|
ألكسندر دوغين – إسرائيل العظمى والموشياخ الهجومي
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
ألكسندر دوغين – إسرائيل العظمى والموشياخ الهجومي
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
ألكسندر دوغين فيلسوف روسي معاصر موقع كاتيهون
19 ديسمبر 2024
يحدث حالياً تغيير جذري في صورة إسرائيل على نطاق عالمي. وربما اليهود ككل. بعد الكارثة التي عاشها اليهود الأوروبيون في عهد هتلر وأثناء الحرب العالمية الثانية، استحضروا الشفقة والرحمة والتعاطف الصادق على نطاق عالمي. ولهذا السبب أصبح إنشاء دولة إسرائيل ممكناً. أصبحت المحرقة أو الهولوكوست، أي الأهوال والاضطهادات التي عاشها اليهود، الأساس الذي يتفق عليه الجميع بالإجماع: بعد مثل هذه المعاناة، يحتاج اليهود بالتأكيد إلى دولتهم الخاصة. أصبح هذا رأس المال الأخلاقي لليهود وحدد مسبقًا الموقف المقدس تجاه المحرقة.
أعلن فلاسفة مدرسة فرانكفورت: من الآن فصاعدًا، يجب أن نفكر من أوشفيتز. وهذا يعني أن الفلسفة والسياسة والأخلاق لابد وأن تأخذ الآن في الحسبان حجم الجرائم التي ارتكبها الأوروبيون (وخاصة الألمان) ضد اليهود. والآن أصبح لزاماً على الغرب والبشرية جمعاء أن يتوبوا.
(مدرسة فرانكفورت الفلسفية: في الخمسينيات من القرن العشرين، قام ممثلو الجيل الأول من مدرسة فرانكفورت (في المقام الأول هوركهايمر و أدورنو Horkheimer and Adorno، في انتقاداتهم للأنظمة الفاشية والشمولية، ببناء أساس النظرية النقدية، التي استخدمت فيما بعد في التحليل الاجتماعي للمجتمع الرأسمالي. ما هي المفاهيم الرئيسية لمدرسة فرانكفورت؟ تشمل بعض القضايا الرئيسية والاهتمامات الفلسفية للمدرسة نقد الحداثة والمجتمع الرأسمالي، وتعريف التحرر الاجتماعي، وتحديد أمراض المجتمع ZZ).
وكان مفتاح هذا هو صورة اليهود باعتبارهم ضحايا. وهذا ما رفعهم إلى مرتبة الشعب المقدس: فقد طُلب من كل شخص آخر أن يتوب أمامهم ولا ينسى ذنبه أبداً. ومن الآن فصاعداً أصبح أي تلميح إلى معاداة السامية، ناهيك عن المحاولات المباشرة لمراجعة المكانة المقدسة لليهود وميتافيزيقيا المحرقة، أمراً يعاقب عليه القانون.
ولكن تدريجياً، بدأت سياسة إسرائيل، التي أصبحت أكثر قسوة تجاه الفلسطينيين والشعوب الإسلامية المحيطة، في طمس هذه الصورة ــ على الأقل في نظر سكان الشرق الأوسط، الذين لا علاقة لهم بجرائم النازيين الأوروبيين. فضلاً عن ذلك، أدى الموقف غير الرسمي الذي تبناه الصهاينة تجاه السكان المحليين إلى احتجاجات مباشرة، وفي أقصى الحالات إلى الانتفاضة المعادية للصهيونية.
لقد تغير الوعي الذاتي لدى الإسرائيليين واليهود الذين بقوا في الشتات تدريجياً. فقد تعزز خط إظهار القوة والنفوذ والتوجه نحو إنشاء إسرائيل الكبرى. وفي الوقت نفسه، ازدادت قوة الدوافع المسيحانية ــ توقع عودة الموشياخ الوشيكة، وبدء بناء الهيكل الثالث (الذي يتطلب تفجير المكان المقدس للمسلمين في المسجد الأقصى)، وزيادة حادة في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل (من البحر إلى البحر)، والحل النهائي للقضية الفلسطينية (حتى الدعوات المباشرة إلى ترحيل الفلسطينيين وإبادتهم).
