أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسيل العزاوي - التابو الرقمي – نسق التحريم عند وزارة الاتصالات في العراق














المزيد.....

التابو الرقمي – نسق التحريم عند وزارة الاتصالات في العراق


أسيل العزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8178 - 2024 / 12 / 1 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتمدت وزارة الاتصالات على تطبيق سياسية القمع الثقافي على المجتمع العراقي ، إذ ترى إن حجب وتقليص المواقع الإلكترونية من وجهة نظرها تساهم في رسم مصفوفة أخلاقية جديدة عبر ممارسة الوصاية الإلكترونية على خيارات المواطن وتحديدها من موقع السلطة في متابعة المواقع التي تتلائم مع رغبات وخيارات الوزارة. ويعد فرض الرقابة الأبوية – الإلكترونية من قبل الوزارة هي بداية جديدة لقمع الحرية التي كفلها الدستور العراقي، ومنها الحرية الإلكترونية في المتابعة. إذ أصبح عمل الوزارة بمثابة عبئًا على المواطن ، وسلطة مضادة في ممارسة التسلط الحكومي في بلد يتبنى نظامه السياسي النهج الديمقراطي ، فضلا عن ذلك ، ساهمت المحاصصة السياسية في تخريب عمل الوزرات، إذ أصبحت كل وزارة ذات توجه إيديولوجي للحزب الذي تنتمي إليه في عكس توجهات الحزب الفردية وفرض آرائه غير السليمة على المجتمع.
وانتهجت وزارة الاتصالات سياسة الحظر التام؛ من خلال استحواذها على المنصات الرقمية وفرض سلطتها على المواطنين، الذين أصبحوا هامشًا في الامتثال إلى قرارات الوزارة عبر إطلاقها لحملتها تحت شعار( محاربة المحتوى الهابط ) ،وبدأت بوادر سياسة القمع الإلكتروني عند وزارة الداخلية في تطبيق قانون المراقبة والمعاقبة من خلال فتح موقعها الإلكتروني تحت عنوان ( بلغ عن المحتوى الهابط) وتعد هذه المراقبة معالجة قانونية متعالية من موقع السلطة في ممارسة سياسة قمعية ممنهجة، إذ جعلت من المواطن رقيبًا وشريكًا مع السلطة في قمع المواطنين الآخرين. وكانت هذه السياسة معتمدة في حقبة النظام الديكتاتوري السابق، في جعل أسلوب التخويف والمعاقبة أسلوبًا طبيعيًا يجب على المواطن أن ينصاع إليه. وبالتالي تقليص سقف الحريات وتجريمها من خلال تكميم الأفواه وتقييد حرية التعبير اللفظية والجسدية، بكونها ممارسات غير مقبولة مجتمعيًا. وفي الوقت نفسه ، لم تحدد وزارة الداخلية ماهي معايير المحتوى الهابط وسجلت اعتقالات وكفالات مالية بحق الأشخاص يقدمون محتوى يتسم بالتفاهة أو الاستعراض الجسدي الفردي ، ولم تتدرج الطائفية والتحريض والتخوين والفساد والقتل والاعتداء ضمن محتويات المادة الهابطة ، كما إنها طبقت على بعض الفئات دون غيرهم بصورة تعسفية ، وبشكل أوسع طبقت على النساء.
وفعلت وزارة الاتصالات هي الأخرى، قرار محاربة المحتوى الهابط عبر حجب المواقع الإباحية ،إذ سجل العراق أعلى نسبة مشاهدة فيها. وعدت الوزارة هذا الحجب هو إنجازا فرديا ومغايرًا ، يجب مواصلة هذا القمع وتطبيقه فهو أصبح النشاط الأول للوزارة ، وترك المهام الأكثر أهمية لنفع المواطن والدولة، فاختزل عمل الوزارة في مطاردة المواقع وحجبها ، فحظرت قبل مدة قصيرة تطبيق لتقييم الأفلامIMDB ))، وتابعت بعد ذلك في حظر تطبيق الساوند كلاود فهو تطبيق يقدم البودكاست الصوتي والأغاني. وتعد هذه المواقع عالمية بامتياز وتدخل ضمن المجال فني والإبداعي وتساهم في رفع المستوى الذوقي ومنها : مواقع الأفلام والأغاني. فضلا عن ذلك ، تقع ضمن حيز التفضيلات الفردية للمواطنين، فليس من المعقول مشاهدة الأفلام أو الاستماع إلى أغاني يتم إدراجها ضمن تصنيفات المحتوى الهابط ،بوصفها متابعات غير أخلاقية تزيد من التدني القيمي والأخلاقي للمجتمع.
وتتبنى الوزارة سياسة عشوائية وغير مدروسة في حجب المواقع التي تشكل عائقًا في رفع المستوى الأخلاقي حسب تصور الوزارة . ومن جانب آخر، تعد سياسة الحجب عنفًا رمزيًا يمارس على المواطن من خلال تقبله ثقافة الحظر، بدءًا من حجب المواقع الثانوية لخطوة أكبر في حجب كل المواقع الرئيسة. ويشكل الانفتاح الرقمي جزءًا من ثقافة المجتمع ، وأن التدهور الأخلاقي للمجتمع أسبابه بنيوية عميقة رافقها خضم الحروب المتتالية والسياسات الديكتاتورية، فضلا عن الفساد المستشري في الحكومات ما بعد التغيير وانتشار ظاهرة المخدرات وكل هذه العوامل أدت إلى استفحال التفاهة والتدهور المجتمعي. فهي نتيجة للواقع الذي يعيشه المجتمع إذ يعاني من مستويات مرتفعة في التخلف الاجتماعي والتدهور الاقتصادي والانسداد السياسي ، فساهمت هذه العوامل كلها في إنتاج ثقافة شعبية تصدر التفاهة والتسليع المادي للإنسان. وكان على الوزارة إن تتخذ حلولًا ناجعة أكثر أهمية للمجتمع عبر معالجة أسباب الانهيار القيمي في المجتمع والنظر إلى الأسباب التي أدت إلى هبوط الثقافة والإبداع ،واستفحال ظاهرة التفاهة، وأسباب المشاهدات المرتفعة للمواقع الإباحية التي تدل في عمقها على الكبت الجنسي لدى المجتمع وهي ثقافة مجتمعية تمتد جذورها إلى التنشئة التي تعتمد على الفصل بين الجنسين والتحريم الجنساني للجسد ورغباته ، وغياب الثقافة الجنسية في المؤسسة التعليمية، فضلا عن ارتفاع نسبة الفقر والتخلف والجهل لدى فئة الشباب، فأصبحت هذه المواقع بمثابة تعويض الإلكتروني عن الحرمان الجنسي رافقها انعدام كل مقومات الحياة الكريمة، فتصاعدت نسبة مشاهدة الجنس الرقمي الذي يتناسب طرديا مع زيادة حالات التحرش والعنف الجنسي والابتزاز الإلكتروني، وطالما تقع النساء ضحية هذه الممارسات غير الأخلاقية التي تتعرض إليها من قبل الجنس الآخر. وتحتاج هذه الظواهر إلى معالجات جادة من قبل الحكومة وليس عبر سياسة الحظر القاصرة في مضامينها في معالجة هذه الظواهر الخطيرة التي أدت إلى تخريب بنية المجتمع العراقي.



