علاقة اللغات الأورالية-ألتاية باللغة السومرية

ديار الهرمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 18:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

دراسات لغوية حول علاقة اللغات الأورالية-ألتاية باللغة السومرية مثل أعمال جيرارد كلاوسون ودانيس سينور.

الحديث عن العلاقة بين اللغة السومرية واللغات الأورالية-ألتاية يتطلب التعمق في سياق تاريخي ولساني شامل حيث إن اللغة السومرية تعد من أقدم اللغات المكتوبة في التاريخ وتُعتبر لغة معزولة (Isolate) لا تمتلك صلة مؤكدة بأي عائلة لغوية أخرى.

ومع ذلك ظهرت محاولات من قبل بعض الباحثين لربطها باللغات الأورالية-ألتاية، وهي مجموعة لغوية تشمل اللغات التركية، المنغولية، التنغوسية، إضافة إلى الأورالية (مثل الفينية والمجرية).

السومرية كمنظومة لغوية
خصائص اللغة السومرية:
نظام إلصاقي:
اللغة السومرية تستخدم نظام الإلصاق (Agglutinative Morphology)، حيث تُضاف اللواحق إلى الجذور لتغيير المعاني أو الوظائف النحوية.
هذا مشابه لما نجده في اللغات التركية والفينية.

ترتيب الجملة:
النمط النحوي للغة السومرية هو فاعل-مفعول-فعل وهو أيضًا النمط السائد في معظم اللغات الأورالية-ألتاية.

غياب جنس الأسماء؛
لا توجد تفرقة جنسية في الأسماء، وهو ما يشبه اللغات الأورالية-ألتاية.

عزلة اللغة:
السومرية لا تنتمي لأي عائلة لغوية معروفة. تعتبر لغة يتيمة يُعتقد أنها تطورت في بلاد ما بين النهرين قبل ظهور الأكادية السامية.

أعمال جيرارد كلاوسون
جيرارد كلاوسون (Gerard Clauson) كان لغويًا بارزًا متخصصًا في اللغات التركية وأصولها التاريخية.

في أعماله، ناقش احتمالات وجود صلات بين اللغة السومرية واللغات الأورالية-ألتاية بناءً على الخصائص التالية:

التشابهات المعجمية:
كلاوسون لاحظ وجود تشابهات بين بعض المفردات السومرية والتركية، لكنه أكد أن هذه التشابهات قد تكون نتيجة اقتراض أو تطور مستقل.

مثال على التشابه؛
الكلمات السومرية ذات الدلالات الزراعية أو الاقتصادية التي قد تتشاركها شعوب المنطقة عبر الاتصال الثقافي.

النظام الإلصاقي:
ربط كلاوسون بين التصريف الإلصاقي للسومرية ونظيره في التركية والمغولية، حيث تُضاف سلسلة من اللواحق إلى الجذر ما يغيّر المعنى دون تغييرات داخلية كبيرة في الجذر.

الحذر في الاستنتاج:
كلاوسون كان دائم الحذر واعتبر أن السومرية ربما تأثرت بلغات مجاورة ذات خصائص مشتركة مثل الأورالية-ألتاية، لكن هذا لا يثبت علاقة وراثية مباشرة.

أعمال دانيس سينور
دانيس سينور (Denis Sinor) كان باحثًا متخصصًا في دراسات الأوراسية وقدم تحليلات معمقة للصلات المحتملة بين السومرية واللغات الأورالية-ألتاية.

النحو والتركيب:
ركز على التشابهات النحوية، مثل ترتيب الكلمات والإلصاق.

أشار إلى أن بعض القواعد النحوية في السومرية مثل استخدام اللواحق للتعبير عن الزمن والحالات الإعرابية تتشابه مع تلك الموجودة في الأورالية-ألتاية.

المفردات:
اقترح سينور أن بعض المفردات السومرية، خاصة المتعلقة بالأنشطة اليومية والزراعية، قد تكون قريبة من نظيراتها في التركية أو الفينية-الأوغرية.

الديناميكيات الثقافية:
ركز سينور على احتمال أن تكون التشابهات ناتجة عن التفاعل الثقافي بين شعوب آسيا الوسطى وبلاد ما بين النهرين، بدلاً من علاقة لغوية مباشرة.

نقاط مشتركة بين السومرية والأورالية-ألتاية

الإلصاق:
كلتا المجموعتين تستخدم نظام إلصاق لواحق لتشكيل الكلمات.

النمط النحوي:
ترتيب الجملة في السومرية يماثل الأورالية-ألتاية.

التشابه الصوتي:
وجود بعض التراكيب الصوتية المشتركة خاصة في الحروف الساكنة رغم أن هذا قد يكون ناتجًا عن الصدفة أو الاقتراض.

المفردات الأساسية:
أمثلة محدودة على كلمات قد تكون متشابهة في المعنى والنطق.

التحديات والنقد

غياب الأدلة القاطعة:
معظم المقارنات تعتمد على التشابهات السطحية، والتي يمكن أن تكون مصادفة أو ناتجة عن اقتراض ثقافي.

التطور المستقل:
الخصائص المشتركة مثل الإلصاق وترتيب الجملة قد تكون نتيجة تطورات مستقلة وليست دليلاً على علاقة وراثية.

الاقتراض الثقافي:
الاتصال الثقافي بين بلاد ما بين النهرين وآسيا الوسطى قد يكون مسؤولاً عن التشابهات أكثر من وجود علاقة لغوية مباشرة.

على الرغم من التشابهات التي ناقشها كلاوسون وسينور، لا توجد أدلة قوية تربط اللغة السومرية باللغات الأورالية-ألتاية بشكل مباشر.

معظم الدراسات اللاحقة ترى أن السومرية لغة معزولة تطورت بشكل مستقل في سياقها الخاص.

يظل الموضوع مفتوحًا للبحث خاصة مع التقدم في الدراسات المقارنة واللغويات التاريخية.

#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات