أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عين الحياة: في رثاء الجارة الطيبة!














المزيد.....

عين الحياة: في رثاء الجارة الطيبة!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 7916 - 2024 / 3 / 14 - 09:37
المحور: الادب والفن
    


عين الحياة



في رثاء الجارة الطيبة!


في أول أيام رمضان، وردت إلى رفيقة الدرب أم أيهم مكالمة هاتفية، كانت على الطرف الآخر جارة عزيزة، من جيراننا الأعزاء في مدينة- قامشلي- الذين لم ينقطع تواصلنا معاً، منذ أن غادرنا قامشلو أو منذ أن حملنا معنا هذه المدينة في مجاري دمنا، كي تنظم دقات قلوبنا، وتضبط أنفاسنا. لا أعرف كم استغرقت المكالمة، إلا إن زوجتي توجهت نحوي وقالت:
أم رشاد تهديك السلام!
ابتهجت على الفور باستذكارها لنا-هكذا على نحو دائم- إذ إنه من المألوف أن تتصل أم رشاد على نحوخاص بأم أيهم، و تكون لي حصة قليلة من هذه المكالمة، أنى كنت في البيت، تذكرني ببعض مواقف المزاح الذي بيننا، إذ كنا نتبادل المزاح كما المزاح بين أم وولدها، فهي كما عدد من الجارات الأكثر قرباً من بيتنا، في زمن والدتي، ومن ثم في زمن زوجتي، كما جيراننا القدامى: كل باسمه وقدره. أعرف أن أم رشاد عانت من مشاكل في غضروف ركبتيها، ما دعاها تعرج قليلاً، قبل أن تضطر منذ سنوات إلى ملازمة السرير، يصلنا صوتها عبر الواتساب وهي تنشد بصوتها الجميل المؤثر- قصائد المتصوفة- أو تختارها لأم أيهم التي ترسل إليها، بالمثل، بعض ما يؤنسها في محنتها، وهي المرأة العفيفة الطاهرة التقية المتعاونة مع جيرانها، كما أكثر الجيران الذين عرفناهم في مدينة قامشلي، وفي كل محطة أقمنا فيها.
بعد استقرارنا في قامشلي، طرقت أم رشاد باب بيتنا لأول مرة، كي تعرفنا على أسرتها:
زوجي محمد علي خال أبناء عمكم السيد عبدالحكيم
أنا ابنة السيد حسين من قرية "التنورية"
أخي السيد جمال كان هنا وحدثنا عنكم!
وما إن زارنا أقرباؤنا القادمين من- قرية سحيل- ومن ثم شقيقها حتى تم التجسير بين بيتينا، فهي ابنة قريب لنا، ومن قرية مجاورة لمسقط رأس أبي وعمومتي . أنا عمتكم كانت تقول لنا. وعلى هذا النحو فإننا، ومن خلال كوكبة من الجيران بدأنا حياة تكاد تذكر بحياة القرية التي قطنا فيها: تل أفندي- ونستأنف روح وبراءة وعفوية علاقات القرية، وما أكثر المواقف التي وقفت معنا هذه المرأة الفولاذية كما قبيلة من رجال شأنها- على سبيل المثال- كما العمة بسنة أم آزاد، لاسيما عندما كنت في مطلع شبابي رب أسرة صغيرة ومعي أخوتي- طلاب المدارس- قبل أن يسكن أقرباء لنا في الحي، وكان والداي في القرية، إذ إننا كنا أحوج إلى من يقف إلى جانبنا، في تفاصيل يومية، لاسيما أثناء حالة مرض أحدنا. موت طفلي البكر حسن. إسعاف زوجتي والكثير من المواقف اليومية التي يتعاون فيها الجيران، وكنا - في المقابل- ضمن حدود إمكاناتنا مع الجيران، ومن بين ذلك: فتح دورات تعليمية مجانية- لطلبة الشهادات- ومعونة الجيران في قضاياهم أنى تمت الحاجة، امتداداً لروح التكافل التي يبديها جميعنا تجاه بعضنا بعضاً..!
جيراننا. نعم الجيران كانوا، أتذكر أم- هوادار- تنبهني أن دورية- أمن- راحت تبحث عن بيتي. أو تدخل امرأة البيت بذريعة ما:
انتبهوا الشارع مراقب
ولا أريد أن أذكر أسماء هنا الآن، لاعتبارات كابحة!
كانت الأوضاع الاقتصادية لأسرة- أم رشاد- جيدة، قبل أن تتردى، بعد فك شقيق زوجها شراكته و أبي رشاد في- معمل البلوك- الذي كانا يديرانه، والانتقال إلى حي آخر، لاسيما إن نسبة البطالة كانت جد عالية، وهوما كان يقصم ظهور من لا موارد زراعية أو تجارية لهم، ولهذا فقد وقفت أم رشاد إلى جانب زوجها وقفة ألف رجل، وهذا كان حال نساء الحي اللواتي كن أعمدة بيوتهن، في مؤازرة أزواجهن، وتربية بناتهن وأبنائهن.
ما إن انتهت المكالمة الهاتفية بين أم رشاد وأم العيال، حتى راحت أم العيال تقول حرفياً:
سبحان الله، اسمعوا، لقد حدثتني أم رشاد أنها وجدت في منامها والدي- أي الشيخ عبدالرحيم سيد محمود والد زوجتي- وهو يقول لها اجلبي معك كذا إلا إنه كان ثقيلاً فلم أستطع حمله!
وكانت المفاجأة من قبلها أنها ما إن استيقظت من نومها حتى طرقت باب بيتها إحدى أفراد عائلتنا لتزورها من دون موعد مسبق.

كانت مكالمتها عن ربط المنام بالزيارة من دون أن تعرف أن هناك فصلاً ثالثاً لهذا المنام، إذ إنني في عصراليوم الثاني، وبعد مرور حوالي أربع وعشرين ساعة على مكالمة أم رشاد، استيقظت من نوم القيلولة لأفتح واتساب كروب العائلة، وأجد صورة خيمة عزاء أم رشاد إلى جانب تبادل العائلة التعازي بوفاتها.
إنها إحدى المصادفات الغريبة التي تذكرها بنات الراحلة، وأسرتنا، وكنت شاهداً عليها، وتكاد تشبه الخرافة، كانت آخر رسالة من أم رشاد المرأة الطاهرة العفيفة رحمها الله مأواها جنان الخلد!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحات مطوية من انتفاضة الثاني عشر من آذار الكردية 2004- : من ...
- صفحات مطوية من انتفاضة الثاني عشر من آذار (1-3).. إلى إبراهي ...
- سبع عشرة سنة من الحفاظ على إحدى أهم المدونات الإلكترونية الك ...
- الإعلام ما بعد الحداثي بين دورين متناقضين.. وسائل تواصل أم و ...
- مؤسسات المجتمع المدني في دورها الكبير: الاتحاد العام للكتاب ...
- فرهاد محمد علي صبري تسع عشرة سنة على الشهادة البطولية! إلى أ ...
- جنديرس تناشد: ماالذي يمكن فعله؟
- إيزيديو عفرين تحت ظل الاحتلال التركي.. جينوسايد وديانة مهددة ...
- مابعد خطبة جنديرس: الدعوة لإجهاض الانتفاضة تحت ستار العلم
- ثنائية الداخل والخارج في مواجهة الاحتلال التركي لعفرين
- زنار عزام: لا، رجاء، لاتزال مواعد كثيرة في انتظارك!؟
- مقالات: في محاولة وأد انتفاضة جنديرس.. دعوات الثأر من الضحية ...
- رسائل انتفاضة جنديرس وهتك أكذوبة «المحرَّر!»
- انتفاضة جنديرس: انتفاضة النار المقدسة
- وابيشمركاه!
- جنديرس تتزلزل، جنديرس تزلزل.. إلى آل بشمرك
- السوشيال ميديا واستهداف الشخصية العامة:مقاربات التشخيص والمع ...
- السوشيال ميديا: ونشر ثقافة الكراهية- في الدافع والمدفوع به!
- استقلالية الكاتب -2
- منكوبو عفرين يطلبون خيماً لامخيمات!


المزيد.....




- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عين الحياة: في رثاء الجارة الطيبة!