أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الخير والشر وخلافات المسلمين على الإصالة فيهم أو الكسب















المزيد.....

الخير والشر وخلافات المسلمين على الإصالة فيهم أو الكسب


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8069 - 2024 / 8 / 14 - 13:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من القضايا الخلافية العميقة في الفكر الإسلامي والتي أخذت حيزا واسعا من النقاش والجدال هو موضوع الخير والشر ومصدرهما الأول، البعض يدافع عن فكرة أن الخير والشر كلاهما من الله وأن الإنسان مجرد منفذ للأشاءة الربانية دون أن يكون قادرا على التأثير والخيار والفعل الحر، وهم جماعة القدرية الذين يؤمنون بأن القدر خيره وشره من الله مستندين على الآية {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، وفي أعتقادهم أن الإنسان ليس بيده إلا الخضوع لما كتب الله بمعنى تجريده من القدرة على فعل الخير أو الأمتناع عن الشرور، هذا الرأي فيه خلل وشبهة عمى ونكران لقاعدة {كل نفس بما كسبت رهين}، فالله تعالى ما يكتب الشر على الناس والخلق والوجود، بل كتب على نفسه الرحمة { قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ ۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، كما كتب اللطف بالخلق وكتب الرزق لهم وكتب لهم ما فيه خيرهم وإصلاحهم { وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، لا يوجد دليل واحد أو حجة أو برهان أن الله يكتب الشر {وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ }.
فما كتب الله على الناس إلا ما هو فيه خيرهم وإصلاحهم وإن كان البعض لا يدرك معاني الحكمة فيما يكتب الله، لكن النهايات والنتائج هي من تنتهي بالخير دوما {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}، فعذاب الله الوارد في هذه الآية هو في الواقع إصابة وليس كتاب كما يظن البعض والله لا يكتب بدون سبب ولا كسب من الناس، بل هو جزاء أعمالهم ومع ذلك فإن الله الذي وسعت رحمته كل شي قد قال {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}، البعض لا يفرق بين عذاب الله الذي هو جزاء مقابل كسب، وبين أن يكتب الله الشر فيعذب الناس حتى دون أن يكسبوا، وبذلك فهم ينسبون الظلم لله وينفون عنه العدل.
نعود لمنهج النفاق والرياء والكذب والتولي الذي طبع عليه بني إسرائيل إلا قليلا مما رحم ربي، الله تعالى يأمر الرسول بتركهم وعدم تحمل مسئولية هدايتهم فهو ليس بوكيل عليهم {مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٞ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنۡ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ غَيۡرَ ٱلَّذِي تَقُولُۖ وَٱللَّهُ يَكۡتُبُ مَا يُبَيِّتُونَۖ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا (81)}، إنهم يصرون على ذكر أن القرآن كتبه محمد ص أو كتبه شخص أخر في موقف طعن وإنكار للرسالة وتكذيب للرسول، فأجابهم الله بتحدي إن وجدوا في الكتاب أختلاف أو تناقض أو أضطراب لا مع نفسه ولا مع الكتب المنزلة الأخرى من قبله، فهو مصداق لما معهم لو كانوا قد جاؤوا بتوراة موسى ع، فهو كتاب من الله منزل بعناية وحق {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا (82) وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا (83) فَقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفۡسَكَۚ وَحَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأۡسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأۡسٗا وَأَشَدُّ تَنكِيلٗا (84)}.
في الآية الخيرة السابقة حض الله رسوله على قضيتين أساسيتين هما، أولا { فَقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفۡسَكَۚ}، بمعنى يا رسول الله أبدا أنت لتكون القائد الأول الذي يكون مهيأ تماما للمهمة وللمرحلة دون أن تكلف أحدا سواك، لأن المهمة مهمتك والأمر والنهي بيديك وليس كعادة الناس أن الرئيس أو الزعيم يبعث قائدا أو يكلف محاربا يثق فيه، هذا الموضوع الذي تقاتل من أجله ليس منصب ولا سلطة ودولة إنه أمر الله وتكليفه لك، أما الأخر الثاني هو أن تحرض المؤمنين على إتباعك ونصرة دين الله، ويا محمد علمهم أن الحياة تبادل في الإحسان والخلق الحميد واضرب لهم مثلا مما علمك الله منها {مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقِيتٗا (85) وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَسِيبًا (86) ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۗ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا (87)}، بهذا يا رسول الله يمكنك أن تقود أمة تولد من جاهلية وشرك وشيطان يقود الكافرين ليمنعوكم من المضي في صراطي المستقيم.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة معركة بدر من نصوص القرآن الكريم
- لمذا سميت سورة يونس؟
- في تدبر سورة الأعراف
- في معنى رجال الأعراف قرآنيا
- خمريات... وتريات ... أوهام وأحلام
- نون والقلم وما يسطرون... من وحي المعنى...
- فلسفة العقاب في القرآن
- البيعة في الإسلام... بين المفهوم والممارسة.ح2
- البيعة في الإسلام... بين المفهوم والممارسة.ح1
- إشكالية العدل والعدالة في الخطاب الديني الإسلامي.
- مختارات فيس بوكيه مما كتبت.... 2
- مختارات فيس بوكيه مما كتبت....
- الدين والإنسان وحقيقة تأريخ الإيمان 2
- الدين والإنسان وحقيقة تأريخ الإيمان
- - نحن إلى أين؟... ما هو مستقبل العقل البشري؟- 2
- - نحن إلى أين؟... ما هو مستقبل العقل البشري؟-
- تاريخ الخرافة ح 34 والاخير
- تاريخ الخرافة ح 33
- مذكرات ما قبل إعلان الجنون
- تاريخ الخرافة ح 32


المزيد.....




- بلينكن: سنراقب عن كثب التطورات في سوريا ونقيّم أقوال وأفعال ...
- أوليانوف: روسيا لا تخون أصدقاءها في المواقف الصعبة
- فاروق الشرع يعلق على سقوط نظام بشار الأسد
- الخارجية الإيرانية: المعارضة السورية ضمنت أمن سفارتنا في دمش ...
- الصين تعارض نشر الولايات المتحدة لصواريخها في منطقة آسيا وال ...
- مصر.. غرق ميكروباص بداخله 14 شخصا بترعة الإبراهيمية
- بايدن: لقد سقط نظام الأسد أخيرا
- الصليب الأحمر والهلال الأحمر يعتزمان مواصلة العمل في سوريا
- وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نظيره التركي تطورات الأوضاع في ...
- ترودو يعرب عن تفاؤله بمستقبل سوريا بعد سقوط الأسد


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الخير والشر وخلافات المسلمين على الإصالة فيهم أو الكسب