|
هواجس أدبية ــ 319 ــ
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8133 - 2024 / 10 / 17 - 00:51
المحور:
الادب والفن
ابق حيث الغناء 15 استأجرت بيتنا بمبلغ أربعين دينارًا في الشهر، حوالي ستين دولارًا في حي المدينة الرياضية. عبارة عن غرفة واحدة ثلاث أمتار في ثلاثة أمتار، في داخل هذه الغرفة الحمام والمرحاض دون باب. جلب لي نجيب سريرًا وفراشًا ولحاف ووسادة ومدفئة على الكاز وبابور. لم يكن لدي كرسيًا أو أي شكل من أشكال الرفاهية في هذا البيت الصغير البائس. احيانًا كثيرة كانت المجارير الطافية تدخل الغرفة فتملأ الغرفة بمياه المراحيض، اضطر لتنظيفها كل أسبوع مرتين، ولم يكن أي إنسان يستطيع دخول بيتي، يهرب بسرعة البرق بسبب الرائحة الكريهة. مرات كثيرة أخبرت ابو هاني، صاحب الملك الذي تتكون عمارته من خمس طوابق، حجارته بيضاء صقيلة عن معاناتي فيرد: ـ غدًا سيذهب أبني هاني إلى مصلح المجاري ويطلبه ليحل هذا الموضوع. بيد أنه كان يكذب، في محاولة التنصل من إصلاح المجارير التي تأتي من أعلى الطوابق وتنزل في غرفتي. أبو هاني إنسان بخيل جدًا، إلهه ودينه المال، إنسان كريه جدًا نتنًا قذرًا في شكله وتكوينه ومزاجه وسلوكه ونذالته. مرات كثيرة كان يأتي لغرفتي، يجلس على سريري كضيف أو لأخذ قسط من الراحة أو لألتقاط أنفاسه من عناء الصعود على الدرج إلى شقته في الطابق الثالث لكونه كان مريضًا بالسكري ويعاني من ضغط الدم المرتفع، وكان عصبيًا نزقًا دائم التوتر والغضب، ومتدينًا، بيد أن القرش كان لديه أهم من الأيمان. كانت قدمه مفتوحه ولديه مرض بالقلب، لكنه دائم النشاط والحركة والحيوية، ويتعب بسرعة، حب المال يدفعه دفعًا لملاحقة أعماله وأمواله ومتابعة شؤونه المالية العالقة هنا وهناك. رجل عملي جدًا، عمل وكد واجتهد واشتغل في السعودية، تغرب عن بلده، فهو فلسطيني أردني، وحصل المال بجهده، وبنى هذا المبنى الضخم ولديه سيارة، ومسيطر على بيته وعائلته، ومغلق على نفسه والأخرين نفسيًا وعقليًا. كنت أقرف منه، فعينه زائغة نحو النسوان بالرغم من أنه أقرب إلى القبر من الحياة. لم أعد أرى نجيب إلا نادرًا أو في المناسبات، أقضي أغلب وقتي في مكتبة شومان، أخذ معي بعض الأوراق والقلم وأمشي من المدينة الرياضية إلى جبل عمان. في المكتبة أخذ زاوية معينة، استعير كتابًا ما وابدأ بالقراءة. أخرج من البيت في التاسعة صباحًا بعد أن أفطر وأدوش ثم أسير قاطعًا المسافة لوحدي، الذي أقدره باكثر من ثماني كيلومترات لتوفير خمسة عشرة قرشًا أردنيًا، أي بمقدار كيلو خبز في الأردن في ذلك الوقت. لم يكن لدي صديق مقرب أبثه همومي أو أحزاني أو ظروفي الصعبة، انطويت على نفسي وبقيت أساير وحدتي ووجعي. عندما كنت أعود إلى البيت أطبخ طبخة ليومين أو أكثر، اختار أرخص المواد لأمرر الأيام بالأيام. لم استدن من إنسان ما قرشًا واحد، أرسلت لي أختي صونيا مع بقية أخواتي في السويد خلال وجود في الأردن مدة سنة وتسعة أشهر ألفي دولار ومئتي دولار. كما أعطتني أختي أنجيل أثناء عبورها من اليمن إلى سوريا حوالي أربعمائة دولار. بعد الغذاء أذهب إلى المدينة الرياضية أجلس هناك في صمت مع نفسي تحت ظلال الأشجار وحركة الناس، رياضتهم، أشاهد لقاء العشاق خفية أو بالسر، يجلس الحبيب مع حبيبه بغنج ودلال بعيدًا عن أعين الأهل والناس. المدنية الرياضية كبيرة جدًا ربما طولها أكثر من ألف متر وعرضها يوازي طولها تقريبًا في حي جميل في عمان، ربما في وسطها وكان الملعب البلدي في داخل هذه المدينة، أسمع تشجيع اللأعبين، صراخهم وصافرة الحكم وأحيانًا عراك المشجعين أثناء جلوسي أو المشي في هذا المكان الكبيرة مساحة وجمالا. وفي داخل هذه المدينة يوجد مكتبة لم أعد اذكر اسمها، ربما المكتبة الهاشمية، في هذا العام تابعت نشاطات المسرح والفن والغناء. وكانت عمان في العام 2002 عاصمة الثقافة العربية، كتفعيل لدور الثقافة في الحياة. حضرت بعض العروض للفرق الشعبية العربية والفرق الموسيقية والعروض الغنائية، ورأيت الكثير من الممثلين العرب والمغنين. هذا زودني بطاقة إيجابية في حضوري لهذه النشاطات بمتعة كبيرة. مكتبة شومان من أرقى المكتبات العالمية، فيها كتب رائعة ومتعددة ومتنوعة حديثة وتراثية، وهي تابعة لعائلة شومان الفلسطينية التي لديها البنك العربي، مرات كان هذا البنك يقرض الدولة الأردنية بالمال عندما تحتاج. كنت أنظر بإعجاب شديد لهذه العائلة، فهي تساعد الفقراء والمحتاجين وتقدم المنح للطلاب الأوائل في امتحانات الشهادة الثانوية لتؤهلهم للدخول إلى الجامعة. ومرات كثيرة كانت تستدعي المفكرين العرب إلى عمان لإلقاء المحاضرات الثقافية، في الأدب والفكر والسياسة والتاريخ والسينما والمسرح. في البلاد العربية لا يشعر المرء بالغربة على الأطلاق، اللغة واحدة وسمات الناس وحركتهم والأشكال البنائية للمدن وزيارة الأماكن، لهذا كنت املاء وقتي بما هو شيق ومفيد ومتعة، بيد أن هذا كله كنت أقضيه لوحدي، فما كنت أقوم به كان يناسب نفسيتي وتكويني النفسي، ألاحق الثقافة من مكان لمكان. في العام 2002 اتصل بي أحد الأصدقاء من أوروبا وعرض علي المساعدة، عرفني على الصديق يحيى شقير في جريدة العرب اليوم، زرته لهذا الصديق النبيل، فعرفني بدوره على الكاتب الأردني الأشهر في الأردن هو موفق محادين. ألتقينا في مبنى الجريدة بنى على موعد مسبق حدده الأخ يحيى، تعارفنا، أخذني هذا الرجل إلى الشارع، قال: ـ يوجد مهرجان في حي الفحيص هل تذهب معي؟ ـ بالطبع سأذهب معك، ونتعارف عن قرب. أخذنا المكرو باص وسرنا باتجاه هذه الحي البعيد عن عمان، سألني عن ظروفي وسبب مجيء إلى الأردن، قلت له أنني كنت سجينًا سياسيًا في سوريا. كانت نظراته نظرات خبير، فموفق له عمود يومي في الجريدة، تنزل في الصفحة الأولى، وهو كاتب مهم وله كتب كثيرة تتناول الشأن الأردني والعربي. قال لي: ـ هل تعرف سلامة كيلة؟ ـ بالطبع أعرفه. كان معي في المعتقل مدة ثماني سنوات. تجاذبنا أطراف الحديث عن سلامة كيلة والمعتقل والشخصيات السياسية السورية في المعتقل، وكان صديقًا له وللكثير من المثقفين الأردنيين. ثم تكلما عن سوزان، الموظفة في الأمم المتحدة، قال لي: ـ هل قلت لها عن سلامة كيلة؟ ـ لا، لم أذكر اسمه. ـ لماذا؟ سلامة صديق سوزان وزوجها. لو أنك ذكرت اسمه لسهل لك مهمتك. ـ لم أكن أعرف أن سلامة له هذه المكانة في الأردن. أعلم أن لديه بيتًا هنا، بيد أن صلتي به مقطوعة منذ أن جئت إلى الأردن. وصلنا فحيص فرأينا سوزان أمامنا بابتسامة عريضة مرحبة بموفق وبي، قالت: ـ آرام في الفحيص، وبرفقة موفق؟ ما الذي ربطكما ببعض؟ قال لها: ـ لماذا أبقيت هذا الصديق كل هذه المدة الطويلة في الاردن دون ترحيل؟ ـ لسنا متأكدين من المعلومات إلى الأن. ـ كان سلامة معه في المعتقل. نظرات الاستغراب بدت عليها بقوة: ـ ماذا؟ لماذا لم تقل هذا من قبل؟ ـ لم اكن أعرف أنك تعرفين سلامة. سوزان عملت معي خمس مقابلات طويلة جدًا، ولكن بعد لقائي بها وبموفق تم قبول اللجوء بعد أسبوع منه. ومع موفق زرنا الكثير من البيوت الأردنية في الفحيص ورأيت العيون المعجبة به، ومقدار التقدير الكبير له، واغلب البيوت من منشأ ثقافي أما عربي أو ماركسي أو شيوعي، وكل ما نخرج من بيت يسقبلنا بيت أخر معززين مكرمين. موفق وجه ثقافي مشهور في بلد صغير مثل الأردن. وبدورها عرفني على الكثير من الكتاب والمثقفين الأردنيين، وأخذني إلى مقر اتحاد الكتاب الأردنيين في مقره في الويبدة، ومرات كثيرة كان زوج سوزان كان يمر علي بسيارته ليأخذني إلى محاضرة ثقافية أو للجلوس في مقر الاتحاد حصلت على الإقامة بعد وصولي إلى الأردن بسنة، بعدها خرجت من القوقعة والوحدة، قلت لموفق اثناء زيارته لبيتي الكريه، برائحته الكريهة: ـ احتاج إلى العمل، ربما أبقى مدة طويلة أخرى في هذا البلد. وقلت له ما نوع العمل الذي أريده. وعدني خيرًا، بيد أنه ذهب ولم يفعل شيئًا، وعندما كنت ألتقي به في ملتقى ثقافي ما أو في مقر اتحاد الكتاب كان ينظر إلي بخجل، يقول لي: ـ لقد قصرت معك يا آرام. حقك علينا.
أليست القداسة استعلاء، فوقية، تعالي على الحياة والواقع والناس والتاريخ؟ أليست الرموز الدينية شأن عام يؤمن به جزء كبير من البشر، وجزء يرفضها؟ ألم يكن الأنبياء موجودين قديما في حياتنا، وما زالوا جزءًا مهمًا في حياتنا؟ وعاشوا في فترة زمنية محددة من تاريخ البشرية، وهم جزءًا من التاريخ البشري؟ وكان لهم أعداء، وكان لهم انصار بالملايين، وأنهم غيروا الخارطة العالمية والتاريخ البشري كله؟ لماذا لا يحق لنا في عصرنا الحالي، عصر الحريات العامة والخاصة، والفكر الحر والنقد، أن نكتب عنهم أو نرسمهم أو حتى نرجمهم فكريًا وأدبيًا وفنيًا؟ لماذا يحق للمؤمنين أن يقدسوهم وينشروا قيمهم وأفكارهم في كل أطراف الكرة الأرضية، ولا يسمح لنا بانتقادهم؟ من الذي أعطى الحق للمؤمنين أن يصادروا حقنا في الحرية، والانتقاد عبر الكتابة أو الرسم أو الموسيقى؟ لماذا هذا الاضطراب الذي يساور المؤمن عندما ننتقد دينه؟ ولماذا يخاف عليه ويتشنج؟ لماذا يشعر هذا المؤمن بأن الكون كله يختل إذا اقتربنا من مسلماته؟ إذا كنت واثقًا من قناعاتك وقيمك وأفكارك، فمن حق الأخرين أن يؤمنوا بقناعاتهم، وأن ينشروها كما تنشر فكرك. العين بالعين والسن بالسن، في الفن والأدب والفكر والفلسفة والحق والخير والشر، والحق في النشر في الأقنية التلفزيونية والجرائد والمجلات، وعلى صفحات الفيس بوك وغيره.
