شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8048 - 2024 / 7 / 24 - 23:07
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الديمقراطيّة في ظلّ الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة ( الجزء 9 )
آتاش / شعلة عدد 151 ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني- الماوي )
جريدة " الثورة " عدد 863 ، 22 جويلية 2024
https://revcom.us/en/reality-communism-2
ملاحظة الناشر : المقال أدناه نُشر باللغة الفارسيّة في مجلّة آتاش / شعلة عدد 151 ، جوان 2024، على موقع أنترنت . cpimlm.org و ترجمه إلى الأنجليزيّة متطوّعون من موقع أنترنت. revcom.us و الكلمات / الجمل بين معقّفين
و بعض الهوامش أضافها المترجمون لمزيد الوضوح . و الأجزاء 1 و2 و3 و4 و5 و6 و7و8 قد تمّ نشرهم أيضا على موقع . أنترنت revcom.us و هذا الجزء التاسع هو المقال الأخير من هذه السلسلة من المقالات عن الديمقراطيّة .
و المصدر الأساسي لهذه السلسلة من المقالات هو كتاب " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " الذى ألّفه [ القائد الثوري ] بوب أفاكيان ، و المصدر الأساسي لهذا المقال كتابان آخران لبوب أفاكيان هما " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق مع الشيوعيّة الجديدة " و " نهاية فظيعة أم وضع نهاية لما هو فظيع " .
-------------------------------
في [ الجزء الثامن ] ، ناقشنا أنّه في ظلّ الإشتراكيّة ، تتواجد الديمقراطيّة منع دكتاتوريّة طبقة – طبقة مختلفة عن جميع الطبقات الإستغلاليّة في الماضي – و هذا الإختلاف ينعكس في مضمون الديمقراطية / الدكتاتوريّة الإشتراكيّة . و عندما يقرأ الناس نقدنا للديمقراطيّة / الدكتاتوريّة البرجوازيّة و كذلك نقد البلدين الإشتراكيّين السابقين اللذين وُجدا ماضيا ، يقول العديدون : " إنّنا ننقد كلّ شيء ! " و يتساءلون " ما الحلّ ؟ ".
إنّ " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في إيران" الذى ألّفه الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني- الماوي)، إعتمادا على المبادئ الأساسيّة للديمقراطيّة / الدكتاتوريّة الإشتراكية الجديدة المتجسّدة في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " من تأليف بوب أفاكيان ؛ إنّ هذا الدستور يمثّل نموذجنا البديل بوضوح و بالملموس و بالتمام . و بدراسة و التعلّم من تجربة الدولتين الإشتراكيّتين اللتين وُجدتا في القرن العشرين ( الإتّحاد السوفياتي من 1917 إلى أواسط خمسينات القرن العشرين ، و الصين من 1949 إلى 1976 )، هذا النموذج من الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة قد قطع مع نقائص و هنات [ الدولتين الإشتراكيّتين إيّاهما ] و ، منطلقين من العناصر الإيجابيّة في هذه التجربة إلى جانب المعارف المكتسبة من عديد المجالات المتباينة من النشاط الإنسانيّ ، لخّص هذا على مستوى أرقى تمّ دمجه في إطار جديد [ من الشيوعيّة ] . و بالتالى ، لفهم الطبيعة الجديدة للمستقبل الذى يمكن للإنسانيّة أن تبلغه عمليّا ، يجب على المرء أن يقرأ و يتفحّص بشكل كامل هذا الدستور ، و يقارنه بجميع الدول القائمة حاليّا و بالدولتين الإشتراكيّتين حقّا ماضيا . و في هذا المقال سنركّز على هذا الدستور لتفحّص ممارسة الديمقراطيّة في الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة و على كيفيّة إرتباط هذه الديمقراطيّة بقيادة الحزب الشيوعي من ناحية و بالبر امج الطبقيّة و الأفكار الطبقيّة الأخرى من ناحية ثانية .
لقد أتى هذا الدستور ردّا على [ مسائل متعلّقة ب] نوع المجتمع و العالم الذى ينبغي على [ الإشتراكيّة ] أن تُنشأه . و ما الذى يجب تعزيزه ؟ و بالملموس ، ما الطبيعة الأساسيّة التي يجب أن تكون لبنيته الفوقيّة – مؤسّساته السياسيّة و الثقافيّة و التعليميّة ؟ ما هي أصناف الأدوات المؤسّساتيّة التي نحتاجها لمعالجة التناقضات العميقة و المعقّدة للمرحلة الإنتقاليّة الإشتراكيّة نحو الشيوعيّة دون وضع البنادق في ظهر الجماهير الشعبيّة و إجبارها على السير صوب ما يسمّى " الجنّة " ؟! كيف يمكن العمل بإجتهاد لمعالجة التناقضات الطبقيّة و الإجتماعيّة القديمة ، بينما في الوقت نفسه يُنشأ مجالا رحبا غير مسبوق للمعارضة و النقاش الفكريّ ، و تُستخدم الطاقة الناجمة عن ذلك في القضاء خطوة خطوة على اللامساواة الطبقيّة و الجندريّة و طُرق تخلّف التفكير المتبقّية من المجتمع القديم ؟ و بصفة أعمّ ، كيف يمكن أن يخدم تحرير الإنسانيّة جمعاء من النظام الرأسمالي و تدشين الإنتقال التارخي العالمي من عصر البرجوازيّة إلى عصر الشيوعيّة ؟
و هذه المقاربة الجديدة لمعالجة التناقضات و اللامساواة المتبقّية من الماضي ، و كذلك التناقضات الجديدة التي تظهر في المجتمع الإشتراكي ، تنبع من النظر إلى التناقضات ليس كمجرّد مشاكل فقط ، إذا تمّ التعاطى معها بشكا صحيح ، و إنّما أيضا كمنابع للطاقة التي يمكن أن تدفع المزيد من القفزات بإتّجاه المجتمع الشيوعي . و تصدر هذه المقاربة ليس من بعض التفاؤل الساذج ، بل من الفهم الأكثر ماديّة جدليّة للتناقضات عامة و لتناقضات الإشتراكيّة خاصة .
و على سبيل المثال ، مثلما أشرنا إلى ذلك سابقا [ الجزء 8 ] ، تواجه الإشتراكيّة التناقض العميق بين واقع أنّ الثورة الشيوعيّة و التقدّم نحو الشيوعيّة من المصالح الموضوعيّة لجماهير الإنسانيّة ، لكن [ حتّى في المجتمع الإشتراكي ] لا يرغب جميع الناس في ذلك ، طوال الوقت . و قد عالج بوب أفاكيان هذه الطريقة الجديدة في إثارة و الإجابة على قضايا الإشتراكيّة في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " ، كاتبا :
" إنّه لأمر واقع أنّه لا وجود في أي موقع آخر ، في أيّة وثيقة تأسيسيّة أو مرشدة مقترحة من أيّة حكومة ، لأيّ شيء يُشبه ليس فحسب حماية المعارضة و الحثّ عليها و على الغليان الفكريّ و الثقافي المتجسّدين في هذا الدستور ، بينما لهذا في نواته الصلبة أرضيّة من التغيير الإشتراكي للإقتصاد ، بهدف القضاء على كلّ الإستغلال و التغيير المناسب للعلاقات الإجتماعيّة و المؤسّسات السياسيّة و إجتثاث كافة الإضطهاد و التشجيع عبر النظام التعليمي و في المجتمع بأسره لمقاربة أنّ هذا " سيمكّن الناس من إتّباع الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح الفكر النقديّ و الفضوليّة العلميّة ، و على هذا النحو التعلّم المستمرّ من العالم و القدرة على المساهمة بشكل أفضل في تغييره وفقا للمصالح الجوهريّة للإنسانيّة " . و كلّ هذا يفكّ أسر و يطلق العنان للقوّة الإنتاجيّة و الإجتماعيّة الهائلة للبشر المتسلّحين و الملهمين للعمل و النضال معا تلبية للحاجيات الأساسيّة للناس – مغيّرين المجتمع تغييرا جوهريّا و مساندين و داعمين النضال الثوريّ عبر العالم – و غايتهم الأسمى عالم شيوعيّ ، خالى من كلّ الإستغلال و الإضطهاد ، بينما في الوقت نفسه نعالج الأزمة البيئيّة و الإيكولوجيّة الوجوديّة حقّا على نحو له مغزى و يكن شاملا وهو غير ممكن في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي . "(1) ( التشديد مضاف من مجلّة آتاش / شعلة )
و تلخّص هذه الفقرة مقاربة الدولة الإشتراكيّة الجديدة للمرحلة الإنتقاليّة الإشتراكيّة نحو الشيوعيّة ( عبر العالم ) و طُرق معالجة تناقضاتها . و من أهمّ النقاط النظر إلى العلاقة الجدليّة بين التغيير الإشتراكي للقاعدة الإقتصاديّة و التغييرات المناسبة في صفوف الناس ، و في طرق تفكيرهم و في وعيهم و هذا هو التغيير الأهمّ الذى يحدث في ظلّ الإشتراكيّة . و لهذا السبب الصراع بين وجهات النظر المتعارضة – المعارضة و النقاشات الفكريّة و الثقافيّة – يجب تشجيعها و دعمها ، و ليس كبعض الحقّ الديمقراطي و إنّما لأجل التشجيع على روح التفكير النقديّ و الفضول العلميّ .
و يقول العديد من الناس : بوسعكم قول هذه الأشياء الآن لكن عندما تفتكّون السلطة ، لن تسمحوا لنا بنقدكم ! و الإجابة على ذلك هي ، بالمناسبة ، أنّنا سنعرف أوقاتا عسيرة لإقناعكم بنقد أيّ كان في السلطة ! إذا خضعتم إلى هذا النظام الإضطهادي و الإستغلالي الوحشيّ ، فإنّكم ستخضعون أيضا إلى السلطة في مجتمع إشتراكي هو أفضل بمليون مرّة . بيد أنّ الناس لا يجب أن " يرضخوا " [ إلى السلطة ] ، لأنّ ذلك يتضمّن خطر إعادة تركيز الرأسماليّة . مهما كان الأمر ، مسألة إبقاء الطبقة الحاكمة الجديدة ( و ليس أشخاصا معيّنين في هذا الحزب المعيّن ، بل عددا متناميا من الناس الذين هم ، إلى جانب الحزب الطليعي ، أضحوا جزءا من اللبّ الصلب الذى بلغ السلطة السياسيّة أثناء الثورة الشيوعيّة ) على الطريق الإشتراكي إلى الشيوعيّة ، و الحيلولة دون إعادة تركيز [ الرأسماليّة ] يتطلّب أن تُدرس وجهات النظر المتعارضة .
و يشدّد بوب أفاكيان على أنّ الحاجة إلى " المواجهة بين وجهات النظر المتعارضة ، و دراسة الأفكار المتباينة و بالفعل دور معارضة الأفكار و السياسات الحاكمة – كلّ هذا ليس غاية في حدّ ذاته ، و إنّما هو وسيلة إلى غاية : بلوغ إستيعاب أعمق للحقيقة و إستخدام ذلك لمزيد تغيير المجتمع و الطبيعة ، خدمة لمصلحة الإنسانيّة . "و هنا نصل إلى إختلاف هام مع " التعدّديّين " و الديمقراطيّين الذين يحاججون بأنّه [ كما يدحض ذلك بوب أفاكيان أدناه ]:
" ... نزاع الآراء و الأفكار نفسها أهمّ ، أرقى من الحقيقة الموضوعيّة – أو حتّى أنّه لا وجود لحقيقة موضوعيّة ، فقط وجهات نظر مختلفة ، و كلّ منها صحيحة ( و غير صحيحة ) كوجهة النظر الأخرى . لكن في نهاية التحليل بتصرّفهم " التعدّديّون " كما لو أنّ جميع الأفكار متساوية و يمكن أن تتنافس على قدم المساواة – في حين أنّه في الواقع للطبقة الحاكمة البرجوازيّة إحتكارا على نشر الأفكار وهي تمارس دكتاتوريّة في مجال الأفكار ، كما تفعل في كافة المجالات الأخرى – يساعدون عمليّا هذه الطبقة الحاكمة في تحديد و فرض كحقيقة كلّ شيء ينسجم مع مصالحها و نظرتها الطبقيّين الخاصّين."
بينما ،
" هدف الشيوعيّين و غايتهم من تشجيع و إطلاق العنان لهذا الصراع حول الأفكار ، و الروح النقديّة ، و تحدّى العادات و معارضة الضوابط القائمة ، هو أنّ هذا في توافق مع القوانين الأساسيّة لتطوّر كلّ الحياة و المجتمع و مع مصالح البروليتاريا ما يجب أن يقود أيضا كافة هذا للمساهمة بطرق متنوّعة للتقدّم نحو الشيوعيّة . " (2)
ينبغي أن نشدّد على أنّه حينما نتكلّم عن مصالح البروليتاريا ، يتعلّق الأمر بتلك المصالح بالمعنى العالمي التاريخي : القضاء على " الكلّ الأربعة " ( القضاء على كلّ الإختلافات الطبقيّة ، و على كلّ علاقات الإنتاج التي تقوم عليها هذه الإختلافات الطبقيّة ، و على كلّ العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة التي تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و القضاء على كلّ الأفكار و القيم التقليديّة التي تتناسب مع هذه العلاقات الإجتماعيّة ) . بهذا المعنى كافة سياسات و ممارسات و مؤسّسات الدولة الإشتراكيّة ، و ديمقراطيّتها / دكتاتوريّتها ، هي تخدم مصالح البروليتاريا ، و ليس أنّها تخدم المصالح الآنيّة لأيّ مجموعة خاصة من مجموعات البروليتاريّين .
هناك حاجة إلى قيادة الحزب الشيوعي لهذه السيرورة لمتابعة البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، لأنّه طالما نحن في مجتمع منقسم إلى طبقات ، أفراد أو مجموعات من الناس في المجتمع يجب أن يقرّروا أوّلا ما هي القضايا الأهمّ لنقاشها . و الواقع هو أنّ في المجتمع ، نوع ما من السلطة سيرشد و يوجّه و يقود و في نهاية المطاف ، يمارس الدكتاتوريّة ، في ما سيكون موضع نقاش على نطاق واسع ، و على أيّ أساس يتمّ توفيره للناس ليفكّروا فيه و يناقشوه . و النتيجة هي :
" من غير الممكن كذلك بلوغ الحقيقة دون مركزيّة – قيادة ( على أنّ هذا سيتّخذ شكلا مختلفا نوعيّا في المجتمع الشيوعي). لا ينبغي أن تنال كافة الأفكار " وقتا متساويا " و ليس بوسعهم ذلك ، في ظلّ أي نظام إجتماعي أو مجموعة من الظروف. يجب أن يوجد بعض المعنى لتحديد ما سيمنح أولويّة ، ما سيقدّم على أنّه الحقيقة ، و ما سيتمّ التركيز عليه على أنّه هدف النقد . ما هي هذه الوسائل و هل تعكس بشكل صحيح الواقع الماديّ على أتمّ وجه ممكن سيرتهن بالنظام الاجتماعي . و فضلا عن ذلك ، من غير الممكن ليس بلوغ فهم شامل للحقيقة فحسب بل كذلك تحقيقها في الواقع دون صراع إجتماعي- و هذا يعنى فوق كلّ شيء صراع طبقيّ في مجتمع طبقيّ " (3)
و القيادة على أساس المصالح الجوهريّة للجماهير ممكن أوّليّا لأنّ القيادة [ الشيوعيّة الحقيقيّة ] تملك معرفة التحديد الموضوعي لما هي مصالح الشعب . لكن هذه القيادة لن تكون مثل إجبار أيّ إمرء على السير في ذلك الإتّجاه . يجب أن توجد مساحة كبيرة للناس ليتحرّكوا في إتّجاهات مختلفة . لكن هناك صراع هنا أيضا .
" الحقيقة لا ينبغي " أن تسوّى مباشرة ( و أحيانا لا ينبغي أن تسمّى بتاتا ) مع أفكار و سياسات الحكم لأيّة دولة بروليتاريّة معيّنة في أيّ زمن معطى ( حتّى دولة إشتراكيّة حقيقيّة ) كي لا نقول شيئا عن الدولة غير البروليتاريّة ، الرجعيّة ، سواء كانت كذلك بشكل سافر أم تحت قناع " ماركسي " ." (4)
و إلى جانب هذه المسألة و الدور القيادي الحيويّ للحزب ، نواجه تناقض تحوّل الحزب إلى الإنحراف عن مضمونه الثوريّ و تحوّله إلى نقيضه . و لا يظهر هذا المشكل من طبيعة الحزب و إنّما بسبب التناقضات في العالم الأوسع التي تجعل الطليعة ضروريّة و كذلك التناقضات التي يمكن أن تفضي بتلك الطليعة إلى العودة إلى الطريق الرأسمالي . لهذا من جهة ، مسألة الخطّ السياسي و المنهجيّة و المقاربة العلميّة للبّ القيادي ، و من الجهة الأخرى ، يجب على المرء أن يعوّل على تعبأة الجماهير لتغيّر عن وعي نفسها و تغيّر العالم ، بما في ذلك من خلال التفاعلات المستمرّة مع الحزب . و يؤكّد هذا من جديد أهمّية إنخراط الناس في النشاط و الصراع الإيديولوجيّين و إنشاء جوّ من الصراع الفكريّ .
و مظهر مفتاح للمجتمع الإشتراكي بهذا الصدد هو أنّ :
" عليهم أن يوفّروا وسائلا للذين كانوا مستغَلّين و مضطهَدين في المجتمع القديم – و كانوا مبعدين فعليّا عن ممارسة السلطة السياسيّة و التحكّم في المجتمع ، و كذلك مجالات النشاط الفكري و الإشتغال بالأفكار عامة – ليشاركوا بصورة متنامية في هذه المجالات ، بهدف التغيير المستمرّ للمجتمع بإتّجاه الشيوعيّة ... بكلمات أخرى ، هناك هدف و غاية و قيادة لهذا. ليس بعض ما يُفترض أنّه ديمقراطيّة خالصة دون مضمون إجتماعي – لا يمكن أن يوجد مثل هذا الشيء . بالأحرى ، يتمّ هذا ضمن إطار معيّن و بقيادة و هدف محدّدين ." (5)
و يقول الكثيرون ، أنتم " تعطون بيد ما تأخذونه باليد الأخرى " . تتحدّثون عن مشاركة الجماهير لكنّكم لا تسمحون للجماهير بأن تقرّر أيّ في أيّ إتّجاه تمضى ! و الإجابة هي أنّه بينما لا يستطيع [ الحزب ] أن يحكم بالقوّة ضد إرادة الجماهير ، سيكون من الإجرامي حقّا إذا ما سمحت القوى التي كسبت القيادة من خلال سيرورة ثوريّة فيها ضحّى عدد كبير من الناس بالكثير ، سمحت للنظام الإضطهادي السابق بأن يفتكّ من جديد و بيسر السلطة ؛ [ سيكون ] ذلك مناقضا لمصالح ذات الجماهير الشعبيّة . لذا ، ضمن إطار الدولة الإشتراكيّة ، هناك علاقة جدليّة بين اللبّ الصلب للقيادة و مرونة مختلف الفئات الإجتماعيّة في المجتمع ، في المجتمع القائم على اللبّ الصلب .
و هذه النظرة للدولة الإشتراكيّة ليست مختلفة عن أنواع مختلفة من الديمقراطيّات / الدكتاتوريّات البرجوازيّة فحسب بل هي تختلف أيضا عن وجهات النظر السائدة عن الإشتراكيّة . و [ الدولة الإشتراكية المعروضة في الدستور الجديد ] تختلف عن كلّ من نموذج المجالس [ السوفياتات ]ٍ التعدّديّة الإستشاريّة حيث الناس – بمن فيهم العمّال و الأمم المضطهَدَة و النساء إلخ – يساهمون في الشؤون الإقتصاديّة و السياسيّة و الإجتماعيّة إلاّ أنّه دون لبّ صلب لتوفير القيادة أو المضمون الاجتماعي، و عن الصورة الكلاسيكيّة التي تكون فيها الدولة الإشتراكيّة موجّهة كلّيا من الحزب ، لذلك تكون الدولة و الحزب الشيء نفسه . [ في الجمهوريّات الإشتراكيّة الجديدة ] ، الدور القيادي للحزب في علاقة بالدولة لا يتّخذ في ألساس شكل الحزب المهيمن تنظيميّا على مختلف مؤسّسات الدولة ، بالرغم من كون الأدوار التنظيميّة و الميكانزمات/ الآليّات توجد فعلا ، لا سيما في ما يتّصل ببعض المؤسّسات المفاتيح مثل القوى المسلّحة . و فوق كلّ شيء ، و جوهريّا ، يمارس الحزب دوره القيادي من خلال التأثير الإيديولوجي و السياسي ، و بالصراع المستمرّ لكسب الجماهير إلى الثورة الشيوعيّة . و كما تمّت الإشارة إلى ذلك آنفا ، الهدف النهائي – عالم شيوعي خالى من الإضطهاد و الإستغلال – يحدّد التوجّه العام [ للدولة الإشتراكيّة ]. و الإجراءات المتّخذة في كلّ مرحلة من المراحل و في كلّ بلد من البلدان ، يجب أن تعتمد على مبدأ تعميق هذا الهدف .
لهذا السبب ، الأمميّة عنصر حيويّ في الدولة الإشتراكيّة ، و تمثّل عنصر إختلاف جوهري في كيفيّة ممارسة الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة . و تنعكس الأمميّة في ما يتمّ القيام به أو ما لا يتمّ القيام به إقتصاديّا و سياسيّا ، في حقوق الناس ( بمن فيهم حقوق المهاجرين و الأمم المضطهَدَة سابقا ) ، و في العلاقات الدوليّة ، على كلّ من المستوى العام و الخاص . و لأجلال الحفاظ على طابعها الإشتراكي ، هذه الدولة الإشتراكيّة يجب أن تعمل كقاعدة إرتكاز للثورة الشيوعيّة عبر العالم ، لأنّه فقط بإجتثاث كلّ الإختلافات الطبقيّة ،و كلّ علاقات الإنتاج الإستغلاليّة ا لتى تؤدّى إلى هذه الإختلافات ، و كلّ العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة القائمة على أساس علاقات الإنتاج هذه ، و كلّ الأفكار و القيم التي تعزّز هذه العلاقات ، يمكن تدشين عصر جديد [ من تاريخ الإنسانيّة ] . و كما كتب إنجلز ، المجتمع الشيوعي : " سيضع كامل آلة الدولة في المكان الذى ستنتمى إليه حينها : متحف العصور القديمة ، إلى جانب دولاب الغزل و الفأس البرانزى " . (6) و ستجد الديمقراطيّة مكانها الخاص إلى جانبهما . (7)
و مع نهاية هذه السلسلة من المقالات ، نختتم ما قيل في [ الصفحة الأخيرة ] من كتاب بوب أفاكيان ، " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " : " بوسعنا ذلك و من واجبنا " .
------------------------------
هوامش المقال :
1. “New Year’s Statement By Bob Avakian—A New Year, The Urgent Need For A Radically New World—For The Emancipation Of All Humanity,” January 2021.
2. Bob Avakian, A Horrible End´-or-an End to the Horror? Pages 163, 188-89, quoted in Democracy: Can t We Do Better Than That? (Banner Press, 1986), Chapter 7, pages 235-236.
3. Ibid., quoted in Democracy: Can’t We Do Better Than That? (page 244).
4. Ibid., quoted in Democracy: Can’t We Do Better Than That? (page 235).
5. Bob Avakian, “BREAKTHROUGHS, The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism. A Basic Summary”
6. Engels, “Origins of the Family, Private Property and the State,” (in Marx and Engels Selected Works, Volume 3, page 330.
7. Avakian, Democracy: Can t We Do Better Than That? Chapter 8, page 269.
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