أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - هل مات التوثيق الكتابي في زمن الصورة الإلكترونية؟














المزيد.....

هل مات التوثيق الكتابي في زمن الصورة الإلكترونية؟


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 13:25
المحور: الادب والفن
    


لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها، هكذا، من دون مقدمات؟ أم أنها ما تزال تحتفظ بدورها الضروري رغم هيمنة الوسائل البصرية؟
اعترافات في قوة دلالات الصورة والفيديو
لقد أثبتت الصورة والفيديو قدرتهما الفائقة على إيصال المعلومة بسرعة مذهلة، مع إثارة العاطفة وتحفيز التفاعل الفوري. إذ إن صورة واحدة قد تعادل آلاف الكلمات، وإن فيديواً قصيراً قد ينقل شعوراً أو حدثاً بكثافة وعمق يستحيل التعبير عنهما عبر لغة الكتابة، إلا أنه شعور آني، سرعان ما يخمد، أو يعرض للخمود والضياع، في فورة مليارات الصور التي تبث في الثانية الواحدة، كونياً. وبدهي، أنه في زمن السرعة، فإن الناس يؤثرون التفاعل مع المحتوى البصري الذي لا يتطلب جهداً فكرياً كبيراً.
لكن الكتابة أيضاً: ضرورة لا غنى عنها
ورغم بريق الصورة والفيديو، إلا أن الكتابة تظل وتبقى ضرورة لا يمكن تجاوزها. إنها الأداة التي تُمكِّن الإنسان من التفكير العميق والتحليل المنطقي والتعبير الدقيق عن الأفكار والمشاعر. بينما قد تُظهر الصورة في لحظةً معينةً، بيد أن الكتابة تُقدِّم سياقاً وتُوثِّق التاريخ بحيادية نسبية. ومن هنا يبرز السؤال:
ترى، كيف يمكن للصورة وحدها أن" تسجل نقاشاً فكرياً أو تشرح معادلة رياضية أو تعبر عن جدلية فلسفية"؟
التحديات التي تواجه الكتابة
تُواجه الكتابة اليوم تحديات هائلة في ظل التنافس مع الوسائل البصرية. فمنصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت المحرك الأساسي للتفاعل البشري، تُفضِّل المحتوى السريع والمختصر. هذه البيئة تُقصي النصوص الطويلة والمعمَّقة، ما يدفع الكُتّاب إلى تقليص أفكارهم وتجريدها من تعقيدها الطبيعي.أضف إلى كل هذا، فقد بات الذكاء الاصطناعي كتابة أي نص سردي، إلا أن لا أهمية له من دون حضور روح الكاتب الذي قد يكون أكثر الذين يستطيعون توظيفه في سياقات سردية غير إبداعية!
الكتابة كفعل مقاومة
لابد لنا ألا ننسى أنه في زمن تسوده السرعة والسطحية، تُصبح الكتابة فعل مقاومة. إذ إن الاستمرار في الكتابة والتوثيق بالكلمة المكتوبة يُعبِّر عن تمسك بالعمق الفكري والروح الإنسانية التي لا يمكن للصورة وحدها أن تعكسها. فالكتابة تُتيح لنا فهم العالم بشكل أعمق، وتُعلِّمنا الصبر والتأمل. إنها الجسر الذي يربط بين الحاضر والماضي، ويُمهِّد الطريق للمستقبل.
في مصالحة الصورة والكلمة
أو في تداخل الكتابة مع الصورة
ومع ذلك، فإنه لا ينبغي النظر إلى الكتابة والصورة كعدوين، كما بات يشاع أو يراد له أن يكرس في إطار الحض على التكاسل. إذ إنه بدلاً من كل ذلك، يمكن للكتابة أن تُكمل الصورة وتُفسرها، بينما تُثري الصورة النص المكتوب وتُعطيه أبعاداً بصرية. التوازن بين الكلمة والصورة يُمكن أن يخلق وسائل توثيق تجمع بين الدقة والوضوح والتأثير العاطفي. أجل. إن الكتابة ليست بديلاً للصورة، كما أن الصورة ليست بديلاً للكتابة. فكلاهما وسيلتان ضروريتان للتوثيق والتعبير. في زمن الصورة والفيديو، قد يتراجع دور الكتابة، لكنه لن يختفي. الكتابة تظل حاجة إنسانية أساسية، ورمزاً للعمق والتأمل والفهم. ومن هنا، فإن على الكُتَّاب أن يواصلوا مهمتهم، ليس فقط كموثقين، بل كصُنَّاع للمعنى والوعي، من دون أن ييأسوا بما ظهر من تكهنات حول" موت الكتابة" مع دخولنا عصر الصورة الإلكترونية.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللصوص يسرقون من اللصوص بوتين والأسد كمثالين
- الخطاب الشعبوي: صناعة الوهم واستدامة الكارثة-2-
- الخطاب الشعبوي كردياً: محاكاة ومحاكمات
- في شؤون وشجون “الموفد الكردي” الموحد إلى دمشق
- الدكتور محمد فتحي راشد الحريري: مسيرة علم وأخلاق وحياة خالدة
- آن الأوان لعودة- ب ك ك- إلى ساحته
- الثقافة الكردية في سوريا الجديدة نحو الاعتراف القانوني
- سقوط القيم والأخلاق قبل سقوط النظام بشار الأسد أنموذجاً للخس ...
- مفارقات العقل الأحادي: قراءة في الموقف من الكرد وقضاياهم
- دمشق وقامشلي: من الأولى بمبادرة احتضان الأخرى؟
- الاستبداد والاستبدال: رؤية لما بعد نظام الأسد!
- الكرد من أوائل مؤسسي و بناة سوريا: لماذا يتم تغييب دورهم؟
- الرئيس المخلوع: بين جبن الطغاة وبذخ العروش
- تقرير -قيصر- ودوره في فضح انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا
- سجون سوريا: الداخل مفقود وهل من أحد يخرج منها؟.. سجن صيدنايا ...
- الهندسة المعمارية لسجن صيدنايا: البناء، الزنازين، والطوابق ا ...
- تنويه واعتذار من إبراهيم اليوسف
- سايكولوجيا الجلاد: في استقراء نفسية مرتكبي التعذيب والجرائم ...
- لا تكن رئيساً دكتاتوراً لئلا يُداس ضريحك!
- تجريم ب ي د وتكريم فروع القاعدة:ازدواجية المعايير في المشهد ...


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - هل مات التوثيق الكتابي في زمن الصورة الإلكترونية؟