أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - دانيال مانن: يرحلُ النورُ ويظلُّ الأثرُ!














المزيد.....

دانيال مانن: يرحلُ النورُ ويظلُّ الأثرُ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8202 - 2024 / 12 / 25 - 23:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


في عالمٍ مليءٍ بالصراعات وضجيج الحياة اليومية، تظهر شخصياتٌ تُضيء عتمة أيامنا، تمضي بصمتٍ لكنها تترك أثراً عميقاً لا يُنسى.
كان دانيال مانن (Daniel Magnin)، أو كما أحبّ الجميع مناداته بـ"أبو كهربا"، أحدَ هؤلاء النادرين الذين يُعيدون للإنسانية معناها الحقيقي، ويمنحون الحياة بُعدها النبيل.
كم هو مؤلمٌ أن نكتب عن صديقٍ غادرنا دون وداع، لكن الذكريات تأبى أن تموت، وتصرُّ على أن تروي الحكاية كلما أغمضنا أعيننا.

شاء الله أن نلتقي خلف أسوار مخيم شاتيلا، حيث كانت الظلال الداكنة للحياة اليومية تُثقل أرواحنا.
كان دانيال مختلفاً، بحضوره، بصمته، وبابتسامته التي لم تفارق وجهه رغم وعورة الدروب.
رجلٌ جاء من بلدٍ بعيدٍ ليعيش تفاصيل حياتنا، وليُقاتل بصمتٍ من أجل حقوقنا، ولكن كما جمعتنا الأقدار يوماً، فرّقتنا أيضاً، دون أن تمنحنا حتى فرصة الوداع.

لم يكن دانيال صديقاً فقط؛ بل كان أخاً ورفيقاً حقيقياً في المعاناة.
كان يفهم عذاباتنا دون كلمات، وكان ينظر إلى وجوه سكان المخيم ليقرأ فيها كم من الأحلام قُتلت وكم من الآمال لا تزال تُقاوم.
رفض العيش في فنادق بيروت الفاخرة، وفضّل المبيت في بيوت المخيم الضيقة، حيث تقاسم مع أهلها وجع الفقر وشقاء النزوح.

لم يكن دانيال يسعى وراء الأضواء، بل عمل في الظل متحدياً كل العقبات.
كان يرى في كل سلكٍ كهربائي يُضيء حارةً صغيرة، أو في كل مصباحٍ يبدد ظلام غرفةٍ، معنىً جديداً للحياة.
هذا الرجل الذي جاء من فرنسا لم يكن مجرد مهندس كهرباء؛ بل كان مهندساً للأمل.

كيف تستمر الحياة دون "أبو كهربا"؟
كيف يمكن أن نتقبّل فكرةَ أن إنساناً بهذه العظمة لم يعد بيننا؟
الحزن يعصف بقلوبنا كلما تذكرنا ابتسامته، شغفه بعمله، وحرصه الدائم على إحداث فرقٍ حقيقي في حياة اللاجئين الفلسطينيين.
كان يعرف معنى الغربة، لكنه لم يكن غريباً بيننا؛ بل كان واحداً منا، وربما أكثر صدقاً وإيماناً بقضيتنا من كثيرين.

إن غاب بجسده، فإن روحه ستظلّ حاضرةً في كل زاويةٍ من زوايا المخيمات التي أحبها.
في كل ضوءٍ يتوهج ليلاً، في كل طفلٍ يبتسم، وفي كل بيتٍ يستعيد جزءاً من كرامته، ستبقى بصماته.
كان صوتاً للعدل، ومقاتلاً من أجل الحرية. وفي غيابه، فقدت فلسطين صديقاً لا يُعوَّض، وإنساناً كان مثالاً للنبل والشجاعة.
وداعاً يا صديقي، ستظلُّ في قلوبنا دائماً، وستبقى ذكراك خالدةً ما بقيَ الزعترُ والزيتونُ.
وداعاً من بعيدٍ، يا من كنت نوراً في عتمة ليالينا، يا من كنت أباً وأخاً وصديقاً لكل من عرفك.
إن كانت الكلمات لا تُجدي في رثائك، فإن دموعنا وشريط ذكرياتنا سيحكيان عنك طويلاً.
نعاهدك أن نواصل الطريق، وأن نُكمل الحلم الذي ناضلت من أجله، حتى تشرق شمس الحرية من جديد.
المجد والخلود لك، أيها الصديق والأخ الحبيب، دانيال مانن



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائرُ السنونو: دموعُ الذكرياتِ على أرصفةِ المحطاتِ!
- أنيس صايغ: الشُّعلةُ التي لا تنطفِئُ !
- يا طائر السُّنُونُو، في غيابك يغيبُ الأُفُق!
- طائرُ السنونو: حينَ يَخذُلُنا الأُفُقُ
- نعمات قدورة: حينَ يَكتُبُ الحُزنُ تاريخاً!
- غزة: ملحمةُ الصَّبرِ والأَلمِ
- غزة.. صرخةٌ في وجهِ الخذلانِ!
- حين يُغتالُ الوفاءُ.. وخذلانٌ لا يُغتَفَرُ
- دورُ الرياضيات في التخطيطِ العسكريِّ لدى المقاومةِ الفلسطيني ...
- تاريخُ علمِ الرياضياتِ القديمِ وتطوراتهِ عبرَ العصورِ
- دورُ الرياضياتِ في تنميةِ المهاراتِ وصناعةِ المستقبلِ
- عز الدين القسَّام: ملحمةُ الشَّجاعةِ في وجهِ الخُذلانِ!
- غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!
- خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!
- نزار بنات: شهيدُ الكلمةِ في لحظةِ غدرٍ!
- الخُبّيزة: وفاءُ الأرضِ وخذلانُ الذاكرةِ!
- على أرصفةِ الانتظار: حكايةٌ من الخذلان!
- ذَاكِرَةُ الغِيابِ!
- حِينَ تُعَانِقُ الظُّلْمَةُ بَرِيقَ الأَمَلِ !
- منير زيدان: الطبيب الذي جعل الإنسانية مهنته الأولى


المزيد.....




- شاهد.. من داخل الاستعدادات لزيارة ترامب الرسمية إلى المملكة ...
- بين إدانة ودعوات لـ-رد رادع-.. أبرز ما قاله قادة مشاركون في ...
- تفكيك شبكة دولية لتهريب المخدرات.. لبنان يعلن إحباط شحنة ضخم ...
- الأعلام الأمريكية تزيّن شوارع وندسور قبل زيارة ترامب الرسمية ...
- البابا ليون الرابع عشر يشكر المؤمنين بمناسبة احتفاله بعيد مي ...
- تأجيل محتمل لانتخابات مجلس الشعب في سوريا.. والسويداء خارج ا ...
- جثمانها سيبقى في جبال باكستان - فشل انتشال البطلة الألمانية ...
- قمة الدوحة: إجماع على إدانة الهجوم الإسرائيلي بقطر وتحذيرات ...
- بين الواجب وقلة الرواتب.. كيف يواصل الكادر الصحي بغزة عطاءه؟ ...
- روبيو يعد بدعم أميركي راسخ لإسرائيل ويربط مستقبل غزة بتدمير ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - دانيال مانن: يرحلُ النورُ ويظلُّ الأثرُ!