النفس في الذات الانسانية / سلطة العقل

عمر قاسم أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 8053 - 2024 / 7 / 29 - 06:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

من المتعارف عليه أن العقل مجموعة من القدرات المتعلقة بالإدراك والتقييم والتذكر والحكم والمعرفة والوعي . اي باختصار هو ( ملكة الذات الفكرية والإدراكية ) ، وكما هو معروف أيضا أن العقل يمتلك القدرة على التخيل والتمييز والتقدير وأخذ القررات ، كما أنه يمتلك القوة الإدراكية لكل ما يحيط بالذات الانسانية من بيئة خارجية أو كل ما يتعلق بالذات الانسانية بأقانيمها الذاتية .
على أن كل ما يتعلق بذلك لا يمكن أن يتم إلا من خلاال المزيد من التجارب والمواقف لاكتساب الخبرات الجديدة والتأثر والتأثير بكل ما يحيط بالذات الانسانية ، إذ أن القدرة العقلية من حيث الادراك مثلا ــ لمسألة ما أو استجابة ما ــ لا يمكن ان تظهرأو تتم لدى شخص ليس له تجربة معينة أو خبرة او موقف من هذه المسألة ، كما ان للقدرة الادراكية علاقة بتناسب العمر الزمني والعمر العقلي . (( إن كل وظائف الدماغ ــ والذي يتكون من خلايا عصبية ــ من إدراك وفهم وتفكير وعاطفة وتذكر . ... الخ هي ما يطبق عليه مفهوم العقل ))
وعلى الرغم من أن العقل مجرد مفهوم إلا أنه يعتبرالركيزة الأولى للمعرفة حيث خاطبه القرآن الكريم بالكثير من الكلمات والمعاني والمرادفات الموجه بمعناها للعقل . (( أفلا تتفكرون ، أفلا تعقلون ، ولعلكم تعقلون ، وما يعقلها إلا العالمون ، أولو الألباب )) والكثير من الكلمات التي تدل في معناها على العقل .
إن معرفة ذواتنا وإدراك وفهم البيئة من حولنا يتم عن طريق العقل الواعي من خلال اليات التواصل بالحواس وبناء على ذلك يتم التعامل مع كل ما يتعلق بالذات من أشياء منظورة مُدركة ومفهومة وبناء على ما ورد تكون قدرة العقل . على أن هناك كثير من المواقف والتجارب والخبرات بعد مرورها بالعقل الواعي يتم تخزينها في العقل الباطن ليتم استرجاعها فورا عند حدوث مواقف مشابهه لما تم تخزينه وهو يعتمد على معلومات ربما لا يدركها العقل الواعي كما يمكن للعقل الباطن توجيه الذات في عدة مسارات في آن واحد ، فمثلا : اذا كنت تقود سيارتك لأول مرة لتذهب في زيارة لبيت صديقك أيضا لأول مرة فإنك تستعمل العقل الواعي لأنها تجربة جديدة وخبرة جديدة ومعلومة جديدة من حيث قيادة السيارة او السير في الطريق الذي يقود لمنزل صديقك وعنوان البيت ، أول تجربة وخبرة ومعرفة يجب أن يكون العقل الواعي هو من يمتلك السيطرة ( السلطة ) على ذاتك كيلا يخطيء وأيضا لن تستطيع إشغال ذاتك من خلال أيا من اقانيمها بأي مثير او فعل اخر كي لا تتشتت حواسك ، ولتبقى في حالة تركيز ذهني كي لا تنحرف عن مسارك .
السلطة هنا للعقل الواعي ، بعد الانتهاء من الوصول والمغادرة تتم اضافة التجربة والخبرة مباشرة للعقل الباطن . في الزيارة الثانية سوف يقوم العقل الباطن بالسير بكل الاجراءات السابقة من خلال استرجاع معلومات التجربة التي شكلت خبرة سابقة وبالتالي اصبح لدى العقل الباطن القوة الادراكية والمعرفيه حول كل الخطوات السابقة ، وتستطيع ان تشغل ذاتك ـ من خلال اقانيم ذاتك ــ بقضية أو عدة قضايا أخرى كأن تتحدث هاتفيا أو ان تستمع لأغنية او مقطوعة موسيقية أو ان تتحدث مع مرافقك وفي هذه الحاله تكون السيطرة ( السلطة ) للعقل الباطن ، على أن هناك قسم أخر للعقل وهو العقل اللاواعي وهو المنطقة العميقة والتي تحتوي على كل ما مر بالذات الانسانية في مسيرة حياتها منذ الولادة . وما العقل اللاواعي إلا مستودع كبير يتسع لكم هائل من حياة الذات الانسانية بكافة مراحلها وأشكالها من افكار وانطباعات في الاحاسيس والمشاعر ، من أحرف وكلمات قلناها أو خطرت ببالنا ولم نقلها ، من مواقف وخبرات تم تنفيذها ام لم تنفذ . ببساطة كل شي يحيط بالذات يتراكم في العقل اللاواعي ،هو مجموعة من النسخ المكررة لكل شيء مر في العقل الواعي او الباطن أو لم يمر ، وما أحلامنا أثناء النوم أو احلامنا وتخيلاتنا في اليقظة ، وما انطلاقنا وتجاوزنا حدود الزمكان ، وما صعودنا نحو السماء أو هبوطنا تحت طبقات الأرض إلا من خلال العقل اللاواعي ، وهو لا يمتلك السيطرة ( السلطة ) إلا في حال فقدان الترابط ما بين أقانيم الذات كلها ــ حيث من النادر حصول ذلك ــ عندما يكون اقنوم الجسد المادي حاضرا فقط وتتم سلطة العقل اللاواعي على باقي الاقانيم من خلال تغييبها وتحييدها لفترة زمنية محدودة جدا ــ قد لا تستمر عدة ثواني ــ ليكون العقل الاواعي في قمة نشاطه حيث يحلق خارج حدود الزمكان وعندما تنتهي هذه السلطة يبدأ العقل الواعي باستعادة نشاطة وسيطرته المعتادة من خلال محاولة تذكر بعض ما حدث من سلطة للعقل اللاواعي ويستمر التذكر لوقت يطول أضعاف مضاعفة لما مر أثناء سيطرة سلطة العقل اللاواعي ، وربما يكون اقرب مثال على ذلك هو الحلم في المنام أو التخيل في اليقظة

#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل