حل الدولتين بين الحقيقة و الوهم ( 2 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8233 - 2025 / 1 / 25 - 03:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بدون اعتماد حل الدولتين سنجد أمامنا على طاولة البحث ثلاثة حلول للمشكلة الفلسطينية الإسرائيلية جميعها حلول غير واقعية و لا يمكن جعلها حقيقة على أرض الواقع , يمكن تناول هذه الحلول بشكل مختصر و سريع و كالتالي :
الحل الأول : التهجير القسري للفلسطينيين من وطنهم فلسطين الى وطن أو الى أوطان بديلة .
الوطن البديل أو الأوطان البديلة للشعب الفلسطيني هو مشروع ليس بالجديد و قد أخذ أشكال مختلفة في العقود الماضية , فالصهيونية الدينية تعتبر هذا الحل هو أحد الخيارات الواقعية المتاحة و أنه ممكن أن يكون خطوة أساسية من خلاله يمكن تحقيق يهودية الدولة الإسرائيلية من البحر الى النهر و عاصمتها الهيكل في اورشليم .
بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس زاد حديث ممثلي الصهيونية الدينية أو ما يطلق عليهم " اليمين الإسرائيلي المتطرف " عن التهجير القسري للفلسطينيين و شددوا على ضرورة إخلاء أرض إسرائيل الموعودة من الوجود الفلسطيني حيث حددوا ثلاثة محاور لهذا التهجير القسري :
المحور الأول : تهجير سكان قطاع غزة الى " سيناء " لتكون مصر هي الوطن البديل لهم .
المحور الثاني : تهجير سكان الضفة الغربية الى وطن بديل في الأردن .
المحور الثالث : تهجير عرب إسرائيل , أو ما يطلق عليهم عرب 48 , الى وطن بديل لهم في لبنان .
يواجه حل التهجير القسري لملايين لفلسطينيين من أرضهم فلسطين مشاكل و تحديات كبيرة تجعله حلا غير قابل للتطبيق , أهم هذه المشاكل و التحديات :
** مقاومة الفلسطينيين لعملية التهجير مثلما قاوم أهل غزة الخطة الإسرائيلية لتهجيرهم الى سيناء و فضلوا الموت في أرضهم على تركها .
** الرفض المطلق لحكومات و شعوب الأوطان البديلة الثلاثة , الأردن و مصر و لبنان , حيث سيكون هذا الرفض حاسما ويحول دون تنفيذ هذا الحل .
** رفض الغرب الجمعي بأغلب شرائحه و خصوصا الشباب من جيل شبكات التواصل الاجتماعية للتهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم .
لاشك أن التهجير القسري الجماعي ليس أمرا سهلا و ستكون إرادة الغرب الجمعي في امتحان صعب جدا و من الأرجح أن يأخذ الرفض أشكالا متعددة تهز حكومات الدول الغربية و الذي سيجعل من عملية هذا التهجير امرا ليس صعبا بل مستحيلا .
من المؤكد أنه لا يمكن لإسرائيل و داعميها تجاهل و تجاوز و إهمال مشاعر الأجيال الشابة الصاعدة في الغرب خصوصا و أنهم يعيشون الآن أزمة أخلاقية حادة بسبب سلوك حكوماتهم التي وجدوها مضطرة لدعم إسرائيل حين كانت إسرائيل ترتكب الإبادة الجماعية في غزة , فكيف يمكن لهم قبول قيام إسرائيل بحريمة أخرى أشد إيلاما و قسوة و هي جريمة التهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم .
الحل الثاني : إبادة شاملة لملايين الفلسطينيين .
من المؤكد أن إبادة ملايين الفلسطينيين الذين لازالوا ساكنين في أرضهم فلسطين في محرقة كبيرة تنشئها الصهيونية الدينية كي تخلوا أرض فلسطين من كل الفلسطينيين و يمكنهم من تحقيق حلمهم في أنشاء دولة يهودية نقية من الشوائب الفلسطينية حدودها من البحر الى النهر هو أمرا غير ممكن إطلاقا في زمننا الحالي , لذا يتوجب استبعاد هذا الحل المجنون من طاولة البحث .
يبدو أن الصهيونية الدينية قد استبدلت مشروع أنشاء محرقة كبيرة شاملة لإبادة كل الفلسطينيين دفعة واحدة بعدد من الإبادات الجماعية المتفرقة كالتي جرت في غزة خلال الخمسة عشر شهرا الماضية و التي راح ضحيتها عشرات الأف من سكان غزة , لكن أصبح واضحا ايضا أن مثل هذه الإبادات المتفرقة لا تجدي نفعا لتنفيذ مشروع الصهيونية الدينية , فعدد الفلسطينيين الجدد الذين يولدون أكبر من عدد ما يتم إبادتهم في هذه الإبادات الجماعية المتفرقة , و بذلك تبقى المشكلة التي تعترض إنشاء الدولة اليهودية ( من البحر الى النهر ) الخالية من الفلسطينيين دون حل .
الحل الثالث : ضم الضفة الغربية و غزة و القدس الشرقية الى دولة إسرائيل دون أبادة أو تهجير شاملة للفلسطينيين .
يعتبر حل الضم للأرض مع سكانها الفلسطينيين هو أخطر الحلول على يهودية دولة إسرائيل , فضم المتبقي من الأراضي الفلسطينية مع سكانها الى دولة إسرائيل سيحدث تحولا ديمغرافيا كبيرا يجعل من إسرائيل دولة ذات غالبية فلسطينية و قد تصبح دولة عربية ضمن مجموعة الجامعة العربية , هذا الأمر لا يمكن أن تقبله الحركة الصهيونية بجناحيها الديني و السياسي , لذا من الخطأ القول أن عملية طوفان الأقصى قد تسببت بوجود نزعة لدى الصهيونية الدينية بضم الضفة الغربية و باقي الأراضي الفلسطينية لدولة إسرائيل .
بعد استبعاد الخيارات الثلاثة لإنشاء دولة إسرائيل من البحر الى النهر لا يبقى على طاولة البحث سوى حل و احد هو حل الدولتين .
حسب كل المعطيات الحالية , نجد أن حل الدولتين ليس حقيقة يمكن أن نراها على أرض الواقع في الزمن المنظور و ليس وهما لأته بحاجة الى أرادة دولية قد تتحقق مستقبلا , فقضية الشعب الفلسطيني ستبقى دون حل لحين نضوج الروح الإنسانية لدى البشر و التوقف عن استيراد المشاكل و التعقيدات من التاريخ العتيق و عكسها على الحاضر .
إن كل الحلول العادلة و الغير عادلة المطروحة على طاولة البحث لتحديد مستقبل الشعب الفلسطيني في زمننا الحالي هي حلول غير واقعية و ستبقى القضية الفلسطينية تتأرجح بين الحقيقة و الوهم , لذا لا جواب للسؤال عن حل الدولتين إن كان حقيقة أم وهم ..!

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل