|
عندما يرقص الصغار في أعراس الكبار
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 00:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في قديم الزمان وكما تشير اليه الادب الشعبي الشفهي ، والاغاني المسجلة باجهزة التسجيل القديمة ، وفي زمن لم يظهر فيه لا التلفزيون ، ولا البث المباشر ، ولا الراديو ، كان المطربون الشعبييون في بلاد الكرد يجسدون باغانيهم سير المعارك بين العشائر ، والقبائل او بين بعضها وجيش السلطات التركية الحاكمة ، ويصفون ادق تفاصيلها ، وينقلون التهديدات المتبادلة بين زعماء المتحاربين وعلى السنتهم – افتراضيا - من دون ان يكونوا مشاركين ، او كانوا بعيدين عن ميادين المواجهات مئات ، وآلاف الكيلومترات ، اما اليوم فالامر مختلف حيث تقوم – الفضائيات المملوكة للمتحاربين ومانحيهم – بدور المغنين مع قيام زعماء المتحاربين خاصة في صفوف الميليشيات غير النظامية ، وحتى لدى بعض الأنظمة الشعبوية التي يديرها الفكر الشمولي ، بالقيام بالمهمة عبر البث المباشر ، كما يجري الان بين إسرائيل ، وايران ، وميليشياتها في لبنان ، واليمن ، والعراق ، وسوريا . صراعات القبائل ، والعشائر قديما كانت حول مساحات الرعي ، والنفوذ المحلي المحدود ، او الزعامة ، والوجاهة ، او لاسباب تتعلق بحرية الكرد واستقلالهم ، وكان المغنون يضعون كل ذلك وبشكل مجازي في اطار الشرف ، والكرامة ، والدفاع عن العرض ، اما الصراع الدائر المزمن في المنطقة فيدور تاريخيا بين مشاريع سياسية تعبر عن مصالح الدول ، والحكومات ، والشعوب التواقة الى الحرية والاستقلال والخلاص من الدكتاتورية وبينها الشعب الفلسطيني ، والذي شوهته النزعات المذهبية التي تقودها ايران مستغلة معاناة الشعب الفلسطيني ، ومحنة شعوب المنطقة في ظل الأنظمة المستبدة ، وجيرته لبسط نفوذها المذهبي ، والسياسي عبر ادواتها من الميليشيات الطائفية وفي المقدمة مسلحو حزب الله الذي يصف زعيمهم – حسن نصرالله – بان الصراع الراهن مع إسرائيل هو مسالة الشرف تماما كماكانت توصف قبل مئات السنين . الميليشيات المسلحة باطيافها الدينية ، والمذهبية ، والقوموية ، والتي ظهرت تباعا ومنذ عدة عقود في ظل عجز وهزائم الطبقات والفئات الاجتماعية السائدة التي خلفت المستعمر ،واخفاقاتها في بناء الدولة الوطنية ، وإنجاز المهام الاقتصادية ، ووضع الأساس الراسخ للبنى التحتية ، وتوفير شروط حل القضايا العالقة وبينها القضيتان القومية ، والوطنية ، وقد ساهمت الأنظمة التي ظهرت بفعل الانقلابات العسكرية المدعومة من الدوائر الخارجية المعادية لحرية وتقدم الشعوب والتي استظلت بالشعارات الدينية ، والقومية المتطرفة وفي المقدمة أنظمة البعث في سوريا والعراق ، ونظام الجمهورية الإسلامية في ايران . مانراه اليوم من منظمات ميليشياوية مسلحة في بلدان المنطقة من لبنان الى اليمن مرورا بسوريا والعراق وفلسطين ، وبالرغم من شعاراتها البراقة الزائفة لاتمت بصلة الى الكفاح الوطني التحرري ، والتقدم الاجتماعي ، بل ماهي الا تجسيدا مشوها لردة فكرية ، وثقافية ، واخلاقية مشدودة الى ظلامية القرون الوسطى ، هدفها الأساسي وأد الديموقراطية ، وهدم كل مايتعلق بإرادة بناء دولة المواطنة الحديثة ، وسيادة القانون ، والتطور الطبيعي ، وزرع الفتن الطائفية بدلا من الصراع التاريخي الفكري والثقافي بين ارادتي : الحرية والعبودية ، والتقدم ، والتخلف ، والديموقراطية والاستبداد ، والسيادة الوطنية والاحتلال الأجنبي . هذه الميليشيات المسلحة برمتها مع داعميها ، ومرجعياتها ، وبتواطئ من دول كبرى ، ومن دون استثناء وفي طول المنطقة وعرضها شكلت احدى الاذرع الموجعة في ضرب – ثورات الربيع – بموجتيها الأولى والثانية عسكريا ، وثقافيا ، واقتصاديا : حاولت جماعات الإسلام السياسي الاخوانية بشكل خاص التسلل ، والسيطرة على مقاليد تلك الثورات من اجل – اخونتها واسلمتها ، وافراغها من المضمون الوطني الديموقراطي الثوري - في تونس ، ومصر ، وليبيا ، وسوريا ، وقامت الميليشيات المسلحة التابعة لنظام طهران بما فيها جماعات – ب ك ك - بمحاربة تلك الثورات والانتفاضات في سوريا ، واليمن ، والعراق ، وايران ، وليبيا ، كما قامت وتقوم وبشكل ممنهج في تزوير تاريخ نضال شعوب المنطقة ، ومحو اثار النضال الديموقراطي في تلك البلدان . من حق الشعب الفلسطيني وعبر ممثليه الشرعيين ، ومنظمة التحرير الفلسطينية ، انتزاع حق تقرير المصير ، وممارسة النضال باشكاله المختلفة لتحقيق ذلك ، ومن واجب المجتمع الدولي دعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين ، وممارسة الضغط على الاوساط الإسرائيلية اليمينية الحاكمة الموغلة بالاجرام في الاشهر الأخيرة خصوصا لقبولها والاعتراف بها ، اما شراذم الإسلام السياسي مثل ( حركتي حماس والجهاد ) الأكثر يمينية وعنفا من مثيلتها الإسرائيلية والممولة ، والمسلحة ، والمدفوعة من نظام طهران التيوقراطي ، فهي تغامر بشعب غزة منذ السابع من أكتوبر لخدمة المشروع الإيراني بالمنطقة الذي لم يعد سرا او لغزا ، الى درجة التضحية بشعب بأكمله ، وقضية عادلة برمتها ، وكما يفعل حزب الله بلبنان خارج اطار الشرعية وكدويلة داخل دولة واضعا لبنان كله في طريق الدمار ، وهكذا الحال مع الحوثيين باليمن ، وفصائل الحشد الشعبي بالعراق ، والسلطة المهزوزة لنظام الأسد في سوريا . نظام ايران ومنذ سيطرة – ايات الله – عام ١٩٧٩ ، وإدارة الدولة من جانب الحرس الثوري ، والمتعصبين المذهبيين ، يكابر، ويمارس الدكتاتورية بابشع صورها ضد شعوب ايران ، ويضلل شعوب المنطقة ، ويتامر عليها ، ويبث الفرقة الطائفية ، ويحارب فكرة قيام الدول وحفظ سيادتها ، ويضلل مجموعات الإسلام السياسي الشيعية منها والسنية ، ويمارس الازدواجية المفرطة حيال القضية الفلسطينية ، خدمة لمشروعها الإقليمي ، ومصالح الفئات القومية الحاكمة تحت ستار الدين والمذهب ، فرغم كل الاهانات ، والضربات المتلاحقة التي يتلقاه النظام يوميا من إسرائيل حتى بالداخل ، لم يصدر منه سوى الردود الكلامية ، او اصدار الأوامر لاذرعها الماجورة في لبنان والعراق واليمن وسوريا لتوجيه صاروخ او قذيفة من دون المساس بامن إسرائيل في الصميم . ايران وميليشياتها المسلحة قادرة على الحاق الأذى بإسرائيل ولكن ليست بوارد القضاء عليها ، وإسرائيل لم تقرر القضاء على نظام الملالي ، ولا على حزب الله ، ولا على الحوثيين ، ولا على نظام الأسد ، والصراع الدائر الان من كر وفر لن يتعدى تكتيكات إدارة الازمة ، في حدود الحفاظ على قواعد الاشتباك المتفقة عليها بين الغرب ، والنظام العربي الرسمي، وايران ، وإسرائيل ، وحتى لو كان هناك من يسعى الى تدمير إسرائيل فانه يصطدم بامرين لايمكن تجاوزهما بالمدى المنظور : الامر الأول هو امتلاك إسرائيل للسلاح النووي التكتيكي والاستراتيجي ، وهو جاهز للاستخدام في حال شعور حكام إسرائيل بالخطر ، والامر الثاني لن يوصل نظام طهران الصراع الى أوجه خوفا من اقدام إسرائيل وامريكا على تدمير كل مابني منذ عقود في مجال الوصول الى انجاز القنبلة النووية . ايران الجمهورية الإسلامية بنظامها المذهبي – القومي – العسكري – الأمني المستبد تشكل الخطر الأكبر ليس على شعب كردستان ايران فحسب بل على مجمل الحركة الكردية بالمنطقة ، وهي من تقف وراء كل المصائب التي تحيق بشعب كردستان العراق ، وتحد من تطوير ، وانتعاش فيدرالية الإقليم ، وديمومة الخلاف الداخلي ، واختلاق المشاكل الأمنية ، والقانونية بين أربيل وبغداد ، وكل مايتعلق بالنفط والغاز ، والموارد ، والصلاحيات ، والمستحقات المالية ، واكثر من ذلك فان كل ماحصل من مآسي للحركة الكردية السورية منذ عدة عقود وحتى الان فان لهذا النظام البغيض دور سلبي فيها وكنا قد اشرنا مرات لبعض الجوانب . كل التهديدات الكلامية من جانب نظام طهران وميليشياتها ، وحتى لواقترنت بهجوم صاروخي هنا وهناك فانها لن تتعدى ارسال الرسائل – المشفرة - الى الأطراف وخصوصا – الأمريكي – الأوروبي – الإسرائيلي ، تدور حول مصالح ايران ودورها في المنطقة والعالم ، والعلاقات المستقبلية ، ولاتتضمن مشاريع او مبادرات ، او شروط لحل القضية الفلسطينية كما يريدها الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية ، وممثله منظمة التحرير . وهما غير معترف بهما من جانب ايران أساسا .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقود على كونفرانس الخامس من آب ١٩٦٥ ا
...
-
اللقاء السابع والثمانون في دنكي - بزاف -
-
صفحات مضيئة في تاريخ حركتنا
-
عودة الى شجون الحركة الكردية السورية
-
من دفتر يومياتي : عندما حصلنا على نص مخطط - الحزام العربي
...
-
عن التطورات التركية السورية
-
التقييم السياسي الشهري
-
من جديد حول شجون الحركة الكردية السورية
-
إشكالية - الوراثة - في الحركة الكردية السورية
-
حكومة العراق : - يداوي المريض وهو عليل -
-
عندما يخرج الحزب من رحم الأنظمة الدكتاتورية
-
اللقاء الخامس والثمانون في دنكي - بزاف -
-
مروحية – رئيسي – ونهر آراس
-
من دفتر يومياتي : عندما واجهنا تبعا
...
-
حوار الشركاء - ٣ – الى السيد العميد احمد رحال :
...
-
بين المراجعة النقدية والاعتذار الشكلي
-
اللقاء الرابع والثمانون في دنكي بزاف
-
نماذج محاكمات نظام البعث السوري ضد المناضلين الكرد
-
في يوم الصحافة الكردية قراءة نقدية لواقع الصحافة وا
...
-
من دفتر يومياتي : هل صحيح ان الاكاديميين هم من شكلو
...
المزيد.....
-
-نايكي- تُحيي فنًا عمره 5000 عام في أول تعاون لها مع علامة أ
...
-
قتلى وجرحى ودمار جراء القصف الإيراني على إسرائيل
-
مصر: الحكومة تضع حلولا بعد غلق إسرائيل أكبر حقولها للغاز.. و
...
-
هل الهدف هو تغيير النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج الن
...
-
إيران وإسرائيل تعلنان أحدث حصيلة لقتلى الهجمات المتبادلة بين
...
-
بعد أن أثار جدلا.. كاتس يتراجع عن تهديد سكان طهران
-
حاملة الطائرات الأميركية -نيميتز- نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح
...
-
الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من غزة ويحشد عند حدود مصر وا
...
-
فرقة -كوستروما- تؤدي عرضا بأوبرا القاهرة
-
بن غفير يأمر الشرطة بإيقاف أشخاص يصورون أماكن سقوط الصواريخ
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|