أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الله والطبيعة ووحدة الوجود














المزيد.....

الله والطبيعة ووحدة الوجود


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 - 14:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


270 - أركيولوجيا العدم
العدمية الثورية
18 - وحدة الوجود عند سبينوزا

جاكوبي إذا أستغل فرصة وفاة ليسنغ، فكتب رسالة إلى مندلسون، مؤكدا فيها أن ليسنغ قد أعترف له قبل وفاته بقليل بأنه من أتباع سبينوزا. وجراء هذه الرسالة أعترى مندلسون غضب شديد من هذا "الإتهام" الخطير، ليس فقط لخطورة التهمة أو خطورة نتائجها على سمعة صديقه ليسنغ، وإنما لقناعته، بأن ليسنغ الذي تربطه به علاقات وطيدة فكرية وإنسانية لأكثر من عشرين عاما، لو كان من أتباع سبينوزا، فإنه أول من يعلم ذلك، فكيف لجاكوبي الذي لا يعرفه إلا منذ فترة قصيرة، لا تتجاوز العام الواحد، أن يكون على علم بخبر بهذه الخطورة قبل المقربين وأصدقاء ليسنغ؟ وهذا الإتهام يعني بكل بساطة في ذلك الوقت بأن ليسنغ إما أن يكون ملحدا أو من أتباع العقلانية أو من مألهي الطبيعة على أقل ترجيح.
فوحدة الوجود Pantheism، هي عقيدة فلسفية تنص على أن "الله هو كل شيء". وهي تتميز عن التوحيد monothéism بأن الله ليس كائناً شخصياً منفصلاً أو متعاليا عن العالم، بل هو كل العالم؛ يُطلق على هذا المفهوم اسم "l immanence" والذي يترجم عادة بالمحايثة، وهو يتعارض مع مبدأ التعالي transcendance والسمو الذي يميز إله الديانات التوحيدية. وكلمة Pantheism تأتي من الكلمة اليونانية παν / pan، "كل"، و θεός / theós، "إله". وقد ظهر هذا المصطلح لأول مرة في كتاب جوزيف رافسون، في عام 1697 عندما قارن بين البانثيين والملحدين والماديين، ولاحقا عام 1720 في كتاب "البانثيستيكون - Pantheisticon " لجون تولاند John Toland 1670 - 1722. ويعرفهم بأنهم المفكرون الذين يؤكدون أن هناك جوهرًا واحدًا ماديًا عاقلا، هو مصدر كل الكينونة. وفي الفلسفة الغربية، وخاصة منذ سبينوزا، فإن المعنى المعطى لهذه الكلمة "كل شيء" يتطابق بشكل عام مع المعنى المرتبط بالطبيعة، بالمعنى الأكثر عمومية لهذا المصطلح، أو بعبارة أخرى، "كل ما هو كائن". فبالنسبة لسبينوزا لا يوجد سوي جوهر واحد فقط يشير إليه أكثر من مرة باسم "الله أو الطبيعة". فهو يري أن "كل ما يوجد إنما يوجد في الله ولا يمكن لشيء أن يوجد أو يُتصور بدون الله". سبينوزا لا يأتي بفكرة جديدة في الواقع، بل هو في النهاية يكمل أفكار رينيه ديكارت، الذي رأي أن هناك ثلاث جواهر في الوجود، وهي الله: الجوهر المطلق والمفكر، والعقول البشرية: وهي الجواهر المتعددة المفكرة، ثم العالم: وهو الجوهر المادي الممتد في الفضاء. ديكارت يحدد طبيعة المادة علي أنها امتداد، وبالتالي لا يوجد فضاء بدون مادة، ويوافقه سبينوزا في هذا بعكس لايبنيز الذي اعتقد أن العالم يتكون من مونادات روحية متعددة ومتفردة والإمتداد ليس طبيعته. سبينوزا يوحد كل هذه الجواهر في جوهر واحد لأنه لا يوجد سوي الله وحده وهو يحوي بكامله كل الموجودات، وبذلك يضطر سبينوزا الي تفسير العقول البشرية بإعتبارها إحدي أعراض أو تجليات الله وبذلك فإن العقول البشرية لا تأتي بأفكارها من ذاتها بل مصدرها فكر الله اللامتناهي. وهذه هي حجة سبينوزا الانطولوجية لوجود الله، نسخة مشابهة وإن كانت معدلة من ديكارت، فبينما يستنتج ديكارت الوجود من كمال الله، يعتقد سبينوزا أن أفكار الإنسان ليست نابعة من ذاتيتة، وبعبارة أخري كي يكون لدينا فكرة عن الله يجب أن يوجد الله أولا. وبخصوص علاقة العقل بالدين، فإن سبينوزا يشذ عن كل من سبقه من الفلاسفة التلفيقيين الذين حاولوا التوفيق بين العقل والإيمان، سواء من منظور عقلي أو من منظور روحي أو ميتافيزيقي، ويقف برأيه منفردًا في القرن السابع عشر. إذ وضّح في كتابه «رسالة في اللاهوت والسياسة» أن الإيمان والفلسفة هما مجالين منفصلين، وأن العقل ليس خادماً للاهوت، والدين والإيمان لا علاقة لهما بالحقائق العلمية. إذ يذهب إلى أن غاية الفلسفة هي الحق وحده أو الحقيقة، وغاية الإيمان هي الطاعة والتقوى والحياة الروحية. كما أن الأسس التي تقوم عليها الفلسفة هي الأفكار المشتركة أي المبادئ العامة التي تحكم الأشياء، أو القوانين الثابتة للطبيعة، وهذه نستخلصها من دراستنا للطبيعة وحدها. أما الإيمان فيتأسس على الكتب المقدسة والتسليم بواقعة الوحي، ولأن مجال الفلسفة يختلف عن مجال الإيمان، فإن التفلسف لا يضر الإيمان ولا يشكل خطرًا عليه. ولأن الإيمان يعتمد على التسليم بالوحي والكتب المقدسة، فمعنى هذا أن الإيمان في جوهره يكفل لكل فرد الحرية المطلقة في أن يفكر ويدلي برأيه في المجالات المختلفة من الحياة. ولأن الهدف الأساسي للإيمان هو تهذيب الأخلاق بجعل الناس يطيعون الأوامر الأخلاقية، فإن الدين لن يتضرر ولا يجب أن يقف ضد التفكير إذا لم تدعو الفلسفة إلى أي عصيان أو تعصب أو كراهية في المجتمع. والمؤمنون الحقيقيون هم أولئك الذين يدعون الناس إلى العدل والإحسان، لا اللجوء إلى حجج وبراهين عقلية لإثبات عقائد ميتافيزيقية. وينطلق سبينوزا في وجهة نظره هذه من مبدأ يذهب إلى أن العقائد مختلفة لدى الشعوب، وكذلك فهي تتغير وتتطور حسب الزمان والمكان، أما الإيمان الذي يتمثل في التقوى والطاعة والدعوة إلى العدل والسمو الروحي فثابت وغير متغير. ولذلك لا يجب أن يتدخل العقل في إثبات عقائد معينة لأن هذه ليست وظيفته، بل وظيفته الأساسية اكتشاف القوانين وإدراك نظام الطبيعة العام.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبح سبينوزا
- صلاح الدين وناثان الحكيم
- الخاتم السحري
- الدين وعصر التنوير
- جاكوبي ومحاولة تحطيم العقل
- صدق المنجمون ولو كذبوا
- ظاهرة الشخص الزائد
- والتر بنيامين والزمن المتراخي
- غرزة بودلير وشلته
- تاريخ المخدرات
- عفاريت شكسبير
- كش مات
- عالم هكسلي المرعب
- أكتشاف المسكالين
- الوعي والمخدرات
- الهوية الغائبة
- حكاية الفيل والتمساح
- جاكوبي، الإيمان ضد العقل
- العلمانية
- الفكر المتحرر


المزيد.....




- المكسيك تستعد للأسوأ: 30 مليون شخص يشاركون في تمرين وطني لمو ...
- أميركا وأوكرانيا توقعان اتفاقية المعادن
- محللون سياسيون: إسرائيل تستغل الدروز لتنفيذ مشروع توسعي بالم ...
- الأمن يستعيد السيطرة على أشرفية صحنايا بعد اشتباكات مسلحة
- سويسرا تحظر حركة حماس بدءا من 15 مايو
- الإعلان عن اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في صحنايا
- غارات إسرائيلية على أشرفية صحنايا وسط نزوح السكان
- أوكرانيا -مستعدة- لتوقيع اتفاقية المعادن مع أميركا الأربعاء ...
- اشتباكات صحنايا.. مفتي سوريا يحذر من -الفتنة-
- سلطات الهجرة الأميركية تطلق سراح طالب فلسطيني


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الله والطبيعة ووحدة الوجود