أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمر قاسم أسعد - النفس في الذات الانسانية / فكرة الموت














المزيد.....

النفس في الذات الانسانية / فكرة الموت


عمر قاسم أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 16:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الموت بمعناه توقف الذات الانسانية عن القيام بأي نشاط داخلي أو خارجي كتوقف النبض والتنفس والحركة وارتخاء الجسد وبرودته وتصلبه وتحلله ، وهو نتاج انفصال أقنوم الروح عن اقنوم الجسد الذي شكل لها الوعاء والحاضنة ، والموت تم تفسيره في كثير من الفلسفات والتعاليم الدينية الوضعية بأنه ( انتقال الروح لعالم أخر أو لجسد أخر ) بغض النظر على أن لكل فلسفة أو ديانه ــ وضعية أو سماوية ــ تفسيرها الخاص في التفاصيل .
على أن مفهوم الموت كان ــ وما زال ــ لغزا غامضا لدى الذات الانسانية وهو ما يجعلها تتناسى أو تنكر هذا المفهوم من خلال تخزين هذا المفهوم كفكرة في العقل الباطن وأشغال الذات بكثير من المواضيع الهامشية لعدم استراجاع الفكرة إلى العقل الواعي وتجاهل التفكير بالموت وخلق حائط صد دفاعي لمنع إظهار فكرة الموت ، لأن الذات لا تريد مناقشة فكرة الموت لعجزها عن ايجاد أي تفسيرات منطقية لها ، وأيضا لأنها لا تريد استباق أحداث حالة الموت وما بعد الموت ، ولأن فكرة الموت بحد ذاتها فكرة غامضة ( مخيفة ) . كما ان فكرة الموت إذا ما تم استرجاعها للعقل الواعي فإن الشعور بالمزيد من القلق والتوتر سيزيد الأمر صعوبة .
الذات الدنيوية تخبرنا أن الموت هو العدم ، هو التلاشي ، هو انتهاء الذات لهذا فإن الكثير من الدنيويين لا يشعرون بالقلق مطلقا لأنهم على قناعة تامة بأن لا حياة إلا الحياة الدنيا فقط ولا شيء بعدها ، وإن ترديد فكرة الموت تؤدي إلى تلاشي معانيها وتحولها الى مجرد كلمة تخلو من جوهر لها ولا مضمون نظرا لاعتياد الدنيويين للكثير من مظاهر الموت المتكررة وازدياد الحوادث والكوارث الطبيعية والحروب وكل أسباب تؤدي إلى الموت ، مما سيؤدي إلى اعتياد المشهد كحدث يومي عادي يفقد الكثير من العناصر المحيطة به من غموض وخوف وقلق وتوتر . ... الخ . حتى أصبح الكثير من الأحياء يتخذون من المقابر بيوتا لهم ويعمل البعض على نبش قبور الموتى والمتاجرة بأعضاء الموتى ، إذ لم يعد هناك قداسة لفكرة الموت وللموت وللميت .
اعتياد فكرة الموت أدت إلى تبلد وتجمد في منظومة المشاعر وعدم اعطاء الموت أي اهمية تذكر حتى وفي أسوء حالات الموت فإن الحزن يكون لفترة زمنية وينتهي الأمر ، وتستمر الحياة وكل منا يمارس دوره بشكل طبيعي ،
في جميع الحالات إن الموت هو انقاذ للكائنات الحية وللبشرية خصوصا ، ولولا الموت لما كان هناك متسع على هذه الارض ولتم وضع قانون للتخلص من الأحياء ضمن تعاليم خاصة لإنقاذ الأرض والبشرية والكائنات الحية ، ولهذا نجد ان الموت حتى عند الدنيويين هو نعمة اوجدتها الطبيعة لصالح البشرية .
إن الصراع الذي تعانية الذات الانسانية حول فكرة الموت والتفكير باقترابه منها يؤدي بها إلى سلوك عدة مسارات تجعلها تتقبل هذه الفكرة وتتعايش معها بل في بعض الأحيان ان تتحداها ، الذات الانسانية التي تعاني من الصراع الداخلي ما بين أقانيمها تمنى ذاتها بالخلود وتقمع باقي الاقانيم من استراجاع التفكير بفكرة الموت وتحاول جاهدة وأد هذه الفكرة لضمان استمرارية العيش وممارسة الحياة الطبيعيه لها والانغماس في الحياة من خلال دورها المنوط بها وممارسة أدوار اخرى تنسيها فكرة الموت حتى وان كانت في تشيع أحد الأموت ، وعندما تتوحد الذات بأقانيمها لا بد أن تكون فكرة الموت حاضرة لها من خلال تقبلها كأمر واقع وانها ــ الذات ــ لا بد انها ستموت وعليها ان تعد العدة للانتقال إلى العالم الآخر ــ كل ذات حسب فهمها لفكرة الموت وما بعد الموت ــ إلا انها تشترك جميعا بأنها ستنتقل إلى حياة أخرى ،
ومهما يكن ومهما وصلت الذات إلى مرحلة استطاعت فيها نبذ فكرة الموت وإزاحتها عن منظومتها ــ وبأي طريق كانت ــ ، لا بد لفكرة الموت أن تغزو الذات وأن تخضعها لها في لحظاتها الأخيرة .
ومما لا شك فيه أن غريزة الخوف من كل ما هو مجهول هي الصفة المشتركة لدى جميع البشرية والموت كفكرة ( مجهولة تماما ) هي ما تخيف البشرية مما بعد الموت ، حتى في تفكير الدنيويين تبقى فكرة الموت كقوة مجهولة مخيفة حتى وإن كانوا لا يؤمنوا بما بعد الموت ، وإذا كان الموت يجلب التعاسة والشقاء للبعض فإنه يجلب السعادة للبعض الأخر . هو مزيج من التناقضات التي تجتاح الذات الانسانية . البعض يعتقد ــ بل يكاد يؤمن ــ ان الموت هو النهاية هو التلاشي هو العدم ، والبعض يؤمن ان الموت هو البداية للحياة الجديدة ــ كل حسب معتقداته ــ . على أن هناك الكثير الأشخاص هم من يطلبوا الموت ويقتربوا منه ويسعوا له بكل راحة وهدوء وسكينة واقتناع ، انها الذوات التي توحدت معا من أجل الذات الانسانية المتكاملة والتي تؤمن بهدف أسمى وأجل من الموت إنها الذوات التي تؤمن بمعتقدها ودينها ورسالتها وتدرك بأن الموت هو وسيلة لتحقيق ما أمنت به من معتقد أو من أجل الانسانية أو من أجل الوطن أو من أجل الأجيال القادمة ، وعندما تصل الذات إلى الأيمان المطلق بما تقدمه وتضحي بذاتها ننستطيع القول أن الذات الانسانية وصلت إلى مرحلة من الاندماج والتوحد ما بين أقانيمها لتسمو على طريق التحرر والانعتاق من كل ما هو دنيوي لتنتقل إلى عالم أخر ــ حسب معتقدها ــ وهو العالم الذي سيحقق لها الحياة الأبدية في عالم لم تعيشه بعد .



