أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - تحديات مرحلة ما بعد التغيير في مستقبل سورية















المزيد.....


تحديات مرحلة ما بعد التغيير في مستقبل سورية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8190 - 2024 / 12 / 13 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن المسألة السورية، بعد 54 سنة من ديمومة استبداد سلطة آل الأسد، تطرح سؤالاً جوهرياً حول تحديات مرحلة ما بعد التغيير؟
وعلى ضوء التوصيف الأولي لبعض سرديات الثورة وتساؤلاتها، يبدو أننا أحوج ما نكون إلى سردية واضحة للتغيير المنشود، انطلاقاً من أن ثمة تحديات كثيرة ستواجه السوريين في مرحلة ما بعد التغيير، من أخطرها بنية التسلط والاستبداد، التي عمّمها النظام طوال خمسة عقود، مما يفرض أن تُضمَن في المرحلة الانتقالية الحريات الفردية والعامة، وحيادية الدولة عن الأيديولوجيات والأديان والأحزاب، على أن تكون دولة حق وقانون وحوكمة رشيدة. بعيداً عن آليات عمل سلطة النظام السابق ومستوياتها، حيث تميزت بغياب المؤسسات الوطنية الكفؤة، وتركّزت كل السلطة في يد رأس النظام، يمارسها من خلال أجهزة الأمن المتعددة، التي تتمتع بحرية مطلقة في التعامل مع السوريين. إذ أسس النظام السابق أداءه السلطوي على أحادية السلطة ممثلة برأس النظام، واشتراط الطاعة العمياء لكل أوامره، وتوزيع المغانم والامتيازات على الموالين، تبعاً لمدى ولائهم للحاكم الفرد. وفي سياق هذا التأسيس للدولة الأمنية التسلطية أنتج النظام مجتمعه الجماهيري، مستنداً إلى إرهاب أجهزة الأمن والإعلام الموجَّه، بعد احتكاره للسلطة والثروة والوطنية. بحيث أضحت الدولة ميداناً للأوامر بدل القوانين الناظمة لسلوك الحكام والمحكومين، والعطايا محل الحقوق والواجبات، والولاء محل الكفاءة. وفي سياق كل ذلك، تدهور وضع الدولة السورية، بينما ارتفعت أسهم السلطة التي استولت على الدولة، بعد أن " قُضمت " الدولة وأُرغمت على إخلاء الساحة للأجهزة الأمنية.
وقد أدى هذا الوضع الشاذ إلى إبقاء السوريين في حيّز الهويات الفرعية المغلقة، الطائفية والعشائرية والقومية، مما أبقاهم مجالاً لتوظيفات السلطة، ووضعهم في مواجهة بعضهم البعض.
وفي هذا السياق يبدو وجود مشروعين معلنين ومتناقضين للثورة على النظام: أولهما، مشروع الثورة المدنية الذي سعى النظام، بكل قوته، إلى تدمير أسسه، وتشريد حاضنته الشعبية وحوامله من النخب المدينية ونخب الطبقة الوسطى، تنفيذاً لخطته في تصوير الثورة على أنها حركة تمرد طائفية، لعزلها ونزع الشرعية عنها. وثانيهما، مشروع الحركة الجهادية الذي تعزَّز، مع مرور الوقت، من خلال التوسع داخل الأرياف والمدن الصغيرة، وصولاً إلى دورها الرئيسي في إسقاط نظام بشار الأسد.
ويبقى السؤال: هل لا يزال بالإمكان الرهان على دور لمعارضة سياسية مستعدة لتحمل مسؤولية وصول السوريين إلى برّ الأمان وتبعدهم عن مخاطر الاستمرار في تغليب منطق المكاسرة والغلبة، أم فات الأوان على ذلك وبات مصير المجتمع السوري وما وصل اليه رهينة بيد حملة السلاح وما يخلّفه ذلك من مخاطر على وحدة سورية؟
إنّ تحديات كثيرة ستواجه سورية في المرحلة الانتقالية من الاستبداد إلى الديمقراطية، ولكن من الممكن التعاطي المجدي معها إذا ما توفرت إدارة عقلانية للموارد المادية والبشرية والاستراتيجية السورية. إذ ثمة حاجة ملحة لسياسات تحظى بتوافق وطني، مبني على أساس العمل مع تشكيلات مختلفة الأهداف والمصالح. مما يتطلب تأسيس أحزاب سياسية نوعية ومختلفة، حاضنتها الاجتماعية من شابات وشباب سورية، وبوصلتها المصالح العليا للشعب والوطن، ترفع ألوية الفكر والسياسة والواقع، بدل الأيديولوجيا التي قتلت الفكر والروح، تؤمن بالعمل المشترك مع الآخرين، وتعمل بالعقلية المؤسساتية، بما تقتضيه من فرق عمل متناغمة ومتكاملة وذات جدوى، تقيم حياة حزبية داخلية ديمقراطية، مؤسسة على الشفافية والمحاسبة والنقد والمراجعة.
في هذا البحث عن الذات، وإحياء القيم الإنسانية المرتبطة بها، قيم الألفة والتعاون والعيش المشترك بين كل أطياف الشعب السوري، ينبغي وضع النزوع الكبير إلى كسر مركزية الدولة التسلطية، والتعلق بإقامة نظام أكثر حميمية وقرباً من مشاعر الناس وعواطفهم، وأكثر بعداً عن الوطنيات الأيديولوجية الفارغة، التي لم يكن هدفها سوى التغطية على الاستبداد. وسيكون ذلك في مصلحة تعميق المشاركة في الحياة الوطنية، وتعزيز فرص التنمية الاجتماعية والإنسانية معاً.
ويبدو أنّ الحامل الاجتماعي للانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية سيكون العامل الحاسم في سيرورتها وآفاقها المستقبلية، وتكمن أهمية مؤشر انخراط مكوّنات وفئات جديدة في فعاليات هذا الانتقال في إمكانية إعطائه هوامش حراك ومناورة ضرورية وحيوية، يمنحها القدرة على تحقيق التمثيل لأكبر فئات المجتمع ومكوّناته، على طريق الحالة الوطنية الشاملة، التي ترتكز إلى استنهاض الشعب، ككتلة سياسية فاعلة، لها مطالب واضحة تخص الجميع وترتبط بالإطار الوطني الجامع وبالمشاركة السياسية.
إنّ الشباب السوري يختزن طاقة نضالية هائلة، وقدرة على إنتاج قيادات بسرعة قياسية، واستعداداً للتضحية لا حدود له. وقد يتمكن، من خلال شعارات تتعلق بالخبز والحرية والكرامة، رأيناها اليوم – خلال جمعة النصر - في كل ساحات المدن والبلدات السورية، من إقناع فئات مختلفة من الشعب السوري بالانضمام إلى حركة التغيير، فضلاً عن لعبه دور مؤثر في الدعاية لهذا التغيير من خلال تبادل الرسائل والصور عبر " التويتر " و" الفيسبوك " وبث كل ذلك إلى العالم.
وتعد المجالس المحلية، التي ساهم فيها العديد من نشطاء المجتمع المدني، أحد أهم إفرازات التغيير لتعبيرها عن التحوّل الذي طرأ على طبيعة العلاقة مع المركز من جهة، ولكونها أداة لإدارة المرحلة الحالية والانتقالية من جهة أخرى.
وفي الواقع لا يمكن لربيع الثورة السورية المتجددة أن يحقق أهداف الشعب في الحرية والكرامة إن لم ينصف النساء اللواتي شاركن في صناعته، وفي صنع التغيير. فبعد ثلاثة عشر عاماً على بدء الثورة وحراكها في الداخل والخارج، آن الأوان أن تنهض النساء السوريات باتجاه مزيد من المشاركة في صنع القرار السياسي كي لا يتشكل مستقبل سورية السياسي بصورة ذكورية عرجاء.
وفي هذا السياق يقع على عاتق المرأة السورية الجديدة، الأكثر وعياً من بنات جنسها، إقناع بقية النساء أنه في سورية الجديدة لا يجب أن تتنازل المرأة عن مهمة تمثيلها سياسياً وتشريعياً إلى الرجال، وتتركهم يخططون للمجتمع ويسنون قوانينه ويقودونه بمفردهم بما فيها القوانين التي تخصها. عليهن أن يتصرفن كشريكات من حقهن أن يسألن كيف تسيّر الأمور في المجتمع والدولة، لا كتابعات للقادة تمشي مياه السياسة من تحتهن وهن في حالة استسلام لها. إنّ مشاركة المرأة في القيادة السياسية كعنصر جديد وافد على المشهد السياسي سيرفد السياسة بمقاربات تجدده، تماماً مثل المقاربات التي تحملها مشاركة الشباب وبقية مكونات الشعب السوري المستبعدة، بعد أن كان المشهد محصوراً بميراث من المفاهيم السياسية التقليدية.
إنّ وجود دستور مدني وتغيير في قانون الأحوال الشخصية، وإنشاء ومأسسة منظمات حقوقية مدنية منذ الآن، تعنى بقضايا النساء وتطالب بحرياتهن، هو الخطوة المكملة لسقوط الاستبداد في سبيل نيل النساء حرياتهن.
إنّ خيار الوطنية السورية الجامعة يمكن أن يضع السوريين في وضع أفضل لمواجهة تحديات المستقبل، إذ إنّ التفكير في المعطيات الراهنة يقتضي التأسيس لتصوّر جديد لهذه الوطنية، يقوم على النظر إلى المكوّنات السورية المختلفة كمكوّنات تأسيسية متساوية الحقوق والواجبات، ويؤسس لامتلاك السوريين دولتهم، ويسهم في تكوّنهم كمواطنين أحرار متساوين.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة ما بعد سقوط نظام آل الأسد
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية (3 - 3)
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية (2 - 3)
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية
- في الحاجة العربية لمقاربات نقدية
- أهمية حيادية الدولة للوطنية السورية الجامعة (3 - 3)
- أهمية حيادية الدولة للوطنية السورية الجامعة (2 - 3)
- أهمية حيادية الدولة للوطنية السورية الجامعة (1 - 3)
- جدل العلاقة بين الحريات الأكاديمية والنسق السياسي في العالم ...
- جدل العلاقة بين الحريات الأكاديمية والنسق السياسي في العالم ...
- جدل العلاقة بين الحريات الأكاديمية والنسق السياسي في العالم ...
- مخاطر الدولة الأمنية
- التنشئة السياسية ودورها في تنمية المجتمع (3 - 3)
- التنشئة السياسية ودورها في تنمية المجتمع (2 - 3)
- التنشئة السياسية ودورها في تنمية المجتمع
- تطور مواقف الحزب الشيوعي السوري من الوحدة المصرية - السورية
- في العلاقة بين الماركسية والدولة الديمقراطية
- إشكالية الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر
- إشكالية العلاقة بين الثقافة والسياسة
- في الحاجة السورية إلى التنمية التشاركية


المزيد.....




- اكتشاف -مثير- لأغنية كان يعتقد أنها مفقودة للراحلة تينا تيرن ...
- بوتين: لو لم يُسرق فوز ترامب في انتخابات 2020 فربما لم تحدث ...
- انهيار مبنى من ثلاثة طوابق في ولاية قونية التركية (فيديو)
- إسرائيل تقرر إبقاء قوات في جنوب لبنان
- ترمب.. النظر في ثقب القفل الأوكراني
- قيادي من -حماس- يتحدث عن الأولوية العاجلة للحركة في قطاع غزة ...
- محققون روس: صاروخ -بانتسير-إس1- وراء إسقاط طائرة الخطوط الجو ...
- مهاجرون عالقون على الحدود الأمريكية بعد إلغاء مواعيد اللجوء ...
- -كتائب القسام- تعلن إيقاع قوة إسرائيلية في -كمين محكم- بمخيم ...
- الشرطة السعودية تستدعي شخصين لمخالفتهما الذوق العام


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - تحديات مرحلة ما بعد التغيير في مستقبل سورية