ما التنمية؟

عبدالله بولرباح
كاتب وباحث
(Abdellah Boularbah)

الحوار المتمدن-العدد: 8099 - 2024 / 9 / 13 - 17:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لاشك أن كل باحث في ميدان التنمية سيجد صعوبة بالغة في رسم معالم واضحة لهذا المفهوم. فهو يجد نفسه للتو غارقا في سيل لا متناهي من المفاهيم المختلفة. فحتى على مستوى التكوين الأكاديمي هناك مئات من الشعب المختلفة التي تمنح طلبتها دبلومات في التنمية. ولا غرابة في ذلك، فزوايا النظر والمقاربات ومجالات الاهتمام والأهداف التي تؤطر هذا الفهم أو ذاك تختلف.
ومهما يكن من أمر فإن التنمية الحقيقية ليست أموالا وعملات، ليست فيلات وعمارات. تلك مظاهر فقط، خاصة إذا فصلناها عن مقامها، عن سياقها، عن جوهرها...
التنمية الحقيقة هي تغير من حال إلى حال، انتقال من وضع إلى وضع أفضل، التنمية قيم وأخلاق، التنمية ارتقاء في سلوك الأفراد والجماعات...التنمية تواصل وإشراك، عزيمة وعمل، مسؤولية ومواطنة...
التنمية الحقيقية تتحقق إذا تظافر شرطان أساسيان:
 الحرية والديمقراطية من جهة
 العناية بالعنصر البشري من جهة اخرى
أما الحرية، فقد قيل عنها الكثير والكثير، تكلم عنها الفلاسفة، تكلم عنها العلماء، تناولها المصلحون والأدباء، ألهمت قريحة الفنانين والشعراء. ولم يكن ذلك عبثا. الحرية كنز ثمين، جوهر الإنسان، منبع الإبداع والإلهام، مصدر التنوع الخلاق، مسهل التطور.
وقد علمتنا التجارب التاريخية أن الشعوب التي افتقدت للحرية افتقدت للتنمية رغم ما توافر لديها من ثروات ووسائل. أما الديمقراطية فليست هدفا في حد ذاتها بل وسيلة لتنظيم الحرية، لكي لا تطغى حريتي على حريتك، لكي لا تتضارب حرية بعضنا البعض. هي ضامنة المساواة والمشاركة، ضامنة الوحدة في التنوع.
أما العناية بالعنصر البشري فضرورتها نابعة من كون العنصر البشري بفضل عمله وبجنسيه النساء والرجال وبفئاته الاجتماعية والعمرية، هو منتج الثروة، منتج القيمة وليس العكس. لذلك يستحيل الحديث عن التنمية الحقيقية إذا لم يحتل العنصر البشري، النساء والرجال، الشابات والشبان مركز الصدارة وموقع الفاعل الأساسي في كل نشاط تنموي، دون تمييز بين الفئات الاجتماعية الغنية منها والفقيرة الحضرية منها والقروية.
لذلك لا بد من رد الاعتبار للعنصر البشري، لقيمة العنصر البشري، لدور العنصر البشري في الفعل التنموي الشمولي، وللنساء خاصة اللواتي عانين ولا زلن من الإقصاء، من التمييز من عدم الاعتراف بأدوارهن من الجحود بفضلهن وعملهن رغم ما له من أهمية قصوى سواء في الإنتاج الاقتصادي أو إعادة الإنتاج الاجتماعي، ورغم أن ذلك الدور وذلك العمل لا يقل في شيء عن دور وعمل الرجال.
إن إقصاء وتهميش نصف المجتمع ليس في صالح المجتمع ولا في صالح تنميته.
إن رد الاعتبار للعنصر البشري بنسائه ورجاله، ينطلق من رد الاعتبار لعمله كقيمة أصيلة ومتأصلة فيه، كمصدر أساسي إن لم اقل الوحيد لإنتاج الثروة والقيم الإنسانية، العمل كطاقة متجددة تكثف الوجود الإنساني برمته، نقطة التقاء وتمفصل بين مظاهره الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والروحية.

#عبدالله_بولرباح (هاشتاغ)       Abdellah_Boularbah#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات