كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 10:36
المحور:
كتابات ساخرة
لو سألوك عن اكبر سفارة في كوكب الأرض، فقل لهم وبلا تردد: انها السفارة الأمريكية في بغداد. فهي سفارة بمواصفات مدينة كاملة ومنفصلة ومعزولة، لكنها قائمة فوق أرض أفضل البلدان قبلة، وأعذبها دجلة، واقدمها تفصيلاً وجملة. .
ولو سألت العرب والمسلمين عن تاريخ سقوط بغداد. لقالوا لك انها سقطت عام 1258. هذا هو التاريخ الوحيد الذي يذكرونه ويرددونه، من دون ان يعلموا انها سقطت حتى الآن أكثر من عشرين مرة، لكن ذاكرتهم المعطوبة ظلت متوقفة عند ذلك العام. ولم يلتفتوا لبقية الانهيارات التي شهدتها بغداد لأنهم اشتركوا كلهم (باستثناء ليبيا والجزائر وموريتانيا) في حملات غزو العراق. فالعرب والمسلمون دأبوا منذ قرون على اختيار النصوص التاريخية التي تعجبهم، وطمس النصوص التي لا تعجبهم. .
ولكن هل تعلمون ان مساحة السفارة الأمريكية في بغداد تقدر بنحو 0,44 كم². بمعنى انها مساوية تماماً لمساحة دولة الفاتيكان، وتساوي حوالي 2.5 ضعف حجم سفارتهم في بيروت، وثلاثة أضعاف حجم سفارتهم في إسلام أباد، وتتألف من 21 عمارة ومجموعة من المطاعم والمتاجر والمدارس، وقاعة سينما، ومحطة إطفاء، وأنظمة لتوليد الكهرباء وأخرى لمعالجة النفايات، كما تحتوي على نظام لإدارة مياه الصرف الصحي. لكنها تمتلك احدث وأفضل منظومات الاتصال والتجسس، وبامكانها سماع وتسجيل وتصوير المكالمات الهاتفية، وقراءة المسجات وسماع البصمات الصوتية، والتنصت على من يريدون التنصت عليه حتى لو كانت الهواتف مغلقة. ولديهم طائرات مسيرة تراقب النائمين فوق سطوح منازلهم. تحلق 24 ساعة فوق العاصمة وضواحيها. ترصد تحركات البشر والشحر . .
لقد كلف بناء السفارة العملاقة 750 مليون دولار أمريكي، بمشاركة 16000 عامل ومقاول. وفي ساحتها اكثر من مهبط للطائرات العمودية، وفيها اجنحة تشغلها سفارات بعض البلدان الأخرى. .
أول ما يجلب انتباهك من بعيد كثافة الصحون واللاقطات والهوائيات ومجسات الاستشعار ونواظير الاستطلاع وأبراج المراقبة. .
قبل بضعة ايام تصاعدت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين روسيا وبريطانيا على خلفية تورط بعض العاملين في سفارات البلدين بأعمال يُشك بانها تجسسية. فاذا كان هذا هو حال الدولتين العظيمتين (روسيا وبريطانيا)، ترى كيف سوف يكون حالنا نحن فقراء الارض امام هذه التقنيات التي بإستطاعتها تفحص صخور كوكب المريخ من مسافة تزيد على 55 مليون كيلومتر ؟. . .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