محمد محمود محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 00:19
المحور:
الادب والفن
لا أدري لم كثر حديث الشعراء العرب إلى "أم عمرو"؟ وكأن كل واحد فيهم له أم عمره التي يناجيها، بعضهم عظمها وبعضهم قبحها، وقد تكون أم عمرو هذه فتاة لم تنجب أو امرأة وعندها أولاد ولكن ليس بينهم عمرو.
فلم تحظَ امرأة بشهرة كما هو الحال مع “أم عمرو” فهذه الكنية وردت في أشعار أغلب العرب ولم تخلو حقبة أدبية إلا ووجدنا كنية أم عمرو متصدرة المشهد، ويأتي البيت الأشهر:
إذا ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار
الذي يسهل ذكره كمثل عند كثير من أهل اللغة والأدب وقد وردت فيه روايات كثيرة منها أن رجلاً كان دائم السخط على زوجه، وكان لا يطيقها، لكنه القدر حكم في ملازمته لها.
الطريف في الأمر أنه كان لهذا الرجل حمار يعزه، ففقده ذات يوم، ثم علم أن زوجه امتطت الحمار، وولت.
فسأله بعضهم عن حاله، فأجاب:
ذهبَ الحِمــــارُ بأمِّ عمْروٍفلا رجعت ولا رجع الحمارُ
ومما ورد في الأشعار ونسب لأم عمرو ايضا قول أبي نواس:
تُعَلَّلُ بالمُنى إذ أنت حيّ
وبعد الموت من لبن وخمر
حياة ثم موت ثم بعث
حديث خرافةٍ يا أم عمرو
وهذا عمرو بن كلثوم، يتحدث عن الخمر في مطلع معلقته:
صَبَنتِ الكأس عنا أمَّ عمرو
وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شرُّ الثلاثة أمَّ عمرو
بصاحبك الذي لا تُصبحينا
وقول هدبة بن الخشري:
سقى أم عمرو والسلام تحية
لها منك والنائي يود وينصح
أما الشَّنْفَرَى فقال أيضاً في أم عمرو:
ألا أم عمرو أجمعت فاستقلّتِ
وما ودّعتْ جيرانَها إذ تولّتِ
وأبو ذُؤيب الهُذَلي:
أبى القلب إلا أم عمرو وأصبحت
تحرّق ناري بالشكاة ونارها
وهناك عشرات الأبيات في شعر كُثيّـر والمجنون وجميل بثينة ويزيد بن الطثرية، وعمر بن أبي ربيعة، فهل عشق كل منهم امرأة تكنى أم عمرو؟
وأيضا خطاب جرير في نونيته، إذ يقول:
يا أم عَمْروٍ جزاك الله مغفِرةً
رُدي عليَّ فُؤادي كالذي كانا
وهذا أبو فراس يخاطب من يحبها:
أجملي يا أم عمرو
زادك الله جمالا
أنا إن جدتِ بوصل
أحسن العالم حالا
كما خاطب ناصيف اليازجي أم عَمْرِه:
وما كل امرئ يا أم عمرو
بمحمود إذا هتف المنادي
والمحصلة في النهاية أن أغلب الأبيات تورد “أم عمرو” بمعنى “فلانة”، ولكن بإضافة الكنية أدبًا وتلطفًا ، من الشاعر.
#محمد_محمود_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