حنان بديع
كاتبة وشاعرة
(Hanan Badih)
الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 16:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
سبق أن صرح الفيلسوف "أرسطو" بأن (الإنسان حيوان ضاحك) وهي مقولة شهيرة له بينما قال الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون بأن ( الإنسان وحده هو الحيوان الذي يضحك).
فهل حقاً وحدنا على هذا الكوكب بين جميع مخلوقات الله من يضحك ويقهقه مثلاً؟
في الواقع أن العديد من الدراسات أظهرت معظم أنواع الرئيسيات، بما في ذلك الشمبانزي والغوريلا والقرود والبابون، ضحكات مرحة، سواء ضحك اللهاث أو الهمهمات والثرثرة والزغردة والصرير.
لكن معظم الفلاسفة يرون أن الضحك والبكاء احتكار بشري بامتياز باعتبار أنهما يرتبطان بالروح العاقلة والدليل أن الضحك يختلف فيما بين الثقافات المختلفة.
وإذا كان عنصراً جوهرياً في ثقافة المجتمعات، إلا أن هذه المجتمعات ليست سواء في تقديرها لقيمة الضحك، ليس هذا فحسب، بل إنها تختلف كذلك في نوع ما يضحكها من فكاهات فبعضها تضحك للحركات التهريجية القائمة على التلاعب بالوجه أو بحركة الجسد، وبعضها تضحك للألفاظ البذيئة أو الفاحشة، وبعضها تضحك للتندر على الآخرين والسخرية من أشكالهم، وبعضها لا يضحكها سوى ما يُخاطب الذهن مثل الأجوبة المفحمة والإشارات الرمزية.
وفي الواقع، ليست المجتمعات وحدها هي التي تختلف فيما يضحكها، بل إن الناس هم أيضاً يختلفون فيما يضحكهم، سواء للاختلاف في السن أو الثقافة أو التفكير، لذا فإن ما يضحك الصغار لا يضحك الكبار، وما يضحك المثقفين والمتعلمين يختلف عما يضحك العامة، وما يضحك الخاصة من ذوي الفكر يختلف عما يضحك غمار الناس..
إنه سلوك تتناقض في داخله كل المعاني والصور والتبريرات وهو ما عبر عنه
فولتير قائلاً، إنه «شيطاني الطابع، وإنساني في الوقت نفسه»، ما يعني أنه يحمل في طياته معاني الخير والشر، ولغة اجتماعية رمزية حاملة لمعاني ودلالات متنوعة..
وفي حين توقف أرسطو بدوره، عند مفهوم الضحك واعترف بأهميته، لكنه دعا مثل أفلاطون، إلى «ضرورة أن يبقى في حدود اللياقة والاعتدال"!
لكن متى كان الضحك انفعال عاطفي قابل للترويض والقمع لنضمن له أن يبقى سلوكا في حدود اللياقة؟ فهناك من يغشون ويصرخون من الضحك، بل ويصابون أحيانا بنوبات قلبية وسكتة دماغية، أي أنهم يموتون ضحكا! نعم يحدث هذا...
ورغم أن الضحك حالة انفعالية تلقائية فإن فضْلُه على الكائن البشري كبير، ما دام وحده من يجعل منّا أُناسًا حقيقيين، يرتقي بنا من مرتبة الكائنات العدوانية الحانقة إلى مرتبة الكائنات الودودة،،
أن كل يوم مرّ بحياة الإنسان دون أن يضحك، ولو مرة واحدة، يومًا مفقودًا وغير محسوب، وباختصار أن تضحك هو أن تعيش ُبعُمق.
#حنان_بديع (هاشتاغ)
Hanan_Badih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