَة. وَبِشَكْل عَامٌّ، جَمِيعَ الْأَدْيَانِ تُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْبِيئَةِ وَعَدَمُ الْإِضْرَارِ بِهَا، وَ تَعْتَبِرُ ذَلِكَ جُزْءًا مِنْ الِإلْتِزَامِ الْأَخْلَاقِيّ وَالرُّوحِيّ لِلْمُؤْمِنِين. وَلِهَذَا السَّبَبِ، فَإِنَّ قَادَةَ الْأَدْيَان وَ مُؤَسَّسَاتٍهُمْ الدِّينِيَّةُ لَعِبُوا وَيَلْعَبُون دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَوْعِيَّةِ أتِّبَاعُهُمْ بِقَضَايَا الْبِيئَة وَالتَّغَيُّر الْمُنَاخِيّ وَ حَشْدَهْم لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الطَّبِيعَةُ. بِحَيْث فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ، زَادَ الِإهْتِمَامُ بِدُور الْأَدْيَانِ فِي دَعْمِ الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة، حَيْث نُظِمَّت الْعَدِيدِ مِنَ الْمُؤْتَمَرَاتِ وَ النَّدَوَات لِبَحْثِ هَذَا الْمَوْضُوعِ. وَأَصْبَح هُنَاك تَعَاوُن مُتَزَايِد بَيْن الْمُنَظَّمَات الدِّينِيَّة وَالمُؤَسَّسَات البِيئِيَّة لِتَعْزِيز الِإسْتِدَامَة وَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْكَوْكَب. وَ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ هُنَاكَ تَحَدِّيَات مَا زَالَتْ قَائِمَةً فِي تَفْعِيل هَذَا الدَّوْرِ الدِّينِيّ، إلَّا أَنْ الْأَدْيَانِ مَا زَالَتْ تُشْكِل إِمْكَانَات هَائِلَة لِتَحَفيز النَّاسُ عَلَى الْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة وَالْعَمَلُ عَلَى حِمَايَةِ الطَّبِيعَة وَتَحْقِيق التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة.
 
 _  الرَّأْسِمَالِيَّة وَالْأَزْمَة البِيئِيَّة
 
 أَوْضَحْت الْعَدِيدِ مِنَ الْمَصَادِرِ أَنَّ الرَّأْسِمَالِيَّة، بِتَرْكيزها عَلَى الرِّبْحِ وَالنُّمُوّ الِإقْتِصَادِيّ الْمُطْلَقَ، كَثِيرًا مَا تُؤَدَّي إِلَى إسْتِغْلَال مُفَرِّط لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَتَلْوِيث البِيئِيّ. فَالْهدف الرَّئِيسِيّ لِلرَّأْسِمَالِيَّة هُوَ تَعْظِيمُ الرِّبْحِ وَلَيْسَ الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَ الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. هَذَا النِّظَامِ الِإقْتِصَادِيِّ يُشَجِّعُ عَلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد وَالتَّخَلُّصِ مِنْ النِّفَايَات بِطُرُق ضَارَّة بِالبِيئَة مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ أَقْصَى قَدْرٍ مِنْ الرِّبْحِ. وَقَدْ أَدَّى هَذَا السُّلُوكِ الرَّأْسِمَالِيّ إلَى الْعَدِيدِ مِنَ الْأَزَمَاتِ البِيئِيَّة الْخَطِيرَة كَإرْتِفَاع دَرَجَاتِ الْحَرَارَةِ الْعَالَمِيَّة وَالِإحْتِبَاس الْحَرَارِيّ وَ ذَوَبَّان الْأَقْطَاب وَالتَّلَوُّث البِيئِيّ وَإنْقِرَاض الْعَدِيدِ مِنَ الْأَنْوَاع النَّبَاتِيَّة وَالْحَيَوَانِيَّة. هَذِه الْأَزَمَات تُهَدِّدُ الْحَيَاةَ عَلَى الْكَوْكَب كَكُلّ وَ لَيْسَ مُجَرَّدُ دَوْلَةٍ أَوْ مَجْمُوعَةً مُحَدَّدَة مِنْ الْبَشَرِ. أَنَّ الرَّأْسِمَالِيَّةُ هِي النِّظَامِ الِإقْتِصَادِيِّ السَّائِد عَلَى مُسْتَوَى الْعَالَمِ حَالِيًّا، وَقَدْ أَدَّتْ مُمَارَسَات هَذَا النِّظَامِ إلَى تَفَاقُمِ الْأَزْمَة البِيئِيَّة الَّتِي تُوَاجِهُ كَوْكَبِ الْأَرْضِ. فَالْهدف الرَّئِيسِيّ لِلنَّظَّام الرَّأْسِمَالِيّ هُوَ تَعْظِيمُ الرِّبْح وَتَرَاكُم رَأْسِ الْمَالِ، دُونَ إعْتِبَارِ لِلْأثَار السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمُجْتَمَع. تُشِير الْبُحُوث وَالْأَدَبِيات إلَى أَنْ الرَّأْسِمَالِيَّة تَتَّسِم بِالِإسْتِنْزَاف الْمُفَرِّطُ لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَ التَّلْوِيث الْمُتَزَايِد لِلْبِيئَة. فَالسَّعْي الْحَثِيث لِزِيَادَة الْإِنْتَاج وَ تَحْقِيق أرْبَاح أَكْبَر يُؤَدِّي إلَى إسْتِنْفَاد الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّةِ بِوَتِيرَة سَرِيعَةُ، كَمَا يُنْتَجُ عَنْه مُخَلَّفَات وَإنْبِعَاثات مُلَوَّثَةً لِلْبِيئَة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُعْتَبَر إسْتِخْدَام الْوَقُودِ الْأُحْفُورِيِّ الْمُفْرِطِ فِي الصِّنَاعَةِ وَالنَّقْلُ مِنْ أَبْرَزِ الْمُسَبَّبَات لِلتَّغَيُّر الْمُنَاخِيّ وَإرْتِفَاع دَرَجَاتِ الْحَرَارَةِ الْعَالَمِيَّة. وَهَذَا الْأَمْرُ مُتَأَصِّلٌ فِي طَبِيعَةِ النِّظَامِ الرَّأْسِمَالِيِّ الْقَائِمِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِنْتَاج وَالِإسْتِهْلَاك دُونَ إعْتِبَارِ لِلتَّأْثِيرَات البِيئِيَّة. كَمَا أَنَّ الرَّأْسِمَالِيَّة تَقُومُ عَلَى الْمُنَافَسَةِ وَالسَّعْي لِلسَّيْطَرَة عَلَى الْأَسْوَاقِ وَالْمَوَارِد، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى صِرَاعَات وَإسْتِغْلَال غَيْرَ عَادِلٍ لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. وَهَذَا بِدَوْرِهِ يُسَاهِمُ فِي تَفَاقُم الْأَزَمَات البِيئِيَّة كَتَدْمير الْغَابَات وَ تَصَحُر الْأَرَاضِي وَتَلَوَّث الْمِيَاه. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، تُرْكَز الرَّأْسِمَالِيَّة عَلَى تَحْقِيقِ أرْبَاح قَصِيرَةُ الْمَدَى عَلَى حِسَابِ الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة طَوِيلَة الْأَجَل. فَالشَّرِكَات الرَّأْسِمَالِيَّةُ تَمِيلُ إلَى التَّرْكِيزِ عَلَى تَحْقِيقِ أرْبَاح فَوْرِيَّة دُون الِإكْتِرَاث بِالْأثَار السَّلْبِيَّة طَوِيلَة الْمَدَى لِأَنَّشِطَتِهَا عَلَى الْبِيئَةِ. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ الْعَدِيدِ مِنَ الْخُبَرَاءِ وَالْبَاحِثِين يَرَوْنَ أَنَّ الْحَلَّ لِلَأزْمَة البِيئِيَّة يَتَطَلَّب إحْدَاث تَحَوَّل جِذْرِيٍّ فِي النِّظَامِ الِإقْتِصَادِيّ وَ الِإجْتِمَاعِيّ، بِمَا فِي ذَلِكَ التَّخَلِّي عَنْ الرَّأْسِمَالِيَّة وَتَبْنِي نَمَاذِج إقْتِصَادِيَّة بَدِيلَة أَكْثَر إنْسِجَامٍا مَعَ الْبِيئَة وَالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تُطْرَح "الِإشْتِرَاكِيَّة البِيئِيَّة النَّسَوِية" كَبَدَيل لِلرَّأْسِمَالِيَّة، حَيْثُ تَدْعُو إلَى إعَادَةِ تَوْزِيع الثَّرْوَة وَالْمَوَارِد بِشَكْل عَادِل، وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ، وَالِإعْتِرَاف بِقِيمَةِ الْعَمَلِ الإِنْتَاجِيّ وَالْإِنْجِابي لِلنِّسَاءِ. بِالتَّالِي يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الرَّأْسِمَالِيَّة تُعَدُّ أَحَدُ الْعَوَامِلِ الرَّئِيسِيَّة الْمُسَبَّبَة لِلْأَزْمَة البِيئِيَّة الْحَالِيَّة، نَظَرًا لِطَبِيعَتِهَا الْمُدَمِّرَة لِلْبِيئَة وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ إِيجَادِ حُلُولٍ فَعَّالَة لِلْأَزْمَة البِيئِيَّة يَتَطَلَّب إعَادَةِ النَّظَرِ فِي هَذَا النِّظَامِ الِإقْتِصَادِيِّ وَ تَبَّنِي بَدَائِل أَكْثَرُ إسْتِدَامَة.
 
