أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - طائرُ السنونو: دموعُ الذكرياتِ على أرصفةِ المحطاتِ!














المزيد.....

طائرُ السنونو: دموعُ الذكرياتِ على أرصفةِ المحطاتِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8202 - 2024 / 12 / 25 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


سلاماً للطائرِ الذي سارَ وحيداً في رحلةِ الأملِ، لكنه عادَ مثقلاً بألمِ الذكرياتِ، كأنما يحملُ على جناحيهِ صخوراً من الحزنِ. جناحاهُ المرهقانِ كانا كصفحتينِ من كتابِ ذكرياتٍ ممزقٍ، وقلبُه غارقٌ في بحيرةٍ من الأوجاعِ التي لا شواطئَ لها.
كان طائرُ السنونو مرآةً للأيامِ الجميلةِ، تلك الأيامِ التي كانت الحياةُ فيها تزهرُ كحديقةٍ في ربيعٍ دائمٍ، وكأن العالمَ بأسرهِ صارَ لوحةً من السعادةِ المطلقةِ.

لكن سرعانَ ما ذبلت أزهارُ تلك الحديقةِ، وتساقطت أوراقُ الوعودِ كما تتساقطُ أوراقُ الخريفِ تحت وطأةِ الرياحِ.
الأملُ الذي كنا نظنهُ خالداً صارَ سراباً، يخدعنا كلما اقتربنا منهُ.
وكأن العمرَ بأسرهِ كان قصيدةً جميلةً، محيت بغفلةِ الزمنِ.

كيف يمكنُ للنسيانِ أن يطويَ صفحةَ القلبِ، وهو يحملُ بين طياتهِ جذورَ الأماني التي تشبثت بهِ كجذورِ شجرةٍ تغلغلت في أعماقِ الأرضِ؟
كيف لي أن أنسى من كان نجماً يضيءُ ليليَ المظلمَ، ومن كان دفئاً يخففُ بردَ الحياةِ القارسَ؟
كيف لي أن أفرغَ روحي من كل تلك اللحظاتِ التي حفرت ذكرياتكَ على جدرانِ قلبي، كما تُنقشُ الكتاباتُ على الحجرِ؟

كنتَ في حياتي شمساً أضاءت ظلامي، ونهراً ارتوت منهُ أحلامي.
لكنكَ هجرتَ الوفاءَ، وتركتَ القلبَ الذي احتضنكَ، حتى باتت الجراحُ على صدري كوشومٍ خالدةٍ.
هجركَ كان كالريحِ العاصفةِ، اقتلعت كل ما بنيتهُ في سنواتِ العمرِ، وتركتني وحدي أواجهُ أنقاضَ ما كان.

كيف لخذلانٍ واحدٍ أن يُسقطَ جبالَ المودةِ، ويُطفئَ بحوراً من الأملِ؟
كيف لسقطةٍ واحدةٍ أن تهدمَ قصورَ الأحلامِ التي ظننتُ أنها منيعةٌ؟ كنتَ الطائرَ الذي حلقَ بي عالياً في سماءِ السعادةِ، لكنكَ أسقطتني فجأةً في هاويةِ الألمِ.

منذ أن اخترتَ الفراقَ، أصبحت السماءُ رماديةً بلا لونٍ، وأصبحتِ الحياةُ كليلةً طويلةً بلا فجرٍ.
لم أعد أرى سوى طائرِ السنونو، يرفرفُ بجناحيهِ وكأنهما يحملانِ أوجاعي. ذكرياتُنا باتت كأشواكٍ متناثرةٍ على أرصفةِ المحطاتِ التي شهدت افتراقَنا.
وكأن كل محطةٍ مررنا بها أصبحت شاهدةً على فقدٍ لا يُنسى.

"الدمعةُ حراقةٌ يا عمري"، أرددها في كل لحظةٍ أسترجعُ فيها كيف ضاعَ العمرُ مني، كما يضيعُ الرملُ من بين الأصابعِ.
كيف اختفى الأملُ الذي كان يزرعُ فيّ القوةَ، وكيف تحولتِ الأحلامُ إلى أشباحٍ تطاردني في كل مكانٍ.
أصبحت الذكرياتُ برداً في عروقي، وألماً لا يندملُ.

طائرُ السنونو، الذي كان يوماً رمزاً للتآلفِ والأملِ، تحولَ إلى قصيدةٍ حزينةٍ ترددُها الرياحُ، وصارَ جناحاهُ كصفحاتِ كتابٍ مبللةٍ بدموعِ الندمِ.

سلاماً لكَ، أيها السنونو، فأنت الوحيدُ الذي يفهمُ معنى أن يتحولَ الأملُ إلى ألمٍ، وأن يصبحَ الحنينُ خنجراً يغوصُ في أعماقِ القلبِ.
سلاماً لكَ، يا من كنتَ رفيقَ دروبي، ويا من أصبحتَ شاهداً على الفقدِ. أبحثُ عنكَ في كل زاويةٍ من ذكرياتي، كما يبحثُ الغريبُ عن وطنهِ في المنفى، لكنكَ لن تعودَ، ولن يعودَ ذلك الذي رحلَ إلى الأبدِ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنيس صايغ: الشُّعلةُ التي لا تنطفِئُ !
- يا طائر السُّنُونُو، في غيابك يغيبُ الأُفُق!
- طائرُ السنونو: حينَ يَخذُلُنا الأُفُقُ
- نعمات قدورة: حينَ يَكتُبُ الحُزنُ تاريخاً!
- غزة: ملحمةُ الصَّبرِ والأَلمِ
- غزة.. صرخةٌ في وجهِ الخذلانِ!
- حين يُغتالُ الوفاءُ.. وخذلانٌ لا يُغتَفَرُ
- دورُ الرياضيات في التخطيطِ العسكريِّ لدى المقاومةِ الفلسطيني ...
- تاريخُ علمِ الرياضياتِ القديمِ وتطوراتهِ عبرَ العصورِ
- دورُ الرياضياتِ في تنميةِ المهاراتِ وصناعةِ المستقبلِ
- عز الدين القسَّام: ملحمةُ الشَّجاعةِ في وجهِ الخُذلانِ!
- غزّة بين جحيمِ ترامب وخذلانِ الأُمّة!
- خيانة الأمانة: غدرُ الأتراكِ بفلسطين!
- نزار بنات: شهيدُ الكلمةِ في لحظةِ غدرٍ!
- الخُبّيزة: وفاءُ الأرضِ وخذلانُ الذاكرةِ!
- على أرصفةِ الانتظار: حكايةٌ من الخذلان!
- ذَاكِرَةُ الغِيابِ!
- حِينَ تُعَانِقُ الظُّلْمَةُ بَرِيقَ الأَمَلِ !
- منير زيدان: الطبيب الذي جعل الإنسانية مهنته الأولى
- خضر محمد الأحول: وحلم العودة الذي لم يتحقق!


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - طائرُ السنونو: دموعُ الذكرياتِ على أرصفةِ المحطاتِ!