أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبدالله الخولي - الرواية التاريخية: فانتازيا المصطلح وماهية التمثيل














المزيد.....

الرواية التاريخية: فانتازيا المصطلح وماهية التمثيل


محمد عبدالله الخولي
كاتب/ ناقد/ باحث

(Mohammed Elkhooly)


الحوار المتمدن-العدد: 8124 - 2024 / 10 / 8 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


إنّ الرواية بوصفها جنسا أدبيًّا له خصوصيته من حيث البناء الفني، تحتفظ لنفسها بخصائص فنية وأدبية تضمن لها وجودها وجنسانيتها المؤطرة وفق منظور النظرية الأدبيّة، ولا سيما بعد أن تخطَّت الرواية الحداثية نمطية الواقع، حيث تحولت الحكاية إلى حلقة بسيطة في البنية السردية المتعالية للرواية، فالواقع الذي تتوسل به الرواية ما هو غير مرتكز من جملة المرتكزات الفنية التي تنبني عليها الكتابة السردية الروائية؛ ولذا تحتاج الكتابة السردية في عموميتها إلى قارئ نموذجي يعيد بناء الرواية مرة أخرى وفق مخزونه الثقافي، وتصبح الكتابة السردية دالا على سردية أخرى تتخافى خلف البنيان السردي للكتابة الأدبية، وهذا ما يعنيه النقد بمصطلحي: ما وراء السرد meta-narration أو ما وراء الرواية meta- fiction حيث يقبع خلف البنية السردية بنية تحتية هي الغاية القصوى التي من أجلها شيّد الروائي هذه المعمارية السردية.
ولعل ما بدأت به يعد تمهيدا للموضوع الأساس: "التمثيل التاريخي في بنية الرواية" حيث الأخيرة لا تستدخل التاريخ بصورته المباشرة المحضة إلا من أجل غاية يتطلبها القصد الذاتي للمؤلف، حيث دخول التاريخ بصورته المباشرة الفجة – دون إخضاعه سرديا لأطر النظرية الأدبية يعد دخولا طرديا يتنافى مع غايات الكتابة السردية التي تتعالى على كل ما هو مباشر، حتى وإن كان هذا المباشر هو التاريخ ذاته.
إنّ الرواية تعيد تمثيل التاريخ وفق رؤى وقصديات ذاتوية تقتضي دخول التاريخ بوصفه تمثيلا ومرتكزا، حيث يتحول إلى علامة سيميائية في الكون الروائي قابلة للتأويل، فعملية التمثيل التاريخي داخل بنية الرواية؛ تقتضي انصهار التاريخ في بوتقة البنية الروائية، بل يقع التاريخ – بوصفه ممثلا – تحت سلطة السرد الروائي، ولا يتعدى التاريخ كونه أداة تتوسل بها الرواية إنفاذا للغاية التي من أجلها استدخل الروائي التاريخ في اللعبة السردية.
وما ألمحت إليه لا يتنافى مع وجود ما يسمى بالرواية التاريخية، التي تستند على التاريخ في بناء هيكلها وتجليات مضامينها، ولكن مثل هذه الروايات يجب أن تحدث حالة من المواءمة بين سرديتين: سردية الرواية، وسردية التاريخ، وهذه المواءمة تتطلب فنية متعالية يستطيع الروائي من خلالها أن يستدخل السرديتين في بنية الرواية دون أن يطغى التاريخ بصورته المباشرة على البناء الروائي الذي يستلزم شروطا فنية، وأشراطا أدبية؛ بحيث تبقى الرواية هي السلطة المطلقة التي ينقهر تحتها التاريخ.
إذا كانت الرواية التي أطالعها ترتكز على السرد التاريخي(المباشر)، حيث يصبح التاريخ هو المهيمن على العملية الإبداعية، وتتخافى البنية السردية للرواية، فنحن في حضرة السرد التاريخي لا الروائي،، وشتان بينهما، حيث لكل سردية منهما غايتها ومبتغاها، فالتاريخ يستحضر الوقائع والأحداث بصورتها التي تتطابق مع الواقع في زمنيته المقصودة، فالسرد التاريخي ناقل للتاريخ دون العبث به، وهذا يتنافى تماما مع مقصودية الجنس الروائي، الذي يتجافى فنيا وقصديا عن الواقع ليصور لنا واقعا آخرا ورؤىً مغايرة تماما، تتمايز عن الواقع بصورته النمطية المعتادة؛ ولذا يتناسى بعض الكتاب الذين يكتبون الرواية التاريخية هذا الأمر، ويقعون في محظور يخرج العمل بكليته عن الجنسانية الروائية، حيث يعي القارئ النموذجي، وهو يطالع مثل هذه الروايات، أنه واقع في براثن سردية تاريخية محضة لا علاقة لها بالسرد الروائي الذي يتمايز عن بقية السرود بخصائص فنية متعالية تضمن له وجوده في عالم الرواية، وتحفظ له خصائص جنسه الأدبي.
ولأسباب متعددة ومن أهمها الدعاية المكثفة لدور النشر، التي تلعب على وتر التلقي الشعبوي، انتشرت في الآونة الأخيرة روايات تاريخية – كما قيل عنها – ولكنها في حقيقة الأمر، ومن وجهة نظري الخاصة لا علاقة لها بالفن الروائي لا من قريب ولا من بعيد، فعندما أطالع مثل هذه الروايات، فأنا أطالع كتابا تاريخيا ينقل لنا الأحداث بحرفيتها دون رؤى مغايرة، وهنا يطرح السؤال نفسه: مالفرق إذن بين الرواية وكتب التاريخ؟