 _ الرَّأْسِمَالِيَّةُ الْخَضْرَاء كبَدَيل
 
 فِي مُحَاوَلَةٍ لِلتَّصْدِي لِهَذِهِ الِإنْتِقَادَات، ظَهَرَتْ بَعْضُ التَّوَجُّهِات الرَّأْسِمَالِيَّةُ الَّتِي تُحَاوِلُ المُوَازَنَةِ بَيْنَ الْأَهْدَاف الِإقْتِصَادِيَّة وَ الِإعْتِبَارَات البِيئِيَّة، مِثْل "الرَّأْسِمَالِيَّة البِيئِيَّة" أَوِ "الرَّأْسِمَالِيَّةِ الْخَضْرَاء". هَذِه التَّوَجُّهِات تُقَوَّمُ عَلَى فِكْرَةٍ أَنَّ هُنَاكَ رَأْسٌ مَال طَبِيعِيّ يُمْكِن إسْتِثْمَارِه وَإسْتِغْلَالِه بِطُرُق أَكْثَر إسْتِدَامَة بَيْئِيّاً. توَاجَه الرَّأْسِمَالِيَّةُ الْخَضْرَاء الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الْكَبِيرَةِ فِي تَحْقِيقِ أَهْدَافَهَا عَلَى أَرْضٍ الْوَاقِع  نَذْكُرُ مِنْهَا، التَّحَدِّي التِّكْنُولُوجْيّ وَالِإسْتِثْمَارِيّ الَّذِي يَتَطَلَّبُ الِإنْتِقَالِ إلَى إقْتِصَاد أَخْضَر تَبَنَّي تِكْنُولُوجِيَّات نَظِيفَةٍ وَمُسْتَدَامَة، وَهُوَ مَا يَتَطَلَّبُ إسْتِثْمَارَات ضَخْمَة فِي الْبَحْثِ وَالتَّطْوِير وَالبُنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ. وَ مَع إرْتِفَاع التَّكَالِيف الرَّأْسِمَالِيَّة لِلْأُصُول الْمَادِّيَّة الْخَضْرَاء، فَإِنَّ الْكَثِيرَ مِنْ الشَّرِكَات وَالدُّوَل تَوَاجَه صُعُوبَةً فِي تَمْوِيلِ هَذِه الِإسْتِثْمَارِات. مِنْ جِهَةِ أُخْرَى هُنَاكَ التَّحَدِّي الِإجْتِمَاعِيّ وَ الطَّبَقي إذْ تُشِير الْأَبْحَاث إلَى أَنْ الرَّأْسِمَالِيَّة الْخَضْرَاء لَا تَتَحَدَّى بِشَكْل كَاف قُوَّة الشَّرِكَات وَالمُؤَسَّسَات الْمُنْتِجَة لِلْغَازَات الدَّفَيْئَة، مِمَّا يَجْعَلُ الْحُلُولُ الْمُقْتَرَحَةُ غَيْرُ كَافِيَةٍ لِمُوَاجَهَة الْأَزْمَة البِيئِيَّة. كَمَا أَنَّهَا قَدْ تُؤَدِّي إلَى تَفَاقُمِ الظُّلْم البِيئِيّ وَالِإقْتِصَادِيّ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّة. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ إعْتِبَارُ التَّحَدِّي السِّيَاسِيّ وَ الْمُؤَسَّسَاتٍي بِحَيْث يُوَاجِهُ الِإنْتِقَالِ إلَى الرَّأْسِمَالِيَّة الْخَضْرَاء تَحَدِّيَات سِيَاسِيَّة وَ تَنْظِيمِيَّة كَبِيرَةٌ، نَظَرًا لِإرْتِبَاطِهَا بِمَصَالِح الْقِوَّى الِإسْتِعْمَارِيَّة وَالرَّأْسِمَالِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. فَهُنَاك ضُغُوط هَائِلَة مِنْ هَذِهِ الْقِوَّى لإعَاقة أَيْ إصْلَاحَات جِذْرِيَّة أَوْ إنْتِقَالِ حَقِيقِيٌّ نَحْوُ إقْتِصَاد أَخْضَر. إضَافَة إلَى تَحَدِّيَات الْمَنَاطِق النَّامِيَة وَالْمُهْمَشَة بِحَيْثُ تَوَاجَه الْمَنَاطِق النَّامِيَة وَالْفَقِيرَة تَحَدِّيَات خَاصَّةً فِي التَّحَوُّلِ إلَى الرَّأْسِمَالِيَّة الْخَضْرَاء، حَيْثُ إنَّهَا الْأَكْثَرُ تَضَرُّرًا مِنْ تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ وَ التَّدَهُّوُر الْبِيئِيِّ، وَلَكِنْ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ تَفْتَقِر لِلْمَوَارِد وَ الْقُدُرَات اللَّازِمَة لِلتِّكيف وَالِإنْتِقَال. بِشَكْلٍ عَامٍّ، تُظْهِرُ الْأَبْحَاث أَنْ الرَّأْسِمَالِيَّة الْخَضْرَاء وَحْدَهَا لَا تَكْفِي لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ البِيئِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إجْرَاءِ إصْلَاحَات جِذْرِيَّة فِي النِّظَامِ الِإقْتِصَادِيِّ وَالسِّيَاسِيّ الرَّاهِن. فَالتَّحَوُّل الْحَقِيقِيّ نَحْوِ إسْتِدَامَةِ بِيئِيَّة وَإجْتِمَاعِيَّة يَتَطَلَّب تَغْيِيرَات هَيْكَلِيَّة وَ ثَوْريَّة فِي النَّمُوذَجِ الِإقْتِصَادِيّ السَّائِد، وَ مَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ هَذِهِ المُحَاوَلَات لَا تَزَالُ مَحْدُودَةً وَغَيْر كَافِيَة لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ البِيْئِيَّة الْحَقِيقِيَّة. فَالْأَهْدَاف الْأَسَاسِيَّةِ لِلرَّأْسِمَالِيَّة كَنِظَامٍ إقْتِصَادِيّ لَا تَزَالُ تَتَعَارَض بِشَكْل جَوْهَرِيّ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة.وَلَا يُمْكِنُ إعْتِبَارُ مُجَرَّدِ التَّشْرِيعَات البِيئِيَّة أَوْ التَّحَوُّلِ إلَى تِكْنُولُوجِيَّات أَكْثَرُ نَظَافَة حَلًّا جِذْرِيًّا لِلْمُشْكِلَة.
 
 _ الْمَنْظُورُ الْبَدِيل: الْأَخْلَاق البِيئِيَّة
 
 يُؤَكِّد الْعَدِيدِ مِنَ الْمُفَكِّرِينَ وَالْبَاحِثِين عَلَى ضَرُورَةِ تَبَنَّي رُؤْيَة أَخْلَاقِيَّة بِيئِيَّة جَدِيدَة كَبَدَيل لِلنَّمُوذَج الرَّأْسِمَالِيّ السَّائِد. هَذَا الْمَنْظُورِ الْأَخْلَاقِيّ يَرْفُض النَّظْرَةِ الَّتِي تَرَى الطَّبِيعَة وَالْبِيئَة مُجَرَّد مَوَارِد لِتَحْقِيق الْمَصَالِح الِإقْتِصَادِيَّة الْبَشَرِيَّة، وَيَدْعُو إلَى إحْتِرَام الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الْأُخْرَى وَحَقُّهَا فِي الْحَيَاةِ وَالْبَقَاء. وَتَشْمَلُ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة مَبَادِئ مِثْل الْمَرْكَزِيَّة الْحَيَوِيَّة Biocentrisme كَمَا شَرْحِهَا بَول تَايلور Paul Taylor، وَ  اَلَّتِي تَرَى لِلْكَائِنَات الْحَيَّة قِيمَة ذَاتِيَّة وَحَقٌّ فِي الْوُجُودِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ فَائِدَتُهَا لِلْبَشَر  وَ التَّضَامُن الَّإيْكُولُوجِيّ Ecological solidarity الَّذِي يَرَى ضَرُورَة تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ وَ الِإنْسِجَامِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالطَّبِيعَةِ وَالِإعْتِرَاف بِحُقُوق الطَّبِيعَة وَ الْبِيئَة كَأَطْرَاف فِي الْمَنْظُومَةِ الْأَخْلَاقِيَّة وَ الْقَانُونِيَّة. أَحَدُ الْمَنْظُورات الْبَدِيلَة لِأَخْلَاقِيَّات الْبِيئَة هِي الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة، وَهُو تَيَّار فَلْسَفِيّ يَتَحَدَّى الْمَرْكَزِيَّة الْبَشَرِيَّة التَّقْلِيدِيَّة فِي الْأَخْلَاقِ. الْمَرْكَزِيَّة الْبَشَرِيَّة تَضَع مَصَالِحُ وَ حَاجَاتٌ الْإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الِإهْتِمَام الْأَخْلَاقِيّ، وَتَنْظُرُ إلَى الطَّبِيعَةِ كَمَصْدَر لِلْمَوَارِد وَ الْخَدَمَات الَّتِي تَخْدُمُ الْبَشَرُ. وَهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَوْلَوِيَّات مِثْلُ تَحْقِيق الرِّبْحُ عَلَى حِسَابِ التَّأْثِيرَات السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْبِيئَةِ، مِثْلَ قَطْعِ الْغَابَاتِ أَوِ التَّلَوُّث. فِي الْمُقَابِلِ، الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة تُؤَكِّدُ عَلَى الْقِيمَةِ الذَّاتِيَّة وَ الْجَوْهَرِيَّة لِلْكَائِنَات الْحَيَّة وَالْأَنْظِمَة البِيئِيَّة بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ فَائِدَتُهَا لِلْبَشَر. وَهِيَ تَرَى أَنَّ لِلطَّبِيعَة قِيمَة تَتَجَاوَز مُجَرَّدُ كَوْنِهَا وَسِيلَةً لِخِدْمَة الْبَشَرِيَّة. هَذَا الْمَنْظُورِ قَدْ يُشَجِّع الْمُمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة وَالْحِفَاظِ عَلَى التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَصِحَّة النِّظَام البِيئِيّ. كَمَا تُقَدِّم الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة تَصَوُّرًا أَكْثَر جِذْرِيَّة لِلتَّحَوُّل فِي الْوَعْيِ الْبَشَرِيِّ. فَهِي تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ إدْرَاك تَرَابَطْنًا مَعَ جَمِيعِ أَشْكَالِ الْحَيَاةِ، بِحَيْثُ نَرَى أَنْفُسَنَا جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مُنْفَصِلَيْن عَنْهَا. وَيَذْهَب عَالِم الْبِيئَة أَرِنِي نِيس Arne Næss، إلَى أَنْ عَلَيْنَا أَنْ نَرَى أَنْفُسَنَا كَأَجْزَاء مِنْ الْكُلِّ الَّآيْكُولُوجِيّ، وَلَيْسَ كَمُجَرَّد مُسْتَخْدِمِين لَهُ. وَ قَدْ تُعْطَى الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة الْأَوْلَوِيَّة لِرَفْاه الْبِيئَةِ عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ حَتَّى عَلَى حِسَابِ الْمَصَالِح الْبَشَرِيَّة قَصِيرَةُ الْمَدَى. فِي