أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - لعنة - بن لادن














المزيد.....

لعنة - بن لادن


محمد المهدي السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1765 - 2006 / 12 / 15 - 11:07
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
لعنة " بن لادن "

ـ أولا , لماذا اجتمع القوم عندكم في" الخيمة " ؟ أنا لا تهمني تفاصيل وقوع الحادثة ؟
فغر فاه , فامتدت إلى شاربه شذرات أشبه بالزبد على وجه موجة تحمل نفايات البحر الراكد , بينما كان الكرسي المتحرك يتلولب يمنة ويسرة بمؤخرة السيد " القايد " ,
هل أجابه أحد على أسئلته الممطرة بغل دفين ؟
كنت منشغلا بحركته الطفولية وهو يترنح فوق الكرسي بتجاوب غريب , متناغما مع اهتزازت جسده , بل ذهب الخيال بالظنون أبعد مدى حول رجولته , رغم التجاعيد المبكرة تحت جفنيه .
علق بذهني السؤال عن سبب الاجتماع , لأن الناس في قريتي , لم يحتاجوا من قبل إلى ترخيص , كي يعودوا بعضهم البعض ,
وكأنه استعاد أنفاسه من رحلة تيه , عاد إلى نفس السؤال , لكن هذه المرة , بابتسامة تشي بالارتياح من شيء ما ,
لم يكن لأحدنا غير الجواب الذي رد به العم " سالم " ,
تدخل شيخ القيادة , بالصوت الجهوري والدفع باليد , متجها بقامته المربوعة نحو أبي :
ـ ألا تسمع ؟ سعادة القايد يسألك .
ـ لم يتبق شيء لم تقله الجماعة على لسان العم "سالم " ,
كل ما هناك , أن الأحباب تجمعوا فرحاً بشرائنا للصحن الرقمي ,
والحق أقول لك , تبًّا لهذا الولد العاق , كم نصحته بالتراجع عن فكرته ,
أنا كنت أسمع أ سيدي , أنه يفضح الرجل أمام زوجته , لكنني لم أتصور أن يفضحنا أمام المخزن ,
انتفض السيد " القايد " غير متمالك نفسه , دون أن تتزحزح مؤخرته كثيرا , رأيت أسنانه البيضاء يتوسطها سن ذهبي ,
ـ ألا تعرفون أن التجمعات ممنوعة ؟
ألقى عليَّ نظرة مشبوهة بزاوية حادة , افتعلتُ احتراما بطأطـأة رأسي , لا أدري هل تابع النظر إليَّ , بينما كان أبي يحاول الجواب , صوته متقطع يعكس هيبة الموقف بين يدي السيد القايد ,
ـ لكنه أصر على شرائه , , لم نتفرج بالأمس سوى على مسرحية مضحكة , الحقيقة , كدتنا نموت من الضحك الزعيم البهلوان
ـ ثم ؟
ـ تركت الأحباب أمام الشاشة , وذهبت إلى الحظيرة أطمئن على الشياه , كنت قد نسيت مدها بالعشب ,
ـ ثم ماذا ؟
ـ بعد ذلك , انسحبت إلى مرقدي المجاور , الحقيقة ,
أنا يا سيدي توجهت إلى فراشي عسى الجمع ينفض , كانت الساعة متأخرة ,
ـ هل سمعت خطاب القاعدة ؟
ـ أية قاعدة أسيدي ؟
حملق في شيخه المقدم ,
هل كان يريد التأكد من خبر حمله إليه , وجده منحني الرأس, لكن سرعان ما انطلق لسانه كأنه فك من عقاله , ثم أشار إليَّ ,
ـ هذا هو الابن الذي حدثتك عنه ,
وتحول السؤال إلى الاستفسار عن السبب في إدخال هذه الآفة إلى القرية , وهي التي مازالت تفتقر إلى أبسط شروط التمدن, لا قنوات مياه , لا قنوات صرف الخروج , ولا حتى كهرباء ,
كان مكتب السيد القائد مضيئا بمصابيح توزعت أركانه الأربعة , بينما لا يعرف السكان المحيطون به لونا للضوء بغير الشمس والقمر , أو فتائل الشمع المجلوب نهاية كل أسبوع من السوق الموسمي المجاور , حين فكرت في شراء بطارية مستعملة من سوق الخردة , لتغذية هذا التلفاز اللعين بطاقة تشغيله , كان الهم الأول مرتبطا بكيفية شحنه كل ثلاثة أيام , والقرية تبعد عن أقرب طريق رئيسة بعشر كيلومترات,
فاجأني السيد القائد بسؤال لم أعهده سوى في المسلسلات البوليسية ,
ـ وفيم كنتم تتحدثون بعد خطبة " بن لادن " ؟
تبادل أعمامي و أخوالي نظرات حادة , لم يكن لأحدهم علم مسبق بشخصية الرجل , غط أبي في نومه قبل انتهاء المسرحية , وتفرق الناس مباشرة بعد التسلي بحركات " عادل إمام " دون فهم كل ما أراد قوله , انبسطوا وضحكوا عليه , ثم رحل كل إلى حال سبيله , وحدي بقيت أمام الشاشة , كنت أنتظر التقرير الرياضي للقناة , حين قطعوا البرنامج , لنقل خطاب الزعيم ,
ـ زعيم عادل إمام ؟
ـ لا , زعيم القاعدة .
ـ إذن أنت تعرفه ؟
ـ نعم أسيدي .
ـ وماذا تعرف عنه ؟
تذكرت مصير الذين عرفوه أو تعرفوا عليه , وحضرت أمامي " غوانتانامو "
ـ ما هو معروف عنه , ضرب أميريكا في عقر دارها وفي وضح النهار .
ـ تبدو معجبا به ؟
لم ينتظر جوابا , ثم عقب سائل:
ـ كنت وحدك مع " بن لادن " ؟
تسمعت همس السيد القايد يسأل شيخه المخبر, عما إذا كنتُ قد وصلتُ إلى القرية بلحية ,
من سوء حظي , كنت قد حلقت ذقني ذلك الصباح , بعد أسبوعين من الإهمال , وصدق الشيخ المخبر بالإخبار عن الحال , فقد سبب انشغالي بالتفكير في شراء الصحن الرقمي, تأخري عن التخلص من لحيتي المشؤومة ,
قبضت أول أجري بعد ثمانية أشهر ,
أسرعت إلى " سوق سبتة " , وفي ذهني شيء واحد , أفرح أمي وأبي بهذه الشاشة العجيبة , كنت أحلم بإخراج أسرتي من سماع الإذاعة الوطنية الوحيدة عبر ذلك الجهاز البالي , لم أقل شيئا من ذلك للسيد القايد , فحين سأل عن سر اجتماع الأهل عندنا الليلة الماضية , لم يكن في ذهني أدنى جواب , الآن أستطيع الجواب ,
لكن علي أن أنتظر يومين , قبل التحاقه بعمله , وحيدا في هذه الزنزانة بقبو مكتبه المحترم .

******
محمد المهدي السقال
المغرب



#محمد_المهدي_السقال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرافة
- فراغ من زجاج
- الإضراب
- المسألة الأمازيغية العد العكسي
- حكايتي مع السيد المفتش
- رقصة الكلاب
- قراءة في عنوان مقالة* ممارسة النقابات للإضراب تعبر عن دكتاتو ...
- مشروع تركيب إيقاعي من الطويل والبسيط
- رائحة المرأة و الشيطان
- العار
- عبث اللحاق
- من مزامير داوود الأولى في بغداد


المزيد.....




- وثائقي -غزة: أطباء تحت النار-.. القناة 4 تكسر احتكار الرواية ...
- منتصر الحمد: كيف نعيد تموضع اللغة العربية كفاعل ثقافي عالمي؟ ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” رابط نتيجة شهادة الدبلومات الفنية 2 ...
- أقنعة وألسنة لهب: باراغواي تحتفل بمهرجان كامبا رانغا على طري ...
- الأميرة ريم علي: -نرفض أن نموت ثقافيًا-..انطلاقة الدورة الـ ...
- معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمغربي محمد بن ع ...
- -جائزة الشيخ حمد للترجمة- تعلن عن لغات دورتها الـ12 لعام 202 ...
- رعب وأبطال خارقون ومخلوقات خطيرة.. 8 أفلام تعرض في يوليو
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة
- -كاسونغو-.. قصة فقدان وحب تختبئ خلف الإيقاعات الراقصة


المزيد.....

- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - لعنة - بن لادن