أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد رباص - نقد النزعة المركزية الأوربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية














المزيد.....

نقد النزعة المركزية الأوربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7972 - 2024 / 5 / 9 - 04:51
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الترجمة:
أي شيء أكثر موضوعية ظاهريا من خارطة نصفي الكرة الأرضية؟ إنها تقدم العالم فيما يبدو كما هو.. هذا مجرد وهم.. إنها تقدمه كما يراه العالم الجغرافي؛ دلك أننا حين نرسم كرة على سطح نحدد لهذا الرسم حرفه وجهتيه العليا والسفلى ومركزه. هكذا نجد في الخرائط أستراليا في الأسفل على اليمين، في اليسار أمريكا، وأفريقيا تحت أوربا التي توجد في الوسط.
هل هي رؤية محايدة؟ بالطبع، لا. فها هو العالم الجغرافي كريستان كرتلو، أحد المشاركين في الندوة التي نظمتها جامعة باريس دنيس ديدرو بمناسبة عيد ميلادها الثلاثين، يقول: "رتبت أوربا، التي هي أصل العالمية، وجه الأرض حول ذاتها". جمعت أعمال هذه الندوة في كتاب غني ومثير بشكل خاص بعنوان ."Trans-etre les passés" :في هذا الكتاب أسئلة عن شروط إنتاج المفاهيم المتداولة بكثرة في العلوم وعن دلالتها وصلاحيتها، وفيه بيان لكون العلوم ساهمت دائما في تشكيل رؤية للعالم مشبعة بالإيديولوجيا على حساب حرصها على توافر الدقة والموضوعية في نظرتها إلى الأشياء.
حينما يلتجئ بعض المسؤولين السياسيين، بطريقة لا تخلو من نفاق، إلى المؤرخين، قصد تسليط الضوء على القضايا التي تقض مضجعهم (مثل: أعمال التعذيب والاغتصاب وانتهاكات أخرى اقترفها الجيش الفرنسي في الجزائر) يكون من الضروري التذكير بأن العلوم الإنسانية ليست علوما محايدة. إنها تحمل في أحشائها أحكاما مسبقة وأخرى سابقة لتجربة تشكل ثقافة المجتمع، إلى جانب معارف هذه العلوم وطرائقها ومفاهيمها ولغتها.
في هذا السياق كتب المؤرخ كلود ليوزو: "ينبغي حقا البحث عن أصل الأزمات العرقية في قلب ثقافتنا العلمية. لقد بررت علوم الحكامة والجغرافيا والتاريخ والإثنولوجيا والسوسيولوجيا الغزو والعبودية وأمدت أوربا بإمكانيات التوسع بحيث أن الاكتشافات ووضع الخرائط والوصف والتصنيف وإرغام المجهول عن التراجع، كل ذلك لم يكن سوى لأجل تحقيق هدف الهيمنة. "هكذا نجد ليفي برول، مثلا، قد صاغ مفهوم العقلية البدائية المتسمة باللامنطقية. أما الآن فقد تغيرت الاصطلحات بدون شك، ولم تعد تتحدث عن متوحشين وبدائيين، بل أصبحنا نتحدث عن دول في طريق النمو وأخرى نامية.
إذن، فقد تقدمنا إلى الأمام. هل تم ذلك على المستوى التقني والصناعي؟ رسميا، لا يراد قول شيء مختلف. لكن ضمنيا وبلا وعي، لماذا الاستنكاف عن قول الحقيقة؟ من المحتمل أنه إذا تحدثنا عن دول مستغلة (بفتح الغين) فسوف ندركهم وسوف يدركون أنفسهم بطريقة مختلفة. بعض هذه المفاهيم المصوغة في علوم السلطة ذات استعمال شائع بشكل واضح جدا. مثلا، مفهوم "Les Français de louche"،
المستعمل من قبل المعهد الوطني (الفرنسي) للدراسات الديموغرافية.
يعكس هذا المفهوم تمييزا عرقيا بدون قصد مبيت بكل تأكيد. فهو يقول إن الفرنسيين الوافدين ليسوا "أقحاحا" مثل الآخرين. فإذا رسخت فكرة ساكنة قاعدية استقرت بالسداسي (إشارة إلى خارطة فرنسا السداسية الأضلاع) منذ أزمنة بعيدة جدا، فقدكان السداسي، وهو منتوج تاريخي، مكانا شهد اجتياحات والتحامات واختلاطات أكثر من أي دولة أخرى (سويسرا مثلا). وحتى العقول الأكثر انفتاحا تقبل، أثناء الممارسة العلمية، أن تلوث بالثقافة المحيطة.
كذلك هو الشأن بالنسبة لبول ريفيه الذي جعلته المؤرخة كارول رينو باليكو موضوع مساهمتها الهامة. بوصفه مؤسسا لعلم جديد، الإثنولوجيا، في سنوات العشرينيات من القرن الماضي، أكد بوضوح على عدم وجود أي عرق خالص، لكنه في نفس الوقت أجهد نفسه في سبيل تحديد النوع العرقي اليهودي. وبينما وضع بعض زملائه مفهوم العرق ذاته موضع شك وتساؤل، نجده بقي متشبثا بكونه مفهوما مقبولا من الناحية العلمية. فهو يعتقد بأن بين شعب وآخر "اختلافات" في الأعراق تقوم ضمنها الثقافة بدور أكثر أهمية حقا من الثقافة، بيد أنها اختلافات على أية حال. إذن، ليس غريبا أن يود محوها. كمناضل يساري حسن الطوية ويقتنع بأن لفرنسا مهمة حضارية حيال الشعوب المتأخرة. لكن في سنة 1956، ساند سياسة كي مولي واعترض على حق الجزائرفي نيل استقلالها .
أما الكتاب الثاني الذي يميط اللثام عن التناقضات التي سقط فيها من كان في القرن الثامن عشر والذي يليه يناضل من أجل تحرر الأفارقة، فهو بعنوان: "إلغاء العبودية" ومن تأليف الباحثة فرانسواز فرجيس التي قالت إن نزعتهم (المناضلين) الإنسية لم تمنعهم أبدا من أن يوافقوا على الحملات الاستعمارية. بعد تحريرهم، يتعين على العبيد سابقا أن يكونوا "متربين" و"متحضرين"، أما مهمة مساعدتهم على "الانبعاث" فتبقى موكولة للقوى الأوربية.
لقد ساند هؤلاء الاستعمار، أغمضوا أعينهم على المذابح وأمدوا الغزاة بتبرير أخلاقي، نخص منهم بالذكر فيكتور هيغو الذي قال سنة 1841: "إن عدو الجزائر يمثل اكتساح الحضارة للتوحش وأن الفرنسيين هم إغريق العالم الذي يعود إليهم أمر تنويره". لا يتعلق الأمر برشق أي كان بالحجارة، بل ب"إجراء تحول نقدي ليس فقط لأجل فهم الماضي بشكل أفضل ولكن أيضا لأجل الكشف عن عما تبقى في الحاضر من خطاطات ومفاهيم ومواقف لا زالت مطبوعة بالنزعة المركزية الأوربية وسائر مكوناتها كالعنصرية والأبوية والإنسانوية التي لم تفتأ تفسد الثقافة الأوربية"، على حد تعبير الباحثة الكاتبة نفسها.
عن Le Monde Diplomatique



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوحي من الذكرى 206 لميلاده: فلسفة كارل ماركس وثلة من أتباعها
- وفاة برنار بيفو الرئيس السابق لأكاديمية غونكور بعد صراع مرير ...
- غزة: حماس تقبل اقتراح التهدئة، على خلفية قصف إسرائيلي لرفح
- تعثر المفاوضات بشأن التهدئة في غزة و-اجتماع طارئ- في قطر
- انفاس أنت هنا: ترجمة و سياسة فضاء الترجمة جورج قرم: نزاعات ج ...
- مترجم / جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومش ...
- الائتلاف من أجل سمعة وكرامة مغاربة العالم يدين -مناورات- الم ...
- مترجم/ جان كافاييس في إرث ليون برنشفيك: فلسفة الرياضيات ومشك ...
- في حوار مع إدغار موران أو مديح الفكر المركب - ترجمة وتقديم: ...
- متابعة صحافية استرجاعية محايدة لما بات يعرف ب-قضية إدريس فرح ...
- لماذا اختار ألبرت أينشتاين الاشتراكية عوض الرأسمالية؟ - ترجم ...
- الحزب الاشتراكي الموحد يستنكر الموجة الجديدة من هدم المنازل ...
- فلسفة كارل ماركس وثلة من أتباعها
- شبكة تقاطع للدفاع عن الحقوق الشغلية تصدر بيان فاتح ماي
- شذرات وتأملات على الفيسبوك
- كارل بوبر ومعايير العلمية/ ترجمة وتقديم أحمد رباص
- عبد المقصود راشدي يدعو لشكر إلى تقديم استقالته من االكتابة ا ...
- كارل بوبر ومعايير العلمية (الحزء الرابع) / ترجمة أحمد رباص
- أشكال توظيف الصورة في الحرب الإعلامية لمأساة مسلمي الروهينغا ...
- لقاء مع الذكريات: حوار مع إدغار موران/ تقديم وترجمة أحمد ربا ...


المزيد.....




- بماذا ينص الدستور الإيراني في حالة غياب الرئيس؟
- بوتين يتعهد لخامنئي بفعل كل ما يلزم بشأن حادث طائرة الرئيس ا ...
- بوتين يصدر تعليمات سريعة لوزارة الطوارئ الروسية حول حادث مرو ...
- ساليفان يتحدث لنتنياهو حول -احتمال التوصل إلى اتفاق تطبيع- ب ...
- مسيرة -بيرقدار أكينجي- التركية تبث مباشرة من فوق منطقة حادثة ...
- فوتشيتش يدعو إلى إجراء تحقيق في حادث مروحية الرئيس الإيراني ...
- بيسكوف: بوتين يتابع عن كثب الوضع حول حادث مروحية رئيسي
- -تسنيم-: انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والراديو في منط ...
- البنتاغون: لا نتوقع أن تحل القوات الروسية مكان قواتنا في الن ...
- عشرات الآلاف يحتجون ضد الرئيس المكسيكي في الساحة الرئيسية في ...


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد رباص - نقد النزعة المركزية الأوربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية