|
علم التفاوض وصناعة السلام
حازم صافي
الحوار المتمدن-العدد: 8060 - 2024 / 8 / 5 - 14:21
المحور:
المجتمع المدني
نحو رؤية عراقية في مجال التفاوض وحل النزاعات يبدأ النزاع ، مهما كان نوعه ودرجة تعقيده سواء كان نزاعا فرديا او عشائريا او بين جماعتين مسلحتين او دولتين ،عندما تعجز الاطراف المنخرطة فيه عن ايجاد وسيلة معقولة للتفاهم والحوار وتبادل المعطيات ومعرفة فرص السلام وحل النزاعات المتاحة . ولعل عدم القدرة على التفاهم وتبادل الافكار بين طرفين متصارعين يرجع لأسباب متنوعة من بينها:- الاختلافات الايديولوجية والعقائدية ، او بسبب التنافس على المكتسبات الاقتصادية المحتملة او التنافس على مراكز القوى او محاولة فرض الارادة والهيمنة لطرف ما على طرف اخر . ان واحدا من اهم الاسباب التي نود طرحها لتفسير حدوث النزاعات والصراعات والحروب بين الافراد والتجمعات العشائرية والدول هو:- ان اطراف النزاع ، وقبل انخراطها في المواجهة المباشرة، لم تحصل على فرصة حقيقية للجلوس الى طاولة حوار واحدة ومن ثم البدء في عملية تفاوض فعال. ان التفاوض الفعال والمنتج ، هو هبة ثمينة تمنح لأطراف النزاع ، وذلك لأنه يتيح لهم فرصة لمعرفة توجهات كل طرف بشكل مباشر بعيدا عن التفسيرات والتأويلات والقراءات المتشنجة للمواقف والمخاوف والاحتياجات ، وهي الاشكالية التي اثبتت الوقائع الميدانية دورها الكبير في نشوب الصراعات وتفاقمها واستعصائها على الحل ، حيث وجدت الكثير من الاطراف المتصارعة ، التي توصلت عبر المفاوضات الى اتفاقيات سلام ، انها كانت ستصل الى تلك الاتفاقيات بطريقة اسهل وفي وقت مبكر، فيما لو حصلت على مساحة حوار فعال مع الخصوم ، وهو مما سيؤدي بالضرورة الى تعزيز فرص بناء السلام ووقايته وتقليل كلف الصراع البشرية والمادية وجعل تطبيق العدالة الانتقالية بمراحلها المختلفة امرا ممكنا اضافة الى ، تقليص الفترات الزمنية التي تتطلبها عملية اعادة الاعمار وبناء المناطق المتضررة من النزاعات المسلحة . ان هبة ( التفاوض الفعال ) .لا يمكن ان تكون متاحة لجميع الاطراف المنخرطة في الصراعات اذ ان القبول بمبدأ التفاوض كوسيلة فضلى لحل النزاعات ، والانصياع لنتائجه يتطلب مجموعة من المقومات النفسية والسياسية والأنثروبولوجية ، التي يمكن ان تجعل من طرف ما مستعدا للدخول في جو التفاوض بتمضهراته المختلفة ، وهو ما يتيح لنا القول بأن التفاوض ليس نشاطا فوضويا او اشتغالا سياسيا او دبلوماسيا ذو طبيعة انية ، او محظ الية بلا جذور يتم اللجوء اليها عند الصراعات ، بل هو علم يستند الى مجموعة من الضوابط الاسس المنطقية والاجراءات المخطط لها بعناية ، والدليل على ذلك ، ان الوصفات المهمة والناجحة لعمليات التفاوض التي اثمرت عن حلول فعالة لنزاعات خطيرة ، يعاد استخدامها في مناطق اخرى من العالم تشهد توترات طائفية، او نزاعات عرقية او حروبا اقليمية ،مع الاخذ بنظر الاعتبار مجموعة التعديلات والتحويرات ، على الوصفة الاصلية ، وهي التعديلات التي تراعي الظروف المحيطة بالنزاعات الجديدة وكذلك الخصائص النفسية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لا طراف النزاع التي تتقبل استعارة وصفة المفاوضات القديمة ، التي اثبتت نجاحها في وضع حد لنزاعات سابقة ، الى بيئة تطبيق جديدة . ان هذا الامر يؤكد ان التفاوض في صيغته العامة لابد وان يستند الى مجموعة من الخطوات التي يجب ان تنفذ وفق جدولة تراعي الاطر الزمنية والانتقال من مرحلة الى مرحلة اخرى بطريقة تدريجية مدروسة لضمان اكبر قدر من النجاح للجهود التي تبذل في غرف التفاوض، وبهذه الطريقة فقد اصبحت ادبيات التفاوض الفعال ارثا عالميا ،يستنسخ بشكل مستمر مع اجراء التعديلات مطلوبة ،ان تكرار هذه العملية يرسخ الى درجة كبيرة الاسس المنطقية لمفهوم التفاوض ، ويجعله اكثر رسوخا وهذا الامر يتم بشكل اكثر فعالية مع وجود كم كبير من الدراسات والجهود النظرية التي تسعى الى تثبيت التفاوض الفعال كعلم يعتد به
#حازم_صافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النساء وفرص المشاركة في بناء السلام
-
نحو تكتيكات جديدة لبناء السلام
-
أنا أرملة .. هذا لا يعني إنني مشروع استغلال
-
رسالة إلى وزير التربية : إشراكنا في العمل يمكن أن يعزز النجا
...
-
لاشيء عنا بدوننا ... المعنى والدلالات
-
الجندر والمؤسسة الفاشلة
-
الهوية المدنية مطلب حضاري
-
رسالة الى اصدقائي المعاقين
-
علم بناء المصداقية
-
حقوق الأحداث الموقوفين
-
من دروس أكاديمية المدافعة الثمار سهلة القطف
المزيد.....
-
فنزويلا تعلن تفاصيل اعتقال إسبان وأميركيين ومصادرة 400 بندقي
...
-
إيران: بعد مرور عامين على وفاة مهسا أميني...بين مضايقات متوا
...
-
عقب تصريحات -أكل الحيوانات-.. ترامب يكرر هجومه على المهاجرين
...
-
وسائل إعلام إسرائيلية: رئيس هيئة أركان الجيش قلق بشأن مصير ا
...
-
هاليفي: استعادة الأسرى من قطاع غزة ستزداد صعوبة مع مرور الوق
...
-
عودة 103 من الأسرى الروس إلى الوطن
-
لاستدراجهم للتعبئة.. كييف ووارسو تتفقان على إيقاف الإعانات
...
-
الآلاف يتظاهرون أمام منزل نتنياهو بالقدس
-
هاليفي: استعادة الأسرى من قطاع غزة ستزداد صعوبة مع مرور الوق
...
-
اعتراف إسرائيلي.. لا يمكن إعادة كل الأسرى بعمليات عسكرية
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|