أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟














المزيد.....

العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8180 - 2024 / 12 / 3 - 18:29
المحور: كتابات ساخرة
    


في عالمنا اليوم، يروج العديد من الأشخاص لفكرة العزوبة كحالة من الحرية المطلقة، حيث يعتقدون أنهم قد اكتشفوا سر السعادة في الابتعاد عن التزامات الحياة الزوجية والاجتماعية. هؤلاء الأفراد الذين يرفعون شعار "أنا حر، لا أحتاج لأحد"، يظنون أن حياتهم تمثل قمة الرفاهية. لكن، رغم كل المظاهر، قد يكتشف هؤلاء الأفراد في وقت ما أنهم محاصرون بين جدران وحدتهم، حيث يقضون الأمسيات بمفردهم يتناولون البيتزا الباردة في منتصف الليل أو يشاهدون المسلسلات بدون رفقة. قد تبدو هذه الحياة مغرية في البداية، ولكن هل هي حقا حياة سعيدة؟

لنأخذ العزوبة كمثال لرحلة بحرية على متن يخت فاخر. في البداية، كل شيء يبدو رائعا؛ لا التزامات، لا مواعيد مع الأهل، ولا مسؤوليات تذكر. لك كامل الحرية في تنظيم وقتك كما تشاء، دون أن تضطر لتبرير أي من اختياراتك. ومع ذلك، سرعان ما تتبدد هذه الصورة المثالية، وتتحول الرحلة إلى قارب صغير يواجه عاصفة من المشاعر الداخلية. فبدلا من الاستمتاع بالحرية، يبدأ الشخص في التساؤل: "أين ذهب الجميع؟" ومع مرور الوقت، تصبح الوحدة أكثر وضوحا، وتبدأ أسئلة مثل "هل هذا حقا ما أريده في حياتي؟" في الظهور. تصبح حياة العزوبة، التي كانت في البداية مليئة بالحرية، مصدرا للعزلة والفراغ.

على النقيض، يأتي الزواج الذي يعتبر في كثير من الأحيان كالدخول إلى حلبة مصارعة. في البداية، يتطلب الزواج الكثير من القوة والصبر. فهو ليس مجرد علاقة عاطفية، بل شراكة تتطلب القدرة على التكيف مع التحديات والتعامل مع المسؤوليات اليومية. يحتاج الزوجان إلى التعاون المستمر والقدرة على مواجهة الصعوبات معا. ورغم أن هذه العلاقة قد تكون مرهقة أحيانا، إلا أن هناك في النهاية حلاوة وسعادة غير قابلة للمقارنة. فكلما زادت التحديات، زادت اللحظات الجميلة التي تنشأ نتيجة للتعاون والاحترام المتبادل. تخيل مثلا أن تكون في ليلة ممطرة، تحت غطاء دافئ، تتحدث مع شريك حياتك عن أحلامكما وطموحاتكما بينما يتلاشى العالم الخارجي. هل يمكن أن توفر العزوبة لك هذا النوع من الراحة العاطفية؟ هل يمكن أن تحقق لك هذه السكينة الداخلية؟

قد يبدو من السهل أن تروج للعزوبية كحالة مثالية للهروب من مسؤوليات الحياة الزوجية، ولكن الحقيقة هي أن الحياة الزوجية، رغم تحدياتها، توفر شيئا لا يمكن أن توفره العزوبية: المشاركة العاطفية والدعم النفسي. ففي الزواج، لا يقتصر الأمر على العيش مع شخص آخر، بل يتعدى ذلك إلى بناء حياة مشتركة قائمة على التفاهم والتعاون. الزوجان لا يتشاركان فقط لحظات الفرح، بل أيضا لحظات الصعوبات والضغوط، وهذا هو ما يعزز العلاقة ويمنحها عمقا. في الأوقات التي يمر فيها الشخص بتجارب صعبة، يجد في شريك حياته مصدرا للراحة والدعم العاطفي.

إن العزوبة قد تكون خيارا مريحا لفترة من الزمن، ولكن مع تقدم العمر ومرور الوقت، تبدأ الحاجة إلى التفاعل البشري العميق في الظهور. فحتى لو كانت الحياة العزوبية ممتعة في البداية، إلا أن الأنشطة الفردية قد تصبح مملة مع مرور الوقت، ويبقى الفراغ العاطفي والانعزال عن المجتمع عائقا كبيرا. فالحياة تحتاج إلى المشاركة مع الآخرين، وعندما يجد الشخص شخصا آخر يشاركه التحديات والأحلام، تصبح الحياة أكثر ثراء وإشباعا.

في النهاية، إذا كنت تفكر في العزوبة كخيار دائم، يجب أن تدرك أن الحياة ليست مجرد رحلة على متن يخت فاخر. الحياة الحقيقية هي تلك اللحظات التي تقضيها مع شخص آخر، سواء كانت لحظات الفرح أو الأوقات الصعبة. إن الزواج ليس مجرد شراكة عاطفية، بل هو مغامرة حقيقية مليئة بالتحديات واللحظات الجميلة التي تشاركها مع شريك حياتك. لذا، في المرة القادمة التي تفكر فيها في العزوبية، تذكر أن الحياة ليست مجرد بيتزا باردة في منتصف الليل، بل هي وليمة من اللحظات الجميلة التي تستحق أن تشاركها مع شخص تحبه.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستمطار الصناعي في المغرب: حلم السماء التي لا تمطر
- نتنياهو في قبضة القدر: اعتقال غفلة!
- -أزمة الكهرباء في جماعة وليلي زرهون: بين التهميش والتمييز وغ ...
- -وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية: إعلان رسمي عن علما ...
- حقوق الإنسان: من خطب المهرجانات إلى متاجرة الضمير
- -محمد وأمنية ما بين السخرية والفلسفة: حين يتلاقى حسن الخاتمة ...
- عريضة شعبية تطالب الملك بمحاسبة وزير العدل وهبي وإقالته من م ...
- الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن: أداة سياسية أم عقبة أمام السل ...
- عيد الاستقلال المغربي: بين الفرح والاختلافات الاجتماعية
- -القصاص أم السياسة؟ السعودية تنفذ حكم القتل في خيانة وطنية و ...
- العالم اليوم: قانون الغاب في ثوب جديد
- المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟
- الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الفرنسية على ضوء قرار ...
- إسرائيل: ضحية نفسها في مسرحية عالمية
- -التغطية الإعلامية للأميرة للا خديجة: بين المظهر والتأثير ال ...
- سيارات الدولة: رموز الفساد الإداري في المغرب وضرورة الإصلاح ...
- -الأعداء: سلاح سياسي أم مجرد وهم درامي؟-
- ماكرون: -خنجر المغاربة- في قلب المقاومة الفلسطينية
- ماكرون في المغرب: طاجين سياسي ومفاوضات على نار هادئة
- إسرائيل وإيران: دراسة في صراع القط والفأر


المزيد.....




- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...
- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...
- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