ألكسندر دوغين – ترامب فرصة

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8182 - 2024 / 12 / 5 - 14:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر


2 ديسمبر 2024

كيف نُقَيِّمُ ترامب؟
الآن العديد من خبرائنا الوطنيين في حالة ذهول بعض الشيء (ولا يمكن للخبراء أن يكونوا غير وطنيين في بلد في حالة حرب بحكم التعريف، وإلا فهم عملاء أجانب). نحن نحب حقًا الكثير مما يفعله ترامب وفريقه. لكن الكثير من الأمور مثيرة للقلق. ويعبر الخبراء عن مروحة عريضة ومتناقضة من الاراء: هل سينقذنا ترامب ويسحب المساعدات عن النازيين في كييف، أم يصبح عدوا لنا، أسوأ من بايدن، وسيتصرف ضدنا بقسوة أكبر.

هناك حل. دعونا نأخذ فرضية عمل مفادها أن ترامب سيختلف عن بايدن (وكذلك عن كلينتون وبوش الابن وأوباما) ليس بمقدار 180 درجة، بل بمقدار 90 درجة. لأنه سيغير شيئًا جذريًا. على سبيل المثال، سينهي اللحظة الليبرالية (وهو أمر عظيم في حد ذاته، لأن هذه طعنة في ظهر العولميين). ولكن على العكس من ذلك، سوف يصر على شيء ما: أولاً وقبل كل شيء، على الزعامة الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة. في حديثي مع تاكر كارلسون Tucker Carlson، قال إن ترامب ليس مستعدًا بالتأكيد لعالم متعدد الأقطاب. إنه يرى نموذج الزعامة الأمريكية بشكل مختلف تمامًا عن العولميين. هذه ملاحظة مهمة للغاية نظرًا لقرب تاكر كارلسون من ترامب. ناقشنا شيئًا مشابهًا مع مستشار الأمن القومي السابق لترامب ستيف بانون Steve Bannon حتى قبل ذلك: كان ضد الجغرافيا السياسية المتعددة الأقطاب بشكل قاطع، وضد صداقتنا مع الصين وإيران، لكنه في الوقت نفسه شاركنا تركيزنا على النهح المحافظ والقيم التقليدية والمسيحية. بانون يميني أمريكي وتقليدي (يعرف إيفولا وويفر Evola and Weaver). لقد خرج مؤخرًا من السجن، حيث وضعه الليبراليون بشكل غير قانوني. الآن حان وقته – إنه صديق لكاش باتيل Cash Patel وشخصية مؤثرة للغاية في الدوائر الترامبية.

أيضًا: ترامب صارم في دعم إسرائيل والصهيونية اليمينية. بينما نحن ضد ذلك. ويجب أخذ هذا في الاعتبار.

إن ترامب ليس متقلبا وعفويا كما يبدو. ففي السياسة الخارجية، يتسم ترامب بالواقعية المتسقة إلى حد ما. ورفضه لليبرالية اليسارية والعولمة هو رفض منهجي لا رجعة فيه. لقد عانى كثيرا على أيدي الليبراليين، ونظرا لطبعه المحارب، فإنه سيقاتلهم بكل تأكيد على نطاق واسع.

ولكن في الوقت نفسه، فهو مؤيد للهيمنة الأميركية. وليس التدخل الديمقراطي القائم على الهوس اليساري الليبرالي، مثل جورج سوروس، بل على "المدينة المتألقة على التل"
"a shining city on a hill"،
(أي منارة الأمل للعالم أجمع - وهو تعبير ورد في موعظة جون وينثروب عام 1630. ابتداءً من السبعينيات، جعل رونالد ريغان هذا السطر من تلك الخطبة محور حياته السياسيةZZ)
وهو ما يريد ترمب أن يحول الولايات المتحدة إليه مرة أخرى. اليوم، أصبحت الولايات المتحدة أقرب إلى مستنقع للمخدرات مع تدهور سكاني سريع. وهذا ما يريد ترامب تغييره في المقام الأول.

ولكن التعددية القطبية أو إحياء سيادتنا الحضارية ليست من خططه بالتأكيد.

لذلك، فإن ترامب يمثل فرصة. وسوف يتغير مسار الولايات المتحدة تحت قيادته (إذا لم تحدث حرب نووية) بشكل كبير. ولكن بمقدار النصف فقط. وهذا كثير، كثير. ولكن في الوقت نفسه، بالطبع، هذا بعيد كل البعد عن أن يكون كافياً.

أعتقد أننا يجب أن نكون انتقائيين في التعامل مع ترامب. والآن هو الوقت المناسب للقضاء على الليبراليين من الجانبين، وخاصة النخب الليبرالية الأوروبية ــ ترامب عدو مميت لهم. ونحن بعيدون كل البعد عن أن نكون أصدقاء. إنها فرصة فريدة. ولكن في الوقت نفسه، لا ينبغي لنا أن نتوقع أن يجلب لنا ترامب رأس زيلينسكي على طبق من فضة. هذا لن يحدث. هذه حربنا ويجب أن نفوز بها بأنفسنا.

علاوة على ذلك، سيحاول ترامب شراء النخب الليبرالية لدينا بوسائله الخاصة. لا يمكن السماح بذلك. من الأفضل القضاء عليها بأيدينا مسبقًا. ودعم نخب اخرى جديدة. مثل تشوغو وأبطال الحرب في اوكرانيا.
سيتمكن المحافظون والتقليديون الروس من التعامل مع ترامب. بينما يدافعون بثبات عن إمبراطوريتنا، يتضامنون مع الأجندة المحافظة الترامبية.
لا قدر الله أن يكون الأمر على العكس من ذلك: الليبراليون الروس الموالون للغرب، فاسدون وعديمو الأخلاق والضمير لدرجة أنهم مستعدون لفعل أي شيء للتخلص من عقوبات الغرب الجماعي على بلادنا.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل