السياسة النرويجية تجاه فلسطين: تاريخ موجز

محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)

الحوار المتمدن-العدد: 8025 - 2024 / 7 / 1 - 20:33
المحور: القضية الفلسطينية
    

تطور الاهتمام النرويجي بالقضية الفلسطينية عبر عدة مراحل يمكن تلخيصها بالتالي:
• المرحلة الأولى (1948-1987). حيث كانت النرويج -في ذلك الوقت- من أكثر الدول في أوروبا تعاطفا مع الدولة الصهيونية؛ فعلى سبيل المثال، كان "تريغفي لي"، الأمين العام النرويجي للأمم المتحدة في العام 1948، معروفا بتعاطفه مع الصهاينة. في هذه المرحلة، اختلفت الأحزاب النرويجية حول العديد من القضايا المحلية؛ لكنها اتفقت جميعها على دعم إسرائيل، كما أخبرني بذلك -في محادثة خاصة تعود للعام 1985- اللواء "أود بول"، الرئيس السابق للقوات الدولية في الشرق الأوسط، وأشير هنا تحديداً إلى حزب العمال والحزب اليميني، اللذين كانا الحزبين الرئيسيين في البلاد قبل ظهور الأحزاب الأخرى لاحقاً. في تلك المرحلة صوتت النرويج -كما هو معروف للجميع-لصالح قرار تقسيم فلسطين في العام 1947 ، وكان التصويت آنذاك لفائدة الصهاينة بلا شك.
• المرحلة الثانية. وسوف أتطرق هنا إلى العوامل المختلفة التي دفعت باتجاه تغيير السياسة النرويجية حول فلسطين؛ بيد أنه لا ينبغي أن يعيب عن بالنا الصعوبة البالغة المصاحبة لتعيين أي منها كان العامل الحاسم في هذا التغيير. وقد بدأت هذه المرحلة تتضح في العام 1987، عندما بدأت الانتفاضة الأولى، والتي غطتها القنوات التلفزيونية بكثافة وعلى نطاق واسع، حيث لعب صحفيون مؤيدون للفلسطينيين مثل "كيرستين تيت" دوراً مركزياً .كما تمركزت كتيبة نرويجية في جنوب لبنان كجزء من قوة الأمم المتحدة، بالتناوب كل ستة أشهر مما سمح لمئات الجنود الاطلاع عن كثب على الطبيعة العدوانية لإسرائيل؛ فضلاً عن التجربة الغنية للفرق الطبية النرويجية التي كانت تعمل -ولا تزال- لسنوات في جنوب لبنان. لقد كانت هذه عوامل أسهمت -بحق- في تعرف مئات النرويجيين على القضية الفلسطينية من خلال الاستماع إلى قصص اللاجئين الفلسطينيين. وقد عمل هؤلاء بعد عودتهم إلى النرويج في شرح ملاحظاتهم وتجاربهم، مما ساعد على توسيع فهم القضية الفلسطينية في المجتمع المحلي النرويجي. وثمة عامل لا يقل أهمية عما سبق يتمثل في دور مجموعتي التضامن النرويجيتين "لجنة فلسطين Palestine Committee " و"الجبهة الفلسطينية Palestine Front " حيث لعبت كلتا الهيئتين دوراً مهماً في رفع الوهي بالقضية الفلسطينية في النرويج. بالإضافة إلى نقابة العمال الكبيرة LO، التي كلن لها شأن مميز في هذا التغيير.
• المرحلة الثالثة، ( 1993 – حتى الوقت الحاضر). مع توقيع اتفاقات أوسلو في العام 1993، كشفت وسائل الإعلام النرويجية بشكل كامل عن الظلم الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني، رغم الجوانب السلبية العديدة للاتفاق. وقامت وسائل الإعلام النرويجية بتغطية الحدث على مدار اليوم، فأضحى حدثاً محلياً واعتبر إنجازاً مهما للدبلوماسية النرويجية. كما كان لوسائل التواصل الاجتماعي دورها الخاص والمميز في الترويج للقضية الفلسطينية من خلال الترويج لمواد إعلامية لا تظهر عادةً في الإعلام الرسمي، لا سيما وأن الجيل الجديد من النرويجيين لا يحمل ذات الشعور بالذنب تجاه اليهود مثل الأجيال السابقة.
لعل هذه الأسباب جميعها صاغت عملية تراكمية أدت إلى موقف النرويج الإيجابي تجاه القضية الفلسطينية. دون أن ننسى الدور الكبير للعديد من الأحزاب السياسية ، مثل اليسار الديمقراطي والحزب الأحمر وكوادر حزب العمال ، بالإضافة إلى شخصيات مهمة ومرموقة مثل الزعيم الراحل للحزب اليميني ، "كوريا وينلوك" ، وكذلك الأطباء مثل "ماج جيلبرت" ،" إريك فوسا" ، "إيبا فيريغلاند" ، "تروند لينغستا" ، ورموز الأكاديميين والناشطين مثل "لارس كول". كما لعب "نيلز بيترسون" و"هيلدا هندريكسون" و"شيل بيغستا" وكثير غيرهم دوراً مهماً أيضا أسهم في شرح القضية الفلسطينية.
وتتميز هذه المرحلة بزيادة كبيرة في الدعم لفلسطين، والتي تجاوزت حتى النفوذ الصهيوني لمنظمة أصدقاء إسرائيل Friends of Israel.
وأدت التطورات المهمة الناجمة عن حرب غزة إلى زيادة كبيرة في التعاطف مع فلسطين، ونوقشت فكرة الاعتراف بفلسطين في البرلمان، الذي قرر أن الاعتراف سيحدث عندما يساهم ذلك في تحقيق السلام. ولم يتغير موقف البرلمان إلا قبل أسبوعين ، عندما قررت النرويج رفقة إيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا الاعتراف بدولة فلسطين.
المصدر: https://countercurrents.org/2024/06/a-brief-history-of-the-norwegian-policy-on-palestine/

#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات