أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - بورتريه أدبي للاغتراب: قراءة في تحفة جودليّه














المزيد.....

بورتريه أدبي للاغتراب: قراءة في تحفة جودليّه


زكية خيرهم

الحوار المتمدن-العدد: 8126 - 2024 / 10 / 10 - 11:13
المحور: الادب والفن
    


الكاتب زهير ياسين شليبه في كتابه "جودليّه" يقدم عملاً أدبياً يصعب تصنيفه، فهو يوصفه بـ"السردية الهجينة العابرة للأجناس". الكتاب يأخذنا في رحلة معقدة ومؤلمة يعيشها اللاجئون في بحثهم المستمر عن الأمان والانتماء، وهو ما يجعل القارئ يتأمل في مدى التناقض بين المشاعر الإنسانية العميقة التي يحملونها وبين التحديات التي يواجهونها في أوطانهم الجديدة.
في الجزء الأول من الكتاب، "رسائل من زمن الحصار"، يغمرنا الكاتب بمشاهد من الماضي والحاضر عبر "مخطوط لُقية"، وهي مجموعة من القصص المؤثرة التي تروي حياة سارد مجهول. نعيش معه طفولته وشبابه في بلاده قبل أن يجبره الواقع القاسي على مغادرتها، ثم نتابع تفاصيل حياته بعد وصوله إلى الدنمارك كلاجئ. تلك القصص لا تقتصر على الحنين للماضي، بل تقدم لنا صورة معقدة عن صراع اللاجئ بين وطنه الذي تركه والبلد الجديد الذي يحاول الانتماء إليه. ما يميز هذه الرسائل ليس فقط التناص بين الذكريات الشخصية والواقع الصعب الذي يفرضه الحصار الاقتصادي على وطنه، ولكن أيضًا التحليل العميق لمشاعر اللاجئين المتباينة: الأمل والحزن، الشوق للعودة والتطلع إلى الاندماج. النصوص تشكل نسيجًا معقدًا من هذه المشاعر، مما يجعل القارئ يبحر في تجربة إنسانية صادقة، حيث لا يمكن الفصل بين الفرح والحزن، بين الغضب والامتنان.
في كل فصل من الكتاب، تتجلى هذه المشاعر بوضوح، سواء كانت فرحة لاجئ بإيجاد استقرار مؤقت أو حزنًا عميقًا على فقدان الوطن. عشت مع كل صفحة من الكتاب وكأنني جزء من هذه التجارب. تأثرت بشدة بأحاسيس اللاجئين، فبينما كانوا يحاولون بناء حياة جديدة، كنت أشعر بالحنين والحزن يتسلل إلى أعماقهم، وكأنهم يعيشون في عالمين متوازيين. لم يكن الكتاب مجرد سرد لأحداث حياة اللاجئين، بل كان أشبه بلوحة فنية تتلون بألوان الحياة المختلفة. كل قصة، كل رسالة، كانت بمثابة لوحة جديدة مرسومة بعناية، تعبر عن مصير مختلف. وما جعل الكتاب استثنائيًا هو قدرة الكاتب على الجمع بين الفكاهة والدراما، بين السخرية السوداء التي تعكس مرارة الواقع، واللحظات الإنسانية التي تتسلل عبر السطور. في بعض الأحيان، توقفت عن القراءة لأشعر بعمق الحزن الذي حملته هذه الرسائل، وأحيانًا أخرى لم أستطع إلا أن أضحك بصوت عالٍ عند وصف المواقف الساخرة. عبر الكتاب، نجح زهير شليبه في جعلي أشعر وكأنني واحدة من هؤلاء المهاجرين، أعيش يومياتهم، وأتشارك أحلامهم وخيباتهم. بصفتي مقيمة في النرويج، وجدت أن الكتاب يتحدث عنّا نحن المغتربين في بلاد الشمال، ويعيد رسم صورة واقعية عما يواجهه اللاجئون من تحديات، ليس فقط في محاولاتهم لإعادة بناء حياتهم، ولكن أيضًا في صراعهم للحفاظ على هويتهم.
هذا الكتاب ليس مجرد سرد لقصص اللجوء، بل هو تأمل عميق في التجربة الإنسانية، تجربة التمزق والانتماء، الحنين والاستسلام. يقدم زهير شليبه من خلال "جودليّه" صورة حية عن واقع اللاجئين، ويجعلنا نعيش تلك اللحظات معهم، نتأملها ونتساءل عن مصير هؤلاء الذين يعيشون بين وطن غاب ووطن لا يزال يبحث عنهم.



#زكية_خيرهم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارتسامات حول ديوان -أحزان السنة العراقية-
- التحديات التعليمية للمرأة
- دار الخبر: بين التنوير والانتقادات.. طفح الكيل
- غونفور ميديل: جسر بين الأدب العربي والنرويجي
- راضي الليلي: من نجم الأخبار إلى فقيه التبديل السياسي... هل ك ...
- العشق بين الأسطورة والواقع: قراءة في قصيدة خزعل الماجدي
- وجوه تائهة في رمال المعاناة
- الحان بلا وعي
- قراءة في ظالميا: رواية الصراع بين الأمل والخيبة في مجتمعات ا ...
- الإصرار والشجاعة: حكاية جعفر التميمي من بغداد إلى الجائزة ال ...
- الصراع بين الهوية والجماعة: قراءة لرواية -الطلح لا يخطئ القب ...
- مسرح الدولة التي لم تكن: البوليساريو يسجل آخر فصول السخرية
- الهروب إلى اللامكان
- مفاتيح القائد
- تماوج الأرواح
- الزمرد الأخضر
- السياسات الجزائرية بين دعم الانفصال وتعطيل الوحدة المغاربية
- الجزائر: العقبة الكبرى أمام حلم الوحدة المغاربية
- نداء للعالم: إنهاء معاناة سكان مخيمات تندوف
- لألقٍ لا بدّ أن يأتي: قصيدة تعكس وجدان الإنسان في ظل الأزمات ...


المزيد.....




- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...
- الآلاف يتظاهرون تضامنا مع غزة على هامش مهرجان البندقية السين ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - بورتريه أدبي للاغتراب: قراءة في تحفة جودليّه