#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفس في الذات الانسانية /المعايير ووعي الوجود
- وتقاعد الشيطان /مسرحية ج2
- وتقاعد الشيطان
- لا تليق بك إلا الشهادة
- النفس في الذات الانسانية / سلطة العقل
- النفس في الذات الانسانية / سلطة الضمير (2)
- النفس في الذات الانسانية / سلطة الضمير (1)
- النفس في الذات الإنسانية / من أنا ؟؟؟
- التوافق مع الذات / العلاقة بين الأقانيم (2)
- النفس في الذات الانسانية / العلاقة بين الأقانيم (1)
- النفس في الذات الانسانية / الذات والاستجابة للمثيرات (2)
- النفس في الذات الانسانية / الذات والاستجابة للمثيرات (1)
- النفس في الذات الانسانية / التوافق في العلاقات الانسانية وال ...
- النفس في الذات الانسانية / التوافق في العلاقات الانسانية وال ...
- النفس في الذات الانسانية / التوافق مع الواقع (2)
- التوافق مع الواقع (1)
- خلونا نتحزب (ج2)
- خلونا نتحزب
- يا سلملم يا سلام عا وسائل الإعلام
- هنا غزة يا سادة


المزيد.....




- ما موقف ترامب تجاه وزير الدفاع بعد تقرير -البنتاغون- عن -خطو ...
- عاجل| ترامب: المرحلة الثانية من اتفاق غزة ستبدأ قريبا
- مفاوضات نادرة بين إسرائيل ولبنان لكنها قد لا توقف الحرب
- غزة مباشر.. شهداء بغارات على خان يونس ونتنياهو يتوعد حماس
- محللان: نتنياهو يوظف التصعيد لإفشال اتفاق غزة وتحصين موقعه ا ...
- نواف سلام للجزيرة: على حزب الله تسليم سلاحه ضمن مشروع بناء ا ...
- ولادة مقاومة جديدة في تونس
- قوة إسرائيلية تتوغل بريف القنيطرة وتقيم حاجزا مؤقتا
- -مسار الأحداث- يناقش جدوى المفاوضات الإسرائيلية اللبنانية ال ...
- أوروبا تعدّل إرشادات لجوء السوريين في دول الاتحاد


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمر قاسم أسعد - النفس في الذات الانسانية / فكرة الموت