أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - عمرو موسى والطبّ العربي بالزعفران















المزيد.....

عمرو موسى والطبّ العربي بالزعفران


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى (المطيباتي الفصيح) فشله اليوم في حل الأزمة اللبنانية، وأعلن النتيجة ديبلوماسياً، قائلاً بأنه لم ينجح ولم يفشل. وعدم النجاح وعدم الفشل تعني سياسياً وواقعياً الفشل بعينه. مشكلة عمر موسى الكبرى، ومشكلة أي أمين سابق للجامعة العربية، أنه ممثل للأنظمة العربية، وناقل لوشوشات الزعماء. وبمقدار ما تكون الأنظمة العربية قوية وفاعلة ومؤثرة بمقدار ما يكون أمين الجامعة العربية كذلك.

وعمرو موسى شخصية سياسية قومية، أشاد بها "الفنان" الفحل شعبان عبد الرحيم بأغنيته المشهورة (بحب عمرو موسى وباكره اسرائيل). وعمرو موسى شخصية (مطيباتيّة) مهذبة، تحب العرب والعروبة بشكل أعمى، وهو على استعداد لتحمل الشيء الكثير في سبيل حل القضايا العربية العالقة. وهو يعلم ولا يقول، ويريد ولا يطول. ولكن الأمر ليس بيد عمرو موسى، ولا بيد الجامعة العربية.

-2-

الجامعة العربية، عبارة عن مقهى سياسي عربي كئيب، فاسد الهواء، متهالك الأثاث، تسكن الحشرات والزواحف جدرانه وشقوقه وأدراجه. يجتمع فيه العرب من وزراء وزعماء، لشرب القهوة العربية المُرّة، والقهوة التركية (مزبوط)، وتبادل النكات أو الشتائم أو سماع الاشاعات العربية.

فالجامعة العربية، لم تفلح منذ أن تأسست عام 1945 بفكرة انجليزية، كانت تسعى إلى لمِّ شمل العرب تحت سقف واحد ومجلس واحد، في حل أية مشكلة أو نزاع عربي على الإطلاق. والعرب حلّوا مشاكلهم مع بعضهم بعضاً إما بالحروب، وإما بقطع العلاقات الديبلوماسية مع بعضهم بعضاً، وإما بواسطة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإما بتدخل الدول الأجنبية في حل هذه الصراعات. ومعظم الخلافات العربية – العربية، كانت خلافات شخصية مزاجية بين الزعماء والرؤساء. هذا لا يحب ذاك. وذاك لا يطيق هذا، ولا يستخف دمه، ولا يهضمه. والسبب في ذلك هو غياب الديمقراطية ودولة المؤسسات. فيُترك الحاكم على هواه، وعلى مزاجه. يحب من يشاء، ويكره من يشاء. يصادق من يشاء، ويعادي من يشاء. يسالم من يشاء ويحارب من يشاء. وفي غياب الديمقراطية والتعددية ودولة المؤسسات، يصبح الوطن مزرعة من المزارع كما هو الحال الآن، والشعب عبارة عن بهائم في حظيرة، لا نسمح لهم صوتاً غير أصوات الاجترار والرهز ودحم النكاح. ولا يمارسون غير الأكل والنكاح والتوالد. ولو ألقينا نظرة على الشعوب العربية لوجدناها تعيش على هذا النحو.

-3-

إذن، لقد فشلت الجامعة العربية اليوم في لبنان، ولبنان مؤهل بعد الأعياد، إلى تصعيد آخر جديد، كما أعلنت الأحزاب السورية – الإيرانية، رغم تحذيرات عمرو موسى، بعدم التصعيد.

ولكن من هو عمرو موسى؟

وماذا يُشكّل هو وجامعته اليتيمة، ذات اليدين المقيدتين والرجلين المكرسحتين، من قوة وتأثير وفعالية أمام رغبة سوريا وإيران وحزب الله وحركة أمل وبقية الحلفاء في احراق لبنان، وقتله كما سبق وقتلوا زعماءه من السياسيين والصحافيين والإعلاميين؟

فلبنان منذ الاستقلال 1943 وهو كيان سياسي مرفوض بالنسبة لسوريا، لا تقيم معه علاقات ديبلوماسية ولا ترسّم حدوده. وما زال في الذاكرة السياسية السورية يعتبر جزءاً من سوريا، كما كان قبل 1920 عندما أعلن فصله عن سوريا، وقيام لبنان الكبير. والسوريون حكومات وشعباً لم ولن ينسوا بأن لبنان محافظة سورية. وما منع سوريا من القيام بحملات عسكرية لإعادة لبنان اليه، كما فعل صدام حسين في الكويت وقبله عبد الكريم قاسم، وهو أن قرار اقامة الدولة اللبنانية قرار غربي فرنسي، وحمايته هي حماية غربية وليست عربية، ولبنان محظوظ حظاً سعيداً بهذا. ولو رفع الغرب يده عن لبنان لدقيقة واحدة، لبادر الفك السوري إلى ابتلاعه في لحظة واحدة.

-4-

لقد سكت الفك السوري عن ابتلاع السردين اللبناني، طيلة السنوات الماضية، بسبب الخـوف من الغرب أولاً، وبسبب تهدئة أعصابه حيناً بإعطائه الحق في نهب لبنان وسرقته والعبث فيه فساداً وتنكيلاً طيلة سنوات الاحتلال السوري الثلاثين الماضية، ولكن دون التهام سياسي كامل على طريقة صدام حسين المغولي.

