أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - مترجم/ جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومشكلات التاريخ (الجزء السادس)














المزيد.....

مترجم/ جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومشكلات التاريخ (الجزء السادس)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7981 - 2024 / 5 / 18 - 00:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بالنسبة إلى كافييس، يتطلب الإخلاص لما في محتوى فكري من رياضيات طرح موضوعية وضرورة صيرورته. بالنسبة إلى الأولى: "هناك موضوعية، مؤسسة رياضياتيا، للصيرورة الرياضية"؛ "وحتى لو تصورنا الرياضيات كنظام في حد ذاته، فإن لفات عملية الكشف ستكون مرتبطة ببنية الأجزاء المكشوفة". وبالنسبة إلى الثانية: "عالم الرياضيات هو كاشف الضروريات"؛ "يجب ألا تكون صورة الإيماءة خادعة: فمهما ظهر اختراع منهج ما بلا مبرر، فإن تطور الرياضيات يحدث وفقا لإيقاع ضروري"؛ "الاستقلالية إذن ضرورة".
المشكلة تأتي من واقعة أن الموضوعية والضرورة هما في حد ذاتهما نافيتان للتاريخ. وبالتالي، فإن تاريخ الرياضيات لا يمكن أن يكون إلا تاريخا خاصا جدا، يجب أن يُؤخذ بمعنى لا يتوافق مع المعنى العادي لكلمة تاريخ. كما حدث لكافييس أن قال عن هذا التاريخ "إنه ليس تاريخا"، أو حتى أنه "لا شيء أقل تاريخية - بمعنى أن يصبح مبهما، لا يمكن فهمه إلا عن طريق الحدس الفني - من تاريخ الرياضيات". وهكذا فإن التاريخ، عندما يدرس موضوعا رياضياتيا، فهو، إذا جاز التعبير، مجبر بطبيعته على فصل نفسه عن "ما هو حامل له"، أي مادته المحتملة. وهذا الانفكاك عن الاحتمالي، الذي يصل إلى حد الكشف عن الضرورة، يؤدي إلى إلغاء الجزء من التاريخ بالمعنى التجريبي. بمجرد اكتمال التاريخ، ندرك أن الصدفة، في جانبها الاعتباطي، كانت في الأساس مجرد مظهر. لقد كانت الضرورة حاضرة، ظهرت عند التحليل، فجأة، في التسلسل المكشوف للمفاهيم: كان هناك إكراه على المشكلات والمناهج، تكييف متبادل للأفاهيم والنظريات، اعتماد متبادل للأجزاء في ما بينهما ومع الكل.
كحد لعمل التوضيح وإعادة البناء، الذي هو على وجه التحديد عمل المؤرخ الحقيقي، لا تكون الضرورة إلا بعدية. ومن هنا رفض أي غائية عقلانية، الجزء الذي يظل من المشروع الاعتراف به لما لا يمكن التنبؤ به، للمغامرة في مشروع العلم. لقد رأينا كافييس يؤكد على هذا في ما يتعلق بالنظرية المجردة عن المجموعات. المستقبل لا يتبع خطة، ولا يتم رسمه مسبقا. يمكننا أن نقول عنه إنه يفترض، كما قيل في الكتاب المنشور بعد وفاته، أن "الحركة باعتبارها غير قابلة للاختزال، إذن المجازفة بالابتعاد عن الذات، بالمغامرة نحو الآخر، يوجد هناك قبلا ولا يوجد هناك قبلا في نفس الوقت"، ما يمكن أن يخيب أملنا رغم أننا نتوقعه، ما يسير على وتيرته.
عندها سنجد، خلف كل الفروق الدقيقة لفكر دقيق بشكل لا يحاكى، الدرس المستفاد من جهة الحكم. يمكننا أن نسأل أنفسنا اليوم، حتى لو اقتصرنا على وجهة نظر ممارسة التاريخ، عما إذا كان بوسعنا أن نذهب إلى هذا الحد في اتجاه الضرورة - سنقول بسعادة: إذا كان من المعقول أن نذهب إلى هذا الحد في اتجاه الضرورة. لا يمكن فصل تاريخ الرياضيات عن تاريخ العلوم الأخرى، تلك التي نسميها أحيانا بعلوم الواقع، والتي يبدو أن تاريخها لا يخضع لمثل هذا الشكل الحصري من الجهة. نجد هناك، وفقا لتحليل ليون برنشفيك، الحضور الأصلي للإمكان، الذي لا يمكن إزالته بالضرورة. وكما أوضح جورج كانغيلام بجلاء، وقد كان أيضا تلميذ برنشفيك، فإن فيرالسير الفعلي للعلم بشكل عام، تنطبق قاعدة برجسون حول رجعية الحقيقي: الحكم على قضية بأنها صادقة هو منح رجعية للصلاحية تفضي على وجه التحديد إلى انتشاله من التاريخ. يبدو التحقق، بمجرد إنجازه، وكأنه تأثير شبه ميكانيكي لضرورة غير شخصية تظهر نفسها بشكل لا يقاوم. لكن ترسيخها في الزمن يعيدنا إلى فكرة أن الحقيقة العلمية لم تكن موجودة في البداية إلا كاحتمال.
إن موضوع المعرفة يقدم نفسه أولاً كاحتمال، ثم التحقق من صحته كضرورة هو الذي ينتجه كحقيقي. ولكن في هذا الإنتاج التاريخي للمعرفة الحقيقية، فإن نشأة الممكن لا تقل أهمية عن التحقق من الضروري، وهشاشة أو عرضية اللحظة الأولى، فإن الممكن - المطروح افتراضا وبحرية - لا تنزع عنها قيمة من شأنها أن تضفي على الثاني، الضروري، صلابته المؤقتة، أو استقراره. فهل يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك في تاريخ الرياضيات؟ وينبغي الاعتراف لهذه الأخيرة بحالة استثنائية يصعب تبريرها، ومن الأفضل الاعتراف بأنه في تاريخ الرياضيات، كما هو الحال في تاريخ أي علم آخر، لا يوجد "حكم علمي نهائي". "وراء عبارة نحن نعلم ، يقول جورج كانغيلام، هناك كلمات لم نكن نعرف دائما ". ما نبحث عنه، لا نعرف كيف سنجده، وإلا لكان موجودا بالفعل، أو في الأفق المنظور. ولهذا السبب لا يمكن كتابة التاريخ كغائية، وكأنه يتجه منذ بداياته نحو غايته، نحو موضوعية النتيجة النهائية، بل كمغامرة، وهو كذلك في الأصل. من الضروري أن ندرك أن فكر كافييس، بينما يقبل الواقعة ويدمجها في تحليله، كما رأينا، لم يعتقد أنه من الضروري أن يتنازل أكثر عن حرية الاختيار الأولية، وأن يقحم في حركة التاريخ البسط الأولي لإمكاناته.
لنأخذ على سبيل المثال نظرية المُثُل، وهي نظرية أساسية لإدراك تصورات هيلبرت وديديكيند، التي هي بذاتها بشكل مباشر أصل آراء كافييس حول التعميم والتقدم الرياضياتي. نحن نعلم اليوم، من خلال أعمال م. إيشلر، وه. م. إدواردز، وبشكل بارز، أ. ويل، أن مقاربة كرونيكر لمفهوم المثال لم تكن، من وجهة نظر رياضياتية، أقل شأنا من مقاربة ديديكيند. وقد أبدى ه. ويل نفسه تفضيله لنظرية كرونيكر، والتي طور منها، في كتابه عن النظرية الجبرية حول الأعداد، نسخة حديثة. نحن نعلم أن نظرية كرونيكر عن القواسم لم تفعل بالضبط ما فعلته نظرية ديديكيند عن المثل: تعميم نظرية كومر عن التعميل المثالي، من مجال الأعداد السيكلوتومية إلى مجال الأعداد الجبرية، ولكنها سمحت لنا بتجنب عيبين رئيسيين في نظرية ديديكيند، وهما: عدم وجود طابع جوهري، وغياب البناء الصريح للقواسم. لذلك يبدو من الصعب جدا التأكيد على أن هناك ضرورة، كما قد تقودنا بعض صيغ ديديكيند إلى الاعتقاد، لإشراك المُثُل العليا بمعنى المجموعات.
(يتبع)
المصدر: https://www.cairn.info/revue-de-metaphysique-et-de-morale-2020-1-page-9.htm



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكتب التنفيذي لكدش وهو يستحضر ذكرى النكبة الفلسطينية يدعو ...
- ظاهرة التسول في المغرب: حجمها ومخارجها وفق المجلس الاقتصادي ...
- الطبقة الوسطى في المجتمع المغربي، هل تشهد نموا أم انكماشا؟
- المعرض الدولي للنشر والكتاب: حفل توقيع ثلاثة كتب لعزيز الحدا ...
- من ضمن فعاليات النسخة التاسعة والعشرين من المعرض الدولي للنش ...
- من فعاليات النسخة التاسعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكت ...
- مترجم/ جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومشك ...
- مترجم/ جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومشك ...
- النقابة الوطنية للتعليم/كدش تجدد مطالبتها بالطي النهائي لملف ...
- مترجم / جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومش ...
- تنسيقية محاميات ومحامين بمراكش تتنظم لقاء لدعم فلسطين وتدعو ...
- نقد النزعة المركزية الأوربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية
- بوحي من الذكرى 206 لميلاده: فلسفة كارل ماركس وثلة من أتباعها
- وفاة برنار بيفو الرئيس السابق لأكاديمية غونكور بعد صراع مرير ...
- غزة: حماس تقبل اقتراح التهدئة، على خلفية قصف إسرائيلي لرفح
- تعثر المفاوضات بشأن التهدئة في غزة و-اجتماع طارئ- في قطر
- انفاس أنت هنا: ترجمة و سياسة فضاء الترجمة جورج قرم: نزاعات ج ...
- مترجم / جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومش ...
- الائتلاف من أجل سمعة وكرامة مغاربة العالم يدين -مناورات- الم ...
- مترجم/ جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومشك ...


المزيد.....




- سيناتور روسي يعلق على ملاحقة مؤسسة كلوني للصحفيين الروس
- ملياردير ياباني مشهور يلغي رحلته المقررة حول القمر ويعتذر لل ...
- صواريخ روسية تقصف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا وتُخلف 1 ...
- اعتداء مانهايم- مخاوف من تصاعد العنف السياسي في ألمانيا
- إعادة فتح بوابة الدافنية غربي مدينة مصراتة الليبية بعد 6 أيا ...
- -القسام- تنشر مقطع فيديو جديدا يوثق عملية استدراج جنود إسرائ ...
- سلطات كييف: محطة -دنيبرو- الكهرومائية في حالة حرجة
- الاستقالات المرتقبة لغانتس وآيزنكوت تثير قلقا كبيرا في إسرائ ...
- الخارجية الأمريكية: لم يتغير وضع زيلينسكي بالنسبة لواشنطن بع ...
- دمار هائل في مخيم جباليا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (صور) ...


المزيد.....

- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - مترجم/ جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومشكلات التاريخ (الجزء السادس)