الترامبية حركة شعبوية أمريكية جديدة ( 2 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 15:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بالإضافة الى مجموعة العوامل الاقتصادية هنالك مجموعة العوامل المجتمعية التي تدفع بأمريكا نحو الهاوية الحتمية إن لم يتم أيجاد حلول جذرية لتجاوزها و تخليص المجتمع الأمريكي من أثارها المدمرة .
مجموعة العوامل المجتمعية :
اولا : تفشي تعاطي المخدرات
لقد بلغ خطر المخدرات في أمريكا حدها الأقصى حيث يموت في أمريكا حاليا وفق الإحصاءات الرسمية حوالي عشرة الاف شخص شهريا بسبب تناولهم لجرعات زائدة من المخدرات معظمهم من الشباب , رقم عالي و خطير إذ فاق هذا العدد من الضحايا كل اعداد ضحايا أمريكا في حروبها خلال العقود الماضية .
يمكن وصف ظاهرة تعاطي المخدرات في امريكا بالوباء المميت الذي ينخر بجسد الأمة الأمريكية .
يحاول الرئيس ترامب اتخاذ خطوات جادة وفق خطة واقعية لمعالجة هذا الداء الخطير , تتضمن هذه الخطة ما يلي :
** الضغط الاقتصادي على دول الجوار الأمريكي , المكسيك و كندا , للحد من تدفق المخدرات من هاتين الدولتين و عن طريقهما الى الداخل الأمريكي من خلال ضبط حدودهما مع أمريكا و محاربة العصابات المتخصصة بإنتاج و تصدير المخدرات في بلديهما .
** زيادة الرقابة على حدود أمريكا و تقوية الجدار الحدودي مع المكسيك .
** دعم الأجهزة الأمنية الأمريكية المكلفة بمكافحة عصابات الجريمة المنظمة التي تنشط في مجال تجارة المخدرات .
معالجة مشكلة تفشي تعاطي المخدرات يتطلب إجراءات عديدة أتخذ الرئيس ترامب بعضها بإصداره لأوامر رئاسية لتنفيذها و قد تكون هنالك إجراءات لاحقة ,
المستقبل كفيل لبيان مدى نجاح إدارة ترامب في الحد من تفشي تعاطي المخدرات خصوصا من النوع الذي اطلق عليه " زومبي " حيث أن من يتعاطى هذا النوع الخطير من المخدرات يسير و كأنه من الاموات .
ثانيا : تصاعد معدلات الجريمة
مع الانتشار المتزايد للأسلحة النارية الشخصية خارج نطاق أجهزة الدولة الأمنية استمر تصاعد معدلات الجريمة في امريكا , و هذا هو احد العوامل الخطيرة التي قد تعود بأمريكا الى مرحلة ما قبل الدولة .
لابد من الإشارة الى أن ليس لدى الرئيس ترامب أي خطة فعالة للسيطرة على تصاعد معدلات الجريمة , فهو ليس مع إصدار قوانين و تشريعات تحد من انتشار الأسلحة خارج إطار الدولة , انه لازال يفكر بعقلية رجل الكاو بوي .
ثالثا : أزمة المهاجرين الغير شرعيين
لا توجد لدى الجهات الرسمية الأمريكية إحصائيات واضحة عن عدد المهاجرين الغير شرعيين أو الضوابط التي يتم بموجبها تحديد من يشملهم هذا الوصف .
لقد شكلت مشكلة المهاجريين الغير شرعيين أزمة و تحدي كبير بسبب تجاوز عدد هؤلاء المهاجرين وفق بعض الإحصاءات الخمسة عشر مليون مهاجر غير شرعي معظمهم قادمين من بعض دول امريكا الجنوبية التي تأثرت كثيرا بالسياسة التعسفية الإمبريالية للحكومات الأمريكية خلال العقود الماضية تجاهها , فهؤلاء المهاجرين هم بالأساس من ضحايا السياسة الأمريكية التي عانت منها بلدانهم .
في برنامج الرئيس ترامب مساعي حادة و قاسية و لا إنسانية للتخلص من هؤلاء المهاجرين و قذفهم خارج الأراضي الأمريكية , فقد تم بالفعل ترحيل بضعة الاف من المهاجرين الذين دخلوا البلاد بطريقة يصفها الرئيس ترامب بالغير شرعية و نسى أنه من أصول مهاجرة الى أمريكا بطريقة غير شرعية ايضا إذ لم يحصلوا على إذن و موافقة السكان الأصليين لأمريكا .
رابعا : الانقسام المجتمعي
لازال المجتمع الأمريكي يعاني من الانقسام المجتمعي بين مكوناته , فالمجتمع الأمريكي لازال مجتمع متخندق عرقيا و طائفيا .
من المؤكد أن حدة الشد و الجذب بين مكونات الشعب الأمريكي ستزداد بسبب الأصوات العنصرية التي رافقت عملية ترحيل المهاجرين , فالأمريكان من اصول لاتينية " من دول أمريكا الجنوبية " يتعاطفون مع الذين يتم طردهم من الأرض الأمريكية بعكس بعض الأمريكان من اصول أخرى الذين يرحبون بعملية التهجير القسري التي ينفذها الرئيس ترامب .
سبب أخر يزيد من حدة التخندق الطائفي و العرقي في المجتمع الأمريكي هو انحياز إدارة ترامب اللامحدود للصهيونية الدينية في إسرائيل و موقفها اللاإنساني تجاه اهالي غزة و ما تتضمنه خطة الرئيس ترامب بالتعاون مع حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل لإخلاء غزة من سكانها , هذا الموقف الذي يلاقي رفض شديد من الأمريكان من اصول عربية أو اسلامية .
خامسا : بروز نقاط ضعف في الديمقراطية الأمريكية حيث ابتعدت هذه الديمقراطية كثيرا عن مفهومها الأصلي الذي هو نظام يتمكن من خلاله الشعب من حكم نفسه بنفسه فقد صارت هذه الديمقراطية جسر لصعود الفرد القائد الذي يحكم أمريكا بفرماناته الرئاسية .

(( يتبع ))

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل