بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8178 - 2024 / 12 / 1 - 15:35
المحور:
كتابات ساخرة
في زمن الجفاف الذي يهدد البلاد ويجعل الأرض أكثر جفافا من كوب قهوة تركي، قررت الحكومة المغربية اتخاذ خطوة جريئة، بل جريئة جدا، وهي الاستمطار الصناعي! نعم، كما سمعتم، الحكومة لم تكتف بالدعاء للمطر أو بالرقص تحت السماء العاتية، بل قررت أن تلعب دور الساحر وتطلب من السماء أن تمطر كما لو كانت متجرا للملابس يضيف قميصا إلى سلة المشتريات.
والآن، دعونا نتخيل المشهد: مجموعة من العلماء في مختبراتهم، يرتدون المعاطف البيضاء ويبدون جادين جدا، في حين أن الأرض تصرخ عطشا. أحدهم يلوح بيده قائلا: "ماذا لو أطلقنا بعض المواد الكيميائية في السماء؟ ربما تحل الأمطار علينا كالأفلام الهوليوودية!" وفي تلك اللحظة، يبدو أن السماء كانت مشغولة بمشاهدة مسلسل درامي على شاشتها الخاصة ولم تكن مهتمة بتهدئة الأرض العطشى. ولا تسألوا عن المال الذي تم إنفاقه، فقد بدأ يتبخر كما لو كان السكر في كوب شاي ساخن. "أين ذهبت كل تلك الملايين؟" يتساءل المواطنون، وهم يشاهدون الغيوم تمر فوقهم وكأنها تتجاهلهم.
وبينما العلماء مشغولون بإطلاق المواد الكيميائية، قرر بعض الفلاحين أن يتخذوا مسارا مختلفا. "لماذا ننتظر المطر؟ لماذا لا نزرع الأمل؟" يقول أحدهم وهو يزرع بذورا في الأرض الجافة، متخيلا أنه سيحصل على شجرة أمل بدلا من شجرة زيتون. ولكن في النهاية، يبقى السؤال: هل كانت هذه التقنية حقا الحل السحري، أم أنها مجرد وهم علمي يعكس ما يمكن أن نطلق عليه "كوميديا الجفاف"؟
قد يظن البعض أن الاستمطار الصناعي هو الطريق الذي سيقودنا إلى حياة أفضل، ولكن الحقيقة أن السماء قد تكون أكثر تعقيدا من حسابات العلماء، فلا يمكن لأحد أن يطلب من الطبيعة أن تلتزم بمواعيدها كما لو كانت موظفا في مكتب حكومي. وفي الوقت الذي تستمر فيه الحكومة في إطلاق المواد الكيميائية في السماء، يبقى الأمل معلقا في سحب قد تكون في مزاج سيئ، أو ربما مشغولة بأمر آخر.
ورغم هذه المحاولات، يبقى بعض الفلاحين متمسكين بالطرق التقليدية، حيث يقول أحدهم: "إذا كانت السماء لا تريد أن تمطر، فلنزرع الأرض بأيدينا. ربما تنبت لنا شجرة الأمل بدلا من شجرة الزيتون!" وربما تكون هذه الفلسفة أكثر منطقية في عالم يتبع منطق الطقس الذي لا يمكن التنبؤ به، بينما تواصل الغيوم الظهور كأبطال خياليين في مسلسل طويل من الجفاف.
في النهاية، السؤال الذي يبقى هو: هل الاستمطار الصناعي هو الحل السحري للأزمة المائية، أم أنه مجرد "حيلة" علمية تستهلك الأموال كما يستهلك الجفاف المياه؟ ربما علينا أن نتفق على شيء واحد: دعونا نستمتع بالضحك في مواجهة الجفاف، سواء كان جفافا في السماء أو في جيوبنا، لأن في النهاية، الضحك هو الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها البقاء مبتسمين تحت غيوم لا تريد أن تمطر.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