الْمُقَابِلِ، الَّإيْكُولُوجِيَا الضَّحْلَة تَبْحَثُ فِي كَيْفِيَّةِ إدَارَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة بِشَكْل مَسْؤُول لِخِدْمَة إحْتِيَاجَاتِ الْبَشَرِ. وَهِي تُرَكِّزُ عَلَى إيجَادِ حُلُول عَمَلِيَّة لِلْمُشْكِلَات البِيئِيَّة الْمَلْمُوسَة، مِثْل التَّلَوُّث وَالِإسْتِنْزَاف، دُونَ التَّشْكِيك الْجِذْرِيّ فِي الْمَفَاهِيمِ الْأَسَاسِيَّة لِلْحَضَارَة الْحَدِيثَة. إنْ تَزَايَد الِإهْتِمَام الأَكَادِيمِيّ وَ الْعَامّ بِالْأخْلَاقِيَّات البِيئِيَّة خِلَالَ الْعُقُودِ الْأَخِيرَةِ. فَقَدْ بَدَأَ عُلَمَاء الْبِيئَة فِي حَثِّ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى التَّفْكِيرِ فِي الْجَوَانِبِ الْفَلْسَفِيَّة لِلْمُشْكِلَات البِيئِيَّة فِي أَوَاخِرِ السِّتِّينَيات وَ السَّبْعِينِيَّات. وَكَانَ لِمَقَالَتِي لَينْ وَايت Lynn White، "الْجُذُور التَّارِيخِيَّة لَأزِمَتْنًا البِيئِيَّة" (1967) وَ غَاريت هَارُدين Garrett Hardin، "مَأْسَاةَ الْمُشَاعات" (1968) تَأْثِيرِ كَبِيرٌ فِي هَذَا الْمَجَالِ. وَ تَطَوَّر حَقْل الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة لِيَضُمّ مَجْمُوعَةً مُتَنَوِّعَةً مِنَ الْمَنَاهِج الْفَلْسَفِيَّة، بِمَا فِي ذَلِكَ النَّهْجِ الْقَائِمِ عَلَى الْحُقُوقِ، وَ النَّهْج الْقَائِمِ عَلَى الْفَضِيلَةِ، وَالنَّهْج الْقَائِمِ عَلَى النَّتَائِج. كَمَا ظَهَرَتْ مَجْلِات أَكَادِيمِيَة مُتَّخَّصِّصَة فِي هَذَا الْمَجَالِ مِثْلٍ "Environmental Ethics" فِي أَوَاخِرِ السَّبْعِينِيَّات وَأَوَائِل الثَّمَانِينِيَّات. وَبِالْإِضَافَةِ إلَى الْجَانِبِ الأَكَادِيمِيّ، فَقَدْ تَنَامَى أَيْضًا الْوَعْي الْعَامّ بِالْأخْلَاقِيَّات البِيئِيَّة نَتِيجَة لِلْحَرَكَات البِيئِيَّة وَالْمُنَظَّمَات غَيْر الحُكُومِيَّة الَّتِي سَلَّطْت الضَّوْءَ عَلَى الْقَضَايَا البِيئِيَّة وَأَهَمِّيَّة التَّفْكِير الأَخْلَاقِيَّ فِي هَذَا الْمَجَالِ. وَالْيَوْم، أَصْبَحْت الْأَخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة جُزْءًا هَامًّا مِنَ النَّقَّاش الْعَامُ حَوْلٌ التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة وَحِمَايَة الْكَوْكَب. إنْ الْمَنْظُورُ الْبَدِيل لِلْإِخْلَاقَيَّات البِيئِيَّة يَتَمَثَّلُ فِي التَّحَدِّي لِلْمَرْكَزِيَّة الْبَشَرِيَّة التَّقْلِيدِيَّة مِنْ خِلَالِ تَأْكِيد الْقِيمَة الذَّاتِيَّة لِلطَّبِيعَة، وَالدَّعْوَةُ إِلَى تَحَوَّل جِذْرِيٍّ فِي الْوَعْيِ الْبَشَرِيِّ لِإِدْرَاك تَرَابَطْنًا مَعَ الْبِيئَة. وَقَدْ شَهِدَ هَذَا الْحَقْلِ تَطَوُّرًا كَبِيرًا عَلَى الْمُسْتَوِيَيْنِ الأَكَادِيمِيّ وَ الْعَامُّ فِي الْعُقُودِ الْأَخِيرَةِ، مِمَّا أَسْهَمَ فِي إِثْرَاءِ النَّقَّاش الْفَلْسَفِيّ وَالْعَمَلِيّ حَوْل مَسْؤولِيَّتِنَا تُجَاهَ الْكَوْكَبَ الَّذِي نَعِيشُ عَلَيْه. إذَنْ، فَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الرَّأْسِمَالِيَّة وَالْأَخْلَاق البِيئِيَّة هِيَ عَلَاقَةٌ تَوَّتُر وَتَنَاقَض جَوْهَرِيّ. فَالرَّأْسِمَالِيَّة كَنِظَامٍ إقْتِصَادِيّ يَسْعَى لِتَعْظِيم الرِّبْحِ دُونَ إعْتِبَارِ لِلْأثَار البِيئِيَّة، بَيْنَمَا تَدْعُو الْأَخْلَاق البِيئِيَّة إلَى إحْتِرَام الطَّبِيعَة وَالْكَائِنَات الْحَيَّة وَ الْحِفَاظِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ. وَلَا تَزَالُ المُحَاوَلَات لِإِصْلَاح هَذَا التَّنَاقُضِ مَحْدُودَة وَغَيْر كَافِيَة. لِذَا، يَرَى الْكَثِيرُون ضَرُورَة إعَادَةِ النَّظَرِ فِي الْأُسُس الْأَخْلَاقِيَّة وَ الْقِيمَيَّة لِلنَّظَّام الِإقْتِصَادِيّ الْمُهَيْمِن لِبِنَاء بَدِيل مُتَوَافِق مَعَ الْمَصْلَحَةِ البِيئِيَّة عَلَى الْمَدَى الطَّوِيلِ.
 
