أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى جمال علي - الـ جنة كرهان وجودي: بين فلسفة العبث، الإلحاد، والإنسانية














المزيد.....

الـ جنة كرهان وجودي: بين فلسفة العبث، الإلحاد، والإنسانية


مصطفى جمال علي

الحوار المتمدن-العدد: 8178 - 2024 / 12 / 1 - 10:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتقاطع هذه الفكرة مع أعمال فلاسفة وكتّاب مثل أوشو، ألبير كامو، وبرتراند راسل، الذين تناولوا قضايا المعنى والوجود من زوايا فلسفية متعددة. كل منهم قدّم نقدًا للنهج التقليدي للدين والإيمان، خاصةً عندما يتعلق الأمر بفكرة الخلاص والجنة. في هذا السياق، يمكن استعراض آرائهم لإثراء النقاش حول هذا الموضوع.

ألبير كامو: العبث وإيجاد المعنى

كامو، في فلسفة العبث، يرى أن الحياة خالية من أي معنى جوهري مُطلق. البشر يسعون بطبيعتهم للبحث عن معنى في عالم صامت لا يُقدم إجابات واضحة. وفقًا لهذه الرؤية، فكرة الجنة أو الخلاص هي محاولة لملء هذا الفراغ، لكنها تظل حلًا مفروضًا يُبعد الإنسان عن مواجهة العبث وقبوله.

كامو يقترح بدلاً من البحث عن اليقين السماوي، أن يحتضن الإنسان العبث ويعيش بصدق، مستمدًا قيمه ومعناه من التجارب اليومية والعمل الإنساني. في هذا السياق، الخوف من عذاب القبر أو الحلم بجنة مثالية يمثل هروبًا من مواجهة حقيقة الحياة كما هي.

الجنة، من منظور كامو، قد تكون “تمردًا” ضد العبث؛ ولكنها تمرد لا يعترف بحدود الإنسان ووجوده في هذا العالم، مما يجعلها أشبه بمقامرة غير مجدية. الحل ليس في الانشغال بالآخرة، بل في تكريس الحياة للفعل الإنساني: للفرح، للحب، وللبحث عن الحرية.

برتراند راسل: الدين والإلحاد العقلاني

راسل، أحد أبرز فلاسفة الإلحاد العقلاني، كان ينتقد فكرة الدين القائم على الخوف، واصفًا إياه بأنه نظام يبقي الإنسان في حالة من الخضوع النفسي. بالنسبة له، الإيمان بالجنة والنار ليس سوى وسيلة للتحكم بالبشر من خلال إثارة القلق الوجودي.

راسل يقترح استبدال هذه المخاوف بالرؤية العقلانية. بدلاً من الانشغال بالمكافآت السماوية أو العقوبات، يجب أن يركز الإنسان على تحسين ظروف الحياة الأرضية. القيم الإنسانية – مثل العدالة، والرحمة، والتعاطف – لا تحتاج إلى أساس ديني.

في كتابه “لماذا أنا لست مسيحيًا”، يوضح راسل أن الأخلاق الحقيقية تنبع من العقل وليس من الدين. هذه الرؤية تدعو لتحرير الإنسان من الرهبة الوجودية وإعادة توجيه جهوده نحو بناء عالم أكثر عدلاً ورفاهية.

أوشو: الدين كأداة تحرر وليست قيدًا

أوشو يقدم رؤية أكثر روحانية، حيث يرى أن الدين – إذا فُهم بمعناه العميق – يجب أن يكون وسيلة للتحرر، وليس أداة للخوف والهيمنة. الانتقال من الدين التقليدي إلى الروحانية الفردية هو ما يدعو إليه.

في كتاباته، ينتقد أوشو الطقوس والقواعد التي تقيد الإنسان وتحجب عنه جوهر التجربة الروحية. بالنسبة له، فكرة الجنة والنار تقتل الإبداع وتجعل الإنسان عبدًا للترهيب والترغيب.

أوشو يرى أن الحياة نفسها هي الجنة إن أدرك الإنسان حقيقتها. هذا الإدراك لا يأتي من اتباع النصوص أو الخوف من العقاب، بل من عيش اللحظة الحالية بوعي كامل، مستمدًا السلام الداخلي من الاتصال بالطبيعة والوجود.

التقاطع مع الإنسانية: بناء عالم أفضل هنا والآن

على ضوء هذه الفلسفات، يمكن رؤية الدين التقليدي كمشروع قائم على تأجيل تحقيق السعادة إلى ما بعد الموت. هذا التأجيل، الذي يحوّل الجنة إلى “مقامرة”، يحرم الإنسان من استثمار طاقاته في تحسين الحياة هنا والآن.

الإنسانية، كمفهوم فلسفي وأخلاقي، تتقاطع مع رؤى كامو وراسل وأوشو، حيث تدعو لتركيز الجهود على تحقيق قيم الخير والعدل في هذا العالم. من خلال الاعتماد على العقل والضمير الإنساني، يمكن استبدال الخوف الوجودي برؤية إيجابية تقوم على الفعل والبناء.

خلاصة

عند النظر إلى الجنة كمفهوم ديني من زاوية فلسفية، يظهر أن التمسك بفكرة الخلاص قد يكون عبئًا نفسيًا يعوق تطور الإنسان. النقد الذي قدمه كامو وراسل وأوشو يكشف الحاجة إلى إعادة التفكير في علاقة الإنسان بالدين والوجود. ربما يكون الحل ليس في البحث عن يقين خارجي، بل في تقبل العبث، تعزيز التفكير العقلاني، والانغماس في التجربة الإنسانية بوعي كامل، محققين بذلك جنتنا الأرضية التي نصنعها بأيدينا.



#مصطفى_جمال_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرف الديني: عندما تصبح الأساطير تهديداً للحريات
- “لحم الخنزير المحرّم: طقوس غامضة وأساطير وصراعات سرية تُعيد ...
- رحلة البسطامي: من ظاهر الحج إلى أعماق العرفان
- “الكائنات الفضائية، الأطباق الطائرة، والمحاكاة: هل نعيش في و ...
- -لعنة الطفل: أنياب في قلب الظلام-
- كيف تعرقل الدول الإسلامية حقوق المثليين في العصر الحديث
- زواج القاصرات في القانون العراقي: خرق لحقوق المرأة بتشجيع من ...
- -العنصرية: الحصن الأخير لحماية الهوية الغربية من تهديد الثقا ...
- اللغة: بين بناء الهوية وتفكيك الإنسانية - رحلة في أعماق التأ ...
- الانتهاكات ضد أفراد مجتمع الميم في العراق: تطورات الاضطهاد ا ...


المزيد.....




- رحيم صفوي: سيتبلور شرق أوسط كبير محوره الثورة الإسلامية وجبه ...
- صحف إسرائيلية: الوكالات الأمنية فقدت السيطرة على المتطرفين ا ...
- آخر 4 بقوا بالمدينة.. جورج قسطنطين يسعى لإعادة الحياة للمجتم ...
- مفتي القاعدة السابق: أميركا حاولت اختطاف بن لادن والتنظيم سع ...
- الاحتلال يحول المسجد الأقصى إلى قاعة احتفالات استعمارية بإقا ...
- سموتريتش: إذا قدمنا تنازلات مقابل الأسرى سيضع ذلك اليهود في ...
- فوز زهران ممداني يكشف الوجه القبيح لمعاداة الإسلام في الولاي ...
- -الأعباء ثقيلة ولكننا لا ننحني إلا الله-.. السيسي يوجه خطابا ...
- ماما جابت بيبي..أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات ...
- مستعمر يدعس شابا من كفر الديك غرب سلفيت


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى جمال علي - الـ جنة كرهان وجودي: بين فلسفة العبث، الإلحاد، والإنسانية