#أسيل_العزاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوصاية البطريركية من الخيمة الصحراوية إلى المؤسسة الجامعية- ...
- تهافت البرلمان العراقي في تعديل قانون الأحوال الشخصية وتشريع ...
- الأمة العراقية- المواطنة الشاملة فكرا وممارسة عند حزب امارجي ...
- المفهوم الفلسفي لخطاب امارجي السياسي
- : الثقافة السياسية العضوية عند حزب امارجي الليبرالي
- مفهوم الأمة العراقية عند حزب امارجي الليبرالي
- المرتكزات الانطولوجية والسياسية لحزب امارجي الليبرالي
- أصالة الهوية السياسية عند المرأة العراقية
- دور المرأة العربية في تخريب النسوية


المزيد.....




- أزياء الممثلّة التركية هاندا أرتشيل.. بين أنوثة هادئة وجرأة ...
- مظاهرات في مدن إيرانية تنديدا بالهجمات الإسرائيلية ودعما للن ...
- -يا لسذاجتهم-.. خطيب الجمعة في طهران يشحن المشاعر وخروج آلاف ...
- ما فرص نجاح الدبلوماسية في نزع فتيل الحرب بين إسرائيل وإيران ...
- شاهد اللحظات الأولى لآثار القصف الإسرائيلي لمقرّ التلفزيون ا ...
- خل التفاح.. هل يساعد فعلا على إنقاص الوزن؟
- ماذا يعني استهداف المرشد الايراني إن حصل؟
- السلطات الصحية الأمريكية تمنح الضوء الأخضر لعلاج وقائي واعد ...
- زيارة -تاريخية-... رئيس وزراء أرمينيا في تركيا تلبية لدعوة أ ...
- دول عديدة تجلي رعاياها من إسرائيل وإيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسيل العزاوي - التابو الرقمي – نسق التحريم عند وزارة الاتصالات في العراق