 _ أَخْلَاقِيَّات الْبِيئَةِ و أَزْمَةِ الغِذَاءِ
 
 أَنْ أَخْلَاقِيَّات الْبِيئَةِ وَأَزْمَة الْغِذَاء تَرْتَبِطَان إرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِبَعْضِهِمَا الْبَعْضُ. فَأزمَة الْغِذَاءِ وَالْأَمْن الْغِذَائِيّ هِيَ أَحَدُ أَبْرَز التَّحَدِّيَات البِيئِيَّةِ المُعَاصِرَةِ الَّتِي تُوَاجِهُ الْبَشَرِيَّة. يُمْكِنُ تَلْخِيصُ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي
 1. الْأَثَر البِيئِيّ لِإِنْتَاج الْأَغْذِيَة : أَنْ الْأَنْشِطَة الزِّرَاعِيَّة وَ الْغِذَائِيَّة لَهَا أَثَرٌ كَبِيرٌ عَلَى الْبِيئَةِ، حَيْث تُسَاهِمُ فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ البِيئِيَّة مِثْل التَّلَوُّث، وَإسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة، وَ فِقْدَان التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. فَالْمُمَارَسَات الزِّرَاعِيَّة الْحَالِيَّة المُكَثَّفَة وَالْمُعْتَمَدَة عَلَى الْمَوَادِّ الْكِيمْيَائِيَّةِ قَدْ أدَتْ إِلَى تَدَهْوُرِ التُّرْبَة وَتَلَوَّث الْمِيَاه وَالْهَوَاء. كَمَا أَنَّ إزَالَةَ الْغَابَات لِأَغْرَاض زِرَاعِيَّة سَاهَمَت فِي إنْخِفَاضٍ التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَزِيَادَةُ إنْبِعَاثَاتِ الغَازَات الدَّفِينَة.
 2 . تَأْثِير تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ عَلَى الْأَمْنِ الْغِذَائِيِّ : مِنْ نَاحِيَةِ أُخْرَى، فَإِنْ تَغَيَّرَ الْمُنَاخ لَهُ تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى الْأَمْنِ الْغِذَائِيِّ الْعَالَمِيّ. فَإرْتِفَاع دَرَجَاتِ الْحَرَارَةِ وَ تَكْرَار الظَّوَاهِر الجَوِّيَّة القَاسِيَة كَالْجَفَاف وَالْفَيْضِانَات قَدْ أَدَّى إلَى تَرَاجُعِ إنْتَاجِيَّة الْمَحَاصِيلِ الزِّرَاعِيَّةِ وَإنْخِفَاض تَوَافُر الْأَغْذِيَة. هَذَا بِالْإِضَافَةِ إلَى تَأْثِيرِ تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ عَلَى تَوْزِيعِ الْمِيَاه وَإنْتِشَار الْآفَاتِ وَالْأَمْرَاضِ الَّتِي تَضُرُّ بِالْإِنْتَاج الْغِذَائِيّ.
 3. أَخْلَاقِيَّات الِإسْتِهْلَاكِ الْغِذَائِيّ : مِنْ مَنْظُورٍ أَخْلَاقِيَّات الْبِيئَةِ، فَإِنَّ طَرِيقَة إسْتِهْلَاك الْأَغْذِيَة لَهَا أَيْضًا أثَار بِيئِيَّة كَبِيرَة. فَالتَّبْذِير فِي الطَّعَام وَهَدْرَهُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ يُؤَدِّي إلَى هَدَرِ الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي إنْتَاجِهِ، بِالْإِضَافَةِ إلَى زِيَادَةِ إنْبِعَاثَاتِ الْغَازَاتِ الدَّفَينة. لِذَا يَجِبُ تَبَّنِي مُمَارَسَات إسْتِهْلَاكَيَّة أَكْثَرُ إسْتِدَامَةِ مِثْلِ تَقْلِيل الْهَدَر الْغِذَائِيّ وَتَفْضِيل الْأَطْعِمَة الْمُنْتِجَة بِطُرُق صَدِيقة لِلْبِيئَة.
 . الْحُلُولُ الْمُقْتَرَحَةُ لِلتَّصْدِي لأزمَةٌ الْغِذَاءِ فِي إِطَارِ أَخْلَاقِيَّات الْبِيئَةِ، هُنَاك عِدَّة تَوَجُّهَات :
 1. الزِّرَاعَة الْمُسْتَدَامَة: تَبَّنِي مُمَارَسَات زِرَاعِيَّة أَكْثَرُ إحْتِرَامًا لِلْبِيئَة مِنْ خِلَالِ تَقْلِيل إسْتِخْدَام المَوَادِّ الكِيمْيَائِيَّةِ، وَحِمَايَة التُّرْبَة، وَالْحِفَاظِ عَلَى التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. هَذَا مِنْ شَأْنِهِ ضَمَان إنْتَاجِيَّة طَوِيلَةً الْأَمَد مَعَ تَقْلِيلِ الْأثَار البِيئِيَّة.
 2. إدَارَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة: تَرْشِيد إسْتِخْدَام الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة الْحَرَجَة كَالْمِيَاه وَالْأَرَاضِي الزِّرَاعِيَّة، بِمَا يَضْمَنُ تَوَافَرَهَا لِأَجْيَال الْمُسْتَقْبَلِ. هَذَا يَتَطَلَّب تَحْسِين كَفَاءَة أسْتِخْدَامِ هَذِهِ الْمَوَارِدِ فِي الْإِنْتَاجِ وَالِإسْتِهْلَاك الْغِذَائِيّ.
 3. تَقْلِيل الْهَدَر الْغِذَائِيّ: إتِّخَاذ خُطُوَات لِتَقْلِيل هَدَر الْأَغْذِيَة عَلَى مُخْتَلِفِ مَرَاحِل سِلْسِلَة التَّوْرِيد الْغِذَائِيّ، مِنْ الإِنْتَاجِ إِلَى الِإسْتِهْلَاك، بِمَا يُسْهَمُ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الْمَوَارِد الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي إنْتَاجِهَا.
 4. التَّوْعِيَة وَالتَّثْقِيف: نَشْرُ الْوَعْيِ بِأَهَمِّيَّةِ أَخْلَاقِيَّات الْبِيئَةِ وَ الْمَمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة فِي إنْتَاجِ وَإسْتِهْلَاك الْأَغْذِيَة بَيْنَ مُخْتَلِفِ شَرَائِح الْمُجْتَمَع. هَذَا مِنْ شَأْنِهِ تَغْيِير السُّلُوكِيات وَ الْعَادَاتِ نَحْو الْأَفْضَل.
 5. التَّعَاوُنِ الدَّوْليِّ: تَتَطَلَّب مُوَاجَهَة أَزْمَةِ الغِذَاءِ وَالْبِيئَة جُهُودًا مُتَكَامِلَةٌ عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَالَمِيُّ، مِنْ خِلَالِ تَنْسِيق السِّيَاسَات وَتَبَادُلِ الخِبْرَاتِ وَالْمَوَارِدُ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الدُّوَل وَ المُؤَسَّسَات.
 و بِالتَّالِي، فَإِنَّ الرَّبْطَ بَيْنَ أَخْلَاقِيَّات الْبِيئَةِ وَأَزْمَة الْغِذَاء يُظْهِرُ مَدَى تَرَابُط الْقَضَايَا البِيئِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة وَالِإقْتِصَادِيَّة، وَ الْحَاجَةُ إلَى نَهْج شَامِل وَمُتَكَامِل لِلتَّصْدِي لَهَا. فَالْحُفَّاظ عَلَى الْبِيئَةِ وَضَمَان الْأَمْنِ الْغِذَائِيِّ هُمَا وَجْهَانِ لِعُمْلَة وَاحِدَة، وَ تَحْقِيقِهِمَا يَتَطَلَّب تَبَّنِي مَسْؤُولِيَّة أَخْلَاقِيَّة تُجَاه الْكَوْكَب وَ الْأَجِيال الْقَادِمَةِ.
 