#محمد_عبدالله_الخولي (هاشتاغ)       Mohammed_Elkhooly#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سردية الروح في مقامات البوح قراءة نقدية في المجموعة القصصية ...
- تجليات الذات الأنثوية ومكاشفة الأنساق المضمرة في الوعي الجمع ...
- شعر العامية المصرية بين إنسانية المعنى ودهشة التصوير ديوان - ...
- النيرفانا الشعرية وجماليات الانتهاك قراءة نقدية في ديوان -أن ...
- الشعر بين جمالية التركيب وعمق الرؤية قصيدة -ندبة زرقاء- لوسا ...
- انشطار الهويَّة بين فلسفة الرؤية وشاعرية البناء قراءة نقدية ...
- النص الشعري بين هيمنة المبدع وسلطة القارئ ديوان - من أحوالها ...
- الرواية والواقع وأيديولوجيا المجتمع قراءة نقدية في رواية - س ...
- السرد الروائي من التاريخ إلى الاستشراف جدلية الزمن واللازمن ...
- الرواية بين الواقعية والرمزية قراءة نقدية في رواية - بتوقيت ...
- ملائكيّة الرؤيةِ وفنيّةُ التشكيلِ – قراءةٌ نقديّةٌ في أعمالِ ...
- أحلام النوارس
- قصدية النص واشتغال العلامة السيميائية قراءة تأويلية في شعر م ...
- سيف من العهد القديم
- تجليات الروح وسيميائية الشعائر.. قراءة صوفية في ديوان -قمر- ...
- زعفران الوصل
- أشعلتها من فمي
- التفاحة الأشهى
- عائد من بعد صمت بالقصيدة
- لون من اللا شيء. ذكرى العاشر من رمضان.


المزيد.....




- الموسيقى تواجه أصوات الحرب في غزة
- بسبب المرسوم 54.. عمران: رقابة السلطة تكبل الكاريكاتير في تو ...
- أشبه بالأفلام.. هروب 43 قردًا من منشأة أبحاث والشرطة تحاول ا ...
- 50 دولة تشارك في المهرجان السينمائي الطلابي الدولي الـ44 في ...
- فرح قاسم: فيلم -نحن في الداخل- وثائقي شخصي عن الحب والوداع ب ...
- العثور على جثة نجم كوري شهير وسط شبهات حول انتحاره (صور)
- “يلا نغني مع لولو” تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات… ...
- عودة المسرح في ليبيا: أمل في مستقبل أكثر دعما وإبداعا
- مصدر مقرب يكشف لـ RT تفاصيل الحالة الصحية لمحمد منير
- الشاعر قاسم حداد: الشعر رحلة لا تنتهي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبدالله الخولي - الرواية التاريخية: فانتازيا المصطلح وماهية التمثيل