أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - السوريون والخطط الوهمية: سيرومات الوهم














المزيد.....

السوريون والخطط الوهمية: سيرومات الوهم


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8204 - 2024 / 12 / 27 - 22:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الخطة إلى الخيبة
لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، "تل أفندي"، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن "الخطة الخمسية". كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: "عيش يا كديش!"، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة، سمعتهم مجددًا يتحدثون بدهشة عن تكلفة جسر الخابور في الحسكة، متسائلين كيف أُنفقت الحكومة مبالغ هائلة على مشروع بدا رمزيًا أكثر مما هو فعلي.
من الخطة الخمسية إلى العشرية
منذ عهد الأسد العجوز وحتى عهد الأسد الصغير، أُطلقت سلسلة طويلة من الخطط الاقتصادية بلغت حوالي إحدى عشرة خطة خمسية، إلا أن السوريين فقدوا الثقة بها. كانت هذه الخطط تُصاغ نظريًا لتطوير البنية التحتية وتحقيق التنمية، لكنها اصطدمت بجدار الفساد المستشري وسوء الإدارة. الاقتصاد السوري، الذي كان يجب أن يكون الدعامة الأساسية لهذه الخطط، تعرض للنهب الممنهج، أما الاقتصاديون الذين يفترض أنهم يقودون التغيير، فكانوا مقيدين بلا سلطة حقيقية.
مع تفاقم الأزمات، أصبح الحديث عن الخطط الخمسية مثار تهكم واسع النطاق. فقد طرحت في ظل الأسد الابن، خطط عشرية بديلة، وكأن المشكلة تكمن في الإطار الزمني وليس في غياب الإرادة السياسية والتنفيذية. لكن هذه الخطط أيضًا ذهبت أدراج الرياح، لاسيما في ظل الحرب التي أشعلها النظام على السوريين. لذلك فقد تناهبت مشروع الخطة الوهمية التي كانت عبارة عن ذر للرماد في العيون. وهكذا فثمة خطط دمرتها السياسات القمعية والإرهاب، وثمة خطط دمرتها آلة الحرب والتدخلات الإقليمية والدولية، وخاصة الروسية والإيرانية والتركية، إذ أصبح البلد يحتاج خططًا خمسينية على الأقل، لا يمكن انتظارها، وليس مجرد وعود قصيرة الأمد.
وحدها خطط الرعب والإرهاب والسجون والتصفيات كانت ناجحة
تبدو الخطط التي وضعها نظام الأسدين: الأب- الابن أشبه بـ"سيرومات الوهم"، تُحقن في جسد السوريين لإبقاء حلم التعافي حيًا، رغم أن الوقائع تكشف زيفها. فالخطة الخمسينية التي ربما كان ينبغي أن تُطرح في زمن الأسد الأب، أصبحت في عهد الابن مجرد استمراراً لمنظومة الأوهام. هكذا وُلدت أجيال ورحلت دون أن ترى أيًة من هذه الخطط تترجم إلى واقع.


لا للانتقام بحق الأقليات
لا يمكن لسوريا أن تتعافى في ظل الانتقام العشوائي الذي يطال الأقليات، لاسيما العلويين. إذ إن هناك محاكم يجب أن تحاسب كل من أجرم بحق الشعب، لكن ما نراه من انتقامات هو شأن داعشي يشبه ما قامت به شبيحة النظام في صيدنايا والشارع. إن المؤشرات الحالية مرعبة، خاصة من خلال"بعض" التشكيلات الإسلاموية التي تُمرر بدعوى أنها انتقالية. هذه ليست سوريا التي نحلم بها، فلا تجعلونا نعلق آمالنا على مشجب الخطط الخمسينية القادمة.
الحلم الذي لا يموت
بعد سقوط النظام الديكتاتوري، عادت التساؤلات إلى الواجهة: إلى أين تتجه سوريا؟ الأحلام التي كانت يومًا أملًا، تحولت إلى كوابيس بعد الانكسارات المتتالية. ومع ذلك، يبدو أن السوريين باتوا مدمنين على الحلم، حتى وهم في مواجهة الدمار. الحديث عن "خطط" جديدة، سواء أكانت اقتصادية أم سياسية، يدور في الأروقة، لكن معظم السوريين يدركون أن التغيير الحقيقي لن يتحقق بسهولة، لاسيما أمام نفخ سموم الفتنة والفتنة المضادة التي تدار من قبل المتربصين بالبلد، لاسيما إن تركيا تكاد تقدم ذاتها وصية على العرش، وكأنها هي التي أسقطت الأسد؟
المراقبة الدولية ومآلات الأمل
مؤكدٌ أن سوريا اليوم باتت تحت مجهر المراقبة الدولية والعربية، وقبل ذلك رقابة أبناء سوريا في الوطن والشتات. أجل. العالم يترقب مصير هذا البلد الذي تحول إلى ساحة صراع إقليمي ودولي. الأحلام السورية بالتغيير تصطدم بالمظاهر الناشزة التي تعكر صفو الأمل، من لدن طرفين متناقضين، تتربص إيران لتلقف النتائج، وتنفخ في حريق حرب أهلية قد تستغرق عقدًا زمنياً، أو ربع قرن آخر، لنكون أمام سوريا، من دون سوريين، وهو ماتتسابق تركيا إليه في إطار إعادة استعباد السوريين، في سوريا بلا كرد، تحت الذريعة الكاذبة: محاربة حزب العمال الكردستاني الذي تحرص تركيا على وجوده في المناطق الكردية في سوريا لإبادة كرد سوريا والإمعان في تشديد القبضة على سوريا لتكون عبارة عن حديقة خلفية للاخوان المسلمين وتركيا ومرتزقتها!
إلى أين؟
لا يمكن لسيرومات الوهم أن تُبقي السوريين في حالة انتظار إلى الأبد. الأرض التي ضاقت بمواطنيها، سواء بسبب القتل أو التهجير، تحتاج اليوم إلى خطط حقيقية. السوريون بحاجة إلى رؤية سياسية تعددية واقتصادية قائمة على الصدق والتنفيذ، لا إلى وعود معلبة تُستهلك على مدى عقود. لأن أولي الأمر إذا أرادوا لسوريا أن تتعافى، فإن عليهم التفكير بوضع خطط تتجاوز كونها مجرد شعارات. خطط تُبنى على إرادة شعبية حرة، بعيدًا عن القيود الوهمية التي أدمت هذا البلد.