واليوم الفك السوري أُصيب بسعار رهيب، نتيجة احساسه بأنه فقد لبنان، وأن فرنسا وأمريكا، لن تسمحا له بالعودة إلى لبنان، كما كان في الماضي. وفي ظل هذه المعادلات السياسية الصعبة، يأتي عمرو موسى – وبنية طيبة- لوقف الحريق اللبناني بسيارة مطافئ عثمانية!

الاشكالية اللبنانية الحالية ليس أمامها إلا الحرب الأهلية. وهذا هو هدف سوريا وإيران. فهاتان الدولتان تريدان أن ترى لبنان يحترق، حتى تُثبت للبنانيين بأن لبنان بدون المظلة السورية، هو كوم رماد ليس إلا. وعمرو موسى يدرك هذا تماماً، ولكن كان عليه أن يتحرك، كمن يؤدي واجب العزاء.

-5-

الخيبة الأخرى للطبِّ العرب التقليدي، كان في "المؤتمر القومي الإسلامي" الذي انعقد بالأمس في الدوحة، والذي انفضّ بدون حتى اصدار بيان، لأن المشتركين لم يتفقوا على صيغة بيان واحد. وذهبت الملايين التي صُرفت على اقامة هذا المؤتمر هباءً منثوراً، ولم يخرج المؤتمر إلا بفوز "عظيم" واحد، وهو تعيين منير شفيق منسقاً عاماً. ومنير شفيق كاتب عروبي، من صقور "المؤتمر القومي العربي" بقيادة خير الدين حسيب ومعن بشّور. كان مسيحياً ثم أسلم. وهو كاتب ضد الحداثة، وله أكثر من كتاب حول هذا الموضوع. وهو ضد العولمة ويُستضاف كثيراً في الفضائيات للهجوم على العولمة. وهو إلى جانب حماس، وحزب الله، ويكاد يكون أكثر إخوانية من الإخوان المسلمين أنفسهم. وهو حليف سياسي وفكري وثقافي لسوريا وإيران. ورغم هذا فهو من كبار كتاب الصحف السعودية التي تصدر في لندن، مثله مثل فهمي هويدي.

فسبحان مُقلّب القلوب.

-6-

دلّوني على مؤتمر عربي، أو قمة عربية، خرج منها العرب متفقين، مقررين، حازمين، مُنفذين؟

دلّوني على مؤتمر عربي سياسي واحد، خرج منه المؤتمرون وهم يحملون مقترحات، أو حلول واقعية هادئة، بعيداً عن الشعارات الرنانة، والخطب الطنانة.

للأسف، فإن معظم المؤتمرات العربية هي مهرجانات شعرية في واقع الأمر. صحيح أن محمود درويش، وسميح القاسم، وأحمد عبد المعطي حجازي، وأدونيس، وقبلهم نزار قباني لا يحضرونها، ولكن قصائدهم أو روح قصائدهم تكون حاضرة في هذه المؤتمرات، وعلى لسان الخطباء والمؤتمرين. وهؤلاء الشعراء وغيرهم من الشعراء العرب ذوي الحضور المنبري المُهيّج، والنجومية الشعرية الطاغية قبل ظهور نجوم منافسين، أكلوا الساحات الشعبية كنانسي عجرم، وإليسا، وهيفاء وهبي، وأمل حجازي وغيرهن، هم الذين خدّروا الشعور العربي، وعطلوا العقل العربي، بايهامهم مستمعيهم أن النصر قريب، وهو على الباب فانتظروه غداً، وأننا قوى مؤثرة في هذا العالم، وأننا نسود ولا نُساد، وأن فلسطين حق تاريخي ثابت، بدون عمل.

-7-

مثالان قريبان: مهمة عمرو موسى في لبنان، ونتائج "المؤتمر القومي الإسلامي" في الدوحة، دليل واضح على أن الطبَّ العربي السياسي التقليدي بالزعفران وحبّة البركة، طبٌ فاشلٌ وغير مجدٍ، في عصر الطبِّ الاليكتروني الآن.

فليس آخر الدواء الكيَّ كما قالت العرب قديماً، ولكن آخر الدواء إعمال العقل، والاعتراف بواقع الحال.

السلام عليكم



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واشتروها بثمن بخس.. دراهم معدودة!
- شعب عظيم حقاً.. دقوا على الخشب
- أين الدواء في روشتة بيكر- هاملتون؟
- ثقافة الارهاب: هل هي من الإسلام أم من المتأسلمين؟
- غداً ... الأقليات فوق سطح صفيح ملتهب!
- البليهي مُفكرٌ عاشَ في الألفية الرابعة!
- الليبراليون ليسوا حجارة معبد، ولكنهم سنابل قمح!
- جدل الاصلاح واقامة المجتمع المدني السعودي
- من أين جاءت ثقافة الارهاب ؟
- الرؤية الليبرالية الجديدة للحالة العربية
- ليبيا: من تحت الدلف إلى تحت المزراب
- هل بدأ حزب الله يطالب بثمن النصر الإلهي؟
- كان أول الطُغاة، وليس آخرهم!
- تحجّبن كالراهبات إن كُنتنَّ حقاً مؤمنات!
- رسالة ابن خلدون إلى الرئيس بوش
- المرأةُ أكثر اغراءً بالحجاب !
- قلوب سوداء في مكة البيضاء
- هل العولمة رغيفنا من الدقيق الأمريكي الفاخر؟
- هؤلاء هم عقلاء العراق
- فقهاء السلطان يستعدون للثأر من حسن حنفي


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - عمرو موسى والطبّ العربي بالزعفران