|
تجليات أدب الخيال العلمي في المجموعة القصصية / تشابك سرّي/ للقاصّة المصرية غادة سيد دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم د. عبير خالد يحيي
عبير خالد يحيي
الحوار المتمدن-العدد: 8019 - 2024 / 6 / 25 - 15:08
المحور:
الادب والفن
إغناء: يعرّف (معجم أكسفورد) أدب الخيال العلمي (Sci-Fi ) Science Fiction بأنه: " أدب يتعامل مع مكتشفات ومخترعات علمية حديثة بطريقة متخيّلة" . كما يمكن تعريفه على أنه: "أحد اشكال الخيال، والذي يرتبط بتأثير العلم على المجتمع أو الأفراد، سواءً أكان تأثيرًا فعليًّا أم متخيّلًا" ويطلق عليه أيضًا اسم ( الخيال التأملي)، وعادة ما يتنبّأ الخيال العلمي بطرق بديلة للحياة تعتمد كليًّا على التطبيقات التكنولوجية المتغيّرة باستمرار، وتلك الحياة تكون مفصولة عن العالم العادي أو المألوف في زماننا ومكاننا. وأدب الخيال العلمي قد نراه في بعض الأحيان على تماس واقعي مع العلم، ويحاول أن يبقى متسقًا مع النظريات العلمية والقوانين الطبيعية دون الاستعانة بقوى سحرية أو غير طبيعية، مما يجعله متمايزًا عن الفانتازيا، وفي أحيانًا أخرى يشطح بعيدًا عن العلم وعن الممكن. فيتعامل جزئيًّا أو كليًّا مع موضوعات غرائبية وخوارق ومخاطر ومغامرات. تنتمي معظم قصص هذه المجموعة قيد الدراسة والمعنونة ب / تشابك سرّي / للقاصة غادة سيد إلى هذا النوع من الأدب، أدب الخيال العلمي، الذي سندرس سماته من خلال تجلّياته على قصص هذه المجموعة. السيرة الذاتية للقاصّة: غادة سيد عبد الواحد إبراهيم · كاتبة، وشاعرة، وروائية، وقاصة من الإسكندرية · بكالوريوس الكيمياء الحيوية كلية العلوم جامعة الإسكندرية. · دبلومة علوم شرعية المعهد العلمي العالي لإعداد معلمات الكتاب والسنة بجدة - المملكة العربية السعودية. · دبلومة تأهيل معلمات وإجازة لتدريس علم تجويد القرآن الكريم من مركز خديجة بنت خويلد بالخبر. · باحثة دراسات عليا في أكاديمية الفنون قسم النقد الفني. · نشر لها من المؤلفات: - كتاب ركائز الحب العشر - رواية أشواك في حضن الورد · تحت الطبع: - ديوان شعر عامية "سفينة الأيام بين الواقعية والرومانسية". - متوالية قصصية "أكتوبر في عيون صغيرة" - مجموعة قصصية "السوار الذهبي". - رواية "حوار كافيهات" اسم مؤقت البؤرة الثابتة: من الصعب أن تجتمع النصوص المُضمَّنة في مجموعة قصصية واحدة تحت ثيمة واحدة، وما يستطيع الناقد أن يرصده هي الثيمة الغالبة التي يمكن استشفافها في عدّة نصوص، ثم نسبغها على المجموعة كثيمة عامة، إلّا أن القصص التسع لهذه المجموعة كلّها تحمل ثيمة الخيال العلمي، فمواضيعها مستقاة من أدب الخيال العلمي على نوعيه: 1- الخيال العلمي الصعب: الذي يستوحي رواياته وقصصه من العلوم الطبيعية الصعبة، كعلم الفلك، والفيزياء والكيمياء. فرواياته تستند إلى حقائق ومبادئ علمية تُتَّبع بدقّة، فهو يعتمد على تقديم تنبؤات دقيقة - وأحيانًا تنبؤات غير دقيقة- للأحداث المستقبلية، وغالبًا ما تُكتب رواياته من قِبل علماء حقيقيين. لذا وجدتُ أن من الغريب أن تكتب القاصّة في هذا النوع الصعب، وقد فعلتْ، وهذا يُحسب ويُسجّل لها ضمن ثقافتها العلمية العالية، من قصص هذا النوع في المجموعة: تائه بلا عنوان- البعد الخامس – محسن أم سنمار- تشابك سرّي
2- الخيال العلمي السهل: تتميّز روايات الخيال العلمي السهل بأمرين، إمّا أنّها غير دقيقة علميًا، أو أنها مستوحاة من العلوم الاجتماعية "اللينة" مثل علم النفس، والأنثروبولوجيا، وعلم الاجتماع، أي العلوم التي تنطوي على السلوك البشري، والعواقب العلمية المحتملة لذلك السلوك، وهو يستخدمُ مصطلحات مرنة إلى حدّ ما، بحيث تساعد القرّاء أو المشاهدين على فهم الرواية أو القصة أو الفيلم، وتوقّع ما يمكن حدوثه. يمكننا أن نضع تحت هذا النوع القصص التالية : خيال الظل- سر القصر- إبداع- الرفيق اللدود- أخيرًا عادت إليّ. المستوى الديناميكي: قصص الخيال العلمي، على المستوى الفني، هي قصص كلاسيكية، بمعنى أنها قصص ليست قصيرة، وليست ملتزمة بوحدة الحدث، ولا بوحدة الزمكانية، لأنها قصص من عالم مثير، مليء بالمغامرات، تسكنه حقائق بديلة، وحضارات وشخصيات وكائنات غريبة : روبوتات- مخلوقات شبحية – مخلوقات رمادية ... الأحداث: فيه متنوعة، ومفتوحة على فضاءات لا محدودة، كالسفر عبر النجوم والمجرّات، والسفر عبر الزمن، تجارب رائدة، ونبوءات بمستقبل مشرق أو بائس.... الزمن: لا محدّدات له فقد يكون حاضرًا أو في الماضي السحيق، أو المستقبل البعيد. المكان: لا حدود له، في الأرض أو خارجها من كواكب ومجرّات وفضاء سماوي أو جوفي تحت أرضي. كل هذه العناصر تستلزم تفاصيل كثيرة لا يمكن أن تأتي بها القصة المعاصرة التي تقوم على وحدة الحدث والزمكانية والشخصية. لذلك، لا غرابة أن تكون هذه المجموعة عبارة عن تسع قصص فقط تشغل حوال 130 صفحة، وبعض القصص تجاوزت ال40 صفحة، مثل قصة (تشابك سري) وهي القصة التي اختارت الكاتبة عنوانها عنوانًا للمجموعة، رغم أنني وجدت إسهابًا في تفاصيل كان من الممكن تلافيه بالاختصار، كما وجدت الكثير من الشروحات المعرفية والمعلوماتية كان من الممكن أن تكون هوامش أسفل الصفحات، يمكن أن توفّر على القارئ مهمّة الرجوع إلأى المصادر العلمية، حتى لا ينقطع التشويق، من دون أن يؤثر ذلك في بناء الهيكل الفني للقصص. وغالبًا ما تكون روايات الخيال العلمي مستقبليّة وتشمل مفاهيم مستقبليّة. وتعدّ جميع قصص الخيال العلمي معقّدة نوعًا ما بغض النظر عن المكان والشخصيات، فهي تحتوي على تفاصيل دقيقة، كما أسلفنا، وتستكشف أحداثًا ومفاهيم جديدة ومختلفة عن واقعنا، فهو أدب سماته الخيال وعناصره العلوم والتقنية والكون بما رحب وتدور أحداثه حول أحد المواضيع الآتية: . السفر في الفضاء واستكشافه. . والانتقال الآني أو اللحظّي. وهذان العنصران الكلاسيكيان مجتمعان في قصة ( تشابك سرّي) التي تتحدّث عن لقاء أسرة مصرية مكوّنة من أب وأم وولد يدعى ( فريد) بعد حوالي ستة عشر عامًا بتوأمه ( وحيد)، وقد خضع التوأم الملتصق لعملية فصل حال الولادة في مركز للأبحاث الطبية في أمريكا، تتدهور الحالة الصحية لوحيد، ويموت، ويعود الوالدان إلى مصر ومعهم فريد فقط، لكن الأم يتملّكها هاجس بأن ابنها وحيد لم يمت، بعد خمسة عشر عامًا، تحدث أحداثًا غريبة مع فريد، الذي لا يكف عن رسم أخيه وحيد، تحدث أمور غامضة لفريد، ويظن أهله أنه يعاني من مرض نفسي، ويتلقى اتصالًا غير متوقع من جهة غير معلومة، يخبرونه فيه بأنهم سيأتون قريبًا لتفسير كل شيء. في الموعد يأتون، رجال بسترات سوداء ونظارات معتمة، يناولونهم صور يظنونها لفريد، لكن يقاطعونهم بأنها لوحيد، صور بنفس الملابس التي كان يرسمها فريد لأخيه من وحي خياله، ثم يخبرونهم أن وحيد لم يمت، وهم قد جاؤوا به، وأنهم اضطروا لادعاء موته حتى يتولوا العناية به صحيًّا، لاستكمال التجربة التي استضافوهم بسببها في مركزهم، وقاموا بفصل التوأم الملتصق على نفقتهم الخاصة: "التجربة تتعلق بطاقة الجاذبية وعلاقتها بميكانيكا الكم لإنتاج جسيمات دون ذرية وجرافيتونات..... وعملنا على إحداث تشابك كمي بينها ..... لما لذلك من فوائد عظيمة تخدم البشرية وتنقل العلم والاتصالات نقلة حضارية بل قفزة بالغة التطور" ... ص 117 وقد جاؤوهم بهذا العرض: - سيسافر رائد الفضاء وحيد هو وفريق العمل في مهمة رسمية إلى إحدى مجرّات مجموعتنا المحلية، .... هدف الرحلة يبعد عن مجرّتنا ما يقارب خمس مليون سنة ضوئية، وقد أعدّت مركبة فضائية بمواصفات خاصة لذلك، ... - أما فريد فسيأتي معنا بالتأكيد لإجراء اختبارات التواصل ومعرفة مدى فعاليتها. .. ص123 والتجربة ستستغرق سنوات، وعندما ينتهي وحيد من مهمته بعد عدة سنوات ويعود، سيكون الوقت قد اختلف تمامًا فربما تكون عشرات السنوات قد مرّت. وهذه القصة تطرح من خلال التوأم وحيد وفريد نظرية التشابك الكمي بصفتها آلية يكون فيها جزيئان كمّيان مترابطين بصورة كاملة، أيًّا كانت المسافة الفاصلة بينهما: - الجسيمات التحت ذرية المتشابكة تكون متصلة ببعضها بنوع من الثقوب الدودية الكمية، الثقوب الدودية هي معابر بين موقعين في الكون......، لكن الثقب الدودي ليس فقط بوابة مكانية، بل هو بوابة لزمانين مختلفين في الكون أيضًا... ص 123 كان بإمكان الكاتبة، بما أنها تكتب أدب خيال علمي، أن تعتمد نظرية التشابك الكمي في دعم النقل الكمي الآني أو اللحظي للإنسان عبر الفضاء، وهي الفكرة التي طالما داعبت خيال البشر، ويكون فيها انتقال المادة بجميع عناصرها آنيًّا دون حدوث أي خلل في تركيبتها ودون العبور بالفراغ، لكن الكاتبة جعلتها تقف على حدود التي وقف عندها أينشتاين حينما تصوّر أن التشابك الكمومي يجب أن يحوي ما سمّاه بالمتغيرات الخفية (Hidden Variables ) أي مجموعة من الظروف غير المعروفة بالنسبة لنا هي التي تجعل النتائج تبدو وكأنها ذات تأثير لحظي. . عوالم خيالية : قد تكون حلم أو كابوس أو غيبوبة. من قصة ( تائه بلا عنوان): ارتجفت جفونه وخارت قواه، وراح في غيبوبة جديدة .... فتح عينيه ببطء، ليجد أمامه المفاجأة الأكبر، زوجته صبوحة الطلعة مشرقة الوجه ببريق اللؤلؤ...أخيرًا سيعيش حياته بصورة طبيعية بلا أحلام أو خيالات، لكن فجأة .... تساءل والفضول يفترسه: هل هي زوجتي؟ أم نسخة منها؟ هل كان حلمًا؟ أم أنا الآن في عالم موازٍ؟.. . والأكوان الموازية: إن الإطار المكاني لقصص الخيال العلمي فقد يكون على سطح الأرض، أو في جوفها، أو على إحدى الكواكب السيّارة، أو في أي بقعة من الكون، أو حتى في أماكن خيالية كالأبعاد المتوازية. في قصة (البعد الخامس): تقصّ القاصّة قصّة رسام يرسم لوحة لفتاة ملائكية الوجه، تطلّ من خلف أشجار البونسيانا، شغله التفكير بكيفية التواصل معها والانتقال إلى عالمها، وسيطر عليه هاجس بأنه رآها من قبل، حتى أنه صار يرسمها مرارًا وتكرارًا، بل وحاول أن ينحت لها تمثالًا، وفي إحدى الليالي، لوّح للوحة يودّعها قبل أن يطفئ المصباح متحضّرًا للنوم، فلمحها تبتسم له ابتسامة خفيفة وتغمض عينيها وتفتحهما، ليدور بينهما حديثًا حميميًّا، تخبره فيه أنها مخلوق مثله غير أنها قادمة من بعد خامس، وأنها حاولت أن تزوره في الأحلام، لأن الأحلام هي الوسيلة الوحيدة لتواصل الكائنات في كونَين مختلفين، ولكن الحلم يُنسى حال الاستيقاظ، فارتأت أن تلتقي به في عالم ثنائي الأبعاد هو عالم الرسم، لأن الفنان يبدع عوالم ساحرة. - التواصل داخل الكون خماسي الأبعاد متاح كما هو الحال في باقي الأكوان، لكن تواصل الأكوان المختلفة فيما بينها له تقنياته الخاصة التي قد نعلمها أو يجب علينا تعلّمها إن جهلناها. - هل سمعت عن الإسقاط النجمي؟ لا تتعجب إنه أشبه بالتنويم المغناطيسي، ثم من خلاله تستطيع أن تتنقّل عن طريق المزج بين العقل اللاواعي والوعي الحسوس... ص84 . التحريك الذهني، والسيطرة على العقل، والتخاطر: وقد عرضت الكاتبة لهذا المفهوم في عدّة قصص، منها قصة (تشابك سري): .... في التشابك الكمّي ما يحدث لأحد الجسيمين المتشابكين يؤثّر على الآخر مباشرة وبصورة فورية حتى وإن كانا على بعد سنوات ضوئية، وقد تأكّد ذلك في تجربتنا الدقيقة وأصبح ما يحدث لوحيد يتأثر به أخوه فريد بشكل معلوم، ... فبدأ فريد من مصر يتحكّم في تصرفات وحيد في فيرجينيا.... وأصبح كل منهما يؤثر في سلوك الآخر في التو واللحظة رغم مئات الآلاف التي تفصلهما عن بعضها ... ص 119 . أشكال الحياة خارج كوكب الأرض، والرماديون بفصائلهم الفضائي والجوف أرضي : والرماديون ، بحسب بعض الموسوعات العالمية، كائنات تفتقر إلى ميزات عدّة يتميز بها البشر عنهم، من أبرزها المشاعر الشخصية، واستشعار المشاعر الغيرية، وهم كائنات عاقلة كالبشر تمامًا، وليسوا بشرًا. في قصة ( خيال الظل) تذكرهم القاصّة، وتذكر مدنهم " رينبو" و" أجارثا" وهي مدن جوف أرضية : ... هل أتمكّن يومًا أن أنفذ من خلال الثقب الضخم ذي القطر العملاق فوق قارة "أنتاركتيكا" في القطب الجنوبي ، وأنفذ من خلاله للمدن الجوف أرضية كمدينة " رينبو" و"أجارثا"؟ فألتقي بعُمّارها من الرماديين و"النورتكس".... ص 12 . وحرب الكواكب. كما في قصة (تائه بلا عنوان): - .... نحن فريق من الكائنات " الميثولوجية" كما تسموننا، نتواصل مع أكوان عوالم موازية منذ زمن طويل، ونكوّن فريقًا مع العلماء من مختلف الكائنات والأجناس لبناء عالم جديد في كون به أبعاد أكثر من الأبعاد الأربعة التي تعرفها، وكل له مخلوقاته التي تشغله، نحن جميعًا سنتعلّم كيف نتعايش مع بعضنا البعض على قاعدة من التقبّل والتسامح. . السفر عبر الزمن: . وتواريخ بديلة: فالإطار الزماني لرواية الخيال العلمي في المستقبل القريب أو البعيد. والتاريخ البديل : هو صنف أدبي يحتوي على قصص تحدث فيها الأحداث التاريخية بشكل مختلف عن الواقع ، وعادة ما تحوي هذه القصص على سيناريوهات " ماذا لو" في نقاط حاسمة في التاريخ، وتقدم نتيجة بديلة للسجل التاريخي حيث أنها مبنية على التخمين، ولكنها في بعض الأحيان تستند على حقائق علمية، ويمكن رؤية التاريخ البديل كفرع من الخيال الأدبي، أو الخيال العلمي، أو الأدب التاريخي وتستخدم فيها مختلف أعمال التاريخ البديل استعارات من أي من هذه الأصناف أو من جميعها سيما استعارات الخيال العلمي والتي تنطوي على السفر عبر الزمن بين التواريخ البديلة. نجد ذلك جليًّا في قصة ( محسن أم سنمار): تذهب بنا القاصّة إلى مؤتمر ترصده قنوات إخبارية مختلفة، يتحدّث فيها رجل خمسيني يدعى د. محسن مستعينًا بشاشة كبيرة موصولة بجهاز الكومبيوتر خاصته، يتحدّث عما يزيد عن سبعمائة هرم حول العالم على النقاط الدّوامية، الهرم الأكبر بالجيزة يقف على أكبر النقاط الدوامية تلك، ثم يتكلّم عن خطوط الرعي التي تربط العالم عبر الشبكات العنكبوتية، لمدة ساعة كاملة يتحدث حديثًا علميًّا بحتًا، تقول القاصّة أنها معلومات يعرفها العامة قبل المختصين منذ عشرات السنين، ولا غرابة فهي تتحدّث في زمن مستقبلي، ثم يغيّر دفّة الحديث باتجاه الماضي، وهو الواقع الحاضر المعاش والآتي الاستشرافي : حديث بدأه عن أخويات سرية دأبت عبر آلاف السنين على سرقة علوم الحضارة وتشفيرها وتزييف التاريخ وقطع صلة الشعوب بعلومها القديمة بغية استعبادهم، وكيف أننا الآن في اضمحلال حضاري وتخلّف تقني عن الحضارات القديمة المتطورة التي دمجت الحضارة العلمية والروحية بالضمير الإنساني واستخدمت الطاقة الحرة... ص130 .تكنولوجيا المضاربة. . روبوتات فائقة الذكاء. . أجهزة كومبيوتر ذكية. هذه العناصر الثلاث ساهمت في تحسين صور أدب الخيال العلمي وساهمت في تأطيره في نماذج تُجسَّد كأنها واقع، باستخدام الروبوتات الذكية بأنواعها المتعددة والمتناهية الصغر، والتي يتم تصميمها بتكنولوجية عالية على أجهزة كومبيوتر ذكية، بعد أن كانت الأفلام السينمائية تركّز لتحقيق ذلك على الخدع البصرية. المستوى النفسي : إن القصص التي تنتمي للخيال العلمي السهل مثل: خيال الظل- سر القصر- إبداع- الرفيق اللدود- أخيرًا عادت إليّ. تعالج فكرة البحث عن الذات الحقيقية، وإخراج المركومات النفسية المكبوتة، التي تجمّعت من تخطّيات سلوكية لم تكن الطفولة قادرة على الوقوف عليها وفهمها ومن ثمّ إصلاحها، فتكوّرت على نفسها وأنتجت شخصًا مريضًا أو مضطربًا نفسيًّا وسلوكيًّا، لا يشبه حقيقته. في قصة (خيال الظل)، البطل دكتور في علم الآثار، يعشق رحلات البحث والاستكشاف مكتفيًا بها، معزولًا عن كل مباهج الحياة الاجتماعية، وهو مُطارَدٌ من ظلّ شبحي، يطلق عليه اسم (شبحي الأسود اللعين)، يسخر منه ويتنمّر على فكرته بالهروب لأقصى بقاع الأرض، ويؤكّد له أن ما يبحث عنه ويجوب الأرض التماسًا له أو هربًا منه قد يكون أقرب إليه ممّا يظن!. وبعدها يبدأ رحلة البحث في أعماق ذاته: .... جُبتُ مناطق مجهولة لم أطأها لا أنا ولا غيري داخل ذاتي، واجهتُ مخاوفي التي رافقتني منذ أن انطلقتُ في رحلتي ومن قبلها، كانت تلازمني لسنوات... كيف لم أفكر من قبل أن أزور تلك المناطق المظلمة في داخلي؟ ... ترى هل أنا فعلًا أخشاه أم تراه هو من يخشاني؟ وهو الذي ظلّ دهرًا يذلّني ويسخر مني بكل ما أردت إخفاءه حتى عن نفسي. ... ص16 تشافى، حين منح ذاته والطفل القابع في ظلمة نفسه الفرصة ليعيش الحياة كما ينبغي، معطيًّا بالعدل لكل شيء حصّته، للنفس والقلب والجسد والمجتمع: اليوم أقطع المسافات لأنال حمام رمال في سيوة.... تسلقت جبل موسى، وتابعتُ الغروب خلف بحيرة فطناس.. تشافيت من أمراضي النفسية والعضوية، وها أنا لم تعاودني هلاوس ظلّي الذي يطاردني،.... ترك مأواه في الداخل وتحرّر... ص 18 الخلفية الأخلاقية: إن من أهداف الخيال العلمي التحفيز الذهني، وكذلك التنبؤ بالمستقبل، واستكشاف الآثار الاجتماعية والأخلاقية للتقنيات الجديدة، كما يمكن للخيال العلمي أن يقدّم نقدًا للمجتمع الحالي، من خلال استعراض العالم البديل والافتراضي، وهو يقربنا من التعرّف على النماذج المستقبلية المتوقعة بتصوير في نماذج واضحة، والتفكير في تأثير التقنية على حياتنا اليومية، كما يمكن أن يثير أسئلة اجتماعية عديدة مهمة . ولا شك أن الذكاء الاصطناعي، وهو، بحال من الأحوال، ثمرة من ثمار خيال هذا الأدب، وولادة محسوسة للأفكار المحفزة التي يطرحها، هذا الذكاء سيكون ثورة قد تتجاوز بآثارها الثورة الصناعية التي غيّرت وجه الكرة الأرضية في غابر الأيام. في الختام: لا بدّ أن نشيد بالتجربة الإبداعية للقاصّة الناقدة غادة سيد، كونها خاضت غمار تجربة فريدة حين اختارت أن تكتب في هذا الحقل من الأدب الذي يستلزم الإلمام بالكثير من العلوم المتشعبة، كما استلزم منها الاطلاع على الكثير من الروايات والقصص التي تتبحّر في هذا النوع الأدبي، وكذلك الأفلام السينمائية، دون أن تقع في مطبّ الخلط مع باقي أنواع الأدب الماضوية أو التنبؤية، وقدرتها على إقناع المتلقي بأن الأفكار الخيالية الحالية يمكن أن تصبح حقيقة في المستقبل بفضل التقدم التقني، تصبح وسائل موضوعة في خدمة البشرية، فكل الوسائل والمنجزات التقنية التي نستخدمها في حياتنا اليومية كالهواتف الذكية والانترنيت .... كان البدء فيها فكرة خيالية نظّمتها قوانين فيزيائية، ومعادلات حسابية....
د. عبير خالد يحيي الاسكندرية 14 / 6/ 2024.
#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشهار كتاب /عوالم حياة الرّايس السّردية/ للناقدة السورية د.
...
-
النبوءة والتجليات الملحمية في رواية الأجيال رواية / تاج شمس/
...
-
الروائح عتبة واقعية مثيرة لتيار الوعي في رواية (رائحة الزنجب
...
-
أدب المرايا من الكلاسيكية إلى المعاصرة في رواية / نساء المحم
...
-
الإرهاب.. والتشافي بالحب في رواية / بعض الفرح قد يكفي/ للكات
...
-
تقنيتا البازل والكولاج السردي في رواية / ماتريوشكا من أسوان/
...
-
الفلسفة الذرائعية العربية واشتراح المصطلح رواية (رحيل السومر
...
-
السرد بين تكنولوجيا اللغة ومصطلح الأدبية باب جديد تفتحه الذر
...
-
الآخر في رواية / ثرثرة في مقهى إيفانستون / للأديبة الفلسطيني
...
-
قراءة ذرائعية في رواية (سيرة عين) الملهاة الفلسطينية للأديب
...
-
الفساد الحضَري ( الديستوبيا) وتراجيديا القبح في رواية رجل ال
...
-
حمولةُ الرمز التقني من سخرية وتهكّم غضبٌ إنساني يدلقه قلم ال
...
-
قراءة ذرائعية في رواية/ قنطرة / للكاتب السعودي أحمد السماري
...
-
الناقد والشاعر الكبير عبد المنعم عواد رائد الشعر الحديث تجوا
...
-
سردية الذاكرة بين هامشية عنوان وعتباتية ثانٍ واد جده سجين قش
...
-
الذرائعية العربية أو المنهج النقدي الذرائعي العربي على منصة
...
-
بناء الصورة السردية في رواية /تغريبة القافر/ للروائي العماني
...
-
التماثل والاندماج بين الشخصية الذاتية والشخصية المكتسبة عند
...
-
تقنية التماثل ورمزية التشاؤم وتعدّد العقد في رواية /أفاعي ال
...
-
النزعة الصوفية في شعر الشاعر السوري منذر يحيى عيسى في مجموعت
...
المزيد.....
-
بعد سقوط نظام الأسد.. الفنان دريد لحام يوجه رسالة إلى السوري
...
-
اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
-
تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب
...
-
ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل
...
-
الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و
...
-
بفستان أبيض فخم .. الفنانة اصيل هميم تحتفل بزفافها من رجل أع
...
-
السوداني يوجه بنقل جثمان المخرج قيس الزبيدي إلى العراق
-
رسالة باللغة الروسية تحذر من هجوم تفجيري على بنك الاحتياطي ا
...
-
بفيلم لجوني ديب وتكريم فيولا ديفيس.. مهرجان البحر الأحمر الس
...
-
اقتراح بترجمة قوائم الطعام في مطاعم موسكو إلى اللغة العربية
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|