أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - شيء عن الريح














المزيد.....

شيء عن الريح


فرج بيرقدار
(Faraj Bayrakdar)


الحوار المتمدن-العدد: 1783 - 2007 / 1 / 2 - 11:08
المحور: الادب والفن
    


أيهما أكثر إغواء؟
نداء الريح.. أم نداء الهاوية؟
أتساءل من باب التواصل مع نفسي، لا بحثاً عن جواب، فأنا أعرف مسبقاً أن لكل منهما في داخلي ظلالاً وعلامات، بيد أني الآن أتذكّر امرأةً عاصفة، وأميل إلى الريح.
ترى.. إذا كان للمرأة أن تكون عاصفة
أفلا يمكن للعاصفة أن تكون امرأة؟
كلتاهما تشهق وتزفر، وتلفح الروح بما يشبه البرق، على أن العاصفة لا تعدو كونها واحداً من أطوار الريح، وإن كان الطور الأكثر وثنية، وبالتالي فإن الريح أكثر من امرأة واحدة، بل أكثر من كونها مجرد امرأة.
أتكون هذه الظلال هي ما يدفعني الليلة إلى الكتابة؟
أم هي جنازة الأرض التي يبلبلها عويلُ ندّاهةٍ فاجعةٍ اسمها: الريح؟
أترون؟ منذ قليل كانت الورقة أمامي بيضاء كالكفن، وقد أخذ القلم الآن يشيع فيها شيئاً من الدفء والحياة.
أليست الكتابة شكلاً من أشكال مواجهة الموت؟
لماذا إذن لا نحاول أن نكتب شيئاً ما، شيئاً عن الوهم أو الحقيقة، شيئاً عن الحب أو الكراهية، شيئاً عن الدمعة أو الحجر، وإذا أحببتم.. شيئاً عن الريح؟!
أعترف لكم بكثير من الحزن والخجل، أن الريح الآن هي الصلة الوحيدة لي مع الخارج، وهاأنذا أحاول الذهاب معها في اتجاهين نقيضين:
إلى أقصى البراءة والخيال على ضفاف طفولتي المبددة، وإلى أقصى النوايا المفخخة لغموض الغيب ودهائه.
ليست واضحة لي تماماً حدود علاقتي بالريح..
أحياناً تبدو لي أماً رؤوماً، تثير سجاياها حتى غيرة الآلهة.. وأحياناً عرّافةً شمطاء مجبولة بالسخط واللعنة والخراب.
تارة تملؤني بالشعر والأسى والسكينة.. وتارة بالعبث والتحدي وروح المغامرة.
هكذا أبداً كانت الريح بالنسبة إلي ولا تزال.
ترقّ أحياناً حتى تغدو أشبه بغزالة عاشقة، وتنفر أحياناً كأفراس وحشية مجنونة.. كما تفعل الآن في هذه الليلة الشتائية الكافرة.
أكاد أبصرها بقلبي وأذنيَّ.
(لا مبالغة في هذا ولا مجاز.. فنحن السجناء، نعتمد على قلوبنا وآذاننا أكثر بكثير مما على عيوننا).
ليتكم تصغون إليها الآن كيف تعصف وتتقصف.
تهدأ في بعض الأحيان، كأنما لتلتقط أنفاسها، ولكنها سرعان ما تنجدل وتهتاج.. تنتفض وتثور.. تعوي وتصهل وتولول.
يرجّ هزيمها الجدران والأسطحة، وتدق سنابكها الأبواب والنوافذ.
أكاد أبصرها بقلبي وأذنيّ، وهي تشد الأشجار من شعرها حتى تستغيث.. وهي تسوط الجبال، وتردح الوديان، وتطغى على البيد رمالاً عاتية، حتى ليس ثمة من زرقة ولا سراب. لكأنها تنقضُّ على الفضاء بأجرح ما عندها من طيور.. وعلى الفلوات بأشرس ما عندها من ذؤبان.. وعلى الجهات بأغمض ما عندها من طرق هاشلة وضائعة وعمياء، مخلفةً وراءها أمواجاً وزوابع، ودوامات تتكسر أصداؤها فيما يشبه صراخاً بهيمياً مجروحاً، أو نشيجاً جنائزياً مطعوناً باليأس و الحنين والعدم.
أتساءل ثانية من باب التواصل مع نفسي، لا بحثاً عن جواب:
ما هي حدود العلاقة بين الروح والريح؟
بين اليأس والآس؟
بين النشيد والنشيج؟
بين الزمان والمكان؟
بين المرأة والمئذنة؟
كل هذا ينهمر الآن في الخارج مطراً مؤلماً ورخياً وعاتباً.
إذن لقد دخلت الريح في طور آخر.. في رقصة أخرى أكثر رقة ورشاقة وانسياباً،
وربما أكثر صوفية.
حسناً.. أوشك الليل أن ينتهي، وهاهي الريح شيئاً فشيئاً، تأخذ ملامح امرأة من ماء الورد وخمرة القداسة.
طوبى لها غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً.
طوبى لك أيتها الريح
كم أنت حرة وسيدة!
وكم نحن.. كما تبصرين!



#فرج_بيرقدار (هاشتاغ)       Faraj_Bayrakdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذهاب
- ليس للبكاء.. ليس للضحك
- نزف منفرد
- الطائر
- رؤيا
- سوريا.. ليَّات
- دفاعاً عن الحرية
- بقية الكأس وسؤال أخير
- وِرد.. من أجلهنّ
- كأس
- تدمريات.. ما فوق سوريالية
- وَهْوَهات
- مقام خمر
- ما بعد منتصف الهذيان
- “أب.. إلى حد البكاء”
- حمامتان.. وقمر.. وثلج أيضاً
- الطريق
- دوائر ذات شهيق متصل
- “إلى الشرق”
- البرزخ


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - شيء عن الريح