 _ الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة مِنْ الْمَنْظُور الِاشْتِرَاكِيّ
 
 إنَّ الْأَخْلَاقَ البِيئِيَّة مِنْ مَنْظُورٍ الْفِكْرِ الِاشْتِرَاكِيِّ تَنْطَلِقُ مِنَ رُؤْيَة تَرَى الطَّبِيعَة وَالْبِيئَة عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ لِلْجَمِيع، وَأَنَّهُ يَجِبُ حِمَايَتِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا لِصَالِح الأَجْيَال الْحَالِيَّة وَ الْمُسْتَقْبَلِيَّة. فَالِإشْتِرَاكِيَّة البِيئِيَّة أَوْ الْخَضْرَاءُ تَجْمَعُ بَيْنَ جَوَانِبِ الِإشْتِرَاكِيَّة وَالسِّيَاسَة الْخَضْرَاء وَ عِلْمِ الْبِيئَة وَالْعَوْلُمَة الْبَدِيلَة، وَتُعَدّ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الِإسْتِرَاتِيجِيَّة الِإشْتِرَاكِيَّة الثَّوْرِيُّة الَّتِي تَسْعَى إِلَى مُعَالَجَةُ الْأَزْمَة البِيئِيَّة النَّاتِجَةِ عَنِ النَّمُوذَج الرَّأْسِمَالِيّ الْقَائِمِ عَلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَ إسْتِغْلَال الْبِيئَة. يَرَى الْمُنَظِرُون الِإشْتِرَاكِيَّون إنْ الْأَزْمَة البِيئِيَّة هِيَ نَتِيجَةُ مُبَاشَرَة لِلنَّظَّام الرَّأْسِمَالِيّ وَآليَاتِه فِي إنْتَاجِ وَ تَوْزِيع الثَّرْوَة، وَاَلَّتِي تَتَّسِم بِالنَّهْب وَ الِإسْتِغْلَال الْمُفْرِط لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة دُونَ إعْتِبَارِ لِلْأثَار البِيئِيَّة السَّلْبِيَّة. لِذَلِك يَرَوْنَ أَنَّ الْحَلَّ يَكْمُنُ فِي تَبَنِّي نِظَام إقْتِصَادِيّ وَإجْتِمَاعِيّ بَدِيل قَائِمٌ عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَتَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ البِيئِيَّة. وَ فِي هَذَا السِّيَاقِ، تُعَدُّ الْأَخْلَاق البِيئِيَّة مِنْ مَنْظُورٍ الِإشْتِرَاكِيَّة البِيئِيَّة مُرْتَبِطَة بِضَرُورَة إعَادَةِ النَّظَرِ فِي الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الطَّبِيعَةِ، وَذَلِك بِالتَّخَلِّي عَنِ الْمَرْكَزِيَّة الَّأنْثْرُوبِيَّة وَ تَبَّنِي رُؤْيَة أَكْثَر تَوَاضُعًا وَ إنْسِجَامًا مَعَ الْبِيئَة. فَالِإشْتِرَاكِيَّة البِيئِيَّة تَدْعُو إلَى إِرْسَاء أَخْلَاق بِيئِيَّة جَدِيدَة تَقُومُ عَلَى مَبَادِئِ الِإحْتِرَام وَ الْمَسْؤُولِيَّة وَ الْعَدَالَة تُجَاه الطَّبِيعَة وَالْكَائِنَات الْحَيَّة الْأُخْرَى. هَذَا وَيَرَى بَعْضُ الْمُنْظَرِين الِإشْتِرَاكِيَّين إنْ تَحْقِيقُ الْعَدَالَةِ البِيئِيَّة يَتَطَلَّب أَيْضًا إعَادَة تَوْزِيع الثَّرْوَة وَالْمَوَارِد بِشَكْلٍ أَكْثَرَ إنْصَافًا، بِمَا يَضْمَنُ حُصُول الْجَمِيعِ عَلَى حِصَّتُهُمْ الْعَادِلَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ البِيئِيَّة دُونَ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالنَّظْم البِيئِيَّة. كَمَا يُؤَكِّدُون عَلَى ضَرُورَةِ إشْرَاك الْمُجْتَمَعَات الْمَحَلِّيَّة وَالشُّعُوب الْأَصْلِيَّةِ فِي صُنْعِ الْقَرَارَات الْمُتَعَلِّقَة بِالبِيئَة وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، يَرَى بَعْضُ الْمُفَكِّرِين الِإشْتِرَاكِيَّين إنْ الْأَخْلَاق البِيئِيَّة لَا يَنْبَغِي أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى الْبُعْدِ الْإِنْسَانِيّ، بَلْ يَجِبُ أَنْ تَتَّسِعُ لِتَشْمَلَ حُقُوق الْكَائِنَات غَيْر الْبَشَرِيَّة كَالْحَيَوَانَات وَ النَّبَاتَات وَ النَّظْم البِيئِيَّة كَكُلّ. وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِـ"أَخْلَاق الْأَرْضِ" الَّتِي تَدْعُو إلَى تَوْسِيعِ دَائِرَة الِإعْتِبَار الْأَخْلَاقِيّ لِتَشْمَل جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ وَحَتَّى الأَنْظِمَة الَّإيْكُولُوجِيَّة. الْمُقَابِلِ، يَرَى بَعْضُ النَّقَّاد أَنَّ الْأَخْلَاقَ البِيئِيَّة مِنْ مَنْظُورٍ الِإشْتِرَاكِيَّة لَا تَزَالُ غَيْرُ وَاضِحَةٍ الْمَعَالِم، وَتَفْتَقِرُ إلَى الْجِدِّيَّة فِي تَطْبِيقِ مَبَادِئُهَا عَلَى أَرْضٍ الْوَاقِعِ. كَمَا يَنْتَقِدُون مَا يَرَوْنَهُ تَنَاقُضًا بَيْنَ الْمَطَالِب الِإجْتِمَاعِيَّة وَالبِيئِيَّة فِي الْخِطَابِ الِإشْتِرَاكِيّ. وَيُؤْكَدُون عَلَى ضَرُورَةِ أَنْ تَنْغَرِس هَذِهِ الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة فِي النِّضَالِات الِإجْتِمَاعِيَّةِ الْأَوْسَعِ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ التَّغْيِير الْمَنْشُود. فِي الْخِتَامِ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْأَخْلَاقَ البِيئِيَّة مِنْ الْمَنْظُور الِإشْتِرَاكِيّ تَعَدّ مُحَاوَلَة لِتَجَاوُز الْمَرْكَزِيَّة الَّآنْثْرُوبِيَّة وَالنَّظْرَةَ الِإسْتِغْلَالِيَّة لِلطَّبِيعَة، مِنْ خِلَالِ تَبَّنِي رُؤْيَة أَكْثَر تَكَامُلِيٍّة وَ عَدَالَةٌ فِي الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة. وَهِي تَسْعَى إِلَى تَأْسِيسِ نَمُوذَج إجْتِمَاعِيّ وَإقْتِصَادِيّ بَدِيل قَائِمٌ عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَالْإحْتِرَامِ الْمُتَبَادَلِ بَيْنَ الْبَشَرِ وَالطَّبِيعَة.
 
 #حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
       
 
 ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
 
 
 
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع.
 
       
 
 
 
 
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟
    
 
 
 
                        
                            | رأيكم مهم للجميع
                                - شارك في الحوار
                                والتعليق على الموضوع للاطلاع وإضافة
                                التعليقات من خلال
                                الموقع نرجو النقر
                                على - تعليقات الحوار
                                المتمدن -
 |  
                            
                            
                            |  |  | 
                        نسخة  قابلة  للطباعة
  | 
                        ارسل هذا الموضوع الى صديق  | 
                        حفظ - ورد   | 
                        حفظ
  |
                    
                        بحث  |  إضافة إلى المفضلة
                    |  للاتصال بالكاتب-ة عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
 
 | - 
                    
                     
                        
                    الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة - 
                    
                     
                        
                    الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
 - 
                    
                     
                        
                    البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
 - 
                    
                     
                        
                    البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
 - 
                    
                     
                        
                    البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ
                        ...
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة
                        ...
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَسَاؤُلَات الْحَدَاثَةِ
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَشْكِيلَات الْحَضَارَةُ
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ التَّارِي
                        ...
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: رَمَزَيات الْمَيثولُوجْيَا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: جُذُور الْمُعْتَقَدَات السِّحْرِيَّة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : تَجَاوُزَات الْأَيْدُيُولُوجِيَّا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْغَنُوصِيَّة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْهَرْمُسِيَّة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ مَبَاحِث الْآكْسِيُّولُوجْيَا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ إشْكَالَيْات الْكُوسْمُّولُوجْيَا
 
 
 المزيد.....
 
 
 
 
 - 
                    
                     
                      
                        
                    قرد يهرب في متجر هالوين من مالكته ويتعلق بالسقف.. شاهد ما حد
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    -حضور غير مسبوق-..مصر تكشف عن قائمة الدول المشاركة بحفل افتت
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    مصر.. نجيب ساويرس يرد على سؤال مستخدم عن تبرعه بمليار جنيه ك
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    ترامب ينفي خططًا عسكرية ضد فنزويلا.. ومادورو -يستنجد- بروسيا
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    حزب الله يدعو الحكومة إلى وضع خطة تمكّن الجيش اللبناني من ال
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    بعد سنوات من التأجيل، المتحف المصري الكبير يفتتح أبوابه لزوا
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    إسرائيل.. استقالة المدعية العسكرية إثر تسريب فيدو تعنيف معتق
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    الشرع يهدّد بالتحقيق مع موظفين بالدولة بسبب سياراتهم الفارهة
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    لماذا يتسبب الخريف في جفاف البشرة أكثر من الصيف؟
 - 
                    
                     
                      
                        
                    احتفال في جيبوتي بالذكرى الـ25 لمؤتمر عرتا.. رمز للمصالحة ال
                        ...
 
 
 المزيد.....
 
 - 
                    
                     
                        
                    من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية
                     / غازي الصوراني
 - 
                    
                     
                        
                    الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
                        ...
                    
                     / فارس كمال نظمي
 - 
                    
                     
                        
                    الآثار العامة للبطالة
                     / حيدر جواد السهلاني
 - 
                    
                     
                        
                    سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي 
                     / محمود محمد رياض عبدالعال
 - 
                    
                     
                        
                    -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
                        ...
                    
                     / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
 - 
                    
                     
                        
                    المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
                     / حسنين آل دايخ
 - 
                    
                     
                        
                    حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
                     / أحمد التاوتي
 - 
                    
                     
                        
                    قتل الأب عند دوستويفسكي
                     / محمود الصباغ
 - 
                    
                     
                        
                    العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
                        ...
                    
                     / محمد احمد الغريب عبدربه
 - 
                    
                     
                        
                    تداولية المسؤولية الأخلاقية
                     / زهير الخويلدي
 
 
 المزيد.....
 
 
 |