(ماذا سيحدث مع عودة موشياخ حسب التعاليم اليهودية؟ بعد مجيء موشياخ، سيعم السلام على الأرض. سيعيش اليهود في الأرض المقدسة ويدرسون التوراة وينفذون وصاياها دون عائق. سوف يحكمهم موشياخ. وسيبني أيضًا الهيكل الثالث. من سيكون موشياخ؟ ويعتقد اليهود أن موشياخ سيكون حاكم إسرائيل، وهو من نسل الملك داود. سوف يرسله الرب ليفدي اليهود ويخلص البشرية جمعاء. بعد مجيئه، سيأتي "العالم الآتي"، أولام ها با ZZ).
وقد حظيت هذه الأفكار بدعم بنيامين نتنياهو وعدد من رفاقه، والوزراء بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، وغيرهم. وينعكس هذا البرنامج بشكل واضح في "التوراة الملكية" لإسحاق شابيرا، وفي خطب الحاخامات كوك، وماير كاهانا، ودوف ليور.
على المستوى الاستراتيجي، تم وصف هذا في أوائل الثمانينيات في مقال كتبه مستشار شارون، الجنرال عوديد ينون. كانت "خطة ينون" هي الإطاحة بكل الأنظمة العربية القائمة ذات الأيديولوجية البعثية القومية، وإغراق العالم العربي في فوضى دموية، وإنشاء إسرائيل الكبرى.
والآن، بعد عقد من الربيع العربي، وخاصة بعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2023، نرى أن هذه الخطط بدأت في التحقق بوتيرة متسارعة.
دمر نتنياهو غزة بالكامل، وقتل بلا رحمة مئات الآلاف من المدنيين. وأعقب ذلك هجوم على لبنان وتدمير قيادة حزب الله. ثم تبادل الضربات الصاروخية مع إيران والاستعدادات النشطة للحرب معها، بما في ذلك الضربات على المنشآت النووية. ثم غزو الجزء المتبقي من مرتفعات الجولان والضربات على سوريا. وقبل شهر، أعلن بتسلئيل سموتريتش أن دمشق ستكون جزءًا من إسرائيل، وألمح بن غفير إلى أنه سيتم تفجير المسجد الأقصى. لقد سقط آخر نظام بعثي في عهد بشار الأسد، وغرق العالم العربي في الفوضى.
إن إسرائيل الكبرى وإبادة الفلسطينيين أصبحتا حقيقة واقعة أمام أعيننا.
ما هو المهم الآن. إن سياسة الصهاينة اليمينيين تطوي صفحة الهولوكوست. والآن استُنفِد رأس المال الأخلاقي للضحية بالكامل. لقد دفعت إسرائيل ثمن صعودها القوي ، وعظمتها الحالية الخطرة والقاسية، كما يصفها تقريبا العهد القديم. والآن لم يعد اليهود موضع شفقة، بل أصبحوا موضع خوف أو كراهية أو غضب أو إعجاب، ولكنهم في كل الأحوال يعتبرون قوة طاغية وقاسية.
لقد تغيرت هوية اليهود.
ولم تعد رمزاً للإذلال والمعاناة، بل نموذجاً للهيمنة والانتصار .
لم يعد من الضروري أن نفكر من أوشفيتز. الآن يجب أن نفكر من غزة.
(معسكر اعتقال أوشفيتز: أدارته ألمانيا النازية في بولندا خلال الحرب العالمية الثانية أصبح موقعًا رئيسيًا للحل النازي النهائي للمسألة اليهودية بالقضاء على اليهود في افران الغاز. لذلك يعد رمزا للهولوكوست ZZ).
إن التقليد اليهودي نفسه يحتوي على نبوءة عن اثنين من المسيحين - الموشياخ المتألم (ابن يوسف) والموشياخ المنتصر (ابن داود). "بعد المحرقة الأوروبية، تم التأكيد على الموشياخ، المتألم، المضحّى به. والآن يتغير هذا الشكل الأساسي، ويتحقق الموشياخ، المنتصر، الهجومي.
هذا يتعلق في المقام الأول بإسرائيل نفسها. ولكن من الواضح أنه لن ينتهي عند هذا الحد. النموذج الأصلي للموشياخ يتغير بين اليهود في جميع أنحاء العالم.
وفي هذا الظرف يأتي دونالد ترامب، المؤيد القوي للصهيونية اليمينية وحليف نتنياهو، إلى السلطة في الولايات المتحدة، التي يشكل المسيحيون الصهاينة جزءًا كبيرًا من حاشيتها، وهم على استعداد لتقديم أي دعم لإسرائيل. ومرة أخرى، تتحول عاصمة الرحمة إلى عاصمة الهجوم.
هذا أمر خطير للغاية. وسوف يصبح أكثر خطورة.
في الوقت نفسه، لا ينبغي للمرء أن يتسرع في الاستنتاجات وردود الأفعال والتقييمات. أولاً وقبل كل شيء، يجب فهم هذا الوضع بشكل صحيح، ويجب وضع الحقائق والأحداث والوقائع التي لا تعد ولا تحصى معًا في صورة متماسكة.
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 440 – دروس سوريا
-
طوفان الأقصى 439 – جنرال روسي خدم في سوريا يصرح... 3
-
طوفان الأقصى 438 – جنرال روسي خدم في سوريا يصرح ... 2
-
طوفان الأقصى437 – جنرال روسي خدم في سوريا يصرح ... 1
-
ألكسندر دوغين – ثلاثة أوجه من عدم يقين في عام 2025
-
طوفان الأقصى 436 - كان سقوط الأسد سريعا وغير متوقع. لكن علام
...
-
طوفان الأقصى 435 – أنابيب النفط والغاز إلى الواجهة مرة أخرى
...
-
ألكسندر دوغين – تصرفات أردوغان خيانة لموسكو
-
طوفان الأقصى 434 – الولايات المتحدة وشركاها نفذوا انقلابا في
...
-
ألكسندر دوغين – ماذا يعني انهيار سوريا بالنسبة لروسيا والصين
...
-
طوفان الأقصى 433 – سوريا – إنها البداية فقط
-
ألكسندر دوغين عن الوضع في سوريا – ضربة لنا وللشرق الأوسط
-
طوفان الأقصى 432 – خبير عسكري يعدد أخطاء بشار الأسد
-
طوفان الأقصى 431 – الامبراطورية الغربية تنجح في ابتلاع شعب آ
...
-
طوفان الأقصى 429 – سوريا بعد 12 عاما من الصراع
-
طوفان الأقصى 429 – سوريا – الأسد خرج، والقاعدة دخلت بعد أن ت
...
-
طوفان الأقصى 428 – إسرائيل العظمى والحملة الصليبية الأميركية
-
طوفان الأقصى 427 – أعظم فشل لبايدن في غزة
-
طوفان الأقصى 426 – حزب التصعيد العالمي وراء أحداث سوريا
-
ألكسندر دوغين – ترامب فرصة
المزيد.....
-
-نساء الزرافات- في تايلاند..هكذا وثق مغامر إماراتي واحدة من
...
-
كيف تحوّلت ألعاب الفيديو إلى ساحة لتجنيد المتطرفين؟
-
فاديفول في زيارة رسمية لأوكرانيا تأكيدا لمواصلة الدعم الألما
...
-
حرب السودان.. عندما يصبح الصحفي سائقا والمهندس مزارعا
-
هل تحتوي الإيصالات الورقية على مادة سامة؟
-
هل تنجح ضغوط واشنطن في التوصل إلى صفقة تنهي حرب غزة؟
-
سلاح حزب الله بين الضغوط والجدل اللبناني وترقب الرد
-
أوسع هجوم روسي منذ بدء الحرب.. رسالة حادة للغرب
-
غروسي ينسف رواية ترامب.. مشروع إيران النووي لم يُقبر بعد
-
ضربات ترامب على إيران تعزز تمسّك كوريا الشمالية بترسانتها ال
...
المزيد.....
-
الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو
/ زهير الخويلدي
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
المزيد.....
|