الكثير من اللاجئين الذين جاؤوا إلى الغرب، وصلوها بنفسية الإنسان المنتصر. يمكنك أن ترى الكثير منهم ليس لديه أي تواضع أو إحساس بالظلم. ولا تشعر أنه هرب من الحرب أو الملاحقة أو الحاجة. وأغلبهم عائم، لديه احساس بالشبع من الحياة. وإنه جاء إلى بيته، بيت أجداده. لاجئين مودرن أو لاجئين سياحة، بمعنى، ليس لديهم هم وطني أو فكري أو ثقافي. قسم كبير منهم اشترى أحدث موديل سيارة، وفارهة كالمارسيدس أو الأودي أو ال ب م دبليو. وكأنهم لم يأتوا من بلد محتل ومقسم ومدمر.
إن مراوغة النص، مراقصته، التلذذ به من خلال اللعب في جنباته ضرورة ورغبة ناقصة. في ممارسة التورية والخفاء، والتعمية، تكمن لذة مكثفة، لذة مكبوتة لا يمكن أن تصل صاحبها إلى النشوة، لأنها عاجزة، تبقى عاجزة دائمًا، لا تستطيع الخروج إلى الضوء إلا من خلف الستائر المتخيلة. أي أن محاولة بلوغ النشوة بالآخر يتم عبر التخيل، الذي هو نتاج العجز في الوصول إلى الحبيب. إن النص المراوغ ربما يستطيع أن يحرر الذات، لنقل بعض من الذات، بيد أنه يبقيها قلقة، حيرانة، في حالة عطش دائم.
دائمًا, الأقوياء بربابرة لا ثقافة لهم، يسرقون غيرهم، كالثروة والمال والحضارة ويلبسوها. القوة بقدر ما تمنحك القوة والسلطة بقدر ما تجعلك مستلبا خاضعا لمفاعليها. بمعنى، أنها تحولك إلى وحش كاسر لا رحمة في قلبه ولا شفقة، تهرس وتدعس كل من يقف في طريقك إلى أن تصل إلى هرس نفسك في نهاية المطاف. إن امتلاك القوة المجردة تجعلك كائنًا منفصلًا عن ذاتك. القوة التي بين يديك لغم قابل للانفجار ربما تطيح بك وبمن حولك
مر وقت على الإبادة التي يتعرض لها الأرمن في كاراباج في ظل الصمت الدولي والأقليمي الا تخجل تركيا ومرتزقتها وإسرائيل وأذربيجان أن يقاتلوا شعبًا عدده صغير للغاية، في مواجهة مفتوحة بكل أنواع الاسلحة. هل هي بطولة أن تهزم شعبًا وحيدًا، صغير العدد ولا سند له في العالم؟ الأرمن اليوم يعلمون البشرية درسًا في الأخلاق والمبادئ والقيم، أن يدافعوا عن أنفسهم وبقاءهم على قيد الحياة أمام الهمجية التركية. أردوغان هو التركي الأصيل، المضطرب نفسيًا، القلق الذي بين للعالم كله ماذا يعني التركي القاتل. الا تخجل على نفسك يا لقيط أن ترسل كل ما لديك من أسلحة وخبرة لإركاع شعب صغير، هو ما تبقى على قيد الحياة بعد أن أباد أجدادك مليون ونصف منهم. الضربة التي تأتي من الذليل مؤلمة للغاية، بل قاتلة. سيأتي اليوم الذي سترى فيها بلدك ممزقًا يا أردوغان، بمقدار ما تكيل يكال لك ويزداد، هذه هي الحكمة. وإن غدا لناطره قريب.
القوة بقدر ما تمنحك القوة والسلطة بقدر ما تجعلك مستلبا خاضعا لمفاعليها. بمعنى، أنها تحولك إلى وحش كاسر لا رحمة في قلبه ولا شفقة، تهرس وتدعس كل من يقف في طريقك إلى أن تصل إلى هرس نفسك في نهاية المطاف. إن امتلاك القوة المجردة تجعلك كائنًا منفصلًا عن ذاتك. القوة التي بين يديك لغم قابل للانفجار ربما يطيح بك وبمن حولك.
لا يمكن بناء الاشتراكية كما يظن الشيوعيون أو غيرهم بوجود المؤسسة كحالة اغترابية. كما لا يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية أو إعادة الاعتبار إلى إنسانية الإنسان أو الطبيعة بوجودها. الدولة أو المؤسسة، كبنية، فاعل مستقل أو منفصل عن المجتمع. إنها عملية إخضاع سواء كان مكشوفًا أو مستترًا، تخضع كل من يعمل فيها حتى من موقع الفاعل الرئيسي فيها. ولم يصل الإنسان إلى مرحلة يتجاوز فيها المؤسسة إلى واقع موضوعي جديد، مختلف عن الواقع الموضوعي القائم لهذه البنية الاغترابية
أيها الإله المسور بالأحجية والرموز والرقيات. لماذا أنت قابع في الظلمة منتشيًا في وحدتك وصمتك. ألم تمل من الفراغ وانعدام العلاقات. أليس لديك حبيبة أو صديقة أو خليلة أو زوجة تبث لها عواطفك ومشاعرك وقلقك. هل تعاتب نفسك، تنفر منها مرات وتعشقها مرات كما يحدث لنا؟ هل أنت حزين أم سعيد؟ هل أنت راضي عن نفسك؟ الا تشعر بالقلق والتوتر والخوف من الظلمة والوحدة؟ هل تحب الجلوس في الزوايا بعيدًا عن الآخرين حتى لا يراك أحدهم؟ ـ هل تخاف أن يرونك وتتكشف لهم فيذهب سحرك ومهابتك من أعينهم؟ لماذا أنت غريب؟ ودائم الغربة؟
أجمل اللحظات, عندما أعثر على كتاب جديد, يغني حياتي, عدة أيام, ويرفدها بأفاق جديدة, ورؤية جديدة. القراءة فيها لذة البحث عن المعرفة, عن الجمال, والأسرار الغائبة. القراءة متعة, ذوق, وتأمل
حماس دخلت في حرب كسر عظم مع إسرائيل، بكل صراحة أنا لا أعرف ماذا تريد حماس من هذه الحرب إلى هذه الدقيقة؟ هل لديها برنامج سياسي مرحلي، استراتيجي، هل تريد تحريك الأحداث، هل تريد طرد اليهود، هل تريد إنهاء إسرائيل؟ أين قادة حماس منذ عشرة أيام، هل هم في الحرب، في الخارج، ولماذا؟ هناك إعلام مفرط في هياجه، في حماسه، وكل الدول يديها على الزناد دون تحديد الهدف مما يحدث أو سيحدث؟ هل نحن في العصفورية، والكل جاهز للمشاركة في الحقن وتلقيم السلاح، إيران، حزب الله، سوريا، ولا أعرف مين كمان؟ ومظاهرات إدانة من هذا الطرف أو ذاك الطرف على مستوى العالم، وما يوجع القلب أن أغلب الهياج القطيعي دخل على الخط دون بعد سياسي أو معرفي، وعمليًا لا هو في العير ولا في النفير. وترى تحليلات هنا وقراءات هناك وباحين وإعلاميين وكتاب ونشرات أخبار دائرة على مدار الساعة. أغلبنا في حالة هستيريا جماعية، توتر وقلق وضحايا وأبرياء ومذنبين على مستوى جميع أطراف المعمورة. أين العقلاء في هذه المعادلة؟ حقيقة لا يوجد عقلاء، والجمهور القطيعي هايج دون أن يعرف السبب. بلينكن يدور على الدول دون أن يترشح منه أي شيء، ماذا يدور في أروقة السياسة، لا أحد يعرف، لكن القطيع هائج يرقص ويغني ويتوه ويضيع على العقل التفكير المنطقي. حماس ليست جزءًا من معادلة حل الصراع، إذًا من هو صاحب القرار الفلسطيني؟ ومنظمة التحرير أصبحت جثة ميتة، خرجت من المعادلة عن سابق إصرار وترصد، جاء من حماس وإسرائيل، إذا إلى أين نحن ذاهبين يا ناس؟ هل يستطيع القطيع أن يصمت ولو قليلًا؟ ولو بيدي الأمر كنت سأوقف اليوتوب والتواصل الاجتماعي، فهذه المنصات تحتاج إلى تدريب طويل على التواصل الحر والديمقراطي ليتلقف الناس أفكار الآخرين بهدوء ورزانة وعقل طبيعي ودون توتر أو هياج.
اعتقد أن من الواجب، بل من الضروري أن نعيد قراءة أنفسنا على ضوء ما يحدث في عالمنا المعاصر على صعيد المواطنة، والثقافة، والحرية والديمقراطية، والتاريخ والجغرافية والحدود. بالنسبة لي، أرى أغلب المسلمات التي نعرفها أو تعلمناها أو تمسكنا بها في طريقها إلى المقبرة. مفاهيم كثيرة استخدمناها دون قراءة أو دون تفكيك أو معرفة أبعاد كل مفهوم، ليس على صعيد الداخل الوطني في كل دولة، وأنما في العالم كله. العالم على مفترق الطرق مفهوميًا. أرى أن أغلب المفاهيم المتداولة، هي مفاهيم عامة، بمعنى غير متجذرة في أرض الواقع، أستخدمت كحاجة براغماتية، لدفع عجلة السياسة إلى الأمام، وستتساقط في الزمن القادم.
" ثلاثة وتسعون بالمئة من تاريخ الولايات المتحدة هي حروب، بمعنى أن سبعة بالمئة فقط لم تحارب فيها. لقد أنفقت 19 تريليون دولار على الجيش بعد الحرب الباردة، ولديها 800 قاعدة عسكرية حول العالم، ولديها شهية مفتوحة اتجاه الحروب" في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، هذه الولايات المتحدة لن تسمح بهزيمة روسيا ولا بانتصارها، ولا بهزيمة أوكرانيا ولا انتصارها، أنما إبقاء الحرب جارية على قدم وساق، وكلما خف أوارها، تصب عليه الزيت. إبقاء الحرب مستمرة، رغبة وغاية، للولايات المتحدة، وسيحقق لها ما تريده، حسب رؤيتها، سيدمر الاقتصاد الأوروبي والمجتمع، وسيفكك الاتحاد الأوروبي وسيدمر كل ما انجزوه خلال عشرات العقود، وسيبرز اليمين كمنقذ وسند، كما حصل بعد الحرب العالمية الثانية، وسيعيد التاريخ الأوروبي نفسه مرة بعد أخرى إن لم يعتمدوا على أنفسهم. طبعًا، روسيا هذا هو حالها دائمًا، منفعلة بالأحداث وليست فاعلة.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس أدبية وفكرية وسياسية ــ 318 ــ
-
هواجس أدبية 317
-
هواجس ثقافية ــ 316 ــ
-
هواجس ثقافية 315
-
هواجس عامة وخاصة 314
-
هواجس سياسية 314
-
هواجس عامة 313
-
هواجس فكرية وسياسية وأدبية ــ 312 ــ
-
هواجس متعددة ــ 311 ــ
-
هواجس فكرية وسياسية ــ 310 ــ
-
هواجس متفرقة ــ 309 ــ
-
هواجس فكرية 308
-
هواجس عامة ــ 307 ــ
-
هواجس سياسية وفكرية وأدبية 306
-
هواجس عامة أدبية سياسية فكرية ــ 305 ــ
-
هواجس متنوعة ومتعددة ــ 304 ــ
-
هواجس إنسانية وسياسية 303
-
هواجس ثقافية فكرية وأدبية 302
-
هواجس أدبية ــ 301 ــ
-
هواجس فكرية وأدبية ــ 300 ــ
المزيد.....
-
فيديوهات مخلة.. فنان مصري شهير يتعرض لعملية ابتزاز
-
بعد سقوط نظام الأسد.. الفنان دريد لحام يوجه رسالة إلى السوري
...
-
اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
-
تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب
...
-
ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل
...
-
الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و
...
-
بفستان أبيض فخم .. الفنانة اصيل هميم تحتفل بزفافها من رجل أع
...
-
السوداني يوجه بنقل جثمان المخرج قيس الزبيدي إلى العراق
-
رسالة باللغة الروسية تحذر من هجوم تفجيري على بنك الاحتياطي ا
...
-
بفيلم لجوني ديب وتكريم فيولا ديفيس.. مهرجان البحر الأحمر الس
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|