|
مهجرون أم رهائن: لماذا يمنع عودة كرد عفرين المهجرين؟
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 15:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إبراهيم اليوسف
يا ويلاه على حال أهلنا المهجرين حال تلك- القطة- التي تنقل فراخها من مكان إلى مكان! أم كردية عن مثل كردي بتصرف بعد احتلال عفرين من قبل الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا في عام 2018، واجه سكان المنطقة عمليات تهجير واسعة النطاق، حيث أجبر الكثير منهم على مغادرة ديارهم بفعل العنف والقمع، في سياق سياسات تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة. هذه العمليات لم تكن عشوائية، بل جاءت ضمن مشروع سياسي واضح يهدف إلى تعزيز النفوذ التركي فيما سمي ب: شمال سوريا من خلال إضعاف الوجود الكردي في عفرين. ومع محاولات بعضهم للعودة إلى ديارهم، إلا إنهم لما يزالوا يواجهون عراقيل تجعل هذه العودة محفوفة بالمخاطر وغير مضمونة، من جهتي: الفصائل المحتلة و ب ي د كل على حدة. حقيقة إن الفصائل المسلحة في عفرين تواصل سياسة التخويف والترهيب لمنع المهجرين من العودة إلى منازلهم. بحيث تُستخدم أساليب الخطف، الابتزاز، والتضييق الأمني لتثبيت الوضع الراهن الذي يخدم مصالح المستوطنين الجدد الذين جُلبوا من مناطق أخرى، لأن مجيء الكردي إلى دياره يعني إخراج المستوطن من الفردوس الكردي والعودة إلى جحيمه. هذا الواقع يجعل في العودة مخاطرة قد تكلف حياة العائدين أو سلامتهم، وإن تمت حوادث قليلة تم تضخيمها، وصدقناها إلى حين، بغرض تنفيذ مخطط المنع من لدن طرفين يلتقيان في الموقف ذاته رغم تضادهما. بالإضافة إلى ذلك، فإنه قد تم ويتم الاستيلاء على المنازل التي تعود ملكيتها للكرد وتحويلها إلى مقرات عسكرية أو سكن لعائلات الفصائل المسلحة، ما يجعل استعادتها أمرًا صعبًا أو مستحيلًا. في الوقت نفسه، تهدف السياسات التركية إلى إحداث تغيير ديموغرافي ممنهج في المنطقة، حيث يتم توطين آلاف العائلات من المستوطنين على حساب السكان الكرد الأصليين، في محاولة لتقويض الهوية الكردية لعفرين. ورغم ذلك فقد عاد عشرات الآلاف من المهجرين الكرد من: الشهبا- الشيخ مقصوود- الأشرفية إلى عفرين غير مبالين بأمرين أولهما: موقف حزب" ب. ي. د" الذي شدد على منع عودة الأهالي إلى مناطق عفرين تحت ذرائع عدة، ولاعتبارات تخدم مصالح يدها العسكري ورؤيتها السياسية، كما إن بعض الجهات الراديكالية ستمنع هؤلاء المهجرين العائدين إلى ديارهم لأن في ذلك تقويضاً لفعل الاحتلال، وقد كان من نتائج ذلك استشهاد وجرح عدد من أهالي عفرين المحتلة! إذ إنه تُستخدم قضية عودة المهجرين- على الصعيدين العسكري والسياسي- كورقة ضغط في النزاعات الإقليمية. القوى المسيطرة، وفي مقدمتها تركيا، ترى في استمرار تهجير الكرد من أماكن سكناهم أداة لإضعاف أي مشروع كردي محتمل، وتعزيز قبضتها على المنطقة، من خلال إحلال مستوطنين عرب مستقدمين من من مدن سورية أخرى لاحتلال بيوتهم، وهو ما ترفع قسد- من جهته- وتيرته من خلال محاولة خدمة تكتيكاتها السياسية، لتكون هناك حاضنة خاصة لها، انطلاقاً من منظور حربي، ومصدر للتجنيد الإضافي تحت أمرتها. في ظل هذا الواقع، تبرز ضرورة وحدة الصف الكردي- وعدم تبعية كرد سوريا لأية جهة كردستانية لاسيما ل ب ك ك- كخطوة أساسية للتصدي لهذه التحديات. لأن الانقسامات الداخلية أضعفت الكرد في الماضي، ويجب تجاوزها من أجل وضع خطة استراتيجية لمواجهة السياسات التركية والفصائل التابعة لها. إذ إن الكرد غيرمهيئين- حقيقة- لما يتم ما بعد طوفان- الجولاني- الذي سيفتح بوابة تحولات كثيرة في المنطقة، أولها أن سوريا 2024 لن تكون سوريا 2011، وكل هذا بسبب تعنت نظام الطاغية الأسد ومن آزروه لهدر دماء السوريين وضياع سوريا، وهذا ما يتحمل مسؤوليته النظام الدموي ذاته!، ناهيك عن أن تركيا التي لعبت دور الساحر الأكبر مهددة هي ذاتها بأن تكون في مرمى النار التي جاءت بحطبها وفتيلها، في إطار وأد القضية الكردية وممارسة الإبادة بحق الكرد، وهك>ا بالنسبة للعراق- إيران- كل بلد من هذه البلدان تحت الظروف الناشئة والمتولدة في ظل الجاري، وهذا ما يفرض على ب ك ك الاشتغال على مشروعه الداخلي ورفع يده عن الأجزاء الكردية: في كردستان سوريا- كردستان العراق- كردستان إيران، لأنه مثل أعظم كارثة حلت بالكرد خلال نصف القرن الماضي، وارتفعت وتيرة ذلك خلال الحرب السورية"2011- 2024" على نحو أكبر وأخطر!
ورغم أهمية هذه الوحدة، فإن الواقع يشير إلى نقص كبير في الاستعدادات لما بعد العودة. باعتبار أن المشاريع السياسية الكردية غالبًا ما تفتقر إلى رؤية شاملة لإدارة المناطق الكردية وضمان استقرارها، لاعتبارات عدة: استئثار حزب ب ي د بالسلطة ومحاولة منع أي طرف آخر غيرتابع أو غيرمنضو تحت سياساته العمل السياسي أو العسكري. هذا النقص في التخطيط يجعل الكرد في موقف دفاعي دائم، ويعرضهم لمخاطر الاستغلال أو الإقصاء في اللحظات الحاسمة. وفي سياق التطورات الأخيرة، يشير تمدد هيئة تحرير الشام (الجولاني) إلى مناطق جديدة إلى طوفان جديد يهدد البنية الاجتماعية والسياسية في المنطقة، ما يزيد من تعقيد الوضع. إن ما يجري حاليًا بعد الاستيلاء على حماة ومناطق أخرى يؤكد أن المشروع التركي والإقليمي أكبر بكثيرمما يعتقد- ولربما أفلتت الأمور من يدي تركيا إن كانت هناك جهات دولية كبرى على علم وتنسيق مع الجولاني الذي دخل في سنوات حكم إدلب في دورة تدريب واختبار للانفتاح على الآخرين، ولو من قبيل: الزعم. أجل، إن السياسات الحالية ليست مجرد احتلال مؤقت، بل هي جزء من خطة طويلة الأمد تهدف إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية والديموغرافية في سوريا على نحو كامل، وهو ما سيخيب آمال من يعول على الجاري بأنه ثورة من أجل سوريا واحدة موحدة، مركزية، بقيادة الأخوان، أو كما يتوهم كل طرف على حدة، بأنها ستكون تحت قيادة يريدها، أو يمثلها. عموماً، إن عودة المهجرين تحتاج إلى تدخل دولي فعّال يضمن توفير بيئة آمنة لهم، مع إشراف منظمات حقوقية مستقلة لضمان عدم تعرضهم لأي تهديد. استعادة المنازل المسلوبة من أهلها في عفرين شرط أساسي لتحقيق العدالة، كما أن التخطيط للمستقبل وإعداد رؤية استراتيجية لما بعد التحرير ضرورة قصوى. هذه الرؤية يجب أن تشمل إدارة المناطق المحررة وضمان حقوق جميع مكونات المجتمع. إن عودة كل مهجر إلى دياره في عفرين أو الجزيرة وغيرهما يجب أن تكون الهدف النهائي لأي عملية سلام أو تسوية سياسية، باعتبار منع التغيير الديموغرافي إحدى أهم النقاط التي اتفقت عليها المعارضة الرسمية في وثائقها. هذه العودة ليست فقط حقًا إنسانيًا، بل شرط أساسي لاستقرار المنطقة وإنهاء الظلم الذي لحق بالسكان الأصليين. من خلال الوحدة، التخطيط، والعمل الجاد، يمكن للكرد استعادة حقوقهم وتأكيد وجودهم في وجه المشاريع التي تهدد كيانهم ومستقبلهم.
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شجاعة الكتابة في زمن الفوضى: بين وضوح الرؤية وتحديات المجهول
-
سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟ أي مصير ينتظر سوريا والسوريين؟
-
سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟
-
مأساة سري كانيي وتل أبيض: الوجه الآخر للتهجير في أوج التجاهل
-
إطلاق النار الاستباقي ووسائل التواصل الاجتماعي مقاربة نفسية
...
-
الشائعات في زمن الحرب: بين التضليل والتحقق
-
أردوغان متذاكياً مجرم محتل في صورة ملاك!
-
قوافل العودة إلى عفرين: حين يصبح الحنين إلى- المنزل الأول- م
...
-
مصطلح الثورة في ترجمات القتلة وأشباههم!
-
الكرد وحق الاستقلال و مواجهة مخططات الإبادة
-
سوريا على مفترق طرق.. من أطلق النصرة من قمقمها؟
-
عابرون في مهمة عابرة.. في منفذي المخطط
-
سوريالية المشهد السوري: بين لعبة المصالح وتفكيك الجغرافيا
-
انتفاضة نساء- كاخري-
-
ضابط المخابرات منيرالحريري: ستوب...!
-
الحرب الإلكترونية الأولى في دهاليز الإنترنت!
-
الأدب الكردي المكتوب بالعربية3
-
الروائي المصري أحمد طايل يحاور إبراهيم اليوسف1
-
سليمان كرو إعلامي الإرادة الفولاذية!
-
عين الحياة: في رثاء الجارة الطيبة!
المزيد.....
-
دمشق تشكل لجنة تحقيق في أحداث السويداء
-
بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغت
...
-
المبعوث الأميركي يشيد بالشرع وإسرائيل توجه رسالة لدمشق
-
ويتكوف يزور غزة.. وإسرائيل تلمّح إلى إمكانية توسيع عمليتها
-
حماس وفصائل أخرى: الطريق إلى الحل يبدأ بوقف الحرب
-
بشرى لمرضى الشلل.. شريحة في الدماغ قد تتيح التحكم بالأدوات
-
لقاء سوري إسرائيلي جديد.. بين رسم تفاهمات وتصفير المشكلات
-
دمشق تعلّق على -اللقاء التاريخي- بين بوتين والشيباني
-
وزارة العدل السورية تشكل لجنة للتحقيق في أحداث السويداء
-
سلوفينيا تحظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل على خلفية حرب غزة
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|