أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي النجار - مذكرات غابرييل غارسيا ماركيز














المزيد.....

مذكرات غابرييل غارسيا ماركيز


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1780 - 2006 / 12 / 30 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


في منطقة الموز وفي”أراكارتاكا“ احدى مدن كولومبيا الصغيرة، مدن المنطقة الحارة والمبعثرة بين البحر وتلال الرمل ولد ماركيز عام 1928 ليكون اكبر الابناء الاحد عشر في اسرته الذين تربوا جيداً على ثقافة الكاريبي، كان لعالم اسرته الاسطوري اثر بالغ في كتابة رواياته”

ما كان يمكن لنموذج ملحمة كالذي كنت احلم به ان يكون غير نموذج اسرتي بالذات، وهي اسرة لم تكن بطلة قط، او حتى ضحية شيء محدد بعينه انما مجرد شاهد بلا فائدة وضحية لكل شيء “ كان منذ طفولته شاحباً ومستغرقاً في التأمل ولم يكن يتكلم الا ليروي هذيانات، وكانت حكاياته في معظمها بسيطة من الحياة اليومية يجعلها اكثر جاذبية بتفاصيل متخيلة لكي يصغي اليه الآخرون، وكانت افضل مصادر الهامه هي الاحاديث التي يتبادلها الكبار امامه والتي كان يمتصها مثل اسفنجة ثم يفككها الى اجزاء ويقلبها لكي يخفي الاصل، وعندما يرويها للاشخاص انفسهم الذين رووها تتملكهم الحيرة للتوافق الغريب بين ما يقولونه وما يفكرون به. يقول ماركيز”وانا افكر الآن في ان كل ذلك لك يكن خبث طفل، كما يمكن ان يظن وانما التقنية البدائية لراو في بداياته، من اجل جعل الواقع اكثر متعة وقابلية للفهم“.
صمم ماركيز منذ البداية على ان يكون كاتباً بالرغم من رغبة الاب في ان يواصل دراسته الجامعية، استمر الجدال بشيء من الصدامية بين افراد العائلة:”لن اكون شيئاً، انني ارفض ان تجعلوا مني بالاكراه، ما لا اريد ان اكونه“ وفي احد الايام تتنازل الام وتطلق اقتراحا مفاجئاً”يقولون انه يمكن لك اذا ما صممت ان تصير كاتباً جيداً“ انتقل الى بوغوتا تلبية لرغبات الاسرة ليدرس في كلية الحقوق بالجامعة الوطنية، لم تستهوه الدراسة الجامعية، كان نهماً في قراءة الكتب التي يوفرها الحظ والمصادفات، يقرأها في غرفته او في مقاهي بوغوتا المميزة، مقاهي مركز المدينة التي تصب فيها عاجلاً او آجلاً شؤون حياة البلاد بأسرها، كان يقرأ الشعر بل كان يعيش في ظل الشعر، كان الشعر شغفاً جنونياً، طريقة اخرى في الحياة، كرة من اللهب تتدحرج تلقائياً في كل الاتجاهات، قرأ الروائع الروائية لجيمس جويس وفرانز كافكا ولم تكن تلك القراءة لهذين الكاتبين مجرد اكتشاف لعالم خاص لم يخطر له يوماً وجوده في داخله، وانما كان كذلك مساعدة تقنية لاتقدر بثمن لبناء كتبه.
كانت اول قصة تنشر لماركيز مطبوعة هي”الاستسلام الثالث“ على صدر صحيفة”الاسبكتادو“ الواسعة الانتشار والتي تمثل المعارضة باتجاهها الليبرالي والذي سيصبح فيما بعد نفسه ماركيز احد اعضاء هيئة تحريرها المهمين، كان رد فعله الاول حين اصطدم بعنوان قصته المنشورة هو اليقين الساحق بعدم امتلاكه خمسة سنتات لشراء الصحيفة وقد كان ذلك هو الرمز الاكثر جلاء للفقر”ولكنني لم اجد في المقهى المجاورة احداً من معارفي يمكنه ان يمنحني قطعة نقد كصدقة لأشتري الصحيفة، عندما رجعت الى الشارع كنت مستعداً للاقدام على اي شيء. وجدت رجلاً ارسلته العناية الالهية، يترجل من سيارة تكسي وفي يده جريدة الاسبكتادور فطلبت منه، مواجهة، ان يهديها الي.. هكذا استطعت قراءة قصتي الاولى مطبوعة، لقد كنت اكتشف في كل سطر، القدرة الساحقة للكلمة المطبوعة“ عمل ماركيز في المجال الصحفي طيلة حياته واكتشف لأول مرة ان في التقرير الصحفي ”الريبورتاج“ امكانية ليس كوسيلة باهرة لتقديم المعلومات، وانما اكثر من ذلك كجنس ادبي، ولن تنقضي سنوات طويلة قبل ان يخوض التجربة بنفسه وان يتوصل الى الايمان بأن التقرير الصحفي والرواية هما ابنان للام نفسها.
حين نقرأ مذكرات ماركيز لابد ان نتذكر مدينة”ماكوندو“ الاسطورية، هذه المدينة الساحلية، الغارقة في اطراف كولومبيا المتسعة، نتذكرها لأنها القاسم المشترك في جميع رواياته حتى عام 1967 ونتساءل ما هي ماكوندو؟ لقد استرعت هذه الكلمة اهتمام ماركيز منذ الرحلات الاولى مع جده ولكن لم ينتبه الا بعد ان كبر الى ايقاعها الشاعري وشحنتها السحرية، هي وهم وهي حقيقة، ماكوندو ليست مكاناً بقدر ما هي حالة فكرية.
يقول غابرييل في احدى مقابلاته ”بالنسبة لي فان الكتاب الذي اؤلفه هو كتاب ماكوندو، انه كتاب العزلة“ وكان ماركيز قد استخدم ماكوندو في ثلاثة كتب كاسم قرية متخيلة وتعد مسرحاً لروايته ”مائة عام من العزلة“ التي صدرت عام 1967 وعدت قمة اعماله حتى ذلك العام ثم صدرت ملحمته”خريف البطريرك “ عام 1975 كانت رائعة من روائع الادب الانساني.
والتي مازالت تشغل النقاد في العالم وقد ترجمت الى اكثر من ست عشرة لغة، انها موسوعة تعج بأغاني الشاطئ الكولومبي، حيواناته واعشابه، طرائفه ومآسيه.
رواية مفزعة يتجاوز بها ماركيز حدود اميركا اللاتينية ليظهر في صفحات رائعة حياة دكتاتور كلي
الوجود يعلن حالة الحرب على كل منافسيه، كذلك يظهر ماركيز الوجه الاخر للحياة، الحياة التي لم يكن الدكتاتور يراها الا من القفا.
بعد خمسين سنة يقول غابرييل غارسيا ماركيز:
علمتني الحياة نفسها ان احد اكثر الاسرار فائدة في الكتابة هو تعلم قراءة رموز الواقع دون توجيه اسئلة.
وحين يسأل، من انت؟
يجيب بابتسامة تبدو نواياها المتواضعة مكشوفة: لم اكن قادراً ان اخبرك، لأنني انا نفسي مازلت حتى اليوم لا اعرف من اكون



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصخب وثقافة العولمة
- الوقائع المزورة والام الحلاج
- النداءت المضيئة لرقي الانسان
- عن ماذا يكتب المثقفون
- جدليات ابن خلدون
- لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم
- الدستور والتمويه الثقافي
- رسالة في التسامح
- من اجل قراءة معرفية للتراث
- ماذا نفعل مع ثقافة العولمة
- مذهب للكراهية...مذهب للتسامح
- جدلية الثقافي والسياسي
- الجدل روح الثقافة
- الدستور من الطائفية الى العلمنة
- الفضاءات الطوباوية وهدر الدم
- بغداد بين الشريعة والحكمة
- الاسلام المتنور وثقافة العنف
- الذكرى السنوية السابعة لرحيل البياتي
- كيف يمكن ان نعيش سويا ومختلفين
- البياتي شاعر الحب واللِّماذات


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي النجار - مذكرات غابرييل غارسيا ماركيز