دعوا فرحة السوريين تكتمل
دعوا فرحة السوريين تكتمل بإسقاط أعتى نظام متبقٍ في الشرق الأوسط وربما العالم، وهو النظام الذي شهد العالم كله فظائع إرهابه. لذلك، فلننتظر تطبيق العدالة الانتقالية بعيدًا عن شبح الانتقام الذي يغذي احتمالات إشعال فتيل حرب أهلية. إذ إن تقديم الذرائع من قبل متعطشين للدماء، وهم من ظهرت بعض فيديوهاتهم، قد يسهم في خلق كارثة جديدة. لا شك أن هناك من سيلبي مطالب إيران، التي قد ترى في استمرار الحرب على أرض غير أرضها وسيلة لتأجيل ما ينتظرها داخليًا. لنحرص على منع هذه السيناريوهات القاتمة، كي نضمن مستقبلًا أكثر أمانًا وعدالةً لسوريا وأهلها.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق الجديدة والمعادلة الصعبة
- هل مات التوثيق الكتابي في زمن الصورة الإلكترونية؟
- اللصوص يسرقون من اللصوص بوتين والأسد كمثالين
- الخطاب الشعبوي: صناعة الوهم واستدامة الكارثة-2-
- الخطاب الشعبوي كردياً: محاكاة ومحاكمات
- في شؤون وشجون “الموفد الكردي” الموحد إلى دمشق
- الدكتور محمد فتحي راشد الحريري: مسيرة علم وأخلاق وحياة خالدة
- آن الأوان لعودة- ب ك ك- إلى ساحته
- الثقافة الكردية في سوريا الجديدة نحو الاعتراف القانوني
- سقوط القيم والأخلاق قبل سقوط النظام بشار الأسد أنموذجاً للخس ...
- مفارقات العقل الأحادي: قراءة في الموقف من الكرد وقضاياهم
- دمشق وقامشلي: من الأولى بمبادرة احتضان الأخرى؟
- الاستبداد والاستبدال: رؤية لما بعد نظام الأسد!
- الكرد من أوائل مؤسسي و بناة سوريا: لماذا يتم تغييب دورهم؟
- الرئيس المخلوع: بين جبن الطغاة وبذخ العروش
- تقرير -قيصر- ودوره في فضح انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا
- سجون سوريا: الداخل مفقود وهل من أحد يخرج منها؟.. سجن صيدنايا ...
- الهندسة المعمارية لسجن صيدنايا: البناء، الزنازين، والطوابق ا ...
- تنويه واعتذار من إبراهيم اليوسف
- سايكولوجيا الجلاد: في استقراء نفسية مرتكبي التعذيب والجرائم ...


المزيد.....




- مهرجان الصورة عمّان..حكايا عن اللجوء والحروب والبحث عن الذكر ...
- المجلس الرئاسي الليبي يتسلم دعوة رسمية لحضور القمة العربية ف ...
- الخارجية الروسية تحذر من شبح النازية وتقدم تقييما لوضع العال ...
- إصابة 29 شخصا بزلزال شمال شرقي إيران
- وزير الداخلية الإسرائيلي: المشاهد القادمة من سوريا تشير إلى ...
- والتز يؤكد استمرار المباحثات بين موسكو وواشنطن
- -حماس- تعلق على قرار سويسرا حظر الحركة
- مادورو: رفع -راية النصر- على مبنى الرايخستاغ عام 1945 تحول إ ...
- بريطانيا تبحث استخدام أموال ليبيا المجمدة لتعويض ضحايا -إرها ...
- بريطانيا ترحب بتوقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - السوريون والخطط الوهمية: سيرومات الوهم